مُستجدّات ورُؤى سويسريّة بعشر لغات

“السؤال لا يتعلق باحتمال الضربة الأمريكية على سوريا بل بتوقيتها”

اهتمت الصحف السويسرية برد الفعل الأمريكي المُحتمل على الهجوم الذي استخدمت فيه قوات تابعة لنظام الرئيس السوري بشار الأسد أسلحة كيميائية يوم السبت 7 أبريل الجاري على مدينة دوما في الغوطة الشرقية، وأوضحت أنه أيا كانت طبيعة الرد فإنه لن ُينهي الأزمة في ظل غياب استراتيجية شاملة لمعالجة الملف السوري.

الصفحات الأولى لعدد من أبرز الصحف السويسرية
اهتمت الصحف السويسرية في الأيام الأخيرة بمتابعة النقاشات الدائرة حول الضربة العسكرية التي قد تُوجّهها الولايات المتحدة أو مجموعة من الدول الغربية إلى نظام بشار الأسد في أعقاب الهجوم الذي استخدمت فيه القوات التابعة له يوم السبت 7 أبريل 2018 غازات سامة ضد المدنيين في الغوطة الشرقية. swissinfo.ch

“السؤال يقتصر على التوقيت”

“يتوقع المراقبون أن يكون رد الفعل الأمريكي على الهجوم الكيماوي قويا، السؤال ليس حول احتمال شن الرئيس الأمريكي هجوما من عدمه، بل حول توقيته. حاملة الطائرات الأمريكية هاري ترومان انطلقت بالفعل باتجاه البحر المتوسط. وفي الوقت نفسه يقوم استراتيجيون أمريكيون بإعداد قائمة بالأهداف المحتملة في سوريا. ومن المتوقع أن تقدم إسرائيل الدعم اللازم.  

في هذه الأثناء تتواصل الإستعدادات على الجانب الآخر، بعد إعلان ترامب عن رد انتقامي في سوريا، ما أعطى الطرف الآخر في الصراع فرصة للتحضير للضربة العسكرية. بدورها قامت روسيا بسحب جميع السفن الحربية من ميناء طرطوس على البحر المتوسط. أما الجيش السوري فنقل كل سلاحه الجوي إلى قاعدة عسكرية روسية، انطلاقا من أن ترامب لن يجرؤ على مهاجمة المنشآت الروسية في سوريا”.

بيير هويمان، صحيفة بازلر تسايتونغرابط خارجي، 12 أبريل 2018

 “الرسائل المتضاربة لواشنطن في سوريا”

“بعد مرور عام على الهجوم الكيماوي في خان شيخون والذي أودى بحياة 90 شخصا، يبدو أن النظام السوري استخدم الأسلحة الكيماوية مرة أخرى ضد شعبه، فعلى بعد 20 كيلومترا فقط من قصر الرئيس السوري بشار الأسد، لقي العشرات حتفهم جراء غاز الكلور أو مزيج سام من الكلور في مدينة دوما الخاضعة لسيطرة الفصائل المسلحة. لجنة التحقيق الدولية لم تتمكن من تحديد الجناة، لأن روسيا أصرت على إنهاء مهمة اللجنة. القيادة الروسية، التي كانت تغطي جرائم نظام الأسد منذ بداية الحرب الأهلية وتقدم الدعم العسكري متواطئة مرة أخرى في القتل الجماعي في سوريا.

قبل عام أمر الرئيس الأمريكي دونالد ترامب بشن ضربة جوية على قاعدة عسكرية سورية ردا على مذبحة خان شيخون. ورغم الإنتقادات، فقد استطاعت هذه الضربة وقف هجمات غاز السارين وإنقاذ أرواح بشرية، لكن هذه الضربة العسكرية اليتيمة، لا تجدي نفعا في ظل غياب استراتيجية مدروسة والتخبط المتواصل. ترامب أعلن الأسبوع الماضي سحب القوات الأمريكية من الشمال الشرقي. ليس هذا فقط بل طالب الجهات المعنية بالصراع بدفع فاتورة الإستمرار في هذا الحرب وكأن ما يجري في سوريا لا يعنيه. هذا التخبط يعني إطلاق يد النظام السوري وحلفائه الروس والإيرانيين في سوريا وتكرار مأساة الغوطة الشرقية المليئة مستشفياتها بضحايا الهجوم الكيماوي”.

