مُستجدّات ورُؤى سويسريّة بعشر لغات

أحداث مصر: قلق الخارجية السويسرية وإدانات حقوقية وأممية

منذ 2 فبراير 2011، تحول ميدان التحرير وسط القاهرة إلى ساحة للمواجهات العنيفة بين الشبان المعتصمين منذ 25 يناير ومجموعات مسلحة مؤيدة للرئيس حسني مبارك Keystone

عبرت الخارجية السويسرية عن "قلق شديد" بخصوص أعمال العنف المرتكبة ضد السكان في مصر وحثت الحكومة على "احترام الحريات الأساسية للشعب المصري". وفي الوقت نفسه، عبرت عدة جهات أممية وحقوقية عن إدانتها للاعتداءات التي استهدفت المدنيين وطالبت بضرورة "فتح تحقيق في التجاوزات".

في أول تعقيب لها على أعمال العنف التي شهدها ميدان التحرير وسط القاهرة يومي الأربعاء 2 والخميس 3 فبراير، عبرت وزارة الخارجية السويسرية عن “القلق العميق لأعمال العنف المرتكبة ضد السكان المدنيين في مصر”.

وفي ردّها على تساؤل وجهته swissinfo.ch بخصوص موقف سويسرا من هذا العنف الذي بلغ ذروته في الهجوم الذي قام به مناصرون للرئيس المصري حسني مبارك (تؤكد عدة جهات صحفية وحقوقية أن من بينهم أعضاء من أجهزة الأمن وأنصار الحزب الحاكم) على المحتجين المرابطين بالميدان والمطالبين برحيل الرئيس المصري وبضرورة إدخال إصلاحات سياسية واحترام للحريات، طالبت الخارجية السويسرية السلطات المصرية بـ “احترام  الحقوق الأساسية  للشعب المصري، وبالخصوص ما يتعلق بحرية التعبير، والحق في التجمع  والتظاهر السلمي”.

وقالت الخارجية “إنها تدين أعمال العنف هذه وتطالب السلطات المصرية بضبط النفس” كما اعتبرت أن الأحداث الأخيرة “تظهر جليا أهمية الشروع على وجه السرعة من أجل الاستجابة للمطالب الشرعية للمصريين الذين يطالبون بمزيد من الديمقراطية والحريات”.

إدانة أممية ومطالبة بالتحقيق

من ناحيته، وصف الأمين العام لمنظمة الأمم المتحدة بان كي مون ما شهده ميدان التحرير بـ “العمل غير المقبول” معبرا عن ” القلق الكبير للإصرار على استمرار العنف في مصر”، واستطرد مشيرا إلى أن “هذه الهجمات التي استهدفت المحتجين المسالمين تعتبر غير مقبولة وأدينها بقوة”.

وكانت المفوضة السامية لحقوق الإنسان نافي بيلاي قد أصدرت بيانا يوم الثلاثاء 1 فبراير (أي قبل أحداث ميدان التحرير) حذرت فيه من أن “العالم ينظر الى الطريقة التي سيرد بها الرئيس والحكومة الجديدة على مطالب المشاركين في الإحتجاجات المتواصلة والمطالبين بتغييرات راديكالية وإصلاحات واسعة في مجال الحقوق المدنية والسياسية والاجتماعية والثقافية والاقتصادية”.

وكانت المفوضة السامية قد أوردت في بيانها الذي أعـدّ قبل أحداث ميدان التحرير أن “احتجاجات مصر خلفت 300 قتيل وأكثر من 3000 جريح، استنادا الى  أنباء غير مؤكدة”.

وبعد أن شددت السيدة بيلاي على أن “الإنتفاضة الشعبية في مصر تعتبر تحركا غير مسبوق منذ عقود في مصر” وأنها “تمت بطريقة شجاعة  وسلمية”، ذكرت بمسؤولية السلطات المصرية “في حماية  المدنيين وحماية حقهم في الحياة وفي حرية التجمع والتعبير”.

ولم تتردد المفوضة السامية (حتى قبل أحداث ميدان التحرير الأخيرة) عن التحذير من “الإستخدام المفرط للقوة من قبل قوات الأمن” كما دعت بالخصوص إلى “ضرورة فتح تحقيق  شامل في دور قوات الأمن في أعمال العنف  التي حدثت”.

وعن اختفاء قوات الأمن من الشوارع والمدن، قالت المفوضة السامية لحقوق الإنسان: “إنها سابقة لم يُسمع بها من قبل أن تختفي قوات الأمن الوطنية كلية بهذا الشكل، وأنه يجب فتح تحقيق في سبب اتخاذ المسؤولين لقرار يعرّض المواطنين لمخاطر من هذا النوع وتحديد من المسؤول عن هذا الإنتهاك الخطير لحقوق المواطن في الأمن والسلامة”.

