إقبال ضعيف على انتخابات بلدية تشكّل تحديا للحزب الحاكم في جنوب إفريقيا

صوّت أبناء جنوب إفريقيا الإثنين من دون حماسة في انتخابات بلدية قد تفضي للمرة الأولى منذ العام 1994 إلى تراجع التأييد الشعبي لحزب نيلسون مانديلا “المؤتمر الوطني الإفريقي”إلى ما دون عتبة 50%.
وأغلقت مراكز الاقتراع عند الساعة 19,00 ت غ، ومن المتوقع صدور أولى النتائج الجزئية ليلا.
وجرت الانتخابات بغالبيتها بهدوء، ولم تشهد إقبالا كثيفا. وعصرا كان ثمانية ملايين ناخب فقط من أصل 20 مليونا مسجلين قد أدلوا بأصواتهم، علما بأن عدد الذين هم في سن الاقتراع يبلغ 40 مليونا.
ويختار أبناء البلد في هذا الاستحقاق ممثليهم في حوالى 250 بلدية، وفق اللجنة الانتخابية.
وفي تصريح لوكالة فرانس برس قالت شيهلوكي ميتيليني (27 عاما) وهي أم لولدين عاطلة عن العمل “لن أصوت لأن الحكومة لا تكترث لمصير أشخاص مثلي”.
ومنذ سنوات، تتقهقر شعبية حزب المؤتمر الوطني الإفريقي، الذي يحكم البلاد منذ نهاية الفصل العنصري قبل 27 عامًا.
ويواجه العديد من قادته، وفي مقدمتهم الرئيس السابق جيكوب زوما (2009-2018)، دعاوى خطيرة أمام القضاء تتعلق بقضايا فساد، وسجلت البطالة معدلا قياسيا بلغ 34,4% في هذه الدولة التي يشهد اقتصادها تراجعا بالفعل قبل الازمة الوبائية.
ويتوقّع رئيس البلاد سيريل رامابوزا، وهو رئيس حزب المؤتمر الوطني الإفريقي أيضاً، تحقيق “فوز ساحق” في الانتخابات التي تعد اختبارا تمهيديا للاستحقاق الرئاسي المقرر في العام 2024. لكن الاستطلاعات تشير إلى أن الحزب سيخسر للمرة الأولى الغالبية.
وأملت نتوكوزو اندلوفو وهي ممرضة تبلغ 33 عاما أن “يرى الحزب الحاكم أن الناس ليسوا سعداء. عليه أن يدرك أن الأمر يتطلب تغييرا وليس مجرد أقوال من دون أفعال”.
وهي شددت على أنها تواظب على الاقتراع لأن ذويها حرموا من هذا الحق حتى العام 1994.
– انتخابات وتلقيح –
واعتبرت ماسيغو موليباتسينا وهي طالبة تبلغ 19 عاما أن التصويت “مضيعة للوقت”، وهي توجّهت إلى مركز اقتراع في سويتو إنما من أجل تلقي لقاح مضاد لفيروس كورونا.
واستغلت جنوب إفريقيا التي تعاني حملة التلقيح فيها من البطء، الاستحقاق الانتخابي لإتاحة التلقيح في عيادات أقيمت بجانب مراكز الاقتراع. وتمت إقامة ألف من هذه العيادات في مختلف أنحاء البلاد خصوصا في المناطق التي لا تزال نسب التلقيح فيها ضئيلة.
وجنوب إفريقيا التي سجّلت إلى الآن أكثر من 2,9 مليون إصابة بينها 89 ألف وفاة، هي رسميا البلد الأكثر تضررا من جراء الجائحة في القارة الإفريقية. وحاليا تقتصر نسبة البالغين الملقّحين بالكامل ضد فيروس كورونا فيها على 31 بالمئة.
أدى سوء الإدارة والفساد المستشري منذ سنوات إلى تدهور العديد من الخدمات العامة في جنوب إفريقيا، حيث ازداد الانقطاع في التيار الكهربائي وفي إمدادات المياه، مما أثر على الحملة الانتخابية.
في تموز/يوليو، غرقت البلاد في اعمال عنف خلفت 354 قتيلا، بحسب الحصيلة الرسمية، واندلعت إثر ايداع زوما السجن، ولكنها تدل أيضا على المناخ الاجتماعي والاقتصادي المتأزم.
وطوال الحملة، أكد رئيس البلاد سيريل رامابوزا، وهو رئيس حزب المؤتمر الوطني الإفريقي أيضاً، للناخبين “تنظيف الحزب”. وجعل من مكافحة الفساد معركته.
في الانتخابات البلدية التي جرت العام 2016، حصل حزب المؤتمر الوطني الإفريقي على 54% من الأصوات في البلاد، وهي أسوأ نتيجة له منذ العام 1994، وخسر مدنا كبيرة مثل بريتوريا وجوهانسبرغ.
يأتي ذلك فيما لا تزال المعارضة منقسمة إذ سيقدم “التحالف الديموقراطي”، الذي لا يزال يُنظر إليه في المقام الأول على أنه حزب من البيض، وحزب “مناضلون من أجل الحرية الاقتصادية” اليساري الراديكالي اللذان شكلا تحالفات في بعض البلديات قبل خمس سنوات، مرشحيهم بشكل مستقل.