مُستجدّات ورُؤى سويسريّة بعشر لغات

اللعـب بالنـار

تزييف حسابات شركة worldcom الامريكية ادى الى تراجع كبير في اسواق الاسهم وذكر السويسريين بافلاس سويس اير Keystone

وسط مطالب بعض الجهات السويسرية بتحويل هيئة الرقابة الخاصة، التي تم تعيينها في أوائل عام 2001 للنظر في أزمة SAirGroup إلى لجنة للتحقيق في المسؤوليات عن أكبر أزمة في تاريخ الاقتصاد السويسري، صَحَت البورصات السويسرية والعالمية على دويّ انفجار جديد أتى على ما تبقى من ثقة، في الأسواق الدولية للأسهم.

تمثل هذا “الانفجار في كشف النقاب عن أن مؤسسة WorldCom وهي ثاني أهم شركات الاتصال في الولايات المتحدة قد أجرت “عملية تجميلية” على كشوفاتها الحسابية الأخيرة بصفة صعّدت معها أرباح هذه المجموعة الأمريكية العملاقة بما يعادل حوالي 4 مليارات دولار.

فالمألوف هو أن الشركات سواء في الولايات المتحدة أو أي بلد آخر، تسعى لمواراة أرباحها بالتقليل منها إلى أبعد ما يمكن لأغراض ضريبية. وقد يستغرب البعض أن WorldCom، قد فعلت عكس ذلك حينما ضخّمت حجم تلك الأرباح بطريقة تعود عليها بنسبة أكبر من ضرائب الدخل في الولايات المتحدة!

ومن الواضح أن هذه العملية التجميلية البعيدة عن النزاهة في إعداد كشف الحسابات، تفترض “لعبا بالنار” تحت ناظر سلطات رقابة الاقتصاد وسلطات تدقيق حسابات الشركات، وهي لعبة الإغراء بأسهم الشركة كأسهم شركة ناجحة وصامدة في وجه الكساد الاقتصادي الحالي. والسؤال الذي يثير الريبة في البورصات الأمريكية والعالمية هو الآن لصالح مَن وعلى حساب مَن، زيفت WorldCom حساباتها؟

اين المصداقية والشفافية؟

هذا التصرف من طرف Worldcom، ذكّر الاوساط المالية السويسرية بالظروف التي ادت الى انهيار وافلاس شركة سويس اير العام الماضي.

فقد قام يوم الأربعاء المحامي السويسري كارل فيتريخ K.Wüthrich الذي عيّن في أوائل عام 2001 مفوّضا للنظر في إمكانيات التوصل إلى تسوية خارج المحاكم بين SAirGroup ودائنيها، بتقديم نتائج التحقيقات التي أجراها في حسابات “سويس اير”، وطالب بتحويل لجنة الوفاق والتسوية التي يرأسها إلى لجنة رسمية للتحقيق في المسؤوليات التي أدت الى انهيار الشركة الجوية.

هذه التحقيقات التي أجراها خبراء مجموعة Ernst & Young الدولية المعروفة للمُحسابة، كشفت النقاب على ما يبدو عن أن مجموعة “سويس إير” قد انتهكت القوانين الأوروبية و”زيّفت” الكشوفات الحسابية من أجل تحقيق واحدة من الصفقات التجارية على الأقل، وهي الصفقة التي تمثلت في شراء كامل أسهم شركة Air Littoral الفرنسية.

ومن أجل التحايل على القوانين الأوروبية، قامت مجموعة “سويس اير” على ما يبدو، بوضع نصف المبلغ الضروري لشراء الشركة الفرنسية المذكورة تحت تصرف طرف ثالث يعمل لحسابها بالسِر، وتمكنت بهذه “المكيدة” من تطهير حساباتها السنوية الخاصة، من كامل الخسارة التي نجمت عن انهيار الشركة الفرنسية.

الصعوبات أفسدت عمليات تجميل الحسابات

إن هذه اللعبة بالحسابات أو بالنار كما اتضح في وقت لاحق، لم تدم طويلا نظرا لتورط المجموعة السويسرية في عشرات الصفقات الضعيفة التي آلت إلى الانهيار نتيجة الكساد التام ساد اسواق الطيران المدني، خاصة بعد أحداث 11 سبتمبر.

وعلى هذه الخلفية، تأتي مطالب كارل فيتريخ بإجراء تحقيق رسمي في أكبر أزمة في تاريخ الاقتصاد السويسري على الإطلاق، مطالب بتحديد مسؤوليات لا تقتصر على الرئيس أو نائب الرئيس وأعضاء مجلس الإدارة لمجموعة SairGroup، وإنما تمتد أيضا إلى بعض دوائر السلطة لعدم التدقيق تماما في حسابات المجموعة أو لتجديد تصريحها بمواصلة نشاطاتها، علما بأنها كانت على وشك الافلاس.

نفس هذه التساؤلات لا تزال مطروحة على الجانب الآخر من الأطلسي إثر انهيار إمبراطورية إينرون Enron الأمريكية للطاقة، ويتكرر اليوم بعد كشف النقاب عن التزييف الهائل لحسابات مجموعة WorldCom

 البورصات لا تحتمل الزيادة أو النقصان

ولا غرابة في أن ترد البورصات العالمية ردا عنيفا على عمليات التزييف الأخيرة بانهيار تراوح بين %4 و %5، ليس لحداثة عهد عمليات التزييف والتلاعب بالحسابات أو للاحتجاج على مثل هذه الممارسات فحسب، وإنما للإعراب أيضا عن عدم الثقة في سلطات وهيئات الرقابة على الاقتصاد والأسواق المالية.

ففي حالة SairGroup في سويسرا و WorldComفي الولايات المتحدة، فان السلطات المعنية مطالبة بالشفافية إلى أبعد ما يمكن في تحديد المسؤوليات، أي انها مطالبة بطمأنة المساهمين والمستثمرين في البورصة على أن حرية الاقتصاد لا تعني بالمرة حرية التلاعب بالحسابات أو بصغار المستثمرين الذين لا يملكون أية حيلة أو وسيلة، سوى الثقة بنزاهة الشركات والسلطات الاقتصادية.

سويس إنفو

متوافق مع معايير الصحافة الموثوقة

المزيد: SWI swissinfo.ch تحصل على الاعتماد من طرف "مبادرة الثقة في الصحافة"

يمكنك العثور على نظرة عامة على المناقشات الجارية مع صحفيينا هنا . ارجو أن تنضم الينا!

إذا كنت ترغب في بدء محادثة حول موضوع أثير في هذه المقالة أو تريد الإبلاغ عن أخطاء واقعية ، راسلنا عبر البريد الإلكتروني على arabic@swissinfo.ch.

SWI swissinfo.ch - إحدى الوحدات التابعة لهيئة الاذاعة والتلفزيون السويسرية

SWI swissinfo.ch - إحدى الوحدات التابعة لهيئة الاذاعة والتلفزيون السويسرية