مُستجدّات ورُؤى سويسريّة بعشر لغات

قيادي من “حزب الله” في سويسرا

انفتاح حركة حزب الله على الدول الاوروبية يجسده عضو المكتب السياسي للحزب عمار الموسوي swissinfo.ch

في إطار احتفالات الجاليات اللبنانية في أوروبا بالذكرى السنوية لانسحاب القوات الإسرائيلية من معظم الجنوب اللبناني، تقوم مجموعة برلمانية من حركة حزب الله جولة في عدد من الدول الأوروبية من بينها سويسرا، التي زارها عضو المكتب السياسي للحركة عمار الموسوي.

حرص النائب عمار الموسوي في حديث خص به سويس انفو، على التأكيد أن زيارته إلى سويسرا خاصة وليست رسمية، إلا أن هذا لم يمنعه من الالتقاء بالجالية اللبنانية ومشاركتها احتفالاتها بالانسحاب، واعتبر ما يقال عن وجود المجموعة البرلمانية التابعة لحزب الله في أوروبا “للترويج والدعاية للحركة مبالغ فيه، لأن الحزب يتمتع بشعبية واسعة في أوساط العرب والمسلمين، وأن محور اهتمامه أثناء الزيارة هو التحدث مع الجالية للتعرف على مشاكلها والتركيز بشكل واضح على ضرورة أن يكون عملها في إطار القوانين والنظم المعمول بها في هذا البلد، إضافة إلى الاطلاع على أوضاعهم الاقتصادية والاجتماعية.

لكن فرصة تواجد هذه المجموعة البرلمانية التابعة لحزب الله في اوروبا – ولو بشكل غير رسمي – لم يمنع من اللقاء مع بعض البرلمانيين المؤيدين للقضايا العربية، حيث التقى النائب عمار الموسوي بعضو البرلمان السويسري عن كانتون زيورخ دانيال فيشر الذي ينتمي إلى “حزب الخضر”. وقد حرص فيشر على حضور مهرجان الجالية اللبنانية في زوريخ احتفالا بتحرير الجنوب وألقى كلمة أيد فيها حق المقاومة المشروعة.

“إن وجود عدد كبير من المؤيدين لحزب الله في سويسرا أمر وارد بين أفراد الجالية اللبنانية”، لكن النائب الموسوي أكد على أن حزب الله ليس له رجالا مكلفين بالعمل في سويسرا، مشيرا أن الجالية اللبنانية هي بالتأكيد جزء من الوطن، وعندما تكون هناك ظروف معينة ربما يتحمس بعض أفرادها ليجمعوا مبلغا معينا من المال و يرسلوه إلى لبنان، ليس بالضرورة أن يكون تحت عنوان دعم حزب الله، وإنما لأهداف اخرى مثل إعادة ما دمر في جنوب لبنان، إغاثة المتضررين بسبب الاحتلال الإسرائيلي.

وأكد عضو المكتب السياسي لحركة حزب الله بعد تفكير طويل وإبتسامة عريضة أنه “لا توجد في سويسرا ودائع أو حسابات باسم حزب الله”، بل ذهب إلى أنه لا يتصور بأن يكون للحزب حسابات مصرفية في لبنان وبالتالي فلا يوجد في سويسرا.

 من المقاومة المسلحة إلى “النضال” السياسي

اكتسب حزب الله شعبيته من خلال مقاومته للاحتلال الإسرائيلي حتى الانسحاب من جنوب لبنان عام الفين. ثم تحول إلى كيان لا يمكن إغفاله في الحياة السياسية اللبنانية. وتحول تدريجيا من الكفاح المسلح إلى ممارسة أنشطة متعددة على الصعيد السياسي والثقافي والاجتماعي تدخل في عمق النسيج الاجتماعي الوطني، إلى جانب التأكيد على مواصلة المقاومة لتحرير مزارع شبعا واطلاق سراح المعتقلين اللبنانيين في السجون الإسرائيلية.

ويرى النائب عمار الموسوي بأن حزب الله يعتبر من أحزاب المعارضة ولكن ليس من أجل انتقاد الحكومة دون هدف، بل من اجل المصلحة العامة، علاوة على أن الحزب يساند الحكومة اللبنانية في المواقف التي تتطلب التضامن القومي وتعكس المصلحة الوطنية، وأكد على أن الهدف من المعارضة ليس إسقاط الحكومة بل تقوية أدائها.

