The Swiss voice in the world since 1935
أهم الأخبار
النشرة الإخبارية
أهم الأخبار
نقاشات
أهم الأخبار
النشرة الإخبارية

الرسوم الجمركية الأمريكية تدفع سويسرا إلى التقارب مع الاتحاد الأوروبي

الرسوم الجمركية الأمريكية
لا تزال سويسرا ترزح تحت ضغوطات اقتصادية أمريكية، في أعقاب الإعلان عمّا يُسمّى 'يوم التحرير'. KEYSTONE

 أحدثت الرسوم الجمركية الأمريكية موجة من الصدمات داخل سويسرا. فقد عزَّزت الدعوات المناصرة لتوثيق العلاقات مع الاتحاد الأوروبي، كما أبرزت أهمية التقارب الدولي في مجال السياسة الأمنية. في هذا التحليل، يستعرض جانيس مافريس، الصحفي المتخصص في الشؤون الخارجية لدى سويس إنفو، التداعيات على السياسة الخارجية السويسرية. 

ترتبط سويسرا بعلاقات معقدة مع الاتحاد الأوروبي، تحكمها سلسلة من الاتفاقيات الثنائية. ولعلَّ الاستفتاء على حزمة الاتفاقيات الثنائية الثالثة، سيكون أهمَّ قرار في السياسة الخارجية السويسرية خلال السنوات المقبلة. ورغم أن البرلمان لن يتناول هذا الملف قبل عام 2026، وأن التصويت الشعبي سيأتي لاحقًا، بدأت النقاشات تحتدم حوله. 

ففي 1 أغسطس، يوم العيد الوطني السويسري، أجَّج الإعلان عن الرسوم الجمركية الأمريكية الجدل بشأن العلاقات مع الاتحاد الأوروبي، ما يصب في مصلحة أنصار تعزيز هذه العلاقات. 

وفي 7 أغسطس، بدأ تطبيق الرسوم الجمركية، بنسبة 39%، على السلع السويسرية، ما شكّل صدمة للصناعة الموجَّهة للتصدير. ووصف رئيس الرابطة السويسريّة لصناعة الآلات والتجهيزات الكهربائيّة والمعادن، “سويس ميم” (Swissmem)، الرسوم بأنها “هجوم على سويسرا”. وتخشى شخصيات سياسية، وأخرى تمثل القطاعات الاقتصادية، فقدان عدد كبير من فرص العمل. وفي الأثناء، أعلنت بعض الشركات خفض ساعات العمل، كإجراء مؤقت لتجنب التسريح. 

وقد تعزز هول الصدمة السويسرية، لأن سويسرا كانت سبَّاقة إلى التفاوض مع الرئيس الأمريكي، ترامب، بعد إعلانه رسومًا جمركية مقترحة، في ما أسماه “يوم التحرير”. آنذاك، كانت سويسرا تتوقع بلوغ نسبة هذه الرسوم 31%. 

وعلى إثر الإعلان الأول، تحرّكت الحكومة السويسرية بسرعة، وتوصَّلت إلى اتفاق مشترك مع الولايات المتحدة، ينص على رسوم بنسبة 10% على المنتجات السويسرية. 

المزيد

نقاش
يدير/ تدير الحوار: جانيس مافريس

هل لاحظت حدوث تغييرات في حياتك نتيجة القواعد التجارية الجديدة التي فرضتها الولايات المتحدة؟

برأيك، كيف يمكن أن تؤثر سياسة الرسوم الجمركية الأمريكية على حياتك؟ .

8 إعجاب
9 تعليق
عرض المناقشة

وينسجم ذلك مع تصوّر سويسرا، التي ترى نفسها “جمهورية شقيقة” للولايات المتحدة. وعندما صرّحت الرئيسة السويسرية، كارين كيلر-سوتر، بإيجادها “مدخلًا” إلى ترامب، بدا الأمر، وكأنه تأكيد على المكانة المتميزة التي تحظى بها البلاد. 

والحديث عن تمتع سويسرا بمكانة خاصة لدى الولايات المتحدة، ليس أمرًا جديدًا؛ إذ تمتد جذوره إلى القرن التاسع عشر. فقد شكّلت مبررًا لحياد سويسرا في الحربين العالميتين، ودافعًا وراء مفهوم “الدفاع الوطني الروحي” ضد الشيوعية، الذي أدى إلى فتح ملفات لشخصيات معارضة في سويسرا خلال الحرب الباردة. ومنذ أوائل تسعينات القرن الماضي، تحوّل تعبير “المكانة الخاصة لسويسرا” إلى شعار سياسي يدعو إلى إبقاء البلاد بمنأى عن مشروع الوحدة الأوروبية. 

