مُستجدّات ورُؤى سويسريّة بعشر لغات

تقليص الحواجز التجارية مع أوروبا سيخفض الأسعار

عبرت وزيرة الاقتصاد السويسرية دوريس ليوتهارد عن ثقتها في جودة الإجراءات الرقابية في الاتحاد الأوروبي - برن، 29 نوفمبر 2006 Keystone

أطلقت الحكومة الفدرالية المشاورات حول مشروع مراجعة تشريعية، يرمي إلى تطبيق المبدإ المعروف باسم "كاسيس دو ديجون" في سويسرا.

عمليا، سيعني ذلك السماح ببيع المنتجات، التي سبق أن تم ترويجها في الاتحاد الأوروبي في الأسواق السويسرية، دون إجراءات رقابية إضافية.

تقوم سويسرا بتطبيق إجراءات ومقاييس خاصة بها على المئات من المنتجات والبضائع، تختلف بشكل أو بآخر عما هو معمول به في الاتحاد الأوروبي، وهو ما يؤدي إلى رفع أسعار الواردات وتعقيد إجراءاتها.

من هنا، يُـتوقع أن يؤدي اعتماد مبدإ “كاسيس دو ديجون” إلى المساهمة في الجهود المبذولة لتخفيض الأسعار في سويسرا، التي عادة ما توصف بأنها “جزيرة الغلاء” وسط أوروبا، وذلك، من خلال تخفيض التكاليف التي تتحملها المؤسسات والشركات، بما يؤدي إلى تخفيض الأسعار للمستهلكين.

وطبقا لنفس المبدأ، فإن المنتجات التي تدخل بشكل قانوني إلى الأسواق في أوروبا، سيُـسمح بترويجها في سويسرا دون اللجوء إلى إجراءات رقابية إضافية. كما يعني ذلك، تبسيط الإعلام المتعلق بالمنتجات من خلال الاكتفاء بما هو متوفر داخل الاتحاد الأوروبي، شريطة أن تكون محررة بإحدى اللغات الوطنية السويسرية (الألمانية أو الفرنسية أو الإيطالية)، مثلما أوضحت ذلك وزيرة الاقتصاد دوريس ليوتهارد يوم 29 نوفمبر 2006 في برن.

وكانت الوزيرة الجديدة قد تقدّمت في يونيو 2004، عندما كانت نائبة في البرلمان، بمقترح تشريعي يدعو لاعتماد مبدإ “كاسيس دو ديجون”.

دفعة للمصدّرين

من جهة أخرى، ترمي مراجعة القانون المتعلِّـق بالعوائق التقنية بوجه المبادلات التجارية، التي تطرحها الحكومة على الاستشارة من الآن إلى يوم 16 مارس 2007، إلى تجنُّـب تعرّض المنتجين السويسريين إلى التمييز، مقارنة بمنافسيهم الأوروبيين.

وتبعا لذلك، فإن الشركات السويسرية، التي تُـصدر إلى داخل الاتحاد الأوروبي، سيكون بإمكانها (على عكس ما هو معمول بها حاليا)، تصنيع وبيع المنتجات والبضائع المطابقة للمقاييس الأوروبية داخل سويسرا أيضا.

ومن المنتظر أن تكون المواد الغذائية أول المستفيدين من تطبيق مبدإ “كاسيس دو ديجون”، الذي سيقتصر على المقاييس التقنية السويسرية، التي لم تقع ملاءمتها إلى حد الآن مع مثيلاتها الأوروبية. كما أن مواد التجميل والنسيج والدراجات وأجهزة الإنذار ضد الحرائق والسرقات، ستكون معنية بهذا التطور، على عكس الأدوية، التي ليست مشمولة بهذا المبدأ.

هذا التخفيف لن يُـطبق – مثلما هو جارٍ به العمل في الاتحاد الأوروبي – على المنتجات الخاضعة لتصديق محدد ولا على المنتجات والمواد، التي يحظر استيرادها (مثل جلود القطط والكلاب أو المتفجرات) أو التي يُـشترط حصولها على ترخيص مسبق، لكن، تمّ إقرار إجراءات ميسّـرة بالمنتجات التي حصُـلت على التصديق في الخارج، بناء على مقاييس مشابهة لما هو معمول به في سويسرا.

