أخطار عدم التصدي للإيدز في العالم العربي
يشير تقرير الأمم المتحدة حول الإيدز في العالم إلى أن انتشار المرض في العالم العربي قد شهد زيادة بـ 67 ألف حالة جديدة خلال العام الحالي.
من جهته حذر البنك الدولي من الآثار الاقتصادية التي قد تترتب عن عدم محاربة انتشار المرض في منطقة الشرق الأوسط حيث لا يولي المسؤولون العناية الضرورية للتصدي للظاهرة.
بمناسبة اليوم العالم لمحاربة انتشار مرض نقص المناعة المكتسب إيدز أو سيدا، أصدر صندوق الأمم المتحدة لمحاربة الإيدز تقريرا يذكر فيه بأن هذا المرض أودى بحياة أكثر من 25 مليون شخص منذ اكتشاف فيروسه في عام 1981 مما جعله يصبح أكثر الآفات فتكا بأرواح البشر.
وعلى الرغم من تقدم العلاج تسبب مرض الإيدز في مقتل 3،1 مليون شخص في العام 2005 كما اصبح عدد الحاملين للفيروس في العالم يتجاوز 40،3 مليون شخص.
وإذا كانت نتائج الجهود المبذولة لمحاربة الانتشار في العديد من الدول وخاصة الأوربية منها بدأت تأتي بثمارها، فإن جنوب القارة الإفريقية يبقى البؤرة الأكثر انتشارا للمرض بحيث يبلغ عدد الحاملين للفيروس في هذه المنطقة وحدها 25،8 مليون شخص. يضاف إلى ذلك أن مناطق لم تعرف انتشارا كبيرا للمرض مثل العالم العربي بدأت تعرف ارتفاعا لحالات الإصابة مما دفع إلى التحذير من مخاطر عدم التعجيل بانتهاج استراتيجية وقاية وتوعية مدروسة في المنطقة إلى جانب توفير وسائل العلاج.
بداية اهتمام جاد في العالم العربي
إذا كانت الدول الغربية التي عرفت انتهاج استراتيجيات مدروسة لتوعية جمهورها وبالأخص الفئات الأكثر عرضة لأخطار الإصابة بمرض الإيدز، قد عرفت استقرار في نسبة الانتشار ، بل عرفت بفضل توفير العلاج تراجعا او على الأقل استقرارا في عدد الوفيات بسبب مرض الإيدز، فإن كل الجهات المختصة تقرع جرس الإنذار بخصوص نقص التوعية في منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا.
إذ يعتر تقرير صندوق الأمم المتحدة لمحاربة الإيدز أن منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا عرفت استمرار انتشار المرض بحيث بلغ عدد حالات الإصابة المسجلة في العام 2005 متوسطا يقدر ب 67 ألف حالة وهو ما يجعل عدد حاملي فيروس الإيدز في المنطقة يتراوح ما بين 230 ألف و 1،4 مليون شخص أي بمتوسط يقدر في حدود 510 ألف حالة.
وقد أدى مرض نقص المناعة المكتسب في العالم العربي خلال العام 2005 إلى وفاة 58 ألف شخص.
أخيرا بعض المعطيات !
المشكلة التي ضلت تعترض الجهات الساهرة على تقييم انتشار مرض الإيدز في العالم، عند محاولة تطرقها لواقع العالم العربي، كانت ولازالت تكمن في نقص الإحصائيات عن حالات الإصابة والفئات المستهدفة. ولكن تقرير العام 2005 أوضح بأن دولا مثل الجزائر والجماهيرية العربية الليبية والمغرب والصومال والسودان قدمت معطيات سمحت بالوقوف على أن ظاهرة انتشار مرض الإيدز او السيدا هي في تعاظم في المنطقة العربية أيضا وبالأخص في صفوف الشباب.
وقد أظهرت معطيات من الجزائر وليبيا والمغرب والصومال أن مزاولة الجنس بدون اتخاذ الإجراءات الوقائية هو السبب الرئيسي في انتشار الإصابة. في حين أن تعاطي المخدرات بواسطة الحقن يبقى السبب الرئيسي للأصالة في كل من إيران وليبيا. وما يلاحظ في المنطقة العربية هو تراجع حالات الإصابة بمرض الإيدز من خلال عمليات حقن الدم.
لكن هذه المعطيات تبقى غير كافية في العديد من المناطق لتحديد أسباب وعوامل الانتشار بشكل دقيق. ففي الجزائر مثلا سمح توفير إحصائيات ودراسات بالوقوف على أن عدد حالات الإصابة الجديدة تضاعف عما كان عليه في العام 2003 ليصل إلى 266 حالة . ولكن عدم تحديد طرق نقل الإصابة يمنع من تحديد الفئات الأكثر عرضة للإصابة بالمرض.
