The Swiss voice in the world since 1935
أهم الأخبار
النشرة الإخبارية
أهم الأخبار
نقاشات
أهم الأخبار
النشرة الإخبارية

ما الدور الذي يلعبه المال في السياسة السويسرية؟

المال في السياسة السويسرية
أعضاء وعضوات الغرفة العليا في آخر يوم لدورة الخريف للبرلمان الفدرالي،26 سبتمبر 2025، برن. Keystone / Alessandro Della Valle

لأول مرة، تُظهر مقارنة البيانات توافق سويسرا مع المعدل الأوروبي، وذلك بعد تطبيق القواعد الجديدة للشفافية المتعلقة بتبرعات الأحزاب. ومع ذلك، تشير هيئة الرقابة إلى أن هذه القواعد لا توفر رؤية كاملة عن إيرادات الأحزاب في سويسرا.

منذ عام 2023، أدرجت سويسرا قواعد الشفافية. وقبل ذلك، كانت مصادر تمويل السياسة الوطنية مجهولة. والآن، كُشف عن جهات تمويل ثلثي التبرعات المخصصة لحملات الاقتراع، وكذلك نصف التبرعات الواصلة إلى الأحزاب.

فأين تقف سويسرا مقارنةً بالدول الأوروبية الأخرى؟ تتيح بيانات منصّة تتبع التمويل “تتبع المال”رابط خارجي(Follow the Money)، للصحافة الاستقصائية المستقلة، فرصة للمقارنة. ففي عام 2024، أجرت المنصة الهولندية تحقيقًا واسعًارابط خارجي، شمل دول الاتحاد الأوروبي كافة، بهدف تتبّع مصادر تمويل الأحزاب ومعرفة أصل التبرعات.

سويسرا: المعدلات بالمقارنة مع دول الاتحاد الأوروبي

مع اعتماد شفافية التمويل الحزبي، جاءت سويسرا في المركز الـ 13 في تمويل الاقتراعات والانتخابات، وفي المركز الـ 11 في تمويل الأحزاب الوطنية. وهذا بالمقارنة مع 23 دولة بالاتحاد الأوروبي. وتستند بيانات الاتحاد إلى التقارير السنوية للأحزاب وإلى السجلات الوطنيةرابط خارجي، علمًا أنّ قواعد الإفصاح عن التمويل تتفاوت بين الدول.

محتويات خارجية

“تحتل سويسرا مركزًا وسطًا”، على حد رأي توان بوليسن. إذ يجري هذا المختص في الشؤون السياسية بجامعة لوفن البلجيكية، أبحاثه حول تمويل حملات الاستفتاء في أوروبا، وتحديدًا في إيرلندا، وبريطانيا، وجمهورية مولدوفا. وتركز الدراسة على الاقتراعات الشعبية بصفة خاصة، حيث تكون مكاسب الأحزاب المباشرة هنا أقل مما قد تحققه في الانتخابات.

يقول بوليسن: “تكشف النفقات الباهظة في حملات الاقتراع عن الأولويات”. وذلك لأن “الوعود الانتخابية لا تُكلف شيئًا. أما الصراعات قبيل الاقتراع، فتكون عالية التكاليف”.

اقرأ.ي المزيد عن الاقتراعات الشعبية في سويسرا:

المزيد
الديمقراطية السويسرية

المزيد

الديمقراطية السويسرية

من الفكرة إلى الاقتراع: كيف يضع الشعب السويسري قوانينه؟

تم نشر هذا المحتوى على ترغب الكثير من الشعوب في رؤية بلدانها تنظم اقتراعات شعبية مثل تلك الموجودة في سويسرا. ولكن ما هي آليات الديمقراطية المباشرة في هذا البلد؟

طالع المزيدمن الفكرة إلى الاقتراع: كيف يضع الشعب السويسري قوانينه؟

ويتنقد بوليسن ارتفاع الحد الأدنى الواجب الكشف عنه، لأنه يُضعِف قواعد الشفافية السويسرية. وذلك لبقاء جهات التبرع بالمبالغ التي تقل عن 15 ألف فرنك غير معلومة. كما لا تدخل الحملات التي لا تتعدى ميزانيتها 50 ألف فرنك، ضمن واجب الإفصاح. لذلك، تظل الكثير من الأموال، على حدّ قوله، مجهولة المصدر، وموازين القوى الحقيقية غير معروفة.

فوفقًا لـدراسة للاتحاد الأوروبيرابط خارجي، يبلغ الحد الأدنى للتبرعات واجبة الإفصاح في المعدل الأوروبي 2،400 يورو (2،242 فرنك)، أي أقل من سويسرا بحوالي ست مرات. كذلك، وجهت مجموعة الدول لمكافحة الفساد (GRECO) التابعة لمجلس أوروبا، في أحدث تقاريرهارابط خارجي، طلبًا لسويسرا بتخفيض إلى الحدّ الأدنى المعمول به حاليًّا.