المزيد

المزيد

عملية الاستشارة

تم نشر هذا المحتوى على تتيح عملية الاستشارة لجميع الأوساط المعنية أو التي يمسّـها تحوير تشريعي ما، إمكانية التعبير عن آرائها. هذه الأطراف يُـمكن لها أن تقوم بذلك من خلال ما يُـسمّـى بعملية الاستشارة، التي تنطلق قبل أي تحوير تشريعي ذي أهمية من طرف الحكومة الفدرالية أو الوزارة الفدرالية المكلّـفة بالملف. تُـعرض الاستشارة على الأحزاب السياسية والكانتونات والبلديات، إضافة إلى…

طالع المزيدعملية الاستشارة

استثناءات سويسرية

تطبيق مبدإ “كاسيس دو ديجون”، سيُـرفق بجملة من الاستثناءات المتعلقة بحماية الصحة والبيئة أو المستهلكين، وقد تم تقليصها إلى 40 فقط من 129، كانت مطروحة في البداية.

فعلى سبيل المثال، تعتزم سويسرا الابتعاد عن الموقف الأوروبي فيما يتعلق بمواد الفوسفاط في مسحوق الغسيل، التي يجب أن تظل ممنوعة، إضافة إلى الرصاص في مواد الدّهن بمختلف أنواعها. أما في المشروبات المعروفة باسم الكوبوب Alcopop، فإن برن تريد أن تكون نسبة الكحول فيها موضحة على القارورة. على كل، فإن القائمة النهائية للاستثناءات ستُـضبط في نهاية إجراءات الاستشارة، التي تشمل كل الأطراف المعنية بهذا الملف.

من المثير للاهتمام أن الحكومة الفدرالية تؤيد تطبيق سويسرا من جانب واحد لمقتضيات مبدإ “كاسيس دو ديجون”، على اعتبار أن ذلك يمثل حلا أسرع ويُـبقي على قدر من الاستقلالية فيما يتعلق بتحديد الاستثناءات، لكن ذلك لن يحول – في صورة عدم التوصل إلى اتفاق شامل مع بروكسل – دون عدم حصول المصدرين السويسريين على معاملة بالمثل. وفي كل الحالات، سيطرح المشاركون في الاستشارة وجهة نظرهم بخصوص الحل، الذي يفضلونه.

بين الترحيب والتخوّف

تميّـزت ردود الفعل الأولى على المشروع الحكومي بترحيب كبير من طرف الأوساط الاقتصادية والأحزاب البورجوازية، التي عبرت عن ابتهاجها بما أسمته “مساهمة في مكافحة الأسعار المرتفعة جدا”.

الحزب الراديكالي والحزب الديمقراطي المسيحي، رحبا بالخطط الرامية إلى تقليص الحواجز التقنية بوجه التجارة، التي لا تتسبب، برأيهما، إلا في زيادة التكاليف ولا تقدم أي رٍبح للمستهلك.

من جهته، أبدى حزب الشعب السويسري (يمين متشدد) بعض التحفظ. فمن جهة، عبّـر عن الارتياح لإمكانية استفادة الاقتصاد من تقليص الحواجز، لكنه ندّد في المقابل، بالاعتماد “الأعمى” للقانون الأوروبي من طرف سويسرا.

أما الحزب الاشتراكي والمراقب الفدرالي للأسعار وجمعيات المستهلكين، فقد طالبوا بالذهاب إلى أبعد من ذلك، من خلال السماح بالاستيراد الموازي للمنتجات المسجّـلة.

كما تعارض الفدرالية الروماندية للمستهلكين، إلغاء التصريح الإجباري لبلد المنشأ بالنسبة للمواد الغذائية، مذكّـرة بأن الأمر يتعلّـق، وخاصة بالنسبة للّـحوم، بمكسب سويسري تحقق منذ الأزمات الغذائية.

