مُستجدّات ورُؤى سويسريّة بعشر لغات

“الجماعات الإسلامية المتطرِّفة وتنظيم القاعدة وراء التفجيرات”

في أعقاب تفجير 1 يناير 2011، شددت السلطات المصرية إجراءات الحراسة على الكنائس في مختلف أنحاء البلاد Keystone

اتهم الدكتور القس إكرام لمعي، المتحدث باسم الكنيسة الإنجيلية في مصر ورئيس لجنة الإعلام والنشر بالكنيسة، أطرافًا داخلية (الجماعات الإسلامية المتطرِّفة التي تنتهج العُـنف) وأخرى خارجية (تنظيم القاعدة)، بالضلوع والوقوف خلف الانفجارات التي وقعت في ساعة متأخرة من مساء الجمعة 31 ديسمبر 2010 واستهدفت كنيسة القدِّيسيْـن مار مرقص والانبا بطرس بمدينة الاسكندرية الساحلية، وأوقعت أكثر من 21 قتيلا و79 جريحا، حسب التصريحات الرسمية.

وأوضح الدكتور إكرام لمعي، أستاذ مقارنة الأديان بكلية اللاهوت في حوار خاص مع  swissinfo.ch: أن الخروج من مأزق الطائفية وتخفيف أو منع الاحتقان بمصر، يحتاج إلى تكاتف كل الجهات، وهو ما يستلزم صدور أحكام رادعة من القضاء وإعادة النظر في المناهج الدراسية بمراحل التعليم المختلفة وتعديل المادة الثانية من الدستور وفتح الباب أمام عدد من رجال الدين والمثقفين المعتدلين، فضلا عن قيام المؤسسات الدينية بتدريب وتأهيل القيادات الدِّينية المسيحية والإسلامية للقيام بدورها. مزيد من التفاصيل في نص الحوار.

swissinfo: في تقديركم.. مَـن يقف خلف الانفجارات الأخيرة التي استهدف كنيسة القديسين بمدينة الإسكندرية الساحلية؟

الدكتور القس إكرام لمعي: هذه التفجيرات وغيرها مما وقع على الكنيسة، يقف خلفها طرفان. طرف داخلي، وهو الجماعات الإسلامية المتطرفة التي تنتهج العنف سبيلا لها. وطرف خارجي، وهو تنظيم القاعدة، وخصوصا بعد تهديداتهم للكنيسة المصرية والتي أعقبت الهجوم على كنيسة “سيدة النجاة”، بالعاصمة بغداد أواخر الشهر الماضي، والذي أسفر عن سقوط عشرات القتلى والجرحى، وهو ما أعتَـبره تهديدا للدولة المصرية كلها، وليس للكنيسة المصرية فقط، وهو أمر لا يمكن أن يحدُث إلا عندما لا تقوى الدولة على حماية مواطنيها، وهنا تتحول إلى دولة هشّـة. وكل هذا يحدُث في إطار إرادة عالمية من القوى المضادة لمصر، بينما ينفِّـذ هذه المخططات على أرض الواقع شباب من الداخل بحُـسن نية، حيث يسولون له الأمر ويصورونه له على أنه جهاد في سبيل الله، وأنه سيكون سببا في دخوله الجنة.

وما هي في نظركم أسباب الاحتقان الطائفي الموجود في مصر؟

الدكتور القس إكرام لمعي: الأسباب وراء الاحتقان الطائفي كثيرة، ومنها: عدم وجود الوعْـي الكافي لدى الشباب بأهمية الوِحدة بين نسيج الشعب من المسيحيين والمسلمين، بل إن هناك قيادات دينية مصرية من الطرفيْـن، ليس لديها الوعْـي الكافي والنضج اللاّزم بأهمية الوحدة وخطورة الطائفية والاحتقان على أمن البلد وأمانه.

كما أن هناك من القيادات الدينية والثقافية مَـن يعيشون في إطار التعصُّـب الديني، ومنهم على سبيل المثال: الدكتور محمد سليم العوا والدكتور محمد عمارة والدكتور زغلول النجار، والذين يتلقى بعض الشباب تصريحاتهم بطريقة خاطئة فيُـسيئون تفسير كلماتهم أو يتخذونها كقاعدة ودليل فكري وشرعي لتنفيذ مخططات أعداء هذا الوطن.

