The Swiss voice in the world since 1935
أهم الأخبار
النشرة الإخبارية
أهم الأخبار
نقاشات
أهم الأخبار
النشرة الإخبارية

معرض علم آثار الكون في بكين حيث يتشكّل الكون ويصبح في متناول الجميع

معرض علم آثار الكون في بكين
مجموعة من الزُّوار في معرض "علم آثار الكون: استكشافات عبر الزمن، وفي الفضاء Elisa Tirabassi

يحتفي معرض علم آثار الكون في بكين، بالذكرى الخامسة والسبعين للعلاقات الثنائية بين سويسرا والصين. وفي المعرض، تتحول البيانات القادمة من الفضاء إلى أعمال فنية ملموسة وحقيقية، بفضل تداخل الخبرات في هذا المجال بين البلدين.

لنتخيَّل أننا، بلمسة إصبع، نرحل عبر الزمن، عبر عشرة مليارات سنة ضوئية. نواجه الحصيلة الكثيفة والمعقدة من الحطام الفضائي الدائر حاليًّا حول كوكبنا. ونسمع الأصوات الناتجة عن البيانات التي جمعتها الأقمار الصناعية عندما كانت تدور في الفضاء.

ليست هذه الرحلة محض خيال، بل مغامرة يمكن خوضها في معرض “علم آثار الكون: استكشافات عبر الزمن، وفي الفضاء”. وتستضيف بكين هذا المعرض، في المتحف الوطني بساحة “تيان آن مِن”، ويأتي ثمرة التعاون بين سويسرا والصين، وتحديدًا،بين المعهد التقني الفدرالي العالي في لوزان، وقسم علم الفلك وأكاديمية الفنون والتصميم في جامعة تسينغهوا المرموقة في بكين.

تحويل البيانات الكونية إلى أعمال فنية

ينغمس كل من يدخل المتحف في رحلة تفاعلية وغامرة، عبر تاريخ الكون. فالأجسام السماوية في الفضاء، بمثابة أحافير تحتفظ بالبيانات التابعة للبيئة الكونية منذ زمن تشكّلها. وينطوي علم آثار الكون على مراقبة هذه “الآثار” ودراستها، أي أقدم الأجسام والهياكل السماوية، لتتبع تاريخ تطوّر الكون، وكتابة “تاريخه”.

وتوضح سارة كيندردين، البروفيسورة في المعهد التقني الفدرالي العالي في لوزان، ومنظّمة المعرض المعروفة عالميًّا بريادتها في مجال النظم المعلوماتية بالمتاحف، مُدمِج الذكاء الاصطناعي بالبيانات العلمية: “نبدأ بمجموعة من البيانات المجرّدة، ونجعلها مرئية، لنقدّم نظرة جديدة للكون”.

وتشرح كيندردين قائلة إنها تنطلق من عملية رسم خرائط الكون، وهي فكرة قديمة ومبتذلة، ومن الأدوات المستخدمة لرصد النجوم ورسمها. ومن ثم تنتقل إلى كمية البيانات الهائلة الملتقَطة، وتضيف: “هذه البيانات تجريدية بشكل كبير؛ مَا يجعل دراستها صعبة للغاية. ويجعلها هذا المعرض ملموسة، ليستكشفها الناس”.

معرض علم آثار الكون في بكين
مُجسَّم لكواكب مستوحى من الخرائط النجمية، من إبداع الفنان السويسري، باسكال بيتكس. Elisa Tirabassi

يتكوّن المعرض من ثماني تركيبات فنية موزعة على أربع أقسام: “الأدوات والتقنيات – رسم خرائط الكون”، “سماء البيانات الضخمة”، “الفضاء المستدام”، و”المستقبل – الرحلات نحو النجوم”. ويتجوَّل فيه الزوُّار بين عروض رقمية تفاعلية، ومنحوتات متحركة، وأعمال تصميم.

