The Swiss voice in the world since 1935
أهم الأخبار
نقاشات
أهم الأخبار
النشرة الإخبارية

هل تستطيع سويسرا مواصلة معركتها ضد الأصول المنهوبة؟

أموال منهوبة
أعادت سويسرا حتى الآن ما يزيد عن 2 مليار دولار من الأموال المختلسة إلى بلدانها الأصلية. Keystone / Martin Ruetschi

تواجه مهمة وقف التدفقات المالية غير المشروعة، وإعادة الأصول المسروقة صعوبات وتعقيدات، بسبب التقدم البطيء وتراجع إلتزام الإدارة الأمريكية الحالية بهذه العملية.

عندما يسرق المسؤولون الحكوميون الملايين من خزائن الدولة، فإنّ الناس العاديين هم الذين يعانون.

ويقول دافيد أوغلور، المدير التنفيذي في الشبكة الأفريقية للبيئة والعدالة الاقتصادية (ANEEJ)، في نيجيريا مثلًا، يفشل المرضى والمريضات الباحثون.ات عن علاج في تلقي الرعاية المناسبة، في المستشفيات التي تعاني من نقص في الموظفين.ات. ويؤدي نقص الأموال اللازمة لإصلاح قاعات التدريس، إلى تراجع عدد الأطفال والطفلات الملتحقين.ات بالمدارس. في حين تزيد الطرقات المحتاجة إلى إصلاح، من خطر وقوع حوادث المرور.

وأضاف أوغولور إ نّ المشكلة في نيجيريا “تجاوزت الفساد، وتحوّلت إلى عملية استيلاء على الدولة”. ويعني هذا أنّّ النخب الفاسدة لا تنهب الأموال فحسب، بل تلتفّ على القانون للحفاظ على سيطرتها. وتابع: “يعمّق ذلك مشكلة عدم المساواة والفقر في البلاد”.

هذا المقال هو ردّ على سؤال وجّهه أحد قرّاء أو قارئات موقع “سويس انفو”، عمّا إذا كان صحيحًا أنّ قادة أجانب، مثل قادة افريقيا، أخفوا أموالًا في البنوك السويسرية. لطرح أي سؤال عن التجارة أو الدبلوماسية السويسرية، تواصل.ي معنا عن طريق  كتابة تعليق.   

وبحسب تقديرات الأمم المتحدة ، تخسر أفريقيا كلّ عام حوالى 90 مليار دولار أمريكي، إذ يحوّل المسؤولون الحكوميون الفاسدون والمجرمون، من النساء والرجال، أصولًا غير مشروعة إلى خارج القارة. ونتيجة لذلك، تنخفض استثمارات الدولة في قطاع الرعاية الصحية إلى النصف، والتعليم إلى الربع في البلدان المتضررة.      

ووسط سلسلة من الفضائح ، استهدفت السلطات في بعض دول أوروبية وأخرى في أمريكا الشمالية حسابات تملكها نخب أجانب فاسدة، في مصارفها الخاصة. وأعادت سويسرا حتى الآن أكثر من 2 مليار دولار أميركي من الأموال المختلسة، في حين اعتمد الاتحاد الأوروبي توجيهًا جديدًا عام 2024 يحدّد القواعد لاستعادة الأصول غير المشروعة في دوله الأعضاء الـ27.      

إنها قطرة في محيط. وقال جاكسون أولدفيلد، مدير المنتدى المدني لاسترداد الأصول (CiFAR) ومقره ألمانيا: “ما زلنا نرى أموالاً تُسحب من [البلدان النامية]، وتنتقل إلى أيدي خاصة أكثر بكثير من الأموال التي يتم إرجاعها”.

ومع ذلك، حتى في وقت دعوة المدافعين.ات عن القضية إلى استجابة أسرع وأقوى، يخشى البعض من أنّ الدول الغربية قد لا تعطي الأولوية بعد الآن لمكافحة الكليبتوقراطية. وتتفاقم هذه المخاوف مع تراجع الولايات المتحدة عن التزاماتها على الساحة الدولية، بعد أن كانت تشكّل قوة دافعة في هذا الاتجاه.    

إرسال ” إشارة خاطئة”

تلقّت معركة مكافحة الأموال غير المشروعة في الولايات المتحدة ضربة قوية، بعد حلّ مبادرة استرداد أصول الكليبتوقراطية التابعة لوزارة العدل، في الأيام الأولى من ولاية الرئيس دونالد ترامب الثانية. 

كذلك، أوقفت الإدارة تطبيق قانون الممارسات الأجنبية الفاسدة، وتغيّبت عن اجتماعات مجموعة العمل المعنية بمكافحة الرشوة التابعة لمنظمة التعاون والتنمية الاقتصادية.