 “نتعاون مع اطراف مسيحية مختلفة”

وكانت بعض وسائل الإعلام الغربية قد اتهمت حزب الله بأنه يسعى إلى تعزيز قوته ليصبح دولة داخل دولة، فأشيع بأن لديه شرطة خاصة، وأن أماكن قوته ونفوذه ليست خاضعة للسلطة الرسمية. وقد نفى النائب الموسوي هذه الادعاءات واعتبرها نوعا من التشهير بالحزب لتشويه صورته دوليا، مؤكدا أن تواجده المكثف في الجنوب هو فقط للمقاومة وليس لتأسيس نظام خاص، حسب الادعاءات الغربية، علاوة على أن جميع أنشطة الحزب تتماشى مع نظام الدولة اللبنانية.

ويركز النائب الموسوي على أن البعد العقائدي للحزب لا يمنعه من التحالف مع الأحزاب والتيارات السياسية الأخرى في لبنان، بما فيها المسيحية. فأقوى حلفاء الحزب، حسب قوله، هو الرئيس اميل لحود. أما التحالفات مع الأحزاب والجماعات المسيحية الأخرى فهي تبنى على أساس الرؤية السياسية لموضوع بعينه.

وقد يتفق الحزب في قضية ما مع حزب مسيحي ويختلف مع حزب مسلم في نفس القضية، وخلاصة هذا أن حزب الله لا يؤسس تحالفات من منطلق ديني أو طائفي وإنما من المنطلق السياسي وفق تقديرات الحزب للمصالح الوطنية الداخلية، علاوة على ذلك يدعم الحزب حوارات مع كل الطوائف المسيحية بداية من البطريركية المسيحية في لبنان، حسب ما ذكره السيد الموسوي.

الفرق بين المفاومة و الارهاب

ويستنكر عضو المكتب السيسي لحركة حزب الله الانتقادات الموجهة إلى الحزب بسبب مواصلة عمليات المقاومة حول مزارع شعبا، حيث ترى الولايات المتحدة الامريكية أنها يمكن أن تؤدي إلى تصعيد الموقف وإشعال حرب إقليمية جديدة تعاني منها لبنان مجددا، ويرى أنه من الأفضل تحميل اسرائيل مسؤولية تصعيد الموقف والوصول به إلى حافة الحرب، وبالتالي فإن هذا القلق العالمي من نشوب حرب جديد، عليه أن ينصب على المتسبب في توتر الأوضاع والتأثير عليه.

وبخصوص الدعم المادي والمعنوي الذي يقدمه حزب الله إلى اللاجئين الفلسطينيين في لبنان لا يرى النائب الموسوي في ذلك شيئا غريبا، بل هو دعم تقوم به سائر الدول العربية وكل الاحرار في العالم. ويرد على الاصوات المطالبة بتوطين اللاجئين الفلسطينيين في لبنان عوضا عن تقديم المعونات المالية لهم، بأنه من غير المنطقي أن يقوم لبنان بهذه الخطوة حفاظا على التركيبة الديموغرافية اللبنانية. في المقابل يجب دعم عودة هؤلاء اللاجئين إلى ديارهم استنادا إلى قرارات الامم المتحدة. ولا يختلف موقف حزب الله من قضية اللاجئين الفلسطينيين عن بقية الاحزاب اللبنانية الاخرى.

وذكر السيد الموسوي أن حزب الله تلقى عروضا أمريكية عن طريق وساطات مختلفة تغريه بامتيازات معينة من بينها رفع اسمه من قائمة الإرهاب إذا تخلى عن مقاومة إسرائيل، وهو ما رفضه الحزب ويرفضه. ورفض النائب الموسوي أن يفصح عن نوع الامتيازات التي اقترحتها الإدارة الأمريكية أو تحديد دور الوسيط، مشيرا إلى الموقف الأوروبي الذي لم يساند واشنطن في تصنيف حزب الله على أنه مجموعة إرهابية، وهو ما يعكس قناعة الأوروبيين بأن مقاومة حزب الله لأسرائيل مشروعة.

تامر أبو العينين

متوافق مع معايير الصحافة الموثوقة

المزيد: SWI swissinfo.ch تحصل على الاعتماد من طرف "مبادرة الثقة في الصحافة"

يمكنك العثور على نظرة عامة على المناقشات الجارية مع صحفيينا هنا . ارجو أن تنضم الينا!

إذا كنت ترغب في بدء محادثة حول موضوع أثير في هذه المقالة أو تريد الإبلاغ عن أخطاء واقعية ، راسلنا عبر البريد الإلكتروني على arabic@swissinfo.ch.

SWI swissinfo.ch - إحدى الوحدات التابعة لهيئة الاذاعة والتلفزيون السويسرية

SWI swissinfo.ch - إحدى الوحدات التابعة لهيئة الاذاعة والتلفزيون السويسرية