
نظرة فاحصة-كم عدد القتلى الفلسطينيين في الحملة الإسرائيلية على غزة؟

من إيما فارج ونضال المغربي
(رويترز) – تقول السلطات الصحية الفلسطينية إن الحملة البرية والجوية التي شنتها إسرائيل على قطاع غزة أدت إلى مقتل أكثر من 60 ألف شخص، نحو ثلثهم أقل سن 18 عاما.
وبعد وقف إطلاق نار دام شهرين في وقت سابق من العام، استأنفت إسرائيل حملة جوية وبرية شاملة على حركة المقاومة الإسلامية الفلسطينية (حماس) يوم الثلاثاء الماضي، ويقول مسؤولون صحيون فلسطينيون إن أكثر من 8500 شخص قُتلوا منذ ذلك الحين.
وبدأت الحرب بعد هجوم شنته حماس في السابع من أكتوبر تشرين الأول من عام 2023 تقول إسرائيل إنه تسبب في مقتل أكثر من 1200 معظمهم من المدنيين واحتجاز 251 رهينة.
وأصدرت وزارة الصحة الفلسطينية يوم الثلاثاء قائمة جديدة حددت قتلى حرب غزة عند 60034، أعمارهم بين حديثي الولادة و110 سنوات. ومن بين هؤلاء 18592، أي 30.8 بالمئة، أعمارهم أقل من 18 سنة.
وتشير بيانات مركز المعلومات الإسرائيلي لحقوق الإنسان في الأراضي المحتلة (بتسيلم) إلى أن عدد القتلى الذي أعلنته وزارة الصحة الفلسطينية يتجاوز بكثير الذين سقطوا في جولات القتال السابقة بين الإسرائيليين والفلسطينيين في غزة منذ 2005.
وتتناول هذه النظرة الفاحصة طريقة إحصاء القتلى الفلسطينيين، ومدى مصداقية هذه الأعداد، وتفاصيل عن الخسائر البشرية في صفوف المدنيين والمسلحين وما يقوله كل جانب.
* كيف تحسب السلطات الصحية في غزة عدد القتلى؟
في الأشهر الأولى من الحرب، كان يجري حساب أعداد القتلى بالكامل من خلال إحصاء الجثث التي تصل إلى المستشفيات. وكانت البيانات تتضمن أسماء معظم من لاقوا حتفهم وأرقام بطاقات الهوية الخاصة بهم.
وفي ظل احتدام الصراع وقلة عدد المستشفيات والمشارح التي لا تزال تعمل، بدأت السلطات في اتباع أساليب أخرى.
وبداية من أوائل مايو أيار 2024، حدّثت وزارة الصحة بياناتها لإجمالي حصيلة الوفيات لتشمل الجثث مجهولة الهوية، والتي تمثل نحو ثلث العدد الإجمالي للقتلى. وتعمل السلطات الصحية منذ ذلك الحين على تحديد هوياتهم، ولم يُدرج أي منهم في عدد الوفيات.
وأظهر فحص أجرته رويترز لقائمة سابقة أصدرتها وزارة الصحة في غزة لعدد القتلى أن أكثر من 1200 أسرة قتل جميع أفرادها، إحداها تتكون من 14 فردا.
* هل حصر القتلى في غزة شامل؟
تقول وزارة الصحة الفلسطينية إن الأعداد لا تعكس بالضرورة جميع من لقوا حتفهم، لأن جثثا كثيرة مازالت الأنقاض تطمرها. وقدّرت الوزارة أن نحو 10 آلاف جثة لم تحص ضمن الأعداد الرسمية، ولم يُنتشل منها سوى بضع عشرات منذ وقف إطلاق النار.
وتشير دراسة خضعت لمراجعة النظراء ونُشرت في دورية ذا لانسيت في يناير كانون الثاني فمن المرجح أن تكون الإحصاءات الفلسطينية الرسمية للوفيات المباشرة في حرب غزة أقل من عدد الضحايا بنحو 40 بالمئة في الأشهر التسعة الأولى من الحرب وسط تدهور البنية التحتية لمرافق الرعاية الصحية في القطاع.
