
القوات الحكومية على مشارف السويداء بعد معارك أوقعت نحو مئة قتيل

تقدّمت القوات الحكومية السورية نحو مدينة السويداء ذات الغالبية الدرزية مساء الإثنين إثر معارك أوقعت نحو مئة قتيل، في حين أرسلت إسرائيل “تحذيرا واضحا للنظام السوري” من استهداف الدروز عبر قصفها دبّابات تابعة له.
وليل الإثنين، أعلنت حركة رجال الكرامة، أحد أبرز الفصائل المسلحة الدرزية، لوكالة فرانس برس، أنّ مفاوضات تجري بين السلطات السورية وممثّلين عن الدروز في مسعى للتوصل إلى وقف لإطلاق النار.
وهذه الاشتباكات التي بدأت الأحد تعيد إلى الواجهة التحديات الأمنية التي تواجهها السلطات الانتقالية بقيادة الرئيس أحمد الشرع، منذ وصولها إلى الحكم بعد إطاحة بشار الأسد في كانون الأول/ديسمبر. وسبق أن وقعت أحداث دامية في الساحل السوري حيث تتركز الأقلية العلوية في آذار/مارس، واشتباكات قرب دمشق بين مقاتلين دروز وقوات الأمن في نيسان/أبريل.
وتواصلت الإثنين الاشتباكات في الريف الغربي للمحافظة ذات الغالبية الدرزية، بحسب المرصد السوري لحقوق الإنسان الذي أكد أنها تدور “بين مجموعات عشائر البدو وعناصر وزارتي الدفاع والداخلية من جهة، ومسلحين دروز من أبناء السويداء من جهة أخرى”.
وسيطرت القوات الحكومية معززة بدبابات وآليات ومئات المقاتلين، على قرية المزرعة ذات الغالبية الدرزية الواقعة عند مشارف السويداء وتواصل تقدمها نحو المدينة، وفق ما أفاد مراسل لوكالة فرانس برس الإثنين.
وقال القائد الميداني عز الدين الشمير لفرانس برس إنّ “القوات تتجه نحو مدينة السويداء”.
وفي وقت لاحق، قال المتحدث باسم وزارة الداخلية نور الدين البابا للتلفزيون الرسمي إن “قوات الجيش والأمن الداخلي اقتربت من مركز محافظة السويداء”.
من جهته، اتّهم باسم فخر المتحدث باسم حركة رجال الكرامة “فصائل لا تحمل عقيدة وطنية إلى جانب بعض من عشائر البدو التي تساندها بتنفيذ “عمليات قتل ونهب وحرق” في بعض القرى الدرزية.
وأضاف أنّ المهاجمين “سيطروا على خمس بلدات على مشارف السويداء”.
في الأثناء، أعلن الجيش الاسرائيلي أنه هاجم “دبابات عدة في منطقة قرية سميع، منطقة السويداء، في جنوب سوريا”، من دون أن يقدم تفاصيل إضافية.
وسبق للدولة العبرية أن أكدت أنها ستتدخل لحماية الأقلية الدرزية في حال تعرضها للتهديد، وحذّرت السلطات الانتقالية السورية من نشر قواتها في مناطق بجنوب البلاد محاذية لهضبة الجولان التي تحتلها إسرائيل.
وأكد وزير الدفاع الإسرائيلي يسرائيل كاتس الإثنين أن الضربات التي نفذها الجيش في جنوب سوريا “تحذير واضح للنظام السوري” لعدم استهداف الدروز.
وفي حين دعت قيادات روحية درزية إلى الهدوء وحضّت سلطات دمشق على التدخل، أعربت الرئاسة الروحية للمسلمين الموحدين الدروز والتي تتبع لحكمت الهجري، أحد مشايخ العقل الثلاثة في السويداء، عن “رفض دخول” قوات الأمن العام إلى المحافظة، مطالبة بـ”الحماية الدولية”.
– “حالة رعب” –
وفرغت شوارع مدينة السويداء الاثنين من المارّة، فيما شارك عدد قليل من السكّان بتشييع مقاتلين بينما كانت أصوات القذائف والرصاص الناجمة عن اشتباكات في محيطها لا تزال تسمع، بحسب ما أفاد مصوّر فرانس برس.
