مُستجدّات ورُؤى سويسريّة بعشر لغات

الصحافة… الغائب الأكبر عن معرض الكتاب في جنيف

معرض جنيف الدولي للكتاب والصحافة في جنيف.. مناسبة ثقافية شعبية وكتب ومنشورات للكبار والصغار Keystone

في العام الماضي كان تواجد الصحافة ملفتا في أروقة المعرض الدولي للكتاب والصحافة الذي اختتمت دورته الحالية يوم الأحد 26 أبريل، لكنها اختفت (أو تكاد) هذه السنة بعد أن أصابتها الأزمة الإقتصادية في مقتل على عكس صناعة الكتب التي لم تلحق بها أضرار تُذكر.

الكتاب يضحك.. والصحافة تبكي. مشاعر المفاجأة والإستغراب تُمسك بتلابيب الزائر فور دخول البهو الرئيسي للمعرض.. صحيح أن عدد العارضين زاد عن عام 2008 وأنهم يشغلون مساحة أكبر احتلت فيه الكتب البيداغوجية والقصص المصورة حيزا واسعا، لكن أين ذهبت منصات الصحف، يتساءل أحد الزوار باستغراب؟

في ردها المتلعثم على هذا السؤال، تعترف إحدى المضيفات بأنه لم يتبق منها سوى اثنتين أو ثلاثة.. واحدة لليومية المحلية “تريبون دو جنيف” وأخرى للمجلات الصادرة عن دار “رينجييه” الراعية للمعرض. وبالتالي اختفت الفضاءات المتفاوتة الإتساع والفخامة التي كانت مخصصة في الدورات السابقة لصحيفة “24 ساعة” و”لوماتان” و”لاليبرتي” و”لوكورييه” وغيرها.. بل إن الجناح الضخم لصحيفة “لوتون” زال تماما وحلت في موضعه الإستراتيجي (المقابل لبوابة الدخول) مجلة “L’illustré” التابعة للناشر رينجييه.

ميزانيات التسويق.. انهارت!

قبل عام فحسب، كان معرض جنيف يحتفي ببذخ بمناسبة مرور 10 أعوام على إطلاق جريدة “لوتون” الرصينة، واليوم تشرح فاليري بووانيو، المديرة المساعدة للجريدة الموقف بالقول “حضورنا في المعرض كان مرتبطا بالأساس بمسائل تتعلق بصورتنا لكن رقم المعاملات الذي أنجز في الجناح لم يكن ليُغطي الإستثمار الأصلي. وفي الوقت الحاضر، لا مجال للتعمية على الواقع حيث تتعرض ميزانية التسويق لاختبار عسير وتتركز النفقات على ما يبدو لنا أنه استراتيجي. ولهذا السبب اتخذنا في سبتمبر 2008 قرارنا بالإنسحاب من المعرض”.

غياب “لوتون” عن معرض جنيف الدولي للكتاب والصحافة يعني خسارة المنظمين لمبلغ يناهز 100 ألف فرنك وهو رقم كان يمكن أن يثير – في ظروف مغايرة – مخاوفهم وجزعهم، لكن بيار مارسيل فافر، رئيس المعرض، ينظر إلى الأمور من وجهة نظر أخرى، مؤكدا أن أسعار تأجير المتر الواحد في فضاءات العرض التي يوفرها للناشرين “لم تتغير ولا زالت تتراوح ما بين 200 و300 فرنك. لكن العائق بوجه مشاركة ناشري الصحف يتمثل فعلا في وضعية ميزانياتهم. فالصحافة تعاني بطبيعة الحال من انهيار المداخيل الإشهارية. وانظروا إلى الولايات المتحدة حيث اختفت صحف يومية في ظرف أسابيع قليلة”.