وتقول مفوضية الأمم المتحدة لحقوق الإنسان إن الأرقام التي تعلنها السلطات الفلسطينية ربما تكون أقل من الواقع. وذكرت أن أرقامها في الصراعات السابقة بين إسرائيل وحماس كانت تتجاوز أحيانا أرقام السلطات الفلسطينية.
وأكدت المفوضية لرويترز أن الوفيات التي تحققت منها حتى الآن تظهر أن 70 بالمئة من النساء والأطفال.
* ما مدى مصداقية عدد القتلى في غزة؟
قال خبراء الصحة العامة لرويترز إن غزة قبل الحرب كانت تتمتع بإحصاءات سكانية قوية ونظم معلومات صحية أفضل من تلك الموجودة في أغلب دول الشرق الأوسط.
وتعتمد الأمم المتحدة غالبا على أعداد حصيلة القتلى الصادرة عن وزارة الصحة وعبرت منظمة الصحة العالمية عن ثقتها الكاملة بهذه الأعداد.
* هل تتحكم حماس في الأرقام؟
رغم أن حماس تدير غزة منذ عام 2007، تقع وزارة الصحة في القطاع تحت إدارة وزارة الصحة التابعة للسلطة الفلسطينية في رام الله بالضفة الغربية.
وتدفع حكومة حماس في غزة رواتب كل الموظفين المُعينين في الدوائر الحكومية، ومن بينها وزارة الصحة، منذ عام 2007. ولا تزال السلطة الفلسطينية تدفع رواتب الموظفين المٌعينين قبل ذلك التاريخ.
* ماذا تقول إسرائيل؟
قال مسؤولون إسرائيليون في السابق إن هذه الأرقام مشكوك فيها بسبب سيطرة حماس على الحكومة في غزة. ولم ترد الحكومة بعد على طلب التعليق على حصيلة السلطات الصحية الفلسطينية التي تجاوزت 60 ألف قتيل.
ويقول الجيش الإسرائيلي إن 454 من جنوده لقوا حتفهم في قتال، وإن 2840 آخرين أصيبوا منذ بدء عمليته البرية في غزة في 27 أكتوبر تشرين الأول 2023.
كما يقول إنه بذل قصارى جهده لتجنب وقوع خسائر في صفوف المدنيين. ويقول إن حماس تستخدم المدنيين في غزة دروعا بشرية من خلال العمل داخل المناطق المكتظة بالسكان والمناطق الإنسانية والمدارس والمستشفيات، وهو ما تنفيه الحركة.
* كم عدد القتلى من المسلحين؟
لا تفرق وزارة الصحة بين المدنيين ومقاتلي حماس، الذين لا يرتدون زيا رسميا أو يحملون بطاقات هوية مختلفة، في إحصاء أرقام القتلى.
وقال الجيش الإسرائيلي في يناير كانون الثاني 2025 إنه قتل نحو 20 ألفا من مقاتلي حماس. ولم يقدم تحديثا منذ ذلك الحين. ويقول مسؤولون إسرائيليون إنه تم التوصل إلى مثل هذه التقديرات من خلال مزيج من إحصاء الجثث في ساحة المعركة، واعتراض اتصالات حماس، وتقييمات المخابرات للأفراد الذين كانوا موجودين داخل الأهداف التي تم تدميرها.
وتقول حماس إن التقديرات الإسرائيلية لخسائرها مبالغ فيها، لكنها لم تذكر عدد القتلى في صفوف مقاتليها.
(شارك في التغطية علي صوافطة وجيمس ماكنزي وأنجوس ماكدويل – إعداد دنيا هشام ونهى زكريا ومحمد محمدين ومروة غريب ومحمد حرفوش وعلي خفاجي للنشرة العربية – تحرير محمد علي فرج)