وقال أوغلور من الشبكة الافريقية للبيئة والعدالة الاقتصادية: ” لقد أرسلت هذه الخطوة إشارة خاطئة، وتساهم في الواقع بتحفيز الحكومات الأفريقية الفاسدة. الأمر مؤسف للغاية، لاسيما عندما نستذكر المعركة لوضع هذه القضية على الأجندة العالمية”.  

لقد تمّ تحقيق الإنجازات بصعوبة، بدءًا من إدراج استرداد الأصول كجزء أساسي في اتفاقية الأمم المتحدة لمكافحة الفساد لعام 2004، إلى استضافة الولايات المتحدة وبريطانيا للمنتدى العالمي لاسترداد الأصول عام 2017، حيث تمّ إقرار المبادئ لنقل الموارد المنهوبة.

من رائدة في المجال إلى موضع انتقاد

على مدى العقد الماضي، لعبت سويسرا أيضًا دورًا رائدًا، حسب تصريح وزارة الخارجية السويسرية (DFAE ) لـسويس إنفو (Swissinfo.ch)، مثل تعزيز التبادل الدولي للمعلومات حول الفساد. وأضافت الوزارة أن البلاد لا تزال “ملتزمة بشدة” باسترداد الأصول المنهوبة، و”تتخذ تدابير لمكافحة الفساد”، على الصعيدين المحلي والدولي.

 وبالتالي، كانت المليارات المشبوهة التي أعادتها، نتيجة عمل تدريجي استمرّ لعقود، للتخلص من صورتها كمركز للأموال غير المشروعة. وعزّزت سويسرا التشريعات الخاصة بمكافحة غسل الأموال، بعد أن أصبحت أوّل دولة تجمّد استباقي للحسابات المصرفية العائدة إلى زعيم فاسد عام 1986، فردينان ماركوس من الفيليبين. ومع حلول عام 2016، أصدرت قانونًا حول استرجاع الأصول غير المشروعة، المهرّبة إلى الخارج.   

محتويات خارجية

وكان من أبرز المحطات المسجلة في هذا السياق، تحويل 321 مليون دولار أميركي إلى نيجيريا عام 2018، وهي جزء من الأموال التي سرقها الدكتاتور السابق ساني أباشا، الحاكم في التسعينيات، وعائلته. وكانت هذه المرة الأولى التي تساعد فيها مجموعات مدنية في اتخاذ القرار، والإشراف على وجهة الأموال. وأشرفت أكثر من 200 منظمة غير حكومية، بقيادة الشبكة الأفريقية للبيئة والعدالة الاقتصادية، على تحويل الأموال إلى أشخاص يعانون من الفقر.  

وقال أوغلور: “كانت عملية ناجحة، لأنّ الأموال وصلت لأوّل مرّة إلى نيجيريا، واستطعنا تتبّع الجهات المستفيدة في مختلف أنحاء البلاد. تمّت العملية بسلاسة، وأصبحت تُعتمد تدريجيًا كمعيار سائد”.

ويتمّ استخدام النهج ذاته لإعادة حوالى 313 مليون دولار أميركي إلى أوزبكستان. وسيُستعمل جزء من هذه الأموال لتجديد أقسام التوليد في المستشفيات.  

ومع ذلك، لا يخلو سجل سويسرا في مجال استرداد الأصول من الشوائب، تحديد الأموال المسروقة وتجميدها ومصادرتها وإعادتها، من عيوب. فقد أفادت التقارير اختفاء جزءٍ كبيرٍ من مبلغ 700 مليون دولار، المحوّل في دفعة سابقة من أموال أباشا. وكشفت  مراجعةرابط خارجي رابط خارجيحساباترابط خارجي رابط خارجياتحاديةرابط خارجي أجريت فيرابط خارجي رابط خارجيعامرابط خارجي 2022رابط خارجي، عن وجود نقاط ضعف في النظام السويسري. وقال مكتب المراجعة إن قانون عام 2016 محدود للغاية، وبالتالي من الصعب استخدامه في الممارسة العملية.  

