مُستجدّات ورُؤى سويسريّة بعشر لغات

طارق رمضان مسرور بطي صفحة الماضي مع واشنطن

يقر طارق رمضان بأن تحوّلا ما قد حدث في العلاقة بين العالم الإسلامي والولايات المتحدة منذ وصول إدارة باراك أوباما إلى الحكم Keystone

بعد إعلان الولايات المتحدة رفع الحظر عنه، عبّر طارق رمضان المفكّر السويسري عن ترحيبه بهذه الخطوة التي يرى أنها دليل آخر على براءته من أي علاقة بالإرهاب.

وفي حديث خص به swissinfo.ch، أوضح الأستاذ الجامعي السويسري المسلم أنه ينوي السفر لاحقا إلى الولايات المتحدة للمساهمة في إدارة حوار أكاديمي حول السياسات الأمريكية.

وكانت إدارة جورج دابليو بوش الإبن قد منعت طارق رمضان من دخول الولايات المتحدة منذ ست سنوات، متهمة إياه بدعم الإرهاب ومستدلة على ذلك بمنحه مساعدات مالية لجمعية إغاثة فلسطينية نشطة في سويسرا، تتهمها الولايات المتحدة بأنها على علاقة بحركة المقاومة الإسلامية حماس.

وفي منعطف للأحداث، وبالتحديد يوم الأربعاء 20 يناير 2010، وقّعت وزيرة الخارجية الأمريكية هيلاري كلينتون مرسوما يسمح لطارق رمضان، وآدم حبيب، المفكر الإسلامي من جامعة جوهانسبورغ بجنوب إفريقيا، بالسفر إلى الولايات المتحدة في حالة توفّرهما على الشروط العادية للحصول على تأشيرة دخول.

وتزامنا مع صدور هذا المرسوم، قال داربي هولاداي، الناطق الرسمي بإسم وزارة الخارجية الأمريكية إن “كلا من الرئيس باراك أوباما، وهيلاري كلينتون، قد أوضحا بأن الولايات المتحدة بصدد رسم علاقات جديدة مع العالم الإسلامي تقوم على مراعاة المصالح المشتركة، والاحترام المتبادل”.

ويعرف المفكران المسلمان اللذان منعتهما الإدارة الأمريكية السابقة من دخول البلاد بانتقادهما للحرب في العراق، وكانا كثيرا التردد على البلاد لإلقاء محاضرات، والمشاركة في المؤتمرات والحوارات العلمية.

swissinfo.ch : أوّلا، ما هو شعوركم بعد صدور قرار رفع الحظر عن سفركم للولايات المتحدة الأمريكية؟

طارق رمضان: أنا سعيد جدا بذلك. كنت أعلم منذ البداية بأن سبب الحظر لا علاقة له بما يسمى “قانون الوطنية”، ولا بالتالي التبرع بالمال (لصالح جمعية إغاثة فلسطينية). هذا الإجراء كان بالأساس بسبب موقفي من الحرب على العراق، وبعض السياسات الأمريكية الأخرى. لقد قلت هذا منذ البداية.

أنا سعيد أيضا..لرؤية هذه الجهود لتحويل ما سبق أن قاله الرئيس باراك أوباما إلى أفعال، خاصة بشأن الانفتاح على العالم الإسلامي، وإطلاق حوار نقدي وبناء نحتاج إليه اليوم. وكما أوضح الناطق الرسمي لوزارة الخارجية الأمريكية يوم الأربعاء، أنا معنيّ بهذه العملية الحوارية، وهذه الرؤية النقدية، كمواطن غربي أوّلا، وبصفتي أوروبيا ومسلما ثانيا.

هذا القرار مهم أيضا بالنسبة لي لأنه جاء بعد ست سنوات، ليزيل كل الشبهات التي أرادوا إلحاقها بي.

هل تعتقد بأن الولايات المتحدة باتخاذ هذا الإجراء تحاول إطلاق مبادرة كبرى تجاه الأمة الإسلامية؟

طارق رمضان: لا أعلم إن كان الأمر فعلا يتعلق بمبادرة كبرى. هي نوع من المبادرة، هذا صحيح (بعد المحاولة الإرهابية الفاشلة التي تعرضت لها طائرة متوجهة إلى مدينة ديتروا الأمريكية خلال عطلة عيد الميلاد 2009)، أعلن باراك أوباما أن المسلمين، عندما يتعلق الأمر بمحاربة الإرهاب والعنف، هم جزء من الحل ويجب أن يكونوا شركاء في هذه العملية. كان هذا بالضبط ما أوضحه كذلك المتحدث بإسم وزارة الخارجية يوم الأربعاء 20 يناير الجاري عندما قال: “نحتاج إلى الانفتاح على المسلمين، وهناك حاجة ماسة إلى النقاش والحوار”. إذن، أعتقد أنها خطوة إلى الأمام، وأظن أنها خطوة مهمة.