وخلال حفل افتتاح المعرض، خيّم على الحضور شعور بالدهشة والحماس. ويقول تشانغ، المتخصّص في المتاحف: “بإمكانك استخدام جهاز التحكم عن بُعد، لترى كيف أنتج كل بلد حطامًا فضائيًا على مرّ الزمن”.

أمَّا بالنسبة إلى المحامي واي، فيعتبر أن الجانب المثير للاهتمام، هو قدرة المعرض على ترجمة شيء من الماضي إلى لغة عصرية، ويقول: “يجمع المعرض بين الفن، والتاريخ، وعلم الفلك. لقد شعرنا بإلهام كبير بعد زيارتنا، وسنأتي في المرة القادمة مع أطفالنا!”.

المساهمة الصينية

انطلق المعرض قبل ثلاث سنوات، من المعهد التقني الفدرالي العالي في لوزان، ثم وصل إلى متحف علم الفلك في شنغهاي في الصين أولًا، وبعدها إلى متحف العلوم في غوانغدونغ، وها هو يُعرض للمرة الرابعة في بكين.

وتوضح كيندردين أن المساهمة الصينية في المعرض كانت مهمة للغاية، وتقول “إن النهج الصيني أكثر شاعرية مقارنةً بالنهج التعليمي الذي يتّبعه الغرب إلى حدٍّ ما”. 

معرض علم آثار الكون في بكين
نقش على لوح حجري لخريطة فلكية، عائدة إلى عهد أسرة سونغ الجنوبية. Elisa Tirabassi

وتقول منظّمة المعرض: “يتميّز هذا المعرض بإحساس رائع بالشاعرية، وهذا مهمّ للغاية. وعندما وصل المعرض إلى شنغهاي، أردنا إشراك مواهب فنية صينية لأنّ ذلك كان منطقيًا. فلا تمتلك الصين رصيدًا علميًا وفلكيًا مهمًا للغاية فقط، بل لديها أيضًا صناعة فضائية وتصميمية، على نفس القدر من الأهمية”.

وتضيف قائلةً: “لقد ساهمت جامعة تسينغهوا، وأكاديمية الفنون والتصميم بشكل كبير في تخيّل المستقبل ورسمه. هذا التخيل لكيف يمكن أن نعيش على المريخ، أو كيف يمكن أن نسافر في محطات الفضاء المستقبلية، يلعب دورًا كبيرًا في إنشاء مفهوم جديد للإنسانية في الفضاء. الفريق الصيني بارع جدًا في التعامل مع المواد، والتصنيع، والرسوم الحاسوبية. هذه مهارات استثنائية، وهو قادر على استخدامها، وجعلها متاحة في المستقبل”.

ويتمحور أحد أهداف المعرض الرئيسية حول إبراز سرد تاريخي لاستكشاف الكون من قبل الإنسان، وفقًا لوجهات نظر متعددة.

وتتمتع الصين بتاريخ عريق في استكشاف الفضاء. فقد سُجلت أولى الملاحظات الفلكية على عظام الحيوانات، ومن بين هذه السجلات “لوحة السماء النجمية”، الممكن مشاهدتها في المعرض، وهي خريطة يظهر في جزئها العلوي 1،434 نجمًا، بينما يحتوي جزؤها السفلي على نقوش تفسيرية توضّح النظريات المتعلقة بالحركات السماوية، والدورات الموسمية، وحسابات الجداول الزمنية.

وتُعتبر هذه الخريطة شاملة أكثر من الخرائط السماوية الأوروبية المعاصرة لها، المرسومة في الفترة نفسها (عام 1127). وقد أكّد التحليل الفلكي الحديث، عبر المقارنة الحاسوبية، تطابق مواقع النجوم بشكل مدهش مع الفهارس النجمية الحديثة.

