
تحذيرات من مجاعة محدقة في غزة ورفض إسرائيلي لدعوات وقف إطلاق النار

حذّرت وكالات إغاثية تابعة للأمم المتحدة الثلاثاء من أن غزة تتّجه نحو المجاعة، في وقت أعلنت فيه وزارة الصحة في القطاع أن حصيلة القتلى الفلسطينيين جراء الحرب المتواصلة منذ نحو 22 شهرا تجاوزت 60 ألفا.
وحذّر كل من برنامج الأغذية العالمي واليونيسف ومنظمة الأمم المتحدة للأغذية والزراعة (فاو) من أنّ الوقت ينفد وباتت غزة “على شفير مجاعة شاملة”.
وقالت مديرة برنامج الأغذية العالمي سيندي ماكين في بيان مشترك للوكالات الثلاث “يجب إغراق غزة فورا ومن دون عوائق بكميات كبيرة من المساعدات ومواصلة ذلك يوميا لتجنّب مجاعة على نطاق واسع”.
وبدأت وكالات الإغاثة الدولية منذ يومين توزيع مساعدات بشكل أكبر من الأشهر الماضية بعد أن أعلنت إسرائيل “هدنة تكتيكية” يومية ومحدودة في بضع مناطق، لكن المنظمات الدولية ترى أن هذه المساعدات غير كافية في هذه المرحلة.
وأعلن الناطق باسم الدفاع المدني في قطاع غزة الثلاثاء مقتل 30 فلسطينيا غالبيتهم نساء وأطفال، في غارات شنّها الطيران الحربي الإسرائيلي ليل الإثنين الثلاثاء على مخيم النصيرات في وسط القطاع.
واعتبر المرصد الرئيسي للأمن الغذائي في العالم الثلاثاء أن “أسوأ سيناريو مجاعة يحصل الآن” في قطاع غزة.
وجاء في بيان نشره “التصنيف المرحلي المتكامل للأمن الغذائي”، وهو مرصد رئيسي للأمن الغذائي في العالم وضعته الأمم المتحدة، أن “أسوأ سيناريو مجاعة يحصل الآن”، مضيفا أن الأزمة الإنسانية “بلغت نقطة تحوّل مثيرة للقلق الشديد وفتّاكة”.
وأضاف التقرير أنّ “وصول المساعدات الإنسانية المنقذة للحياة من دون عوائق” هو السبيل الوحيد لوقف الموت جوعا. وأضاف أنّ “الفشل في التحرك الآن سيؤدي إلى انتشار واسع للموت في معظم أنحاء القطاع”.
– “لن تكون كافية” –
وقال المستشار الألماني فريدريش ميرتس الثلاثاء إن ألمانيا وفرنسا والمملكة المتحدة ستوفد “على الأرجح” الأسبوع المقبل وزراء خارجيتها إلى إسرائيل للمطالبة بإدخال مزيد من المساعدات إلى قطاع غزة، موضحا “نفترض أن الحكومة الإسرائيلية مستعدة للاعتراف بضرورة التحرك الآن”.
وقبل تقرير “التصنيف المرحلي المتكامل للأمن الغذائي”، جدّد رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتانياهو في بيان صادر عن مكتبه، اتهام حركة حماس بالتلاعب بأعداد الضحايا ونهب المساعدات الغذائية المخصصة للمدنيين الفلسطينيين.
وأضاف “بينما الوضع في غزة صعب وإسرائيل تعمل على ضمان إيصال المساعدات، تستفيد حماس من محاولة تغذية فكرة وجود أزمة إنسانية”.
وقال نتانياهو “نحن بالفعل نسمح كل يوم بدخول كميات كبيرة من المساعدات الإنسانية إلى غزة، تشمل الطعام والماء والأدوية. للأسف، حماس… كانت تسرق المساعدات من سكان غزة، وفي كثير من الاحيان عن طريق إطلاق النار على الفلسطينيين”.
في أوائل آذار/مارس، فرضت إسرائيل حظرا تاما على قطاع غزة، ما تسبّب بنقص حاد في الأغذية والأدوية والوقود. ولم يسهم السماح بدخول كميات محدودة جدا في أواخر أيار/مايو بتخفيف الأزمة التي استفحلت، وسجّلت مستشفيات غزة وفاة عدد كبير من الأطفال جراء سوء التغذية الحاد.
وفي ظل تصاعد الضغوط الدولية، أعلنت إسرائيل الأحد “تعليقا تكتيكيا” لعملياتها العسكرية يوميا بين الساعة العاشرة صباحا والساعة الثامنة مساء في ثلاث مناطق، وسمحت بدخول شاحنات مساعدات الى غزة على أن تتولى توزيعها وكالات الأمم المتحدة التي كانت هُمّشت خلال الأشهر الماضية في عملية توزيع المساعدات.
كما استؤنف إلقاء المساعدات على القطاع من الجو، ونفّذ الجيش الإسرائيلي الإنزال الأول ليل السبت الأحد، ثم طائرات أردنية وإماراتية. والثلاثاء، أعلنت بريطانيا بأنها باشرت بإلقاء أولى شحنات المساعدات عن طريق الجو فوق غزة.
وأعلنت فرنسا، أنّها ستلقي اعتبارا من الجمعة 40 طنا من المساعدات فوق قطاع غزة.