لكني أظل بالطبع معارضا للسياسة الأمريكية. انتقادي لتلك السياسة ليس معارضة عمياء. أريد أن أشارك في حوار بناء حول هذه السياسة، وأريد أن أسافر مرة أخرى إلى الولايات المتحدة لملاقاة المفكرين والمثقفين ومحاورتهم، في فضاء أكاديمي.

بحسب رأيك، حظر السفر والحجج التي سيقت لتبريره، إلى أي حد تعبّر عن طبيعة السياسات الأمريكية في تلك المرحلة؟

طارق رمضان: على الأقل يبدو أن تلك المرحلة التي شاعت فيها الشكوك والمخاوف قد ولّ زمانها. ونعرف أنه مع ما حدث أخيرا (محاولة تفجير الطائرة التي كانت في طريقها إلى ديتروا)، أن الإدارة الأمريكية القائمة في الوقت الذي تنوي فيه اتخاذ تدابير أمنية، تظل أمينة للتفريق بين حوارها النقدي والصريح مع المسلمين، وقلة قلة من المتطرفين الذين يستخدمون العنف. هذه هي بداية الطريق. وعلينا أن نفهم أنه لا يمكن أن نأمل خيرا إذا ما حاولنا منع الناس من التعبير بوضوح عن رأيهم.

تقول وزارة الخارجية الأمريكية إن الرئيس أوباما يسعى إلى “مصالح مشتركة واحترام متبادل” مع العالم الإسلامي. هل تعتقد أن العلاقة بين الولايات المتحدة والعالم الإسلامي قد تحسنت حتى هذه اللحظة أم أن الطريق لا تزال طويلة لتحقيق ذلك؟

طارق رمضان: أعتقد أنه من البداية وبمجرد انتخاب الرئيس الجديد، تحسنت العلاقة. بمعنى آخر، انتخابه كان تحسّنا في حد ذاته. إنضاف إلى ذلك لاحقا خطاباته والكلمة التي ألقاها في القاهرة في 4 يونيو الماضي. النبرة التي يتكلم بها، والطريقة التي يتحدث بها عن الإسلام، هذا الامر غيّر النظرة في مجملها.

الآن، المشكلة تكمن في أنه تكلّم كثيرا، ووعد بأمور عدة…وقد قال هو نفسه عندما تسلم جائزة نوبل بأنه يشعر أنه مازال عليه أن ينجز أشياء وأن يترجم أقواله إلى أفعال.

معتقل غوانتانامو لا يزال واحدا من المشكلات العالقة بالنسبة لباراك أوباما. هل تعتقد أنه ما يزال بعيدا عن تحقيق وعوده بهذا الشأن؟

طارق رمضان: نعم، لأن الأمر أعقد مما كان يتصوّر. عندما يحصل حادث مثل المحاولة الإرهابية التي استهدفت هذه الطائرة (فوق ديتروا)، بإمكانك أن تفهم أن إغلاق غوانتانامو ستكون عملية صعبة جدا. إن باراك أوباما محاط بأشخاص همّهم الأوّل وصف سياساته بأنها ساذجة، وأنه لم يستوعب حجم وعمق الخطر الذي يتهدد بلاده.

إن الرئيس الأمريكي يتبع خطة متدرجة، لكنني مازلت أعتقد أن بأمكانه تسريع بعض هذه الخطوات، لأن غوانتانامو هي في الحقيقة ثقب أسود في البناء كله.عليهم الانتهاء من هذا الكابوس.

من الحجج التي تدافع عنها في كتابك الأخير “ما أؤمن به”، أن الإنسان يمكن أن يكون في نفس الوقت مواطنا غربيا، ومسلما، من دون أن يشعر بأي تنافر داخلي، ما السبيل لتحقيق ذلك؟

طارق رمضان: علينا أن نفهم أوّلا أن هوياتنا متعددة، ولا عيب في ذلك. والأمر يتعلق في النهاية بالمبادئ والقيم المشتركة بيننا، أكثر منه بالمفاهيم والتصورات المتعارضة.

swissinfo.ch – جسيكا داسي

(ترجمه من الإنجليزية وعالجه عبد الحفيظ العبدلي)

أعلنت وزارة الخارجية الأمريكية الأربعاء 20 يناير 2010 أنها رفعت الحظر الذي كان يمنع منح تأشيرة دخول على المواطن السويسري طارق رمضان، وكان هذا الحظر قد فرض عليه في عهد جورج بوش الابن وحرمه من تولي وظيفة استاذ جامعي.

كان الإدعاء الامريكي قد برّر آنذاك الإجراء الذي اتخذه ضد طارق رمضان، بكون هذا الأخير قد صرف 1670 فرنك سويسري لحساب منظمة الإغاثة الفلسطينية (ASP) خلال الفترة المتراوحة بين 1998 و2002، وهذه الجمعية التي يوجد مقرها ونشاطها بسويسرا كانت قد صنّفتها إدارة بوش الابن ضمن المنظمات الداعمة للإرهاب.

