
تجدد قصف محطة زابوريجيا في أوكرانيا والوكالة الذرية تؤكد أن “الوضع حرج”

تعرّضت محطة زابوريجيا النووية الأوكرانية، الأكبر في أوروبا، للقصف مجددا الخميس وقد تبادلت موسكو وكييف الاتهامات بشن الضربات الجديدة، في حين شدّدت الوكالة الدولية للطاقة الذرية خلال اجتماع لمجلس الأمن الدولي على وجوب تمكينها من دخول المحطة “بأسرع وقت ممكن”.
من جهتها حذّرت مجموعة “انيرغواتوم” الأوكرانية المشغّلة للمحطة من أن “الوضع يزداد سوءًا”، مشيرة إلى “وجود مواد مشعة في مكان قريب وتضرر أجهزة عدة لاستشعار الإشعاعات”.
وقال يفغيني باليتسكي، رئيس الإدارة المدنية والعسكرية التي أقامتها موسكو في هذه المنطقة الواقعة في جنوب أوكرانيا ويسيطر عليها الروس “حاليا لم يسجّل أي تلوّث في المحطة ومستوى النشاط الإشعاعي عادي”، مشددا على أن “أطنانا عدة” من النفايات الإشعاعية مخزّنة في المكان.
وأعلنت شركة إنيرغواتوم تسجيل “خمس ضربات جديدة في المحيط المباشر لمستودع للمواد المشعة”، متهمة القوات الروسية بشنها.
وكانت القوات الروسية قد سيطرت على المحطة في الرابع من آذار/مارس، بعد أيام قليلة على بدء الغزو.
من جانبه اتهم المسؤول الموالي للروس فلاديمير روغوف العضو في الإدارة التي شكلتها موسكو في المنطقة عبر تلغرام “مقاتلي (الرئيس الأوكراني فولوديمير) زيلينسكي” بشن الضربات.
وأكّد روغوف أن الهجوم نفذ بقاذفات صواريخ متعددة وقطع مدفعية ثقيلة من الضفة اليمنى لنهر دنيبر، مشيرا خصوصا إلى بلدة مارغانيتس حيث قتل 13 مدنيا أوكرانيا الأربعاء في قصف روسي، وفقا للسلطات الأوكرانية.
وكانت المحطة استُهدفت بعمليتي قصف الأسبوع الماضي، ما أثار قلق المجتمع الدولي.
والخميس دعت الولايات المتحدة روسيا إلى وقف كل عملياتها العسكرية داخل المحطات النووية الأوكرانية ومحيطها، مؤكدة تأييدها إقامة منطقة منزوعة السلاح حول زابوريجيا التي تعرضت لمزيد من القصف.
وتواصلت المعارك ليل الأربعاء الخميس على خط الجبهة في أوكرانيا، بما في ذلك قرب المحطة.
– “تداعيات كارثية” محتملة –
والخميس جاء في بيان للأمين العام للأمم المتحدة أورده الموقع الإلكتروني للمنظمة “للأسف، بدلا من خفض التصعيد، وردت تقارير على مدى الأيام الكثيرة الماضية، عن مزيد من الحوادث المقلقة للغاية والتي يمكن أن تؤدي إذا استمرت، إلى كارثة”.
وتابع “لنكن واضحين. أي ضرر محتمل يلحق بمحطة زابوروجيا أو بأي منشآت نووية أخرى في أوكرانيا، أو في أي مكان آخر، يمكن أن يؤدي إلى عواقب وخيمة ليس على المنطقة المجاورة فحسب، لكن على الإقليم، وما هو أبعد منه. هذا غير مقبول إطلاقا”.
وناشد غوتيريش “جميع الأطراف المعنيين التحلي بالحكمة والتعقل”.
وشدد على “وجوب عدم استخدام الموقع في سياق العمليات العسكرية”، داعيا إلى إنشاء “محيط منزوع السلاح لضمان أمن المنطقة”.
في مستهل اجتماع لمجلس الأمن الدولي الخميس خصص للبحث في الملف الشائك، بطلب من روسيا، شدّد المدير العام للوكالة الدولية للطاقة الذرية رافايل غروسي على وجوب السماح للوكالة “بدخول المحطة بأسرع وقت ممكن”، مؤكدا أن “الوقت بدأ ينفد”.
من جهتها قالت مساعدة وزير الخارجية الأميركي لشؤون نزع أسلحة الدمار الشامل بوني جينكينز إن “الحل لما يجري في زابوريجيا بسيط. الولايات المتحدة تدعو روسيا الاتحادية إلى سحب قواتها فورا من الأراضي الأوكرانية”.
