
عامان على هجوم السابع من أكتوبر ومحادثات في مصر لإنهاء حرب غزة

تحيي إسرائيل الثلاثاء الذكرى الثانية للهجوم غير المسبوق الذي شنّته حركة حماس في السابع من تشرين الأول/أكتوبر وأشعل فتيل حرب مدمّرة لا تزال متواصلة في قطاع غزة، في حين يجري الطرفان مفاوضات غير مباشرة في مصر لوقف إطلاق النار بموجب مقترح للرئيس الأميركي دونالد ترامب.
وأكدت مصادر مطلعة لوكالة فرانس برس أن المباحثات التي بدأت الاثنين كانت “إيجابية” وستُستأنف الثلاثاء.
في جنوب إسرائيل، أفادت صحافية في وكالة فرانس برس أنّ عشرات من أقارب ضحايا مهرجان نوفا الموسيقي قرب الحدود مع قطاع غزة، شاركوا في إحياء الذكرى في الموقع الذي أقيم فيه منذ الهجوم نصب تذكاري، ووقفوا دقيقة صمت في تمام الساعة 06,29 (03,29 ت غ)، لحظة بدء فيها الهجوم قبل عامين.
قتل عناصر حماس في موقع المهرجان أكثر من 370 شخصا وخطفوا العشرات.
وقالت أوريت بارون (57 عاما) التي قُتلت ابنتها يوفال في المكان “اليوم هو ذكرى السبت الأسود … أنا هنا لأكون معها، لأنها كانت فارقت الحياة هنا، مع خطيبها موشيه”.
وستقام مراسم أخرى في ساحة الرهائن في تل أبيب حيث تجري أسبوعيا تظاهرات تطالب بالإفراج عن بقية المحتجزين في القطاع الفلسطيني المُحاصر.
صبيحة السابع من تشرين الأول/أكتوبر 2023، في ختام عيد العرش اليهودي (سوكوت)، شنّت فصائل مسلّحة بقيادة حماس هجوما مباغتا على جنوب إسرائيل انطلاقا من قطاع غزة، لتشهد بذلك الدولة العبرية اليوم الأكثر دموية على الإطلاق في تاريخها.
ويومها، اخترق المقاتلون الفلسطينيون الحدود، وهاجموا بالأسلحة النارية والقذائف والعبوات الناسفة البلدات والتجمّعات السكانية، فضلا عن المهرجان.
وأسفر الهجوم عن مقتل 1,219 شخصا في إسرائيل، معظمهم من المدنيين، وفق تعداد أجرته وكالة فرانس برس استنادا إلى أرقام رسمية إسرائيلية.
كما خطف المهاجمون 251 شخصا اقتادوهم إلى القطاع حيث لا يزال 47 منهم محتجزين، من بينهم 25 يقول الجيش الإسرائيلي إنهم لقوا حتفهم.
وفي هذا الإطار، دعا الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش الثلاثاء إلى “إطلاق سراح الرهائن، فورا دون قيد أو شرط… وإنهاء معاناة الجميع، ووضع حدٍ للأعمال العدائية في غزة وإسرائيل والمنطقة الآن”.
وتحيي الدولة العبرية رسميا ذكرى هذا الهجوم هذا العام في 16 تشرين الأول/أكتوبر وفق التقويم اليهودي.
ومنذ هجوم حماس، تواصل إسرائيل حملتها العسكرية في قطاع غزة دون هوادة برّا وجوا وبحرا، ما حول القطاع إلى أكوام من الأنقاض فضلا عن مقتل عشرات آلاف الفلسطينيين، والتسبب بأزمة انسانية كارثية بلغت حد إعلان الأمم المتحدة المجاعة في الشمال خصوصا.
وأسفرت الحرب عن مقتل ما لا يقلّ عن 67,160 فلسطينيا في غزة، وفقا لأحدث أرقام وزارة الصحة في القطاع والتي تعتبرها الأمم المتحدة موثوقا بها.
أما على صعيد الخسائر المادية فقد سوّيت بالأرض مدن وأحياء بأكملها، ودُمّرت غالبية المستشفيات ودور العبادة والمدارس والبُنى التحتية وأعداد هائلة من المنازل والمباني السكنية.
