فلسطينيان من غزة: 2000 دولار ثمن تذكرة الطيران إلى جنوب أفريقيا
من نضال المغربي وتيم كوكس ونيلي بيتون
القاهرة 17 نوفمبر تشرين الثاني (رويترز) – قال اثنان من سكان غزة إنهما دفعا ألفي دولار ثمنا لكل تذكرة طيران لنقل أفراد أسرتيهما إلى جنوب أفريقيا في رحلة رتبتها منظمة أعلنت وسيلة للخروج من القطاع المدمر فيما قالت جنوب أفريقيا يوم الاثنين إن ذلك يأتي على ما يبدو ضمن مسعى لتهجير الفلسطينيين.
وأضاف كلاهما لرويترز إنهما من بين 130 فلسطينيا سمحت جنوب أفريقيا بدخولهم بعد نقلهم بالحافلات من غزة ثم نقلهم جوا من مطار إسرائيلي الأسبوع الماضي. وأضافا أنهم وصلوا إلى جوهانسبرج يوم الخميس بعد توقفهم في نيروبي.
وتدعم حكومة جنوب أفريقيا، منذ زمن طويل، تطلعات الفلسطينيين إلى إقامة دولتهم المستقلة وتتهم إسرائيل بارتكاب إبادة جماعية في حرب غزة.
وقال وزير خارجية جنوب أفريقيا رونالد لامولا يوم الاثنين إن سلطات جنوب أفريقيا تحقق في ما وصفه بأنه ملابسات مثيرة للشكوك تتعلق بوصول الطائرة.
وأضاف في إفادة صحفية “يبدو أنها تمثل أجندة أوسع نطاقا لإخراج الفلسطينيين من فلسطين”.
وتنفي إسرائيل اتهامات الإبادة الجماعية في غزة وتصفها بأنها ذات دوافع سياسية، وتقول إن حملتها العسكرية كانت موجهة ضد حركة المقاومة الإسلامية الفلسطينية (حماس) وليس سكان غزة المدنيين.
وردا على سؤال حول تصريحات لامولا، قال متحدث باسم الحكومة الإسرائيلية إن رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو “أوضح أنه إذا أراد الفلسطينيون المغادرة، فيجب السماح لهم بمغادرة قطاع غزة. وإذا أرادوا العودة إلى قطاع غزة، فينبغي السماح لهم بالعودة أيضا”.
ولم يتطرق المتحدث بشكل مباشر إلى مسألة كيف انتهى المطاف بمجموعة من الفلسطينيين إلى جنوب أفريقيا.
وقالت وحدة تنسيق أعمال الحكومة في المناطق، وهي ذراع الجيش الإسرائيلي المشرفة على الشؤون المدنية في غزة، إن سكانا من القطاع غادروا بعد أن حصلوا على موافقة من دولة ثالثة لاستقبالهم، دون أن تذكرها بالاسم. وأضافت أن لديهم تأشيرات دخول سارية وأن طلب مغادرتهم تضمن “وثائق تؤكد حصولهم على تصريح بالهبوط في جنوب أفريقيا”.
وقال لامولا “المعلومات التي لدينا في هذه المرحلة هي أنهم لم يحصلوا على تلك الموافقات والتصاريح المطلوبة”، موضحا أن الأمر قيد التحقيق.
* تخفيف قيود مغادرة سكان غزة
أوردت رويترز في مايو أيار أن إسرائيل خففت القيود المفروضة على مغادرة الفلسطينيين لغزة، وأنه تم نقل نحو 1000 منهم بالحافلات إلى خارج القطاع للتوجه في رحلات جوية إلى أوروبا وأماكن أخرى. وذكرت رويترز في ذلك الوقت أن عمليات المغادرة تطلبت طلبا من حكومة أجنبية إلى إسرائيل.
