
المجاعة تهدد الملايين في نيجيريا مع نفاد المساعدات وتزايد الهجمات الجهادية

يواجه أكثر من مليون شخص خطر المجاعة في شمال شرق نيجيريا في ظل تزايد هجمات الجهاديين وتراجع المساعدات الخارجية والارتفاع الكبير في تكاليف المعيشة.
وقبل أن يقلب التمرّد الجهادي الحياة اليومية رأسا على عقب، كانت دامبوا مركزا زراعيا إقليميا. وباتت اليوم تكافح من أجل البقاء.
وتقع البلدة على بعد حوالى 90 كيلومترا جنوب ميدوغوري، عاصمة ولاية بورنو، على أطراف غابة سامبيسا، وهي محمية للحيوانات البريّة تحوّلت إلى جيب جهادي.
وبينما تراجع التمرّد الذي تواجهه نيجيريا منذ 16 عاما، بعدما بلغ ذروته سنة 2015 تقريبا، تزايدت الهجمات منذ مطلع العام بسبب مجموعة من العوامل التي عززت المجموعات الجهادية وضغطت على قوات الأمن.
وانضمت ألماتا مودو البالغة 25 عاما إلى الآلاف غيرها ممن فروا من الأرياف إلى البلدة في أيار/مايو، بعدما سيطر جهاديون على قريتها. ويتوقع أن تنفد المؤن الشحيحة أساسا، مع توقف الدعم الغربي.
وتقول مودو لوكالة فرانس برس أثناء توجهها إلى مركز لتوزيع المساعدات أقيم في محطة للشرطة “نحن بمأمن، لكن الطعام غير كاف”.
وتتفق معها أميناتا أدامو (36 عاما) التي فرّت من منزلها قبل عقد وتتلقى شهريا مؤنا مخصصة لعائلة من أربعة أفراد، رغم أن عائلتها باتت مكوّنة من 11 شخصا.
– “خسائر في الأرواح” –
ويتوقع أن تنفد المواد الغذائية بحلول أواخر تموز/يوليو في وقت يؤدي تراجع المساعدات الغربية بما في ذلك تفكيك الوكالة الأميركية للتنمية الدولية (يو إس أيد) إلى انهيار البرامج الإنسانية.
وقالت الناطقة باسم “برنامج الأغذية العالمي” تشي لايل إن “هذه آخر (مؤن) الأرز المتبقية لدينا من يو إس أيد”، مشيرة إلى كومة من الأكياس البيضاء في مركز آخر لتوزيع المساعدات في مافا، على بعد 150 كيلومترا تقريبا عن دامبوا.
ويعاني خمسة ملايين شخص “الجوع الشديد” في ولايات بورنو وأداماوا ويوبي، وهي الأكثر تضررا من التمرّد الجهادي الذي أطلقته بوكو حرام وتنظيم الدولة الإسلامية-ولاية غرب إفريقيا.
وتمكن برنامج الأغذية العالمي حتى الآن فقط من إطعام 1,3 مليون شخص يواجهون المجاعة حاليا مع نفاد الحصص الغذائية.
وقالت لايل “لم يعد هناك طعام في المستودعات.. ستكون هناك خسائر في الأرواح”.
وتأتي هذه الأزمة في توقيت غير مؤات بتاتا، إذ أن الفترة من حزيران/يونيو حتى أيلول/سبتمبر هي الفترة بين الزراعة والحصاد عندما تكون مخزونات الأطعمة ضئيلة لدى العائلات.
وتشير ديانا ياباريدزه من اللجنة الدولية للصليب الأحمر إلى أن فلاحي الريف يشترون عادة المواد الغذائية، لكن في ظل التضخم الناجم عن أزمة اقتصادية مصحوبا بحالات النزوح القسري، لم يعد بإمكان كثيرين “تحمّل التكاليف”.
ومن الطائرة، تظهر مساحات شاسعة من الأراضي الزراعية المهجورة بسبب العنف في دامبوا.