ومنذ اندلاع الحرب يعيش مئات الآلاف الفلسطينيين بلا مأوى، في مخيّمات مزدحمة أو في العراء حيث يعانون من شحٍّ الطعام والمياه وانعدام إمدادات الصرف الصحّي.
وقالت حنان محمّد (49 عاما) التي نزحت من منزلها في مخيّم جباليا “لقد خسرنا في هذه الحرب كل شيء، بالمعنى الحرفي: بيوتنا، أفرادا من العائلة، أصدقاء وجيرانا. خسرنا حياتنا بروتينها وكل تفاصيلها، بل وأعصابنا أيضا للأبد”.
وأضافت “لا أطيق الانتظار لإعلان هدنة وتوقف شلّال الدم والموت، لا يمكننا الاحتمال، لكن أعتقد أنّ حياتنا ستظلّ صعبة، فلا يوجد هنا إلا الدمار”.
– مهمة عسيرة –
ميدانيا، أعلن الجيش الإسرائيلي رصد مقذوف أطلق من شمال القطاع، من دون الإبلاغ عن إصابات.
على مدار العامين المنصرمَين، وسّعت إسرائيل نطاق هجماتها إلى خارج القطاع الفلسطيني لتشمل أهدافا في خمس عواصم إقليمية منها طهران.
وقامت في عملياتها هذه بتصفية مسؤولين وقياديّين، منهم معظم قادة الصفّ الأول في حركة حماس، وكذلك أيضا في حزب الله اللبناني ولا سيّما أمينه العام السابق حسن نصرالله.
ومع دخول الحرب في غزة عامها الثالث تواجه كلّ من إسرائيل وحماس ضغوطا دولية متزايدة، ما دفع الطرفين إلى الموافقة على خطة ترامب المؤلفة من 20 بندا تنص خصوصا على وقف إطلاق نار فوري وإطلاق حماس جميع الرهائن ونزع سلاح الحركة وانسحاب القوات الإسرائيلية تدريجيا من غزة.
وعشية الذكرى الثانية، بدأت في مدينة شرم الشيخ المصرية الاثنين مفاوضات غير مباشرة بين وفدي حماس وإسرائيل للتوصل إلى اتفاق بشأن خطة ترامب.
وقال وزير الخارجية المصري بدر عبدالعاطي للصحافيين في القاهرة إن هذه المفاوضات “هدفها تنفيذ المرحلة الأولى من الاتفاق من خلال العمل على تهيئة الظروف لاطلاق سراح الرهائن ونفاذ المساعدات واطلاق سراح أسرى فلسطينيين”.
واعتبر أن ذلك “يتطلب إعادة انتشار القوات الإسرائيلية حتى نتمكن من العمل على تنفيذ هذه المرحلة”.
وكان مصدر فلسطيني مقرب من مفاوضي حماس توقع ان تستمر المحادثات أياما، وأن تكون “صعبة ومعقدة في ظل نوايا الاحتلال لاستمرار حرب الابادة”.
وردّا على سؤال عن سير المفاوضات في مصر، ولا سيّما عمّا إذا كانت لديه شروط مسبقة تشمل موافقة حماس على نزع سلاحها، قال ترامب للصحافيين في البيت الأبيض الإثنين “لديّ خطوط حمر: إذا لم تتحقّق أمور معيّنة فلن نمضي قدما … لكنّني أعتقد أنّ الأمور تسير على ما يرام، وأعتقد أنّ حماس وافقت على أمور مهمّة للغاية”.
وتابع “أعتقد أنّنا سنتوصّل إلى اتّفاق. من الصعب عليّ قول ذلك في حين أنهم منذ سنوات وسنوات يحاولون التوصّل إلى اتفاق”، مؤكدا في الوقت نفسه “سنتوصّل إلى اتفاق في غزة، أنا شبه متأكّد من ذلك، نعم”.
شهدت الحرب هُدنتَيْن مكّنتا من الإفراج عن عشرات الرهائن مقابل مئات المعتقلين الفلسطينيين.
وكان رئيس الأركان الإسرائيلي إيال زامير حذّر من أنه إذا فشلت المفاوضات فإنّ الجيش “سيعود للقتال” في غزة.
جد/لمى-كام-ع ش/خلص/ص ك