
وزير: ألمانيا سترد على أي إجراء أحادي إسرائيلي يتعلق بالأراضي الفلسطينية

من سارة مارش
برلين (رويترز) – قال وزير الخارجية الألماني يوهان فاديفول يوم الخميس إن الاعتراف بدولة فلسطينية سيكون أكثر جدوى في نهاية مفاوضات بشأن حل الدولتين لكن برلين سترد على أي إجراءات أحادية، مشيرا إلى صدور “تهديدات” من وزراء إسرائيليين “بضم” أراض فلسطينية.
جاء هذا التصريح قبل توجه فاديفول إلى إسرائيل والأراضي الفلسطينية في زيارة وصفتها برلين بأنها مهمة لتقصي الحقائق وسط تصاعد القلق بسبب تفشي الجوع في غزة.
وهذا هو أقوى تحذير من ألمانيا لإسرائيل حتى الآن، ويأتي في وقت تكثف فيه دول غربية جهودها للضغط عليها. وخلال الأسابيع الماضية أبدت بريطانيا وكندا وفرنسا استعدادها للاعتراف بدولة فلسطينية على الأراضي التي تحتلها إسرائيل خلال اجتماعات الجمعية العامة للأمم المتحدة المقررة في سبتمبر أيلول المقبل.
غير أن منتقدين قالوا إن رد ألمانيا لا يزال حذرا للغاية ويتأثر بشعور راسخ بالذنب التاريخي بسبب المحرقة النازية (الهولوكوست)، يعززه ميل مؤيد لإسرائيل في الأوساط الإعلامية النافذة، مما يضعف قدرة الغرب الجماعية على ممارسة ضغط فعال على إسرائيل.
وأكد فاديفول موقف ألمانيا بأن حل الدولتين، بحيث تكون هناك دولة فلسطينية تتعايش بسلام إلى جانب إسرائيل، هو السبيل الوحيد لإنهاء الحرب في غزة. وأشار إلى أن هذا الحل ينبغي أن يتم التوصل إليه عبر المفاوضات.
وقال فاديفول “في ضوء تهديدات الضم العلنية الصادرة عن بعض أطراف الحكومة الإسرائيلية، يتزايد عدد الدول، وكثير منها أوروبية، التي صارت مستعدة للاعتراف بدولة فلسطينية حتى دون أي مفاوضات مسبقة. ولذلك تقف المنطقة وعملية السلام في الشرق الأوسط عند مفترق طرق”.
وأضاف “يجب أن تبدأ هذه العملية الآن. وفي حال اتخاذ أي خطوات أحادية الجانب، ستضطر ألمانيا أيضا إلى الرد”.
يضم ائتلاف رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو حزبين من اليمين المتطرف يدعوان إلى غزو شامل لغزة وإعادة بناء مستوطنات يهودية فيها. وعبر أيضا وزيران في الحكومة يوم الخميس عن دعمهما لضم الضفة الغربية التي تحتلها إسرائيل.
وتجاوز عدد قتلى الحرب في غزة هذا الأسبوع 60 ألفا. والحرب مستمرة منذ ما يقرب من عامين بين إسرائيل وحركة المقاومة الإسلامية الفلسطينية (حماس).
وقالت السلطات الصحية في القطاع إن عددا متزايدا من المدنيين يلقون حتفهم بسبب الجوع وسوء التغذية، وذلك بعد أن صدمت صور الأطفال الجائعين العالم وزادت من حدة الانتقادات الموجهة لإسرائيل بسبب قيودها على المساعدات.
ولطالما ظلت ألمانيا أحد أقوى حلفاء إسرائيل وأكبر موردي الأسلحة لها.
ويقول مسؤولون ألمان إن نهجهم تجاه إسرائيل تحكمه “مصلحة وطنية” مستمدة من إرث المحرقة النازية، ويؤكدون أنهم يستطيعون تحقيق إنجاز من خلال القنوات الدبلوماسية السرية بدرجة أكبر من تأثير التصريحات العلنية.
* وسائل إعلام ألمانية مؤيدة لإسرائيل
لدى أكسل شبرينجر، أكبر مجموعة إعلامية في ألمانيا، التزام واضح ضمن مبادئها المؤسسية الأساسية بدعم إسرائيل. وتمتلك المجموعة الصحيفة اليومية الأكثر مبيعا بيلد ومطبوعات أخرى مثل فيلت وبوليتيكو.
يُلزم هذا البند أكسل شبرينجر وموظفيها بموقف تحريري مؤيد لإسرائيل.
وعلى سبيل المثال، نشرت بيلد يوم الخميس مقالا يندد بالحملة ضد إسرائيل بسبب “الجوع” وإجراءات دول غربية لزيادة الضغوط عليها. وقالت الصحيفة إن تلك الحملة والإجراءات أطالت أمد الحرب في غزة لأنها شجعت حماس على الانسحاب من محادثات وقف إطلاق النار. وأشادت الصحيفة بألمانيا لعدم قيامها بذلك.
وندد مقال آخر في بيلد يوم الخميس بما سمته الصحفية “حملة هدفها تدمير إسرائيل معنويا”.
والمستشار الألماني فريدريش ميرتس مؤيد لإسرائيل منذ فترة طويلة، وقال في فبراير شباط إنه سيجد طريقة تسمح لنتنياهو بزيارة ألمانيا دون أن يتم إلقاء القبض عليه بموجب مذكرة التوقيف الصادرة عن المحكمة الجنائية الدولية.
لكن هذه النبرة تغيرت في برلين خلال الأسابيع الماضية بالتزامن مع تحول في الرأي العام. وأظهر استطلاع للرأي نُشر في الرابع من يونيو حزيران أن 63 بالمئة من الألمان يرون أن الحملة العسكرية الإسرائيلية على غزة تجاوزت الحد.
وقال ميرتس يوم الاثنين إن إجراءات مثل تعليق الاتفاق الذي يحكم علاقات الاتحاد الأوروبي مع إسرائيل مطروحة الآن بهدف زيادة الضغوط عليها بسبب الوضع “الكارثي” في غزة.
وأوصت المفوضية الأوروبية، وهي الذراع التنفيذية للاتحاد الأوروبي، يوم الاثنين بتقييد وصول إسرائيل إلى برنامجها الرائد لتمويل الأبحاث، لكن هذا الاقتراح لم يحظ حتى الآن بدعم كاف للموافقة عليه ولم تحسم ألمانيا على وجه الخصوص موقفها منه.
(إعداد محمد علي فرج للنشرة العربية – تحرير محمود سلامة)