وفي المقابل، تعد جمهورية التشيك مثالًا إيجابيًّا للشفافية في تمويل الحملات الانتخابية. إذ يتوجب على هذه الحملات تسديد كل النفقات من حساب بنكي خاص؛ بحيث تكون هذه الحسابات متاحة للعامةرابط خارجي.

وللشفافية هدف آخر، يقول بوليسن: “فمن شأنها تعزيز الثقة في النظام السياسي”. وهذا الرأي شائع في سويسرا أيضًا، وفقًا لـ دراسة حديثة أجرتها مؤسسة البحوث الاجتماعية ببرن (GFS) بتكليف من هيئة الإذاعة والتليفزيون السويسرية (SSR SRG)رابط خارجي. فلدى 80% من الشعب السويسري انطباع، بأنّ تأثير جماعات الضغط على السياسة أكبر من اللازم، وبإتاحة المال نفوذًا سياسيًّا بالغًا.

ما هي أكبر الجهات الداعمة في السياسة السويسرية؟

على مستوى الجهات المانحة، تسمح القوانين السويسرية لأي طرف بالتبرع بأي قدر من المال . فلا يجرّم القانون سوى شيئين: التبرعات مجهولة المصدر، والقادمة من الخارج. وهذا يتطابق مع المتعارف عليه في الاتحاد الأوروبي. فالتبرعات مجهولة المصدر ممنوعة في ثلاثة أرباع دول الاتحاد. كما يسري ذلك على التبرعات من الخارج.

يُسمح فقط في بلجيكا، والدانمارك، والسويد، وهولندا، وألمانيا بتبرعات من الخارج (بحد أقصى ألف يورو، أي 933،98 فرنك).

محتويات خارجية

جدير بالذكر مجيء 10% فقط من جميع تبرعات الأحزاب المُفصح عنها، و2% فقط من إجمالي تبرعات حملات الاقتراع والانتخاب في سويسرا عام 2024، من أفراد. أما الباقي، فأتى من شركات، واتحادات مهنية، ونقابات، ومنظمات غير حكومية. إذ تُعوِّل السياسة السويسرية على تبرعات المنظمات ذات المصالح الاقتصادية، أو على الأقل الفكرية. أما التبرع المقدَّم من شركة الاتصالات السويسرية (Swisscom)، المملوكة للدولة في معظمها، فقد أدى إلى رفع شكوىرابط خارجي.

كما تبرع اتحاد شركات البنى التحتية السويسري (Infra Suisse) العام الماضي، بحوالي 140 ألف فرنك لصالح حملة تسعى إلى إنشاء المزيد من الطرق السريعة. بينما قامت شركة الإمداد الكهربائي العامة (Axpo)، شركة مساهمة تمتلكها الكانتونات السويسرية، بدعم حملة لأجل المزيد من الطاقة المتجددة بمبلغ ربع مليون.

وفي خضم حملات الاقتراع المُطلَقة عام 2024، كُشِف عن تبرعات قدرها 31 مليون فرنك. وقد جاء نصفها من اتحادات اقتصادية. كذلك ساهمت منظمات غير حكومية بيئية، ومُلَّاك عقارات ومالكاتها، واتحادات طبية، ونقابات بمبالغ مليونية.

هذا، بينما تأتي التبرعات السياسية في الاتحاد الأوروبي بالأساس من أفراد. أما في سويسرا، فيجيء أكبر دعم مالي للسياسة، من منظمات. وهو اختلاف واضح، حتى وإن تباين المفهوم والتصنيف من بلد إلى آخر.

محتويات خارجية

يرى فيرناندو كازال بِرتوا، الباحث السياسي بجامعة نوتينغهام البريطانية، سيطرةَ المنظمات في التبرعات السويسرية دليلًا على ضعف القواعد السويسرية. إذ لا تعرف هذه القواعد حدًا أقصى للتبرع. وأكثر ما يثير الجدل هو التبرعات، خاصّة من بعض الشركات، لمؤسسات قانونية. ويوضح الخبير السياسي قائلًا: “فمن المعروف أنّ الشركات لا تراعي المصالح العامة”. بل، بحسب قول كازال بِرتوا، هناك تضارب مصالح لدى الشركات المكلَّفة بمهام حكومية.

وحتى تُعزِّز الشفافية الثقة في السياسة، يجب كبح نفوذ الدعم المادي، والحيلولة دون “سباق التسلح بالمال”، وفق اعتقاد كازال بِرتوا: “فمن يسمح بنفقات غير محدودة، يفتح الباب أمام إيرادات لا نهائية كذلك. ويبقى السؤال هنا، من أين تأتي هذه؟”.