وقال أبو تيم (51 عاما) وهو من سكان السويداء، لفرانس برس، “عشنا حالة رعب كبيرة، والقذائف كانت تسقط بشكل عشوائي، حركة الشوارع مشلولة ومعظم المحال مغلقة”.
وتحدثت يمامة (46 سنة) عبر الهاتف لوكالة فرانس برس بعدما نزحت مع عائلتها بالكامل إلى منزل أحد أقاربها في الجنوب “نحن لسنا ضد الدولة ولكن ضد ان نسلم سلاحنا بدون ان يكون هنالك دولة تعامل الجميع بنفس الطريقة ونخاف من تكرار سيناريو الساحل” متمنية أن يكون هناك “حل سلمي ينتهي فيه شلال الدم والقتال”.
ودعا وزير الدفاع مرهف أبو قصرة في منشور له على منصة اكس، الجيش السوري إلى حماية المواطنين والحفاظ على الممتلكات العامة والخاصة مؤكدا أن “كل تقصير يسجل وكل تهاون يحاسب”.
وأحصى المرصد منذ الأحد مقتل 99 شخصا، بينهم 60 درزيا معظمهم من المقاتلين، إضافة إلى امرأتين وطفلين، و18 شخصا من البدو، و14 عنصرا من قوات الأمن، و7 مسلحين مجهولي الهوية.
من جانبه، أكد المتحدث باسم وزارة الدفاع العقيد حسن عبد الغني مقتل 18 شخصا من جنود الجيش السوري خلال تعرض نقاط عسكرية “لهجمات غادرة من مجموعة مسلحة خارجة عن القانون”.
وكتب وزير الداخلية أنس خطاب على موقع “إكس” الأحد أن “غياب مؤسسات الدولة، وخصوصا العسكرية والأمنية منها، سبب رئيسي لما يحدث في السويداء وريفها من توترات مستمرة”، معتبرا أن “لا حل لذلك إلا بفرض الأمن وتفعيل دور المؤسسات بما يضمن السلم الأهلي وعودة الحياة إلى طبيعتها بكل تفاصيلها”.
وفي مقابلة مع قناة الإخبارية، قال المتحدّث باسم وزارة الداخلية نور الدين البابا إنه “لا بد من نزع سلاح كامل المجموعات المسلحة المنفلتة الخارجة عن القانون”.
– “انقطاع الطريق الدولي” –
وشاهد مراسل فرانس برس سيارات محملة بالمقاتلين وارتالا عسكرية كبيرة تابعة لوزارة الداخلية وسيارات مدنية ودراجات نارية تحمل مسلحين متوجهين نحو خطوط التماس عند أطراف مدينة السويداء، بالإضافة إلى سيارات اسعاف تنقل مصابين من مناطق الاشتباك وتتجه نحو مستشفيات دمشق.
وأكد المراسل انقطاع الطريق الدولي الذي يربط السويداء بدمشق.
ومنذ أيار/مايو، يتولّى مسلحون دروز إدارة الأمن في السويداء، بموجب اتفاق بين الفصائل المحلية والسلطات. لكن ينتشر في ريف المحافظة أيضا مسلحون من عشائر البدو السنة.
وبعد توليها الحكم، حضّ المجتمع الدولي والموفدون الغربيون الذين زاروا دمشق السلطة ذات التوجه الإسلامي على حماية الأقليات وضمان مشاركتهم في إدارة المرحلة الانتقالية، وسط هواجس من إقصائهم لا سيما بعد وقوع أعمال عنف على خلفية طائفية، عدا عن انتهاكات في مناطق عدة.
وفي حزيران/يونيو، أسفر هجوم انتحاري على كنيسة في دمشق عن مقتل 25 شخصا. واتهمت الحكومة تنظيم الدولة الإسلامية بتنفيذه، ما فاقم مخاوف الأقليات.
وتُقدّر أعداد الدروز في المنطقة بأكثر من مليون، تتركّز غالبيتهم في مناطق جبلية في لبنان وسوريا والأراضي الفلسطينية والأردن.
ويقدّر تعداد الدروز في سوريا بنحو 700 ألف يعيش معظمهم في جنوب البلاد حيث تعد محافظة السويداء معقلهم، كما يتواجدون في مدينتي جرمانا وصحنايا قرب دمشق، ولهم حضور محدود في إدلب، في شمال غرب البلاد.
بور-لو/مون-بم/ح س