ومن أسباب الاحتقان أيضا، ظهور بعض المتطرّفين والمتشدّدين على القنوات المصرية، الأرضية أو الفضائية، إضافة إلى بروز تيار من رجال الدين والمثقفين من الجانبيْـن، الإسلامي والمسيحي، والذين ينتشرون في عدد من الكنائس والمساجد والزّوايا، فضلا عن اختفاء الرّقابة على الخطاب الديني وتجاهل إقامة دورات تدريبية للقيادات الدينية المسيحية والإسلامية، على مفاهيم الوطن والمواطنة والانتماء.

ما هو تقييمكم للمعالجات الحكومية للإحتقان الطائفي في مصر؟

الدكتور القس إكرام لمعي: حتى الآن، هي معالجة فاشلة، حيث لم تنجح في منع أو تخفيف حدّة الاحتقان، وذلك لأنها تقوم بها بطريقة علمية وسليمة، كما أنها معالجة وقتية قصيرة المدى، أشبه بالمسكِّـنات، إذ ليست هناك خطة واضحة أو إستراتيجية محدّدة لتخيف حدّة الاحتقان، فضلا عن منعه، ولا تهب الحكومة إلا عقِـب حدوث كارثة أو حادثة، مثلما حدث في نهج حمادي ومن قبلها الكشح، والتي قتل فيها 21 مسيحيا ولم تعاقب الدولة المتهمين، بل أطلقت سراحهم بعدما حصلوا على البراءة، حيث لا توجد قضية واحدة ارتُـكبت ضد مسيحيين وصدرت فيها أحكام رادِعة من القضاء!

وأنا أعترف بأن الأمن في مصر قوي جدا، وقد استطاع تفريغ سيناء من المخدّرات في أقل من شهر. وفي حادثة الزيتون، قبضوا على الجُـناة بمنتهى السرعة، لكن يبدو أن الحكومة غير مقدرة للتداعيات التي يمكن أن تحدُث من موضوع الاعتداءات الطائفية، ولا تستشعر خطورة الموضوع.

وما تقييمكم أيضا لمقترحات البابا شنودة لمعالجة الإحتقان.. ماذا أنجِـز منها وماذا لم ينجَـز؟

الدكتور القس إكرام لمعي: كل المقترحات التي تحدّث عنها البابا شنودة لتخفيف التوتر ومنع الاحتقان، لم يُـنجَـز منها شيء، وما يحدث في مصر اليوم للأسف، هو سياسة مستمرة، والسيناريو الذي يحدث في كل مرة، عندما يقع اعتداء على الكنيسة أو الأقباط، هو فورة إعلامية، ثم ظهور شخصيات سياسية ودينية تستنكِـر وتُـدين الحادث، ثم وعود وتعهّـدات و…. إلخ، ثم تهدأ الأمور،  وكأن شيئا لم يحدُث، وننتظر حتى يقع حادث آخر فنكرّر نفس السيناريو!!

ما هي رُؤيتكم لأنسب الحلول المقترحة للخروج من المأزق؟

الدكتور القس إكرام لمعي: في رأيي، إن روشتة (وصفة) الحل، تتلخّـص في قيام عدة أطراف بدورها:

القضاء: حيث يجب أن تكون أحكام القضاء رادعة، ضد كل مَـن يقوم بالاعتداء على الآخر، وضدّ من يخالِـف الوحدة الوطنية، بغضّ النظر عمّـن ارتكب الحادثة، مسلم أو مسيحي.

التعليم: حيث، لابد أن يُـعاد النظر في المناهج الدراسية المقرّرة في مراحل التعليم المختلفة، من الابتدائي وحتى الجامعي، بحيث تصبّ في إحياء قِـيم المودّة والحب والتسامح، وتدعم فكرة الوطن والمواطنة والانتماء والوحدة الوطنية.

