مُستجدّات ورُؤى سويسريّة بعشر لغات

المدن السويسرية تواجه تحدي المساعدات الاجتماعية

Keystone

تركّـز الاهتمام في ندوة الخريف لـ "مبادرة المدن"، التي انعقدت يوم 14 نوفمبر في زيورخ، على بحث سُـبل إعادة الإدماج المهني للأشخاص، الذين تتكفّـل بهم دوائر المساعدة الاجتماعية في أهم المدن السويسرية.

فقد ناقش ممثلون عن 50 مدينة جملة من الأفكار والمشاريع، كما وجّـهوا جملة من المطالب إلى الكنفدرالية والكانتونات والقطاع الاقتصادي.

يوما بعد يوم، يتزايد عدد الأشخاص الذين يجدون أنفسهم مُـرغمين على اللجوء إلى خدمات دوائر المساعدة الاجتماعية. هذا الواقع المستجدّ تعرفه جيّـدا “مبادرة المدن.. سياسة اجتماعية”، التي ناقشت خلال ندوتها الخريفية، مسألة إعادة إدماج الأشخاص المحالين على المساعدة العمومية في عالم الشغل.

يتّـفق الخبراء في هذا القطاع، على التأكيد بأنه إذا ما اقتصر عمل المساعدة الاجتماعية على ضمان حصول الأشخاص الذين تتكفل بهم على الحدّ الأدنى للعيش، فإنها لن تنجح في القيام بوظيفتها بشكل كامل.

فقد ورد في البيان الصادر عن “مبادرة المدن”، التي أسند إليها اتحاد المدن السويسرية مهمة الدفاع عن مصالحه على مستوى الكنفدرالية والكانتونات، أنه “إذا ما تم الاقتصار على مبررات اقتصادية فحسب، فإن هذا النوع من المردود المموّل من طرف البلديات، لا يمكن أن يمثل الحل الأفضل”.

وتطالب المبادرة تبعا لذلك، بالتزام أكبر من طرف القطاع الاقتصادي ومن طرف البلديات أيضا، المدعوّة إلى العناية بمزيد من الاهتمام بالأشخاص الذين يمرون بأوضاع صعبة. وفي هذا السياق، سيكون من الملائم أن تعمل دوائر المساعدة الاجتماعية على إنجاز نفس الهدف، الذي وضعته لنفسها التأمينات على العجز، الذي ينُـص على منح الأولوية للإدماج (في الحياة المهنية) بدلا من الاكتفاء بتوفير العلاوات.

لا شك أن هذه المهمة تتسم بقدر كبير من الصعوبة، نظرا لأن معظم الأشخاص الذين يتوجّـهون إلى دوائر المساعدة الاجتماعية، هم أولئك الذين فشلوا في محاولة إعادة الإندماج في عالم الشغل، والذين لا يحصلون على علاوات التأمين على العجزة.

المدن السويسرية، وفي سياق المحاولات التي تبذلها لتيسير سبل الاندماج، اعتمدت منذ فترة العديد من الإجراءات، التي تتراوح بين برامج التكوين والمشاركة في دورات عملية محدودة، وصولا إلى إنشاء مؤسسات اجتماعية.

من جهة أخرى، بذلت العديد من المدن وبعض الكانتونات جهودا كبيرة لتسهيل عملية التحاق الشبان بدورات تكوينية أو بالحياة المهنية.

الاقتصاد والكانتونات والكنفدرالية

على صعيد آخر، تؤكّـد “مبادرة المدن”، أن المؤسسات الاقتصادية تلعب دورا حاسما في إعادة إدماج المستفيدين من المساعدات الاجتماعية في عالم الشغل. وقالت في البيان الصادر عنها، يجب على الشركات أن تُـنشئ وظائف جديدة في مجالات “محدودة” (أي أنها قد تكون غير ناجعة من وجهة النظر الاقتصادية والإنتاجية)، تتّـسم بفعالية اجتماعية، وإن لم توفّـر مردودا ماليا معتبرا، كما دعت المبادرة في السياق نفسه، إلى منح المؤسسات الاجتماعية وبرامج التشغيل، عددا أكبر من عقود العمل المتاحة.

“مبادرة المدن” حثت الكانتونات والكنفدرالية على عدم تحميل البلديات لوحدها مسؤولية هذا العبء، وطلبت منها تحمّـل مسؤولياتها والمساهمة في تمويل عمليات إعادة الإدماج المهني للأشخاص الذين يحالون على دوائر المساعدة الاجتماعية.

أمثلة عملية

في ندوة الثلاثاء 14 نوفمبر، سلطت مونيكا شتوكر، المسؤولة عن الدائرة الاجتماعية في مدينة زيورخ، الأضواء على الوضع في مدنيتها، حيث يبلغ عدد المستفيدين من المساعدة الاجتماعية حاليا، 15 ألف شخص، وهو رقم مرشح للارتفاع على غرار بقية المناطق الأخرى في سويسرا.

لمواجهة الوضع، حاولت سلطات المدينة التحرك من خلال تقديم الدعم لبرامج إعادة الاندماج في سوق الشغل ولإنشاء شركات ذات طابع اجتماعي. بهذا الأسلوب، تمكّـن الأشخاص العاملون لدى هذه الشركات، من استعادة حياة نشطة وحصلوا – على عكس ما هو معمول به في برامج أخرى – على حصة من المرتب المخصص جزئيا لتسديد رسوم التأمينات الاجتماعية.