طارق رمضان الذي يدرّس حاليا بجامعة أكسفورد البريطانية، كان قد حصل على وظيفة بجامعة نوتر- دام بولاية إنديانا الأمريكية سنة 2004، لكن حظر السفر إلى الولايات المتحدة منعه من تولي تلك الوظيفة، على الرغم من أن رمضان سبق أن زار الولايات المتحدة عدة مرات من قبل.

وأوضح يوم الأربعاء فليب كراولي، الناطق الرسمي بإسم وزارة الخارجية أن رفع حظر الدخول على طارق رمضان، جاء لكون هذا الأخير لا يشكل أي خطر على امن الولايات المتحدة الأمريكية. وياتي هذا الإجراء، بحسب الناطق الرسمي لوزارة الخارجية “في إطار سياسة الرئيس باراك أوباما الهادفة إلى مد يد التعاون للمسلمين في جميع مناطق العالم، ومن أجل تشجيع الحوار العالمي (…)، ونريد أن تتاح بهذا الفرصة لإستقبال جامعيين مسلمين للمشاركة في حوار مع بقية الأديان، وبقية الثقافات هن في الولايات المتحدة كذلك”.

من جهته، أصدر طارق رمضان بيانا بعد صدور مرسوم وزارة الخارجية الأمريكية أمل فيه “أن يتاح له قريبا السفر إلى الولايات المتحدة الأمريكية لإطلاق حوار بناء ونقدي مع المفكرين والجامعيين الأمريكيين”.

ومن المعروف ان طارق رمضان كان في الآونة الأخيرة محور جدل قوي بعد ان أنهت مدينة روتردام والجامعة الهولاندية وبشكل مفاجئ تعاونهما معه بعد أن كان يشغل مهمة أستاذ زائر، بذريعة مشاركته في برنامج تلفزيوني مدعوم من قبل ما وصفتاه بالحكومة الإيرانية “القمعية”.

swissinfo.ch مع الوكالات

الفيلسوف والمفكر السويسري طارق رمضان هو من مواليد 26 أغسطس عام 1962 في جنيف

هو حفيد حسن البنا، مؤسس حركة الإخوان المسلمين في مصر.

درس الفلسفة وعلوم اللغة الفرنسية والحضارة الإسلامية وحصل درجة الدكتوراه من جامعة جنيف عام 1992.

عمل أستاذا في جامعتي فريبورغ وجنيف.

له مؤلفات متعددة وحضور إعلامي واسع في وسائل الإعلام الأوروبية.

عمل مستشارا في هيئة تابعة للمفوضية الأوروبية للشؤون والقضايا الدينية.

حصل على إجازة في الفلسفة والأدب الفرنسي وعلى شهادة الدكتوراه في الحضارة الإسلامية من جامعة جنيف.

عمق دراساته في العلوم الإٍسلامية في القاهرة بين عامي 1992 و1993.

يعتـُبر بالإجماع تقريبا من”أكثر المفكرين تأثيرا في موضوع الإسلام الأوروبي”. تحظى أعماله بشعبية كبيرة بين المسلمين في فرنسا وسويسرا وبلجيكا.

في عام 2004، رفضت الحكومة الأمريكية منحه تأشيرة العمل للتدريس في جامعة نوتردام في ولاية إينديانا.

وفي يوليو 2009، أعلن قاض أمريكي أن الاتهامات ضد طارق رمضان “لا أساس لها”.

خلال حواره مع سويس انفو، أكد طارق رمضان على رفضه للغزو الأجنبي، وتعاطفه مع المقاومة في العراق وفي فلسطين، لكنه ندّد بالتطرّف والعنف، ونفى اي علاقة له بالإرهاب، كما عبّر عن دعمه للحلول السلمية، وعبّر عن ضيقه بالإتهامات التي توجّه إليه على الرغم من خطابه العلني الذي لا يمت بصلة للتطرف فكرا وسلوكا.

أدرجت مجلة “تايمز” اسمه ضمن الشخصيات المائة الأكثر تأثيرا في الرأي العام على المستوى العالمي. وقد عين مستشارا لعدد من الحكومات الأوروبية حول القضايا الإسلامية كما درس في جامعات بريطانية وسويسرية وهولندية.

متوافق مع معايير الصحافة الموثوقة

المزيد: SWI swissinfo.ch تحصل على الاعتماد من طرف "مبادرة الثقة في الصحافة"

يمكنك العثور على نظرة عامة على المناقشات الجارية مع صحفيينا هنا . ارجو أن تنضم الينا!

إذا كنت ترغب في بدء محادثة حول موضوع أثير في هذه المقالة أو تريد الإبلاغ عن أخطاء واقعية ، راسلنا عبر البريد الإلكتروني على arabic@swissinfo.ch.

SWI swissinfo.ch - إحدى الوحدات التابعة لهيئة الاذاعة والتلفزيون السويسرية

SWI swissinfo.ch - إحدى الوحدات التابعة لهيئة الاذاعة والتلفزيون السويسرية