ناشر لا يُخفي ابتهاجه

على العكس من ذلك، تظل مبيعات الكتب مستقرة، ما يُعزز الإرتياح البادي على ملامح رئيس المعرض الذي يشير بسبابته – مُحاولا إقناع محاوره – إلى العلامة الإشهارية لدار نشر الكتب “بايو” Payot التي ضاعفت هذه السنة مساحة عرضها وخصصت فيها 600 متر مربع لكتب الأطفال والقصص المصورة.

من جهتها، تؤكد أورالي راسّون، المسؤولة عن الإتصال في دار “بايو” للنشر أن “الكتاب بجميع أصنافه في وضع جيد جدا ووفي جناحنا لا نرى أية ظلال لأزمة”. مع ذلك يبقى السؤال مطروحا حول الأسس التي تقوم عليها التظاهرة السنوية الأدبية الكبرى لجنيف. فإذا كان تنظيم معرض للكتاب يحتفظ بمبرر وجوده فإن الجدوى من معرض الصحافة أصبحت موضع تساؤل. وعلى الرغم من تواجد حفنة من المجلات والإذاعات، هل ستظل هذه التظاهرة موعدا يلتقي فيه العاملون في وسائل الإعلام؟

أحد الناشرين السويسريين الناطقين بالفرنسية يردّ بشيء من التهكم قائلا: “بفضل تنظيم معرض الفن الأوروبي Europart، أصبح (معرض الكتاب والصحافة في) جنيف شبيها بمعرض للترفيه البديل”، لكن المقارنة مع ما يحدث الخارج قد توفر بعض الحلول المعقولة. ففي باريس وبروكسل مثلا، تنظم في شهر مارس من كل عام معارضُ للكتاب اختارت عدم إدراج الصحافة في صدر برامجها. في المقابل، لا زالت جنيف متمسكة بذلك ولكن إلى متى؟

سويس انفو – كريستيان كامبيش – جنيف

جنيف. يُؤمل المشرفون على تنظيم الدورة 23 لمعرض جنيف الدولي للكتاب والصحافة التي انطلقت يوم 22 أبريل 2009 أن يصل عدد الزوار إلى 100 ألف لدى اختتامه مساء الأحد 26 أبريل. تركيا هي ضيف الشرف في هذه الدورة التي تضم 720 عارضا بزيادة 50 عن عام 2008. وكالعادة، تنظم تظاهرات موازية مثل معرض الكتاب الإفريقي في دورته السادسة والمعرض الدولي للفن Europart

باريس. استقبلت الدورة 29 لمعرض الكتاب في باريس 198150 زائرا من 13 إلى 18 مارس 2009 أي بزيادة بحوالي 20% عن عام 2008. وجاء هذا الإقبال معاكسا للتوجه الملاحظ في السنة الماضية عندما سجل الإقبال تراجعا بحوالي 8%.

بروكسل. رغم انطلاقة متعسرة، سجل معرض الكتاب في بروكسل توافد حوالي 70 ألف زائر عليه. وكان المحور الذي وقع الإختيار عليه لهذه الدورة 39 التي انتظمت من 3 إلى 9 مارس 2009 “الأزمة (أو الأزمات) والإبداع”، متوافقا تماما مع الأوضاع العالمية.

متوافق مع معايير الصحافة الموثوقة

المزيد: SWI swissinfo.ch تحصل على الاعتماد من طرف "مبادرة الثقة في الصحافة"

يمكنك العثور على نظرة عامة على المناقشات الجارية مع صحفيينا هنا . ارجو أن تنضم الينا!

إذا كنت ترغب في بدء محادثة حول موضوع أثير في هذه المقالة أو تريد الإبلاغ عن أخطاء واقعية ، راسلنا عبر البريد الإلكتروني على arabic@swissinfo.ch.

SWI swissinfo.ch - إحدى الوحدات التابعة لهيئة الاذاعة والتلفزيون السويسرية

SWI swissinfo.ch - إحدى الوحدات التابعة لهيئة الاذاعة والتلفزيون السويسرية