كما نوهت مونيكا شتوكر إلى أن مدينة زيورخ تبذل قصارى جهدها للعثور على عقود عمل لفائدة الشركات، التي تتعهّـد بالقيام بهذه المهمة الاجتماعية، وأضافت بأن البرنامج، الذي انطلق قبل عامين، بدأ يُـعطي نتائج مشجعة.

أما في كانتون فو (غرب سويسرا)، فقد أطلِـق برنامج رائد لفائدة الشبان المعتمدين على المساعدة الاجتماعية في موفى شهر يونيو 2006، وقد سمح بعدُ لـ 116 شاب، تتراوح أعمارهم ما بين 18 و25 سنة، بالعثور على دورة تأهيلية أو تكوينية في مؤسسات وشركات مختلفة لعام 2006 – 2007.

الجديد في هذه التجربة، يتمثل في أن جميع هؤلاء الشبان تمّ تأطيرهم من طرف شخص متخصص، يقدّم في نفس الوقت دعما للشركة التي يعملون فيها، كما سُـمح لهم بالاحتفاظ بالمبلغ الذي يحصلون عليه من المساعدة الاجتماعية، بعد سحب المرتب الذي يُـفترض أن يُـمنح للشاب المتدرب، وهو أمر لم يكن متاحا في السابق.

في نفس السياق، أصبح بإمكان الدولة أن تفرض على الأولياء تحمّـل جزء من النفقات، بعد التدقيق في وضعهم المالي، وفي هذه الحالة، يتم سحب قيمة مساهمة الأولياء من المبلغ الذي تقدمه المساعدة الاجتماعية للشاب.

هذا الأسلوب، يمكّـن السلطات من القيام بتوفير مزدوج، مثلما أوضح ذلك بيير إيف مايار، وزير الصحة والعمل الاجتماعي في حكومة كانتون فو، الذي ذكّـر بأن الشاب الذي يحال على دوائر المساعدة الاجتماعية، يكلِّـف الخزينة العمومية ما بين 20 و25 ألف فرنك سنويا.

يشار إلى أن عدد الشبان، الذين تتراوح أعمارهم ما بين 18 و25 سنة، المتمتّـعين بعلاوات المساعدة الاجتماعية في كانتون فو، يزيد عن 1700 شخص.

سويس انفو مع الوكالات

تمثل “مبادرة المدن” مصالح المدن السويسرية في كل ما يتعلّـق بالسياسة الاجتماعية في حوارها مع الكنفدرالية والكانتونات.

تلتزم المبادرة بالتوصل إلى إضفاء أكبر قدر من الانسجام على مختلف أنظمة الضمان الاجتماعي، الموجودة في سويسرا على المستويات الثلاث (الكنفدرالية والكانتونات والبلديات).

تشكل المبادرة، شبكة تواصل بين 50 مدينة سويسرية، كما أنها تعتبر منظمة متخصصة ضمن اتحاد المدن السويسرية.

يضمن الدستور السويسري لكل ساكن الحق في الحصول على المساعدة في حالات الضرورة القصوى.

تهدف المساعدة الاجتماعية إلى ضمان الاستقلال المادي والشخصي للأشخاص المحتاجين، وإلى إعادة اندماجهم، اجتماعيا ومهنيا.

تتدخل دوائر المساعدة الاجتماعية، عندما يعجز الشخص المعني، عن التكفل بحاجياته ولا يمكن حصوله على مساعدة من أطراف أخرى.

تتدخل المساعدة الاجتماعية، بقطع النظر عن الأسباب التي أدت إلى وصول الشخص المعني إلى حالة حرجة.

في أغلب الحالات، تقدم المساعدة الاجتماعية من طرف دائرة المساعدة الاجتماعية، التابعة للبلدية التي يقطن فيها الشخص المعني.

قبل تقديم المساعدة، تقوم الجهات المعنية بدراسة دقيقة لوضع الشخص من أجل تحديد احتياجاته الملموسة، ووضع برنامج مساعدة لا يقلِـص من حقوقه ولا يحُـدّ من حرية تحركه.

يجب على الشخص، الذي يتقدم بطلب للحصول على المساعدة الاجتماعية، أن يقدّم معلومات دقيقة إلى السلطات وأن يساهم بشكل نشط في توضيح ملابسات وضعه.

متوافق مع معايير الصحافة الموثوقة

المزيد: SWI swissinfo.ch تحصل على الاعتماد من طرف "مبادرة الثقة في الصحافة"

يمكنك العثور على نظرة عامة على المناقشات الجارية مع صحفيينا هنا . ارجو أن تنضم الينا!

إذا كنت ترغب في بدء محادثة حول موضوع أثير في هذه المقالة أو تريد الإبلاغ عن أخطاء واقعية ، راسلنا عبر البريد الإلكتروني على arabic@swissinfo.ch.

SWI swissinfo.ch - إحدى الوحدات التابعة لهيئة الاذاعة والتلفزيون السويسرية

SWI swissinfo.ch - إحدى الوحدات التابعة لهيئة الاذاعة والتلفزيون السويسرية