الدستور: حيث أن هناك بعض المواد التي تحتاج إلى تعديل، وفي مقدمتها المادة الثانية من الدستور والتي تنصّ على أن “الإسلام دين الدولة واللغة العربية لغتها ومبادئ الشريعة الإسلامية، المصدر الرئيسى للتشريع”، بحيث يصير نصّها: “الكتب المقدسة ومواثيق حقوق الإنسان هي المصادر الأساسية للتشريع)، فنكون بهذا دولة متحضِّـرة، يشعر الجميع فيها بالانتماء.

الإعلام: بحيث تقوم القنوات الأرضية والفضائية باستضافة عدد من رجال الدّين والمثقفين المعتدلين، أمثال: الشيخ يوسف القرضاوي وفضيلة شيخ الأزهرالدكتور أحمد الطيب وفضيلة المفتي الدكتور علي جمعة والشيخ خالد الجندي والدكتور سعيد النجار والدكتور جابر عصفور وأحمد عبد المعطي حجازي، وغيرهم من المثقفين وعلماء الأزهر، الذين ينتظرون الفرصة.

المؤسسات الدينية: من خلال عقْـد دورات تدريبية للقيادات الدّينية من الأئمة والخطباء والقساوسة، لتوعيتهم وتدريبهم للقيام بمهامِّـهم بوعْـي وانتماء. 

هل هناك توجّـه أو تفكير من بعض الأقباط الآن لمغادرة البلاد؟

الدكتور القس إكرام لمعي: كثيرون من الأقباط يفكِّـرون في هذا، وقد فعلها عدد من أثرياء الأقباط بالعراق، حيث هاجروا إلى فرنسا وإيطاليا ليعيشوا بعيدا عن هذه التوترات والاضطرابات والتهديدات. فأنا على قناعة بأن هناك مخطَّـط عالمي لتفريغ دول الشرق الأوسط من المسيحيين، وخاصة مصر والعراق وسوريا والأردن وفلسطين، وهذا المخطط يستهدف إما التفريغ وإما التقسيم، وهو مخطط عالمي يقِـف خلفه الاستِـعمار القديم بوجهه الجديد، وهو الصهيونية والولايات المتحدة الأمريكية، ودافعهم لذلك، تحقيق مصالحهم الخاصة.

القاهرة (رويترز) – اشتبك مسيحيون مصريون غاضبون مع الشرطة يوم الأحد 2 يناير 2011  لدى مطالبَـتهم بتوفير مزيد من الحماية للمسيحيين، بعد الانفجار الذي وقع أمام كنيسة في مدينة الإسكندرية الساحلية وأدى إلى سقوط 21 قتيلا ونحو 97 مصابا.

ونظم مئات من أفراد الأقلية المسيحية الضخمة في مصر، احتجاجات في القاهرة والإسكندرية التي فجّـر فيها الانتحاري المُـفترض شحنة ناسفة أمام كنيسة أثناء قداس منتصف ليل بداية السنة الجديدة.

وصرح مصدر أمني بأن مصر تحتجز سبعة أشخاص لاستجوابهم، فيما يتعلق بالتفجير. وفي كاتدرائية سان مارك، وهي مقر البابا شنودة، بابا الأرثوذكس بالقاهرة، اشتبك عدة مئات من الشبان المسيحيين مع الشرطة يوم الأحد أثناء محاولتهم الخروج من فناء الكاتدرائية إلى الشارع، للمطالبة بتوفير مزيد من الحماية للمسيحيين. واستمر احتجاجهم حتى الليل، ومنع طوق من أفراد شرطة مكافحة الشغب ،الحشد من الخروج للشارع. وحاول مسؤول كنسي لفترة وجيزة، تهدئة الحشد دون جدوى.

وهتف المحتجون “أمن الدولة ساكت ليه إنت معاهم ولا إيه. و”يابابا شنودة قوم اهتم إحنا شباب نفديك بالدّم. و”ثوري ثوري يا بلادي دم القبطي مالي الوادي”.

وفي وقت سابق، قابل محتجون في القاهرة مسؤولين حكوميين زاروا مجمع الكاتدرائية لتقديم العزاء بالصراخ. وهتف المحتجون “يا داخلية (وزارة الداخلية) فينك فينك قتلوا اخواتنا قدام عينك”.