أندرياس روش، صحيفة نويه تسورخر تسايتونغرابط خارجي، 9 أبريل 2018

“أفعال وليس تغريدات”

“زاد عدد الأصوات في واشنطن المطالبة بالقيام برد فعل على ما يجري في سوريا. السيناتور الجمهوري ليندسي غراهام أوضح أن الأسد أصبح مجرما في أعين المجتمع الدولي وهدفا مشروعا ويتعيّن على الولايات المتحدة تدمير سلاح الجو السوري وإنشاء مناطق آمنة للسكان المدنيين داخل سوريا، مشيرا إلى أن “العالم يراقب الرئيس” وأن ترامب لديه الآن فرصة للتصرف بشكل مختلف عن سلفه باراك أوباما وبعث رسالة بأن الشرطي الأمريكي عاد من جديد.

لكن المشكلة أن أمريكا لم تعد ولن تعود، حسب وجهة نظر ترامب، الذي أعلن الخروج من سوريا قريبا جدا. ترامب سعى إلى سحب كل القوات الأمريكية من سوريا والبالغ عددها حوالي 2000 عسكري ولولا تدخل مستشاريه لكان القرار اتخذ بالفعل. رغم ذلك فإن الإشارة كانت واضحة بما فيه الكفاية. أي إجراء عسكري آخر منعزل ليس كافياً. ما نحتاجه هو استراتيجية شاملة لسورية وخطة لما تريد الولايات المتحدة تحقيقه سياسياً ودبلوماسياً في سوريا. الإشارات المتضاربة تثير حيرة أكثر ومع ترامب أصبح الإرتباك أكبر، لا أحد يعرف أولويات الأجندة الأمريكية في منطقة الشرق الأوسط ويبدو أن المصالح الأمريكية أصبحت تتمثل في نقل السفارة الأمريكية إلى القدس وتعزيز العلاقات التجارية مع المملكة العربية السعودية، كما صرح روبرت ريتشر، الذي كان يرأس مركز العمليات السرية لوكالة الإستخبارات المركزية”.

باول أنتون كروغر، صحيفة لاند بوتهرابط خارجي، 10 أبريل 2018

“مفارقة هائلة..”

“إن استخدام أسلحة كيميائية يضرب الإنسانية في صميم جوهرها. نقطة إلى السطر. حتى، بل ربما خصوصا، إذا ما حصل ذلك في الغوطة الشرقية، في قلب هذا النزاع السوري الذي يُؤرّق ضمير الكرة الأرضية منذ سبعة أعوام بالفعل، والذي يُوشك في أي لحظة على الإنحدار بها إلى هوة بلا قرار. لكن هنا تحديدا تكمُن مفارقة هائلة. فقبل وقت ليس ببعيد، وفي هذه المنطقة، كانت نفس هذه الإنسانية تشعر بأنها تُواجه تهديدا من نفس النوع متمثلا في تلك المذابح المرتكبة من طرف “الدولة الإسلامية” المزعومة، وفي تلك الترتيبات الإخراجية البغيضة، وفي تلك الهوجة الدموية، التي تجد امتدادات لها في الهجمات الإرهابية التي تواصل الضرب في كل مكان تقريبا، والتي لا يحتاج أحد لوصفها بـ “خط أحمر” بقدر ما أنها تتجاوز حدود المعقول..

.. مكافحة الهمجية الكيميائية؟ ولكن بأي ثمن، وبأي عواقب؟ ففي الوقت الذي أثبت فيه من خلال العديد من مواقفه المتقلبة أن سوريا لا تعني له الكثير، يبدو أن الرئيس دونالد ترامب يسترشد بدافع حقيقي وحيد يتلخص في التحرك عكس سلفه باراك أوباما، الذي استسلم بوجه الكارثة. أما المحرك الرئيسي لإيمانويل ماكرون، حليفه الرئيسي المُحتمل، فيبدو أنه لا يزيد عن السعي لعدم (المبالغة) في التنكر لوعوده، فيما يواصل الإستعداد لزيارته المستقبلية لروسيا. ومن شأن كل هذا أن يُثير بلا ريب ردا ما، لكنه سيكون من الصعب ترجمته إلى استراتيجية متناسقة بوجه تحدّ من هذا القبيل”.