لكنّ التصنيف المرحلي المتكامل للأمن الغذائي اعتبر أن عمليات إلقاء المساعدات فوق القطاع “لن تكون كافية لوقف الكارثة الإنسانية”، مشددا على أن تسليم المساعدات برا “أكثر فاعلية وأمانا وسرعة”.
وأضاف أن “الفشل في التحرك الآن سيؤدي إلى انتشار واسع للموت في معظم أنحاء القطاع”، محذّرا من أن 16 طفلا تحت سن الخامسة لقوا حتفهم جراء الجوع منذ 17 تموز/يوليو.
وتابع أن “أدلة متزايدة تظهر بشأن الانتشار الواسع للجوع وسوء التغذية والمرض تدفع باتّجاه ازدياد في حالات الوفاة المرتبطة بالجوع”.
وبحسب مكتب نتانياهو، يطبّق تعليق العمليات العسكرية في “مناطق رئيسية مأهولة” بين الساعة 10,00 صباحا (07,00 ت غ) والثامنة مساء من كل يوم. وسيتم تخصيص طرق آمنة لقوافل المساعدات من الساعة السادسة صباحا حتى 23,00.
وقال مكتب تنسيق أعمال الحكومة الإسرائيلية في الأراضي الفلسطينية (كوغات) الثلاثاء عبر منصة “إكس”، إن الأمم المتحدة والمنظمات الدولية “جمعت ووزّعت أكثر من 200 شاحنة يوم أمس (الإثنين)” في قطاع غزة.
– تواصل الضربات الإسرائيلية –
وبحسب كوغات أيضا، سمحت إسرائيل الإثنين بدخول 260 شاحنة إضافية “وهي الآن بانتظار جمعها وتوزيعها”، بالإضافة إلى أربعة صهاريج من الوقود.
ونفّذت إسرائيل ضربات جديدة على القطاع، وأكد الدفاع المدني مقتل ما لا يقل عن 30 شخصا بينهم نساء وأطفال في غارات ليلية استمرّت حتى الفجر على مخيم النصيرات.
وقال الجيش الإسرائيلي إنه “ضرب أهدافا إرهابية عدة في وسط قطاع غزة”، لكنه اشار إلى أن حصيلة القتلى “لا تتوافق مع المعلومات” التي لديه.
وقتل أيضا الثلاثاء 21 شخصا قرب مراكز توزيع مساعدات، وفق الدفاع المدني.
دبلوماسيا، غادر وفد حماس المفاوض الثلاثاء الدوحة متوجها إلى تركيا بهدف بحث “آخر التطورات” بعد تعثر المفاوضات مع إسرائيل بشأن وقف لإطلاق النار في غزة، بحسب ما أفاد مسؤول في الحركة وكالة فرانس برس.
جرت مفاوضات غير مباشرة لأكثر من اسبوعين بين وفد اسرائيلي وآخر من حماس برعاية الوسطاء وبينهم قطر.
وأكد الرئيس الاميركي دونالد ترامب الجمعة أن حماس “لا تريد اتفاقا”، بينما أكد موفده الى الشرق الاوسط ستيف ويتكوف الخميس فشل المفاوضات مشككا في نوايا حماس.
والثلاثاء، اعلن رئيس الوزراء البريطاني كير ستارمر أن بلاده ستعترف بدولة فلسطين في ايلول/سبتمبر مشترطا لعدم القيام بهذه الخطوة أن تتخذ اسرائيل “خطوات حيوية” في غزة، بينها الموافقة على وقف اطلاق النار.
من جانبه، رفض وزير الخارجية الإسرائيلي جدعون ساعر ما وصفه بأنه “حملة مضللة” من الضغط الدولي من أجل وقف إطلاق النار في غزة والاعتراف بدولة فلسطينية.
واندلعت الحرب في غزة إثر هجوم غير مسبوق شنّته حماس على جنوب إسرائيل وأسفر عن مقتل 1219 شخصا، معظمهم من المدنيين، وفقا لتعداد أجرته وكالة فرانس برس استنادا إلى أرقام رسمية.
ومن بين 251 رهينة خطفوا أثناء الهجوم، لا يزال 49 محتجزين، بينهم 27 أعلنت إسرائيل أنهم لقوا حتفهم.
وردّت إسرائيل بحملة قصف مدمّر وعمليات عسكرية في قطاع غزة تجاوز عدد قتلاها الستين ألفا.
وأعلنت وزارة الصحة التي تديرها حماس الثلاثاء ارتفاع حصيلة قتلى العملية العسكرية الإسرائيلية إلى 60034 شخصا منذ الاسبع من تشرين الأول/أكتوبر.
واعتبرت وزارة الخارجية الفرنسية الثلاثاء أن أعمال العنف التي يرتكبها مستوطنون إسرائيليون في الضفة الغربية المحتلة هي “أعمال إرهابية” بعد عملية “قتل” ناشط مناهض لإسرائيل نسبت إلى مستوطنين.
وقالت السلطات الفلسطينية إن مستوطنين إسرائيليين قتلوا المدرّس عودة الهذالين الاثنين. وأعلنت الشرطة الإسرائيلية أنها تحقق في الحادثة من دون التعليق مباشرة على اتهام المستوطنين بقتله.
بور/ها-لين-ود/بم