
خيارات محدودة لماكرون بعد استقالة رئيس وزرائه

بعيد استقالة رئيس الوزراء الفرنسي سيباستيان لوكورنو غداة إعلان تشكيلة حكومته، ظهر الرئيس إيمانويل ماكرون في مقطع مصوّر وهو يسير على ضفاف نهر السين في باريس، منشغلا بمكالمة هاتفية مطوّلة، في لقطة باتت تجسّد عزلته السياسية المتزايدة.
لا تزال هوية الشخص الذي كان ماكرون يتحدث إليه وموضوع المكالمة غير معروفين. فما الخطوة التالية للرئيس الذي سيغادر الإليزيه عام 2027 بعد استكمال ولايتيه الدستوريتين؟
في ما يلي أربعة سيناريوهات يطرحها محللون، لا يقدّم أي منها حلا سريعا.
– إعادة تعيين لوكورنو –
يبدو أن ماكرون أبقى هذا الخيار مفتوحا بعد إعلان برونو لومير، وزير الاقتصاد والمالية السابق والمقرّب منه، انسحابه من الحكومة إثر تعيينه وزيرا للدفاع، وهو ما فجّر الأزمة.
وأمهل ماكرون لوكورنو يومين حتى مساء الأربعاء، يقوم فيها بمساعي لإنقاذ حكومته. وإجراء “مفاوضات أخيرة” لجمع تأييد كافٍ لتشكيل ائتلاف حكومي.
لكن من غير الواضح ما إذا كان لوكورنو سيتمكن من تشكيل حكومة، فضلا عن نيله الثقة في البرلمان حيث يفتقر معسكره إلى الغالبية.
وقال مسؤول في الإليزيه إن إعادة تعيينه في المنصب لن تكون تلقائية حتى لو نجحت مهمته. من جهته، رأى بول تايلور، الباحث في مركز السياسات الأوروبية، أن “جوهر المشكلة لم يتغير: فبوجود لومير أو من دونه، لا اتفاق على الميزانية ولا على إصلاح التقاعد ولا على الهجرة وغيرها”.
– رئيس وزراء جديد –
إذا ما أقدم ماكرون على تكليف رئيس جديد للحكومة، فسيكون الثامن في عهده منذ دخوله الإليزيه عام 2017، والثالث هذه السنة، ما سيضرّ بصورة فرنسا.
تطالب قوى اليسار بتعيين شخصية تعتمد ميزانية أكثر توسعا، لكن من غير المؤكد أن ماكرون سيقبل بذلك، وحتى إن فعل، فالدعم اليساري الكامل لهذا الخيار ليس مضمونا.
وقالت مجموعة “يوراسيا” التحليلية إن “رئيس وزراء آخر قد يُسقط خلال أسابيع، ما يجعل الدعوة لانتخابات تشريعية جديدة أمرا شبه حتمي”.
– انتخابات مبكرة –
لطالما قاوم ماكرون فكرة حلّ البرلمان والدعوة لانتخابات مبكرة، بعدما ارتد عليه قراره في صيف 2024 بالدعوة الى انتخابات تشريعية، أدت إلى برلمان منقسم وشلل سياسي في البلاد.
لكنّ مصدرا في الرئاسة قال إن ماكرون “سيتحمل مسؤولياته” إذا فشل لوكورنو خلال اليومين المقبلين، في إشارة إلى احتمال اللجوء لانتخابات جديدة.
وقد تؤدي هذه الانتخابات إلى تعزيز موقع اليمين المتطرف بزعامة مارين لوبن، ومنح حليفها جوردان بارديلا فرصة لتولي رئاسة الحكومة.
لكن نتائج انتخابات مماثلة تظل غير مضمونة، رغم أن لوبن اعتبرتها “ضرورة مطلقة”.
وقالت مديرة مكتب المجلس الأوروبي للعلاقات الخارجية في باريس سيليا بيلان إنه “من غير المؤكد أن تفضي الانتخابات الجديدة إلى نتيجة مختلفة عن تلك التي أفرزها اقتراع تموز/يوليو الماضي”.
– الاستقالة –
استبعد ماكرون دوما احتمال استقالته قبل انتهاء ولايته، إذ سيعني ذلك الدعوة لانتخابات رئاسية مبكرة. لكن الضغوط عليه تتزايد بوتيرة غير مسبوقة.
وقالت بيلان إن “فشل الانتخابات المبكرة في إنتاج غالبية حاكمة قد يحوّل الأزمة السياسية إلى أزمة نظام، وعندها قد يصبح بقاء الرئيس ماكرون في الحكم موضع تساؤل”.
سجو/اه/ع ش/كام