الوضع “متوتر جداً” في كاليدونيا الجديدة رغم فرض حال الطوارئ
سينتشر ألف عنصر إضافي من قوات الشرطة والدرك الفرنسية في كاليدونيا الجديدة، حيث ما زال الوضع “متوترا جدا” الخميس رغم انتشار الجيش وإعلان حال الطوارئ بعدما شهد الأرخبيل الواقع في جنوب المحيط الهادئ أعمال شغب عنيفة خلال ثلاث ليال.
وتسبّبت الأزمة الخطرة التي يشهدها الأرخبيل منذ الاثنين بسقوط ضحية خامسة الخميس، مع مقتل شرطي من طريق الخطأ بيَد زميل له خلال مهمة أمنية.
وبعد أعمال عنف على مدى ليلتين، كانت ليلة الأربعاء الخميس “أقل عنفاً”، لكن الوضع ما زال “متوترا جدا”، حسبما أكد رئيس الوزراء الفرنسي غابريال أتال من باريس، معلناً إرسال تعزيزات جديدة إلى هذه الجزيرة التي استعمرتها فرنسا في القرن الـ19.
وأشار أتال إلى أن باريس تعتزم “نشر ألف عنصر إضافي من قوى الأمن الداخلي، إضافة إلى 1700 عنصر موجودين في الموقع”، مبديا أسفه لاستمرار “أعمال النهب والشغب والحرائق والهجمات”. ودعا إلى فرض “أقسى” العقوبات على المرتكبين.
وانتشر الجيش في الأرخبيل بموجب حال الطوارئ التي دخلت حيز التنفيذ منذ الخميس الساعة 5,00 صباحا بالتوقيت المحلي وتسمح للسلطات بتقييد بعض الحريات. ويهدف نشر الجيش خصوصا إلى “تأمين” الموانئ ومطار نوميا المغلق منذ الاثنين.
وحظِر في الأرخبيل تطبيق “تيك توك” الذي يستخدمه مثيرو الشغب.
– إلغاء اجتماع مع ماكرون –
واندلعت أعمال الشغب مساء الإثنين بعد تعبئة ضدّ إصلاح دستوري يهدف إلى توسيع عدد من يُسمح لهم بالمشاركة في الانتخابات المحلية ليشمل كلّ المولودين في كاليدوينا والمقيمين فيها منذ ما لا يقل عن عشر سنوات.
وللانتخابات المحلية في كاليدونيا أهمية كبيرة.
ويرى المنادون بالاستقلال أنّ ذلك “سيجعل شعب كاناك الأصلي أقلية بشكل أكبر”.
وأسفرت أعمال الشغب عن أربعة قتلى هم دركي يبلغ 22 عاماً أُصيب برصاصة في الرأس الأربعاء، ورجلان يبلغ أحدهما 20 عاماً والآخر 36 عاما، كما قتلت فتاة تبلغ 17 عاما، بحسب السلطات.
كذلك، قُتل عنصر آخر في الدرك الخميس بعد “إطلاق نار عرضي”، حسبما أفادت السلطات.
في المجموع، أُصيب 64 دركياً وشرطياً منذ الإثنين، بحسب حصيلة نُشرت الخميس، وأوقف أكثر من 206 أشخاص.
وواجه “استئناف الحوار السياسي” في الجزيرة الذي يدعو إليه الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون عقبة مع إلغاء حوار عبر الفيديو كان مقررا أن يعقده ماكرون مع مسؤولين منتخبين محلياً الخميس.
وأكد قصر الإليزيه أن الاجتماع أُلغي لأن “الأطراف المختلفة لا ترغب في الحوار مع بعضها حاليا”.
وحذّر أتال الخميس من أنّ العودة إلى النظام هي “شرط أساس لاستمرار الحوار”، في حين استهدفت الحكومة بعض الانفصاليين.
ووُضع عشرة من “قادة” خلية تنسيق العمل الميداني، وهي المجموعة الأكثر تطرّفاً في “جبهة تحرير شعب الكاناك الاشتراكية”، قيد الإقامة الجبرية بشبهة رعايتهم أعمال العنف، حسبما أكد وزير الداخلية جيرالد دارمانان متحدثاً عن منظمة “مافيوية” و”عنيفة”.
وأعلن قادة “جبهة تحرير شعب الكاناك الاشتراكية” في بيان نُشر الأربعاء أن “الانتهاكات المرتكبة (…) لم تكن ضرورية”، لكنها “تعبّر عن الأشخاص غير المرئيين في المجتمع الذين يعانون عدم مساواة”.
– نهب وحرائق –
وعلى الرغم من أنّ ليل الأربعاء الخميس شهد انخفاضاً للعنف، إلّا أنّ نوميا عانت أعمال نهب وحرائق مجدّداً.
وبدأ سكان بتنظيم حماية خاصة لأحيائهم وأقاموا حواجز.
وفي ظلّ شحّ الإمدادات في المتاجر، تسبّب نقص الغذاء في تشكّل طوابير طويلة جداً أمام المحال.
وقال أحد السكان لفرانس برس طالباً عدم كشف هويته “جئنا لجمع ما في المتاجر لنأكل. لن يكون هناك متجر بعد الآن. نحتاج إلى حليب الأطفال. لا أعتبر أنّ ما نقوم به نهب”.
وقال رئيس حزب “اتحاد كاليدونيا” الاستقلالي دانيال غوا لراديو فرنسا الدولي إن مثيري الشغب “يعيشون مع شعور بالاستبعاد والغضب والفشل وينتظرون فرصة فقط” للقيام بأعمال عنف.
ومن دون ذكر صلة مباشرة بأعمال العنف، اتهم وزير الداخلية الفرنسي الخميس أذربيجان بالتدخّل في الأرخبيل. ورداً على سؤال بشأن تدخّل هذا البلد أو الصين أو روسيا في كاليدونيا الجديدة، أشار دارمانان إلى باكو. وقال لقناة فرانس 2، إنّ “أذربيجان ليست خيالاً، إنّها حقيقة”، معرباً عن أسفه “لأنّ بعض الاستقلاليين عقدوا اتفاقاً” مع أذربيجان.
وأضاف أنّ “هذا أمر لا جدال فيه”، مؤكداً أنّ فرنسا على الرغم من “محاولات التدخّل” تظل “ذات سيادة في الداخل”.
ودانت وزارة الخارجية في باكو اتهامات “لا أساس لها”، نافية “وجود أي صلة بين قادة النضال من أجل الحرية في كاليدونيا وأذربيجان”.
بور-مد-با/ناش-س ح/جص