وبات تنظيم الدولة الإسلامية-ولاية غرب إفريقيا منظّما بشكل أفضل.
وبالتزامن، تدهور التعاون بين النيجر ونيجيريا لمكافحة الإرهاب في وقت تضغط أزمة قطاع طرق منفصلة على الجيش بينما فاقمت الأزمة الاقتصادية مشاعر السخط السائدة في أوساط أهل الريف والتي تستغلها عادة الجماعات المتمردة.
وقال سكان إن مزارعا قتل في حقله قبل أيام.
وتسجّل دامبوا أكبر عدد من حالات سوء التغذية وأكثرها حدة في أوساط الأطفال دون الخمس سنوات، على مستوى شمال شرق نيجيريا، بحسب كيفن أكواوا، الطبيب لدى الهيئة الطبية الدولية.
– إغلاق 150 مركز تغذية –
وأحضرت فانا عبد الرحمن (39 عاما)، وهي أم لثمانية أطفال، طفليها التوأم البالغين ستة شهور واللذين يعانيان من سوء التغذية الشديد، إلى مركز للتغذية.
ولم يكن بإمكانها إرضاعهما نظرا إلى أنها هي أيضا تعاني سوء التغذية.
وبحلول أواخر تموز/يوليو، سيتم إغلاق 150 من بين 500 مركز تغذية يديرها برنامج الأغذية العالمي في شمال شرق نيجيريا، بسبب نقص التمويل. ومن شأن ذلك أن يعرض حياة نحو 300 ألف طفل إلى الخطر، بحسب مسؤول التغذية لدى برنامج الأغذية العالمي جون آلا.
وما زالت لافتتان تحملان شعار “يو إس أيد” الأبيض والأحمر معلقة على البوابة الأمامية، حيث ستنفد المخزونات قريبا.
وفي مؤشر على انعدام الأمن في المنطقة، يستخدم جهاز محمول لكشف المعادن لتفتيش كل من يدخل المركز.
ومن شأن النقص المحدق في المواد الغذائية، التسبب بتدهور الوضع.
وقال آلا “عندما ترون انعدام الأمن الغذائي والفقر، يتبع ذلك.. المزيد من انعدام الأمن نظرا إلى أن الناس سيلجأوون إلى آليات تكيّف فظيعة من أجل البقاء”.
وأفاد مدير برنامج الأغذية العالمي في نيجيريا ديفيد ستفينسون إن 31 مليون شخص يواجهون الجوع الحاد في أنحاء البلاد، وهو عدد قياسي.
وقال إنه مع انهيار عمليات برنامج الأغذية العالمي في شمال شرق نيجيريا، “لم تعد هذه مجرد أزمة إنسانية. إنها تمثّل تهديدا متزايدا للاستقرار الإقليمي”.
ولم تكن فانا محمد، وهي أم لتسعة أطفال تبلغ من العمر 30 عاما، تدرك أن المساعدات الغذائية وعلاجات سوء التغذية لدى الأطفال ستنتهي قريبا.
وقالت لدى علمها بالأمر “لا أتخيل أننا سنبقى على قيد الحياة”.
وفي تقريرهما بشأن التوقعات للفترة ما بين حزيران/يونيو وأيلول/سبتمبر، حذّر كل من برنامج الأغذية العالمي ومنظمة الأغذية والزراعة من أنه “يتوقع أن تتدهور المستويات الخطرة من انعدام الأمن الغذائي الحاد” مع تصاعد النزاعات وتواصل الصعوبات الاقتصادية والفيضانات المتوقعة.
ورغم الحاجة الملحة لمزيد من المواد الغذائية، لا يجرؤ إلا عدد قليل من المزارعين على المغامرة إذ يعتني هؤلاء بحقولهم التي يقع كل منها على بعد بضعة كيلومترات عن بعضها البعض على طريق ميدوغوري-مافا السريع، تحت حماية مليشيات مسلحة،
سن/لين/غ ر