في المقابل، حمّل السفير الروسي فاسيلي نبينزيا أوكرانيا وحلفاءها المسؤولية قائلا “ندعو الولايات المتحدة الداعمة لنظام كييف (…) إلى إجباره على وضع حد نهائي للهجمات التي تستهدف محطة زابوريجيا”، كما “ندعو الأمم المتحدة والوكالة الدولية للطاقة الذرية إلى إبلاغ السلطات الأوكرانية بأن أفعالها غير مقبولة”.
وتابع “الحجم الحقيقي لكارثة نووية في المحطة يصعب تخيّله. المسؤولية الكاملة تقع على عاتق الدول الغربية الداعمة لكييف”، واصفا الاتهامات الموجهة إلى موسكو بأنها “سرّياليّة” و”تثير السخرية” و”عبثية”.
من جهته، دعا الرئيس الأوكراني المجتمع الدولي إلى “التحرك الفوري” لإخراج الروس من محطة زابوريجيا.
وقال زيلينسكي في خطابه اليومي عبر الفيديو “يجب أن يتحرّك العالم بأسره فورا لطرد محتلّي زابوريجيا”.
وأضاف “وحدهما الانسحاب الكامل للروس واستعادة أوكرانيا السيطرة الكاملة على المحطة سيضمنان الأمن النووي لأوروبا بأسرها”.
وأعلن وزير الدفاع الدنماركي مورتن بودسكوف الخميس جمع 1,5 مليار يورو مخصصة لتدريب القوات الأوكرانية وتوفير عتاد لها خلال مؤتمر دولي في كوبنهافن بمشاركة 26 دولة.
– ضربات روسية –
في نيكوبول (جنوب شرق) على بعد حوالى مئة كيلومتر من محطة زابوريجيا الواقعة على الضفة المقابلة من نهر دنيبر، أعلن الحاكم فالنتين رزنيشينكو عبر حسابه على تلغرام مقتل ثلاثة أشخاص وإصابة تسعة في قصف روسي براجمات صواريخ غراد.
في دونباس (شرق)، أعلن رئيس الإدارة العسكرية لمنطقة دونيتسك بافلو كيريلينكو على تلغرام صباح الخميس أن 11 مدنيًا قُتلوا في الساعات الأخيرة، ستة منهم في بخموت وثلاثة في سوليدار وواحد في كراسنوغوريفكا وآخر في أفدييفكا.
وتحاول القوات الروسية التي تقصف سوليدار بشكل مستمرّ، طرد الجيش الأوكراني من المدينة حتى تتمكن من التقدم نحو بخموت المجاورة.
ومنذ أن وضعت القوات الروسية حدا لعملياتها في محيط كييف وانسحبت من منطقة العاصمة الأوكرانية، يركّز الكرملين الجهود على منطقة دونباس التي يسيطر عليها جزئيا منذ 2014 انفصاليون موالون لموسكو.
لكنّ التقدم الروسي بطيء جدًا، وتحوّلت الحرب مبارزةً مدفعية بين جيشين مُتحصّنَين حول بعض البلدات.
وقال رئيس بلدية ماريوبول فاديم بويتشنكو “نحن بانتظار أن تحرر قواتنا المسلّحة جنوب بلادنا، بما فيه ماريوبول. نحن بانتظار هذا الأمر الذي سيتحقق قريبا”.
في بيلاروس، نفى الجيش الخميس معلومات وردت بشأن تفجيرات قد تكون حدثت ليلا قرب مطار عسكري في منطقة غومال في جنوب شرق البلاد بالقرب من الحدود مع أوكرانيا.
وأوضحت وزارة الدفاع البيلاروسية في بيان أنه في “العاشر من آب/أغسطس، قرابة الساعة 23,00 (20,00 ت غ)، وخلال جولة مراقبة، اشتعلت النيران في عربة”، من دون تفاصيل أخرى.
ودمرت انفجارات قوية الثلاثاء مستودعا للذخيرة في مطار عسكري روسي في القرم ما أسفر عن مقتل شخص على الأقل وإصابة آخرين وأثارت الذعر بين آلاف السياح الروس الذين يمضون عطلهم في شبه الجزيرة.
وأكد الجيش الروسي أن هذه الانفجارات لم تنجم عن أي عملية إطلاق نار أو قصف.
ورغم أن السلطات الأوكرانية لم تقر رسميا بمسؤوليتها عن الحادث، أكد المستشار الرئاسي ميخايلو بودولياك على تويتر الثلاثاء أن “على الجيش الروسي أن يعتبر وباء الحوادث التقنية في القواعد الجوية في القرم وبيلاروس تحذيرا: انسوا أوكرانيا، اخلعوا البزات وارحلوا. لن تكونوا بمأمن لا في القرم المحتلة ولا بيلاروس المحتلة”.