ونقلًا عن بِرتوا، ينصح مجلس أوروبا، إزاء وضع سويسرا الحالي، بحظر التبرعات من الشركات كليةً. فبحسب دراسة أجراها الاتحاد الأوروبي عام 2021رابط خارجي، تسمح خمس دول فقط بالاتحاد، بتلقي دعم من شركات تسيطر عليها الدولة. وهو ما يجعل تبرعات الشركة السويسرية للإمداد الكهربائي (Axpo) غير قانونية لكثير من الاعتبارات. بل تحظر نصف دول الاتحاد الأوروبي التبرعات من الشركات ذات التكليفات الحكومية الكبرى، على سبيل المثال شركات السيارات.

كذلك تمنع 13 دولة من دول الاتحاد الأوروبي التبرعات من الشخصيات الاعتبارية.

محتويات خارجية

الأحزاب السويسرية بحاجة إلى تبرعات

بدوره، يرى فاوتر فولفز إثارة غياب القيود على التبرعات في سويسرا، الجدل لسبب آخر.

إذ يجري هذا الخبير في العلوم السياسية أبحاثه حول التمويل الحزبي بجامعة لوفن. وعلى حدّ قوله، “إنّ ما يُعوَّل عليه في نهاية المطاف هو الحجج، وليست ميزانية الدعاية”. فلا يجب وصول انطباع إلى الجمهور بقابليّة النفوذ السياسي للشراء. إذ قد يصبح مثل هذا الانطباع إشكاليًّا، لاسيما مع عدم وجود تمويل حكومي للأحزاب في سويسرا.

تعتبر الأحزاب السويسرية إذن جمعيات عادية، غير مدعومة من الدولة. إذ لا تحصل سوى الكتل البرلمانية على أموال لأجل مقراتها. وفي عام 2024، بلغ إجمالي هذه المبالغ 7،4 ملايين فرنك. فإذا ما أضفنا تمويل الكتل البرلمانية إلى الموارد المعلنة للأحزاب، يصبح التمويل الحكومي حوالي 25%. وهذا أقل بكثير من معدل دول الاتحاد الأوروبي.

محتويات خارجية

وبحسب فولفز، من هنا يجب الانطلاق. فتحقّق الشفافية الثقة فقط، حين محاربة الجميع بأسلحة متكافئة. وهنا تكمن أهمية التمويل الرسمي جيد التوزيع. “فلا يجب أن تصبح الأحزاب دُمًى تحركها الدولة، ولا كرة تتقاذفها جهات الدعم الثرية”. بل تحتاج إلى توازن بين التمويل الحزبي الحكومي، والدعم الخاص.

وتوضح البيانات انخفاض التمويل الحزبي الحكومي في سويسرا مقارنةً بالدول الأوروبية، باستثناء مالطا. وفي المتوسط، تأتي أكثر من نصف ميزانيات الأحزاب في الاتحاد الأوروبي، من الموارد العامة. أما في إيرلندا، فتموَّل الأحزاب بالكامل تقريبًا من أموال الضرائب.

مصلحة الرقابة لا تصدق البيانات

في نهاية شهر أغسطس 2025، نشرت مصلحة الرقابة المالية السويسرية للمرة الثانية إيرادات الأحزاب الوطنية. حيث بلغت 22،4 مليون فرنك عام 2024. إلا أنّ المصلحة أعلنت، أن هذه البيانات لا تعطي “صورة عامة عن التمويل السياسي”. إذن، فقد جاءت نتيجة قواعد الشفافية السويسرية مخيبةً للآمال، نظرًا لما توصلت إليه مصلحة الرقابة، من عدم إتاحة النتيجة لنظرة شاملة.

بمشاركة: جينيفر شتاينر، ولوكا أوبرتوفر

تحرير: بنيامين فون فيل

ترجمة: هالة فرَّاج

مراجعة: مي المهدي

التدقيق اللغوي: لمياء الواد

المزيد

نقاش
يدير/ تدير الحوار: بنيامين فون فيل

هل تثقون بقدرة بلادكم على الصمود في وجه أعداء الديمقراطية؟

الديمقراطيات تواجه تحديات من الداخل والخارج. كيف تقيّمون مؤسسات بلدكم؟

18 إعجاب
67 تعليق
عرض المناقشة

قراءة معمّقة

الأكثر مناقشة

متوافق مع معايير الصحافة الموثوقة

المزيد: SWI swissinfo.ch تحصل على الاعتماد من طرف "مبادرة الثقة في الصحافة"

يمكنك العثور على نظرة عامة على المناقشات الجارية مع صحفيينا هنا . ارجو أن تنضم الينا!

إذا كنت ترغب في بدء محادثة حول موضوع أثير في هذه المقالة أو تريد الإبلاغ عن أخطاء واقعية ، راسلنا عبر البريد الإلكتروني على arabic@swissinfo.ch.

SWI swissinfo.ch - إحدى الوحدات التابعة لهيئة الاذاعة والتلفزيون السويسرية

SWI swissinfo.ch - إحدى الوحدات التابعة لهيئة الاذاعة والتلفزيون السويسرية