على صعيد آخر، يمثل اعتماد مبدإ “كاسيس دو ديجون” استكمالا للقوانين المتعلقة بالكارتيلات والمنظمة للسوق الداخلية، التي تمّـت مراجعتها، وتقوم سويسرا في الوقت الحاضر بمحادثات استكشافية من أجل التوصل إلى اتفاق محتمل للتبادل التجاري الحر مع الاتحاد الأوروبي في المجال الزراعي.

أخيرا، وعدت وزيرة الشؤون الاقتصادية دوريس ليوتهارد بأن الحكومة الفدرالية ستعلن عن موقفها، بخصوص الجدوى من افتتاح مفاوضات حول هذا الموضوع في الربيع المقبل على أكثر تقدير.

سويس انفو مع الوكالات

يعود مبدأ “كاسيس دو ديجون” لقرار صدر عن محكمة العدل الأوروبية يوم 20 فبراير 1979سمح بتسويق النبيذ الفرنسي، المعروف باسم “كاسيس دو ديجون” في ألمانيا.

وكان مستورد ألماني لذلك النبيذ الفرنسي قد منع من تسويق المنتوج في ألمانيا لأن نسبة الكحول التي يحتويها تفوق النسبة التي يسمح بها القانون الألماني.

طبقا لمبدأ “كاسيس دو ديجون”، يمكن لمنتج يُصنّع ويُباع بشكل شرعي في بلد عضو في الاتحاد الأوروبي، أن يُـروج ببكل حرية في بقية البلدان الأعضاء.

لا يمكن وقف هذه التجارة الحرة، إلا عند التأكد من خطورة منتوج ما على صحة المستهلكين.

ترغب الحكومة السويسرية في تطبيق نفس المبدأ بين الكنفدرالية والاتحاد الأوروبي على منتجات البناء والآلات والأجهزة الكهربائية والمواد الغذائية ومواد التجميل والدراجات… إلخ، باستثناء الأدوية.

في الوقت الحاضر، لا يطبق مبدا “كاسيس دو ديجون” على المبادلات التجارية بين سويسرا والاتحاد الأوروبي.

عند اقتناء نفس المنتج، يدفع المستهلك السويسري في المعدل 20% زيادة مقارنة بجيرانه من الاتحاد الأوروبي. ويعود هذا الفارق إلى المقاييس السويسرية الصارمة، التي تعطٍّـل سير الواردات وتُـضر بالتنافس، أكثر مما هو ناجم عن تكاليف الإنتاج.

تنص القوانين السويسرية حاليا، على منع الاستيراد الموازي للمواد المسجلة قبل نفاد العرض الداخلي. في المقابل، تسمح بالاستيراد الموازي لبقية المواد والمنتجات.

تواجه الواردات بعض العقبات، المتمثلة في قوانين ومقاييس، تتسم بتشدد أكبر في سويسرا، وخاصة فيما يتعلق بالتعليب. إضافة إلى ذلك، تُـسلّـط رسوم جمركية مرتفعة على المنتجات الزراعية المستوردة.

من المتوقع أن يؤدي اعتماد مبدإ “كاسيس دو ديجون” إلى استيراد بضائع ومنتجات من الاتحاد الأوروبي، دون الحاجة لملاءمتها مع المقاييس السويسرية.

متوافق مع معايير الصحافة الموثوقة

المزيد: SWI swissinfo.ch تحصل على الاعتماد من طرف "مبادرة الثقة في الصحافة"

يمكنك العثور على نظرة عامة على المناقشات الجارية مع صحفيينا هنا . ارجو أن تنضم الينا!

إذا كنت ترغب في بدء محادثة حول موضوع أثير في هذه المقالة أو تريد الإبلاغ عن أخطاء واقعية ، راسلنا عبر البريد الإلكتروني على arabic@swissinfo.ch.

SWI swissinfo.ch - إحدى الوحدات التابعة لهيئة الاذاعة والتلفزيون السويسرية

SWI swissinfo.ch - إحدى الوحدات التابعة لهيئة الاذاعة والتلفزيون السويسرية