وقال شهود إن المحتجين رشقوا سيارة وزير بالحجارة لدى مغادرته. وهز متظاهرون غاضبون سيارات بعض المسؤولين المسيحيين الذين زاروا الكاتدرائية، في حين اشتبك بعض المحتجين مع الشرطة خارج المجمع.

وذكر شهود أن قوات شرطة إضافية وضعت أمام عدة كنائس في القاهرة والإسكندرية يوم الأحد ومنعت السيارات من التوقف بجوار هذه المباني.
وأدان بنديكت السادس عشر، بابا الفاتيكان الاعتداء، واصفا إياه بأنه “أسلوب خسيس”، وهو أحدث حلقة في سلسة من الهجمات على مسيحيين في الشرق الأوسط وإفريقيا.

وقال مسؤولون مصريون، إن هناك إشارات إلى وجود “عناصر أجنبية” وراء التفجير، الذي قالوا إنه يبدو أن مَـن قام به، مفجّـر انتحاري. وهددت جماعة عراقية على صلة بتنظيم القاعدة في نوفمبر الماضي باستهداف الكنائس المصرية، بسبب ما قالت إنه احتجاز لأسيرات مسلمات في أديرة، في إشارة إلى مسيحيات تردّد أن الكنيسة القبطية الأرثوذكسية، استردَّتهُـن بعد دخولهن في الإسلام.

وقال نادر شنودة، الذي شارك في الاحتجاج “حين يكون هناك تهديد من القاعدة منذ شهر أو شهر ونصف، هل كان يتعيّـن على الحكومة أن تنتظر إلى أن تقع المصيبة ثم توفِّـر لنا الحماية..”. وزار الشيخ أحمد الطيب، شيخ الأزهر، البابا شنودة لتقديم العزاء له.

وتعهد الرئيس حسني مبارك (82 عاما) يوم السبت بملاحقة مدبِّـري الهجوم ودعا المصريين للوحدة في مواجهة الإرهاب، قائلا إن الهجوم استهدف المسلمين والمسيحيين في نفس الوقت.


وقال محلِّـلون إن الاعتداء أكبر من أن يكون حادثا طائفيا، لكنهم أشاروا إلى شعور الأقباط بالغُـبن، بسبب السهولة النسبية التي يبني بها المسلمون المساجد، في حين يجد المسيحيون صعوبة في بناء وترميم الكنائس. وأشاروا إلى أسباب مشابهِـة للشكاوى المسيحية، مما يعني أن مثل هذا الهجوم سيذكي التوتر الطائفي.

وقال انجوس بلير، رئيس البحوث في بنك الاستثمار بلتون فايننشال، إنه من المرجح أن لا يأبَـه المستثمرون في البورصة بالانفجار وإنه  من المُـستبعَـد أن يُـحدِث ” تأثيرا سلبيا ملموسا” على السياحة، وهي مصدر كبير للدخل القومي.

وأضاف في رسالة عبْـر البريد الالكتروني “حينما وقعت هجمات إرهابية في مصر، كانت البورصة متفائلة نِـسبيا في رد فعلها”.

(المصدر: وكالة رويترز بتاريخ 2 يناير 2011)

متوافق مع معايير الصحافة الموثوقة

المزيد: SWI swissinfo.ch تحصل على الاعتماد من طرف "مبادرة الثقة في الصحافة"

يمكنك العثور على نظرة عامة على المناقشات الجارية مع صحفيينا هنا . ارجو أن تنضم الينا!

إذا كنت ترغب في بدء محادثة حول موضوع أثير في هذه المقالة أو تريد الإبلاغ عن أخطاء واقعية ، راسلنا عبر البريد الإلكتروني على arabic@swissinfo.ch.

SWI swissinfo.ch - إحدى الوحدات التابعة لهيئة الاذاعة والتلفزيون السويسرية

SWI swissinfo.ch - إحدى الوحدات التابعة لهيئة الاذاعة والتلفزيون السويسرية