لويس ليما، افتتاحية صحيفة “لوتون”رابط خارجي، 11 أبريل 2018

“رغم الدعم.. هناك توترات قوية بين بشار وبوتين”

في حوار أجري معه، اعتبر الخبير العسكري بيار سيرفان أنه “يُمكن للولايات المتحدة وللبلدان الغربية قصف سوريا”، وذلك بالرغم من التعقيد الشديد الذي يتسم به الوضع في سوريا بالنسبة لهذه الدول. وأشار إلى أن الغربيين “يجدون أنفسهم اليوم في نفس الوضع الذي كانوا عليه في عام 2013 عند حدوث أول هجوم بالسلاح الكيميائي في سوريا بنفس المنطقة، أي في ضواحي دمشق”، لكنه استدرك قائلا: “مع الفارق المتمثل في أن الروس لم يكونوا متواجدين حينها ولا داعش أيضا”.

الخبير بيار سيرفان، وهو كاتب وصحافي أيضا شدد أيضا على أن “الغازات السامة سلاح دمار شامل تم نبذه من طرف الأمم، كما أن تأثيره مُرعب، فإذا تم السماح بذلك للنظام دون أي رد فعل، فإننا نتجه بسرعة إلى أن يُصبح الأمر مألوفا”، ولدى اعتراض الصحافي بيار أندري سيبر بأن الردّ المرتقب لم يحصل (حتى لحظة إعداد هذا التقرير)، أكد بيار سيرفان أنه “لا يُمكن تمرير هذا. إنها مسألة ذات أبعاد كونية. هذا ما يعتقده أعضاءُ دائمون في مجلس الأمن الدولي. ونظرا لأنهم مُعطّلون من طرف الروس لدى التصويت على قرار (بهذا الشأن)، يجب عليهم أخذ الأمر على عاتقهم وتسجيل الموقف”.

الخبير العسكري أعرب عن اعتقاده بأن الأمريكيين والفرنسيين لن يظلوا مكتوفي الأيدي هذه المرة لكن لفت إلى أن “الصعوبة تتمثل في عدم الدخول في حرب ضد نظام دمشق. فالحرب في سوريا تُخاض ضد داعش، كما يتعلق الأمر برد الفعل باسم المجموعة الدولية، التي يتعيّن عليها أن تقول لنظام دمشق ولحلفائه الروس والإيرانيين: “يكفي! أمسكوا بلجام حليفكم لأن هذا اللجوء المتكرر لاستخدام الغاز غير مقبول”.

بيار سيرفان أقرّ أيضا بأن الرئيس بوتين بدأ يشعر – حسبما يبدو- ببعض الحرج من تصرفات بشار، وأكد أن الروس يُريدون التوصل إلى اتفاق سياسي يُعيد الإستقرار إلى البلد ويُعزز موقعهم. كما ذكر أن كتابه الذي يصدر الأسبوع المقبل بعنوان “50 ظلالا للحرب” عن دار نشر فرنسية يُؤكد على “وجود توترات قوية بين بشار وبوتين. إذ ليس بإمكان الرئيس الروسي التخلي عن الزعيم السوري لكن توجد توترات: فالأسد يتصرف بمنطق إطلاقي لأنه يُريد استعادة كامل الأراضي دون تقديم أي تنازل، وهو ما سيُؤدي إلى ترك البلد في حالة دائمة من حرب العصابات والإرهاب، وهو ما يُثير انزعاج الروس”.

بيار أندري سيبر، “لا ليبرتيرابط خارجي” بتاريخ 12 أبريل 2018

متوافق مع معايير الصحافة الموثوقة

المزيد: SWI swissinfo.ch تحصل على الاعتماد من طرف "مبادرة الثقة في الصحافة"

يمكنك العثور على نظرة عامة على المناقشات الجارية مع صحفيينا هنا . ارجو أن تنضم الينا!

إذا كنت ترغب في بدء محادثة حول موضوع أثير في هذه المقالة أو تريد الإبلاغ عن أخطاء واقعية ، راسلنا عبر البريد الإلكتروني على arabic@swissinfo.ch.

SWI swissinfo.ch - إحدى الوحدات التابعة لهيئة الاذاعة والتلفزيون السويسرية

SWI swissinfo.ch - إحدى الوحدات التابعة لهيئة الاذاعة والتلفزيون السويسرية