منظمة العفو الدولية.. تتهم

في سياق متصل، ناشدت منظمة العفو الدولية نائب الرئيس المصري عمر سلميان “من أجل وضع حد” لأعمال العنف التي يقوم بها أنصار الحكومة في القاهرة وباقي أنحاء مصر”.

وشددت العفو الدولية على أن من مسؤوليات السلطات “ضمان حماية المحتجين والصحفيين والمدافعين عن حقوق الإنسان”، وأشارت إلى أن “اختفاء قوات الأمن من الشوارع إشارة إلى تورط  للحكومة في أعمال العنف أو أنها على الأقل تملص من تحمل مسؤولية ضمان الأمن والنظام في وقت يمر فيه البلد بمحنة”.

وقالت المنظمة إن بعض أعضائها الموجودين على عين المكان تعرضوا لهجوم من قبل قوات الأمن، وأفادت العفو الدولية في بيانها أن “فريق التحقيق التابع لها أشار إلى أن أعمال العنف يبدو أنها منظمة في جزء منها من قبل السلطات بهدف وضع حد لاستمرار الإحتجاجات الداعية إلى إصلاحات سياسية”.

“عدالة اجتماعية” و”حياة كريمة”

منظمة العمل الدولية وعلى لسان مديرها العام خوان صومافيا أصدرت بيانا في جنيف “يناشد فيه الحكومة المصرية وكافة الأطراف الأخرى من أجل فتح حقبة عدالة اجتماعية جديدة”، واعتبر أن المُلح ّ في الظروف الحالية هو “ضرورة استماع القادة المصريين لصوت شعبهم والقيام بمسؤوليتهم التي تتمثل أولا وقبل كل شيء في توفير الظروف لحياة كريمة”.

ومن الإنتقادات التي يوجهها المدير العام لمنظمة العمل الدولية في ميادين لها علاقة بما يحدث اليوم في مصر بشكل أو بآخر، هو “ارتفاع نسبة البطالة مثلما هو الحال في عدة بلدان في المنطقة” والإفتقار إلى تعددية نقابية حيث تحدث عن وجود “نقابة واحدة مرخص بها وعرقلة التنظيم الحر للعمال في نقابات من اختيارهم”.

وقد أعرب المدير العام لمنظمة العمل الدولية عن “الترحيب بتأسيس نقابة عمالية مستقلة” في تونس وقال إنها من “نتائج التعبئة الكبيرة التي شهدتها الأيام الأخيرة “. ونوه إلى أن النقابة الجديدة طالبت بـ “توفير فرص العمل، وتحديد أجور دنيا، وتعزيز الحماية الاجتماعية، وضمان حرية التجمع”.

استهداف الصحفيين     

منظمة مراسلين بدون حدود، أعربت عن “إدانتها بشدة ” لأعمال العنف التي مورست ضد المحتجين المسالمين في ميدان التحرير. وأشارت في بيان أصدرته يوم 3 فبراير إلى “تعرض العديد من الصحفيين لمضايقات من قبل مناصري الرئيس وبعض رجال الأمن المندسين”.

وقال الأمين العام للمنظمة  فرانسوا جوليار: “لقد تم ضربهم وسرقة معداتهم”، ومن بين الصحفيين الذين تعرضوا للإعتداءات في الساعات الأخيرة مراسل شبكة سي إن إن  ومراسل بي بي سي ومراسلة إي بي سي. كما أشارت المنظمة إلى أنها “ما زالت بدون أية أخبار عن مصير الصحفي البلجيكي سيرج ديمون الذي تم اختطافه يوم الأربعاء 2 فبراير في القاهرة”.

ومن جهة أخرى، أوضحت اللجنة من أجل حماية الصحفيين التي يوجد مقرها في نيويورك أن “مراسل العربية محمد عبد الدائم تم اختطافه  بالقرب من ميدان التحرير بعد أن تم إجباره على الصعود في سيارة تابعة لأنصار مبارك”.

أما الحملة الدولية من أجل شارة لحماية الصحفيين (مقرها جنيف) فقد “أدانت بشدة الحملة الحاقدة التي تستهدف  ناشري الصحف المستقلة المصرية أو المراسلين الأجانب”. واشارت الحملة بالخصوص لما تعرضت له جريدة الشروق المستقلة من “تهديد بالأسلحة البيضاء من قبل عدد من مناصري الرئيس مبارك”. وطالبت الحملة مجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة بضرورة “فتح تحقيق في جلسته القادمة بخصوص الهجمات التي تستهدف حرية التعبير والصحافة وكل ما ينتهك المادة 19 من الإعلان العالمي لحقوق الإنسان”. 