المزيد
الاحتفال بدخول الدستور السويسري حيز النفاذ

المزيد

ديمقراطية

سويسرا والولايات المتّحدة: “جمهوريتان شقيقتان” واتحاد أبدي للصداقة والوفاء

تم نشر هذا المحتوى على “الجمهوريتان الشقيقتان”، أشهر تعبير عن العلاقات الوثيقة بين سويسرا والولايات المتحدة الأمريكية، والتي ما تزال تجمع بين الدولتين. في الواقع، أثّر البلدان بشكل متبادل على بعضهما البعض.

طالع المزيدسويسرا والولايات المتّحدة: “جمهوريتان شقيقتان” واتحاد أبدي للصداقة والوفاء

انعكاسات سياسية داخلية

ولكن الرسوم الجمركية، البالغة 39%، أوقعت حزب الشعب السويسري اليميني، الذي يمثّل أكبر كتلة نيابية في البرلمان في مأزق سياسي. فقد دأبت شخصيات قيادية فيه على الإشادة بالرئيس الأمريكي، دونالد ترامب، والدعوة إلى توثيق العلاقات الاقتصادية مع الولايات المتحدة. وجاءت هذه الدعوات بحجة تقليص الاعتماد التجاري على الاتحاد الأوروبي، وجهة أكثر من نصف الصادرات السويسرية. أما الولايات المتحدة، فتستقبل قرابة 18% منها. 

وسرعان ما وجّهت المجلة السياسية اليمينية، “نيبيلشبالتر”  (Nebelspalter)، أصابع الاتهام بشأن الرسوم الجمركية المرتفعة، إلى شخصيات يسارية “متحمسة للاتحاد الأوروبي” في الحكومة والإدارة، وزعمت تعمُّد هذه الشخصيات إفشال المفاوضات مع الولايات المتحدة؛ بهدف “إقناع الشعب بقبول حزمة الاتفاقيات الثنائية الثالثة مع الاتحاد الأوروبي”.  

وتدور هذه المزاعم حول مجموعة نافذة من الشخصيات الدبلوماسية والمسؤولة، لكن دون تقديم أي دليل. وفي المقابل، عبّرت كارين كيلر-سوتر، عن موقفها بوضوح، وصرَّحت، في مؤتمر صحفي، أن الرئيس الأمريكي أوضح لها خلال المحادثات، إرادته فرض رسوم مرتفعة بسبب الفائض التجاري السويسري مع الولايات المتحدة. 

ورغم التوضيحات التي قدّمتها الرئيسة السويسرية في 7 أغسطس، لا يزال البعض يتداول بعض النظريات غير المثبتة لتفسير سبب تعثر الموقف. لكن الواضح أن هذه التطورات ستجعل حزمة الاتفاقيات الثنائية الثالثة مع الاتحاد الأوروبي أكثر جاذبية، على الأقل في الوقت الراهن. 

معضلة العلاقة مع الاتحاد الأوروبي  

رغم أهمية السوق الأمريكية لبعض قطاعات الاقتصاد السويسري، فإن العلاقات مع الاتحاد الأوروبي تظل المحدد الأساسي لمستقبل االبلاد. وعلاوة على ذلك، تمثل العلاقة بين برن وبروكسل، إحدى أكبر نقاط الخلاف السياسي في داخل سويسرا. 

المزيد
عملات ورقية

المزيد

الموقف السويسري

ثمانية رسوم بيانية تشرح العلاقات الاقتصادية بين سويسرا والاتحاد الأوروبي

تم نشر هذا المحتوى على في ديسمبر الماضي، قامت سويسرا والاتحاد الأوروبي بتوقيع مجموعة جديدة من الاتفاقيات الثنائية، مما شكّل فرصة لاستعراض العلاقات الاقتصادية التي تجمعهما منذ سنوات طويلة.

طالع المزيدثمانية رسوم بيانية تشرح العلاقات الاقتصادية بين سويسرا والاتحاد الأوروبي

ومع ذلك، لا يخوض السويسريون والسويسريات نقاشًا جادًّا حول الانضمام إلى الاتحاد الأوروبي. وتُظهر استطلاعات الرأي معارضة أغلبية ساحقة لهذا التوجه. وبدلًا من ذلك، ينحصر الجدل في مدى التقارب مع السوق الأوروبية الموحدة، ومؤسساتها، وبُناها التحتية. وتؤيد غالبية الأحزاب الاتفاقيات المُتفاوَض عليها، بينما يتبنى اليمين السياسي نهجًا انعزاليًا، يسعى إلى الابتعاد، قدر المُستطاع، عن الاتحاد الأوروبي. والواضح، استفادة اليسار السويسري من صدمة الرسوم الجمركية؛ بحكم ميوله التقليدية للتقارب مع الاتحاد. وحتى الأطراف التي لم تبد استعدادًا واضحًا لتحديد موقفها حتى الآن، أصبحت اليوم تؤيد توثيق العلاقات معه، لا سيما في أوساط قطاع الأعمال والأحزاب الوسطية. 

