لجنة التحقيق التابعة للأمم المتحدة تخلص إلى وقوع إبادة جماعية في غزة
خلص تقرير صادر عن لجنة التحقيق التابعة للأمم المتحدة بشأن الأراضي الفلسطينية المحتلة إلى أن إبادة جماعية تحدث الآن في غزة. ويشير الفريق المعدّ للتقرير الأممي إلى مسؤولية قادة إسرائيل على ذلك، ويدعون الدول إلى التحرك. ولم يثر نشر هذا التقرير سوى القليل من ردود الفعل في العواصم الأوروبية.
وفي معرض تقديمها يوم الثلاثاء في جنيف لنتائج تقريرها الأخير، كان خطاب نافي بيلاي، رئيسة لجنة التحقيق التابعة للأمم المتحدة بشأن الأراضي الفلسطينية المحتلة، صريحا لا لبس فيه: “خلصت اللجنة إلى أن إسرائيل ارتكبت جريمة إبادة جماعية ضد الشعب الفلسطيني في غزة، وأنها تواصل هذه الإبادة الجماعية”، كما قالت للصحافة.
في تقريرهم المفصل المكون من 72 صفحة، والذي هو نتيجة عامين من التحقيق، يرى أعضاء اللجنة الثلاثة أن “السلطات الإسرائيلية وقوات الأمن في البلاد” ارتكبت وتواصل ارتكاب، أربعة من أعمال الإبادة الجماعية الخمسة المحددة في اتفاقية الإبادة الجماعية لعام 1948، ضد الفلسطينيين في قطاع غزة.
وتتلخّص هذه الأفعال في قتل أعضاء المجموعة الفلسطينية، والتسبب في إلحاق ضرر بدني أو عقلي جسيم بهم، وإخضاعهم عمدا لظروف وجود من المرجح أن تؤدي إلى تدميرهم الكلي أو الجزئي، وفرض تدابير تهدف إلى منع الولادات داخل الجماعة.
«تقرير مهم»
يقول فنسنت شيتيل، أستاذ القانون الدولي في معهد الدراسات العليا في جنيف: «هذا تقرير مهم». «نحن نتحدث عن تحقيق شامل ووقائعي والذي يأتي من لجنة رسمية مفوضة من قبل مجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة، خلافًا للتقارير السابقة الصادرة عن منظمات غير حكومية مثل منظمة العفو الدولية، وهيومن رايتس ووتش»
وكانت نافي بيلاي، المفوضة السامية السابقة لحقوق الإنسان، والعضوان الآخران في اللجنة، المحاميان ميلون كوثاري وكريس سيدوتي، قد أعدّا من قبل بعض التقارير عن جرائم ضد الإنسانية، وجرائم الحرب في القطاع الفلسطيني. ولكنهم لم يحققوا قط في جريمة الإبادة الجماعية.
>> في عام 2023، وبمناسبة الذكرى الخامسة والسبعين للإعلان العالمي لحقوق الإنسان، كتبنا مقالا حول شخصية نافي بيلاي، مستعيدين مسيرتها الطويلة لصالح حقوق الإنسان (النص بالإنجليزي)
وفي الأشهر الأخيرة، خلص خبيرات وخبراء مستقلون آخرون في الأمم المتحدة، بما في ذلك المقررة الخاصة المعنية بالأراضي الفلسطينية المحتلة، فرانشيسكا ألبانيز، إلى أن الإبادة الجماعية تحدث في غزة. كما أشار إليها عدد من البلدان، بما في ذلك قطر والبرازيل وناميبيا.
وفيما يتصل بنيّة الإبادة الجماعية، وهي جانب رئيسي من جوانب جريمة الإبادة الجماعية، والأكثر صعوبة في إثباتها، أوضحت نافي بيلاي أن اللجنة استخلصت استنتاجاتها من “التصريحات التي أدلت بها” السلطات الإسرائيلية، فضلا عن “السلوك المتكرر” للجيش الإسرائيلي.
لكن إسرائيل تدحض أي اتهام بارتكاب جريمة الإبادة الجماعية، وتحتفظ بحقها في الدفاع عن النفس ضد حماس في أعقاب هجمات 7 أكتوبر 2023.
فمنذ بداية الحرب، قتل أكثر من 65 ألف فلسطيني وفلسطينية، بما في ذلك 18,000 طفل وطفلة، وفقا للأرقام التي نشرتها الأمم المتحدة. ونزح ما يقرب من مليوني شخص. ورغم إعلان المجاعة في شمال قطاع غزة، فإن المساعدات الإنسانية لا تزال تدخل بكميات ضئيلة جدا لا تكفي لسدّ الحاجة.