وقال الفلسطينيان اللذان تحدثا إلى رويترز إنهما شاهدا إعلانات على الإنترنت نشرتها منظمة تدعى (المجد أوروبا) تعرض فرصة مغادرة غزة، وقدما طلبا قبل نحو ستة أشهر. وأوضحا أن العرض كان متاحا للأسر فقط، واشترطت المنظمة أن يكون لدى المتقدم جواز سفر.
ووجهت رويترز رسالة بالبريد الإلكتروني إلى منظمة المجد أوروبا على عنوان موجود على موقعها الإلكتروني لكنها لم تتلق ردا حتى الآن. ولا تتيح المنظمة رقما للهاتف على الموقع.
وفي نهاية المطاف، تلقى كلا الفلسطينيين رسائل من المجد أوروبا عبر الواتساب تخبرهم بأنه تم منحهم تصريحا أمنيا. وغادروا غزة على متن حافلات وتم نقلهم عبر معبر كرم أبو سالم الخاضع للسيطرة الإسرائيلية قبل السفر جوا من مطار رامون. ووصلوا إلى جنوب أفريقيا في 13 نوفمبر تشرين الثاني.
وقال رمزي أبو يوسف (42 عاما) متحدثا إلى رويترز عبر الهاتف من جوهانسبرج “أنا مريض سرطان غدد ليمفاوية، قديش لازم استنى ليتم تحويلي للعلاج بواسطة منظمة الصحة العالمية؟ كان لازم أغادر مشان اتعالج ومشان مستقبل وحياة أحسن لأسرتي”.
وغادر أبو يوسف مع زوجته وأطفاله الثلاثة، الذين تبلغ أعمارهم ثمانية و10 و12 عاما، وقال إن اثنتين من بناته قُتلتا في هجوم إسرائيلي في يونيو حزيران 2024 خلال غارة على مخيم النصيرات، حيث دُمر منزله.
* أوضاع قاسية في غزة
قال الفلسطيني الثاني، الذي طلب عدم نشر اسمه حرصا على سلامته وعلى عدم إزعاج مضيفيه الجدد، إن عائلته قررت مغادرة غزة على مضض بعد أن عاشت أشهرا تحت القصف وبعدما اضطر إلى إخلاء منزله في دير البلح عدة مرات.
غادر الرجل البالغ من العمر 35 عاما مع زوجته وطفليه، وهما صبي يبلغ من العمر أربع سنوات وطفلة تبلغ عامين.
ويسلط رحيلهم الضوء على الظروف القاسية في غزة بعد مرور أكثر من شهر على توصل الرئيس الأمريكي دونالد ترامب إلى وقف لإطلاق النار في الحرب التي دمرت معظم القطاع.
وبدأت الحرب على غزة في السابع من أكتوبر تشرين الأول 2023 بعد هجوم قادته حركة المقاومة الإسلامية الفلسطينية (حماس) على جنوب إسرائيل اقتادت خلاله 251 شخصا رهائن إلى غزة وقتلت 1200 آخرين، وفقا لإحصائيات إسرائيلية.
وتقول السلطات الصحية في غزة إن أكثر من 69 ألف فلسطيني قُتلوا في الهجوم الذي شنته إسرائيل على القطاع.
ووصل الفلسطينيون إلى مطار جوهانسبرج على متن طائرة مستأجرة تابعة لجلوبال إيروايز قادمة من كينيا. وقالت سلطات الحدود إنهم لم يكن لديهم أختام مغادرة أو تذاكر عودة أو تفاصيل عن أماكن إقامتهم.
وقال أبو يوسف إن المجموعة حصلت على تأشيرات مدتها 90 يوما وإن بعضهم يقيمون في فنادق صغيرة بينما يستضيف أفراد من الجالية المسلمة في جوهانسبرج آخرين.
وغادر 23 شخصا كانوا على متن الرحلة إلى وجهات أخرى.
(شارك في التغطية الصحفية ستيفن شير وألكسندر كورنويل – إعداد محمد علي فرج وعبد الحميد مكاوي للنشرة العربية – تحرير أيمن سعد مسلم)