وفي العربية السعودية التي عادة ما تفتقر لأية معطيات سمحت دراسة أجريت مؤخرا في العاصمة الرياض بإظهار أن نصف عدد المصابين بالمرض ( ما بين 1000 و 8000) تعرضوا للإصابة عن طريق ممارسة الجنس مع جنس مضاد. كما أظهرت الدراسة أن أغلبية النساء المتزوجات المصابات، تعرضن للإصابة عن طريق أزواجهن.
الإصابة عن طريق تعاطي المخدرات
بتقديم إحصائيات عن حالات الإصابة بمرض نقص المناعة المكتسب عن طريق تعاطي المخدرات في العالم العربي، يتم رفع حضر عن الحديث عن موضوعين في آن واحد.
فقد اتضح أن أغلب حالات الإصابة في الجماهيرية العربية الليبية المقدرة ب 23 ألف مصاب حسب التقديرات الرسمية لعام 2003، تمت عن طريق تعاطي الشباب للمخدرات عبر الحقن. ويتم تركيز الإصابة عبر تعاطي مخدرات مثل الهيروين في ضواحي العاصمة طرابلس.
ونفس الظاهرة عرفتها ولا زالت تعرفها إيران حيث يوجد اكثر من 200 ألف شاب مدمن على المخدرات نصفهم مروا عبر سجون البلاد حيث يفتقر إلى وسائل الحقن النظيفة مما يعمل مضاعفة حالات الإصابة.
ومن الدول التي أشار التقرير إلى كون تعاطي المخدرات يشكل عاملا هاما في الإصابة فيها بمرض نقص المناعة المكتسب إيدز أو سيدا كل من الكويت والبحرين وعمان.
وإذا كانت نسبة الإصابة عن طريق تعاطي المخدرات في مصر لا تتجاوز 2% ، وفي تونس لا تمثل سوى نسبة ضئيلة، فإن الخطر في أغلب البلدان العربية يبقى متمثلا في ممارسة الجنس بدون وقاية او في أوساط تجارة الجنس. ولكن بعض الدراسات أشارت أيضا إلى تفشي الإصابة عن طريق تعاطي الجنس بين ذوي الشذوذ. وتبقى حالة السودان ، البلد العربي الذي يعرف أكبر نسبة انتشار للمرض حالة تشتمل على مختلف طرق الإصابة بالمرض والتي تضاف لها مشاكل النزوح والصراعات المسلحة.
تحذير من العواقب الاقتصادية
وسواء تعلق الأمر بتقرير صندوق الأمم المتحدة لمحاربة انتشار مرض الإيدز أو بالتقرير الصادر عن البنك الدولي، فإن كلاهما يحذر من مخاطر عدم انتهاج البلدان العربية لاستراتيجية إعلامية وتثقيفية جادة لتوضيح طرق انتقال المرض وكيفية الوقاية منه.
إذ يرى تقرير الأمم المتحدة أن واقع المنطقة العربية أظهر “افتقارا كبيرا لنشر الوعي بين الجمهور بخصوص طرق انتقال الإصابة بمرض نقص المناعة المكتسب إيدز أو سيدا ، وحول دور تجارة الجنس في عملية الانتشار، وحول مخاطر ممارسة الجنس بين الرجال”.
بينما حذر البنك الدولي في تقريره الصادر بمناسبة اليوم العالمي لمحاربة الإيدز، دول الشرق الأوسط وشمال إفريقيا ” من المخاطر الاقتصادية لانتشار المرض في المنطقة”. إذ يرى البنك الدولي ” أن عدم تحرك بلدان المنطقة بشكل وقائي قد يعمل على تخفيض النمو الاقتصادي بحوالي 1،5%للفترة ما بين 2000 و 2025 وهو ما يشكل فقدان حوالي 35% من الإنتاج المقدر حسب الدخل القومي الحالي”.
وحتى ولو اعترف تقرير البنك الدولي بأن نسبة الانتشار في منطقة الشرق الأوسط تبقى ضعيفة مقارنة مع مناطق أخرى مثل جنوب القارة الأفريقية، فإنه “يحذر من مخاطر اهتمام دول المنطقة بجانب العلاج وتأمين سلامة بنوك الدم، دون إعطاء اهتمام لعملية التوعية والوقاية خصوصا في صفوف الفئات الأكثر عرضة للخطر”.
محمد شريف – سويس إنفو – جنيف
متوافق مع معايير الصحافة الموثوقة
المزيد: SWI swissinfo.ch تحصل على الاعتماد من طرف "مبادرة الثقة في الصحافة"
يمكنك العثور على نظرة عامة على المناقشات الجارية مع صحفيينا هنا . ارجو أن تنضم الينا!
إذا كنت ترغب في بدء محادثة حول موضوع أثير في هذه المقالة أو تريد الإبلاغ عن أخطاء واقعية ، راسلنا عبر البريد الإلكتروني على arabic@swissinfo.ch.