التقرير يستهدف قادة إسرائيليين رفيعي المستوى
في تقريرهم، حمّل المحققون الرئيس الإسرائيلي إسحاق هرتسوغ، ورئيس الوزراء بنيامين نتنياهو، ووزير الدفاع السابق يوآف غالانت، مسؤولية التحريض على الإبادة الجماعية. وللتذكير، كان الأخير وصف الفلسطينيين بأنهم “حيوانات بشرية”.
فضلا عن ذلك فقد أصدرت المحكمة الجنائية الدولية مذكرتي اعتقال بحق بنيامين نتنياهو، ويوآف غالانت بتهمة ارتكاب جرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية. وتود لجنة التحقيق أن يحقق المدعي العام للمحكمة الجنائية الدولية أيضا في أعمال الإبادة الجماعية، الموصوفة في التقرير.
مسؤولية الدول
يقول فينسنت تشيتيل: “إذا تم تطبيق القانون، واستخلصت الدول عواقب التقرير، فلابد من اتخاذ تدابير مختلفة، بما في ذلك فرض حظر على شحنات الأسلحة، واتخاذ إجراءات دبلوماسية لوقف المذبحة”. إلا أنه يسلط الضوء على الفجوة بين احترام القانون، والمصالح السياسية.
وفي اليوم التالي لنشره، لم يتسبب التقرير في صدور موجة من ردود الفعل من العواصم الأوروبية. وندد البعض، بما في ذلك برن وبروكسل وباريس، يوم الأربعاء بتكثيف الهجمات من قبل الجيش الإسرائيلي في مدينة غزة.
ولم تصدر محكمة العدل الدولية، الهيئة القضائية الرئيسية للأمم المتحدة، حكمها بعدُ بشأن جوهر النزاع بين جنوب أفريقيا وإسرائيل. ولكن الدول الأوروبية مترددة بشكل خاص في إدانة الإبادة الجماعية في غزة، قبل أن تتوصل العدالة الدولية إلى استنتاجاتها، وهو ما سوف يستغرق سنوات.
وقال رئيس اللجنة والقاضي السابق للمحكمة الجنائية الدولية لرواندا: “يجب على الدول ألا تنتظر حتى تثبت محكمة العدل الدولية وقوع جريمة الإبادة الجماعية”، وحث الدول على التوقف عن تزويد إسرائيل بالأسلحة.
يقول فينسنت تشيتيل: “من المتصور أن تلجأ الدول الأطراف في اتفاقية الإبادة الجماعية، على سبيل المثال بلدان “الجنوب العالمي”، إلى محكمة العدل الدولية للتشكيك في تواطؤ الدول الغربية، التي قد تكون ملزمة بدفع التعويضات”.
ويأمل أعضاء المفوضية أن يشجع تقريرهم كبار مسؤولي الأمم المتحدة، بما في ذلك الأمين العام أنطونيو غوتيريش والمفوض السامي لحقوق الإنسان فولكر تورك، على استخدام هذا المصطلح. ولكنهم، لم يفعلوا ذلك بعد.
الرد الإسرائيلي
صباح يوم الثلاثاء، دعا السفير الإسرائيلي لدى الأمم المتحدة في جنيف، دانييل ميرون، الصحافة إلى التنديد بما اعتبره تقريرًا «فاضحًا» و «غير صادق»، أعده محققون معروفون بـ «معاداتهم للسامية».
ورفض نافي بيلاي وكريس سيدوتي هذا الاتهام، وأضاف المحامي الأسترالي أنه يود أن ترد السلطات الإسرائيلية على مضمون التقرير، ولكنها لا تفعل ذلك أبدا.
وفي حين أعلن الأعضاء الثلاثة في لجنة التحقيق مؤخرًا استقالتهم المقبلة، فقد أكدوا أن قرارهم لا يرتبط بالضغوط التي تمارسها إسرائيل والولايات المتحدة، التي فرضت عقوبات على المقرر الخاص المعني بالأراضي الفلسطينية المحتلة.
تحرير: فيرجيني مانجان
تحرير: فيرجيني مانجان
ترجمة: عبد الحفيظ العبدلّي
مراجعة: مي المهدي
متوافق مع معايير الصحافة الموثوقة
المزيد: SWI swissinfo.ch تحصل على الاعتماد من طرف "مبادرة الثقة في الصحافة"
يمكنك العثور على نظرة عامة على المناقشات الجارية مع صحفيينا هنا . ارجو أن تنضم الينا!
إذا كنت ترغب في بدء محادثة حول موضوع أثير في هذه المقالة أو تريد الإبلاغ عن أخطاء واقعية ، راسلنا عبر البريد الإلكتروني على arabic@swissinfo.ch.