القاهرة (رويترز) – اشتبك مؤيدو الرئيس المصري حسني مبارك ومعارضوه يوم الخميس قرب ميدان التحرير في وسط القاهرة في تجدد لاعمال العنف التي جرت ليلا وسقط فيها ستة قتلى وأصيب أكثر من 800 .

وقال شاهد من رويترز ان المواجهات الحديثة دائرة في شارع جانبي يؤدي الى ميدان التحرير حيث انضم بضعة الاف من المحتجين الى مئات خيموا في المنطقة طوال الليل.

ودفع الجيش المصري الموالين لمبارك بعيدا عن جموع المحتجين المناهضين له بوسط القاهرة يوم الخميس مواصلا جهوده للفصل بين الجانبين المشتبكين في قلب العاصمة المصرية.

ورأى شاهد من رويترز دبابة تابعة للجيش توجه برجها صوب الموالين لمبارك الذين كانوا يلقون حجارة على المحتجين من فوق جسر. ثم تقدمت الدبابة بعد ذلك صوب الموالين للرئيس وكان برفقتها مجموعة من الجنود الذين تمكنوا من اخلاء المكان من أنصار مبارك.

وقوى الجيش من موقف المحتجين يوم الاثنين بالقول بان مطالبهم مشروعة متعهدا بعدم فتح النار عليهم. لكن منذ مساء الثلاثاء حين رد مبارك على الاحتجاجات بقوله انه لن يرشح نفسه في الانتخابات الرئاسية القادمة وقف الجيش بدرجة كبيرة دون ان يتدخل.

وعلى الرغم من اعمال العنف التي حدثت مساء الاربعاء مازال ميدان التحرير محور المظاهرات المطالبة بانهاء حكم مبارك المستمر منذ 30 عاما تحت سيطرة المحتجين المناهضين للنظام.

وقال علي قاسم وهو احد المحتجين “نستخدم الحجارة للدفاع عن النفس. بالامس هاجمونا بالقنابل الحارقة وكل ما لدينا لنحمي نفسنا به هي الحجارة.”

وعلى الرغم من تناقص عدد المحتجين مقارنة بالايام السابقة ظل مستوى الغضب الشعبي غير مسبوق في الدولة البوليسية.

وأظهرت لقطات تلفزيون وحدات من الجيش في المنطقة تعتقل اناسا بملابس مدنية. وقال بعض المحتجين ان الحزب الوطني الديمقراطي الذي يتزعمه الرئيس المصري دفع أموالا للموالين لمبارك.

وقال محمد الصمدي وهو طبيب كان يعالج الجرحى في نقطة اسعاف متنقلة “حين جئنا الى هنا فتشنا (الجيش) بحثا عن اسلحة ثم سمح بدخول بلطجية مسلحين هاجمونا. نرفض الرحيل لن نترك مبارك يبقى ثمانية اشهر.”

وقال وزير الصحة المصري ان ستة قتلوا في اعمال العنف مساء الاربعاء وجرح 836 من بينهم 86 مازالوا في المستشفى. بينما قالت العربية دون الكشف عن مصدرها ان عشرة قتلوا وأصيب 1500 .

وقال محمد عبد الحميد وهو طبيب “طوال الليل كنا نستقبل عشرات الجرحى كل ربع ساعة…البلطجية المحيطين بنا حاولوا مهاجمة المزيد منا لكننا حمدا لله تمكننا من صد تقدمهم.”

ويوم الاربعاء هاجم موالون لمبارك يركبون الخيل والجمال المحتجين المناهضين للرئيس.

وفتح موالون لمبارك النار والقوا قنابل حارقة. وتحصن المحتجون بميدان التحرير والقوا عليهم الحجارة.

وقال متحدث باسم حركة كفاية المعارضة لتلفزيون الجزيرة ان ما حدث يوم الاربعاء جعلهم اكثر تصميما على تنحية مبارك.

وقال “لا تفاوض مع اي عضو في نظام مبارك بعد ما حدث امس وما يجري في التحرير.”

متوافق مع معايير الصحافة الموثوقة

المزيد: SWI swissinfo.ch تحصل على الاعتماد من طرف "مبادرة الثقة في الصحافة"

يمكنك العثور على نظرة عامة على المناقشات الجارية مع صحفيينا هنا . ارجو أن تنضم الينا!

إذا كنت ترغب في بدء محادثة حول موضوع أثير في هذه المقالة أو تريد الإبلاغ عن أخطاء واقعية ، راسلنا عبر البريد الإلكتروني على arabic@swissinfo.ch.

SWI swissinfo.ch - إحدى الوحدات التابعة لهيئة الاذاعة والتلفزيون السويسرية

SWI swissinfo.ch - إحدى الوحدات التابعة لهيئة الاذاعة والتلفزيون السويسرية