المبادرات الأمنية الأوروبية تزداد أهمية

لكن لا يقتصر التقارب مع الاتحاد الأوروبي على الجوانب الاقتصادية، بل يمتد إلى السياسة الأمنية أيضًا. ويرتبط ذلك، في المقام الأول، بروسيا؛ إذ أججت حربها العدوانية ضد أوكرانيا، الشعور بعدم الأمان في سويسرا. 

المزيد
شارع مغلق

المزيد

شؤون خارجية

هكذا تدفع روسيا الدول المحايدة إلى أحضان حلف الناتو

تم نشر هذا المحتوى على سويسرا ترغب في تعاون أوثق مع حلف شمال الأطلسي. هناك أيضًا دول محايدة أخرى في أوروبا تسعى إلى التقرب من هذه التحالف.

طالع المزيدهكذا تدفع روسيا الدول المحايدة إلى أحضان حلف الناتو

وثانيًا، يعزّز نهج ترامب المتقلب إزاء هذه الحرب حالة عدم اليقين، ولا سيما عندما يثير الشكوك حول وقوف الولايات المتحدة إلى جانب شركائها في حلف شمال الأطلسي (الناتو)، في حال وقوع نزاع. 

لذلك، لقيت المبادرات الأمنية الأوروبية دفعًا في السنوات الأخيرة، وتشارك سويسرا في العديد منها. فمثلًا، تشارك سويسرا في مختلف مشاريع التعاون الهيكلي الدائم للاتحاد الأوروبي (PESCOرابط خارجي) في مجال الدفاع السيبراني، وفي مبادرة “درع السماء الأوروبيةرابط خارجي“. ويجري حاليًا بحث انضمامها إلى خطة إعادة التسلح الكبرى للاتحاد الأوروبي، المسماة “إعادة تسليح أوروبا” (ReArm Europe). 

وكذلك، تتوافق الحكومة ومعظم الأحزاب على وجوب اقتراب سويسرا عسكريًا من الاتحاد الأوروبي، على غرار تعاونها مع حلف شمال الأطلسي (الناتو)، مع احترام حيادها. وتكشف استطلاعات الرأي حظوة هذا التوجّه بتأييد قوي بين السكان. 

وعمومًا، ينطبق في القضايا الأمنية، أكثر من القضايا الاقتصادية، المبدأ التالي: الثقة، والموثوقية فوق كل اعتبار. وبالمقارنة مع الولايات المتحدة، يبدو الشركاء الأوروبيون بمثابة مثال للعقلانية والاستقرار. 

وبالفعل، أعلنت الحكومة السويسرية مواصلتها الضغط على الولايات المتحدة لخفض الرسوم الجمركية، إلى جانب اتخاذ إجراءات لدعم الاقتصاد السويسري. ولكن، من غير المتوقع التوصل إلى حل سريع. وفي مؤتمر صحفي، لخّصت الرئيسة كارين كيلر-سوتر الموقف بقولها إن سويسرا تريد إقامة علاقة منظّمة مع الولايات المتحدة، باعتبارها شريكًا تجاريًا مهمًا، لكن ليس بأي ثمن. 

تحرير: بنيامين فون وايل

ترجمة: ريم حسونة

مراجعة: عبد الحفيظ العبدلي

التدقيق اللغوي: لمياء الواد

المزيد
النشرة الإخبارية للشؤون الخارجية

المزيد

شؤون خارجية

نشرتنا الإخبارية المتخصصة في الشؤون الخارجية

سويسرا في عالم متغير. راقب معنا السياسة الخارجية السويسرية وتطوراتها. نقدم لكم حزمة من المقالات الدسمة لتتكون لديكم خلفية جيّدة حول المواضيع المتداولة.

طالع المزيدنشرتنا الإخبارية المتخصصة في الشؤون الخارجية

قراءة معمّقة

الأكثر مناقشة

متوافق مع معايير الصحافة الموثوقة

المزيد: SWI swissinfo.ch تحصل على الاعتماد من طرف "مبادرة الثقة في الصحافة"

يمكنك العثور على نظرة عامة على المناقشات الجارية مع صحفيينا هنا . ارجو أن تنضم الينا!

إذا كنت ترغب في بدء محادثة حول موضوع أثير في هذه المقالة أو تريد الإبلاغ عن أخطاء واقعية ، راسلنا عبر البريد الإلكتروني على arabic@swissinfo.ch.

SWI swissinfo.ch - إحدى الوحدات التابعة لهيئة الاذاعة والتلفزيون السويسرية

SWI swissinfo.ch - إحدى الوحدات التابعة لهيئة الاذاعة والتلفزيون السويسرية