معرض علم آثار الكون في بكين
تصادمات كونية، عرض تفاعلي من تنفيذ مختبر علم المتاحف التجريبي (+eM)، المعهد التقني الفدرالي العالي في لوزان. Elisa Tirabassi

آفاق التعاون السويسري – الصيني

يعود نجاح المعرض بشكل أساسي إلى التعاون المباشر بين مختبر علم المتاحف التجريبي (+ eM)، ومختبر الفيزياء الفلكية (LASTRO)، التابع للمعهد التقني الفدرالي العالي في لوزان، إلى جانب المؤسسات الجامعية والعلمية الصينية.

ويقول دانتشينغ شي، أستاذ في أكاديمية الفنون الجميلة بجامعة تسينغهوا في بكين، وأحد منظّمي المعرض: “لقد دمجت أكاديمية الفنون الجميلة التدريب الفني لطلابها مع البحث العلمي، ما أنتج أعمالًا منبثقة من الفن والتكنولوجيا الفضائية. لقد جمعنا بين مفاهيم قديمة، ومعاصرة، ومستقبلية”.

والتقينا أيضًا بيونغفنغ العامل في جامعة بكين، وهو أحد الزوار، وقال: “يتيح هذا المعرض فرصة نادرة للاستفادة من التعاون بين المتحف الوطني الصيني، والمعهد التقني الفدرالي العالي في لوزان، وجامعة تسينغهوا، في إطار مشروع يركز على التكنولوجيا والعلوم، ولكن برؤية مستقبلية. ومن المثير، معرفة ما هي التأملات التي يشكّلها الزُّوار حول ماضي الكون، وحاضره، ومستقبله. وأعتقد أنه من الرائع التعرّف إلى مختلف المشاريع التي أنجزتها الفرق الطلابية والأكاديمية من المؤسستين، السويسرية والصينية”.

معرض علم آثار الكون في بكين
محاكي سكوار كيلومتر أراي (SKA)، من تنفيذ مختبر علم المتاحف التجريبي (+eM)، المعهد التقني الفدرالي العالي في لوزان. Elisa Tirabassi

وكانت فترة الجمود، التي شهدها العالم خلال سنوات جائحة كوفيد، قد جعلت السفر بين سويسرا والصين أمرًا صعبًا. ومنذ ذلك الحين، لم تعد العلاقات بين البلدين إلى مستوياتها السابقة، لكن هناك نيّة لتعزيز التعاون في المستقبل.

ويقول يورغ بوري، سفير سويسرا في الصين، خلال حفل افتتاح المعرض: “كل ما نريده الآن هو تفعيل علاقات جديدة، ونأمل في تحقيق تعاون أكبر في المستقبل”.

وأضاف السفير: “في سويسرا، سواء في مجال الثقافة أو في مجال العلوم، تنطلق المبادرات غالبًا من القاعدة، أي من الفنانين والفنانات، والجامعات، والعلماء والعالمات، وأحيانًا من الشركات الخاصة. ونأمل في خلق المزيد من الروابط، والمزيد من التعاون في المستقبل، من خلال جلب المواهب الفنية، والعلمية، ومساعدتها على تنفيذ مشاريعها هنا في الصين”.

تحرير: دانييله مارياني وإدواردو سيمانتوب

ترجمة: إيفون صعيبي

مراجعة: ريم حسونة

التدقيق اللغوي: لمياء الواد

قراءة معمّقة

الأكثر مناقشة

متوافق مع معايير الصحافة الموثوقة

المزيد: SWI swissinfo.ch تحصل على الاعتماد من طرف "مبادرة الثقة في الصحافة"

يمكنك العثور على نظرة عامة على المناقشات الجارية مع صحفيينا هنا . ارجو أن تنضم الينا!

إذا كنت ترغب في بدء محادثة حول موضوع أثير في هذه المقالة أو تريد الإبلاغ عن أخطاء واقعية ، راسلنا عبر البريد الإلكتروني على arabic@swissinfo.ch.

SWI swissinfo.ch - إحدى الوحدات التابعة لهيئة الاذاعة والتلفزيون السويسرية

SWI swissinfo.ch - إحدى الوحدات التابعة لهيئة الاذاعة والتلفزيون السويسرية