وقد يكون التقدم المحرز بطيئًا أيضًا. ويعد المسؤولون السويسريون في بعض الأحيان بنتائج سريعة، في حين يتطلّب حل القضايا سنوات أو عقودًا. ففي لبنان، يتصدّر ملف الأموال المنهوبة العناوين منذ سنوات. فقد أشارت تقارير سابقة عام 2023، عبر موقع “سويس إنفو” و”سنترال بانكينغ”، إلى وصول مبالغ بمئات ملايين الدولارات إلى حسابات في 12 بنكًا سويسريًا، يُشتبه في اختلاسها من لبنان. كذلك، تمّ تجميد أصول مرتبطة بحاكم مصرف لبنان رياض سلامة، الملاحق من القضاء الأوروبي بتهمة سرقة الأموال العامة. وقد بدأت تحقيقات سويسرية، وأوروبية في قضايا مالية مرتبطة بلبنان، منذ عام 2021. 

المزيد
رقص أمام تمثال

المزيد

سويسرا.. وأصول الطغاة القذرة المُودعة في مصارفها

تم نشر هذا المحتوى على منذ أمد بعيد، تُعتبر سويسرا، بسريتها المصرفية التي باتت جزءًا من الماضي (قانونيا على الأقل)، ملاذاً لرأس المال للعديد من الدكتاتوريين الهاربين من العدالة. جولة تسلط الضوء على أبرز الملفات التي أثارت الجدل في السنوات الماضية.

طالع المزيدسويسرا.. وأصول الطغاة القذرة المُودعة في مصارفها

وحتى هذا التاريخ، لم يُعلن رسميًا عن إعادة مبالغ مالية من سويسرا إلى خزينة الدولة اللبنانية. ولا يزال الملف طور التحقيق، في مسار قضائي طويل يواجه الكثير من التحديات. إذ تتطلب عملية الاسترداد أدلة قانونية قوية، بالإضافة إلى إجراءات معقّدة بين المحاكم.

أمّا في قضية الرئيس السابق، حسني مبارك وأفراد من نظامه، فقد تمّت استعادة 32 مليون فرنك سويسري عام 2018، كتمويل مباشر للدولة المصرية. وعام 2022، أعلنت النيابة الفيدرالية إغلاق تحقيق استمرّ 11 عامًا دون توجيه اتهامات؛ إذ لم تتمكّن من إثبات ما يكفي. وتشير تقارير إلى الإفراج عن حوالى 400 مليون فرنك سويسري. 

وفي تونس، بدأ ملف استرداد الأموال المنهوبة بعد سقوط نظام الرئيس زين العابدين بن علي عام 2011. إذ بدأت السلطات التونسية بفتح تحقيقات، وجمّدت سويسرا أموالًا ذات صلة بالرئيس المخلوع وأفراد من عائلته ومقرّبيه، بقيمة 60 مليون فرنك. واسترجعت مبالغ محدودة جدًا: 225 ألف يورو عام 2016 كأوّل استرداد، و3،5 ملايين يورو من أحد أقارب بن علي. وظلّ الملف ضمن أجندة الاتصالات التونسية السويسرية، ولا توجد أي مؤشرات على استردادات جديدة.  

وإزاء هذا البطء الشديد في معالجة ملفات حارقة،  أشار مكتب التدقيق في سويسرا إلى غياب الشفافية، في ظلّ عدم وجود سجل موحّد للحالات. وتوصي فرقة العمل المعنية بالإجراءات المالية (FATF)، الهيئة الدولية لمكافحة غسل الأموال، بالاحتفاظ بـ “إحصائيات شاملة”، لتحسين استرداد الأصول.      

وأكّدت وزارة الخارجية لموقع سويس إنفو، اتّباع الحكومة بعض التوصيات الصادرة عن مكتب التدقيق، رغم عدم وجود سجل مركزي (نظرًا لمشاركة العديد من الهيئات الفيدرالية والكانتونية). وأضافت: “عمّقت سويسرا  الشراكات الاستراتيجية” مع مؤسسات عديدة، منها مبادرة استرداد الأصول المسروقة (STAR) التابعة لمكتب الأمم المتحدة، المعني بالمخدرات والجريمة.   

يدير برنامج StAR قاعدة بيانات تحتوي على سجلات لأصول غير مشروعة تبلغ قيمتها حوالي 17 مليار دولار، من إجمالي 560 قضية في جميع أنحاء العالم. ومع ذلك، فليست هذه البيانات سوى غيض من فيض، إذ تشير إحدىرابط خارجي رابط خارجيالتقديراترابط خارجي إلى أن أقل من 1% من الأموال غير المشروعة يتم اعتراضها في العالم.

نقاط ضعف في سبل الوقاية   

ليست سويسرا البلد الوحيد المكافح من أجل التعامل مع القضايا المعقّدة. فقد أعلن المعهد الملكي للخدمات المتحدة، المركز البريطاني للأبحاث، معاناة المملكة المتحدة من “مشكلة مستمرّة تتعلّق بالأموال القذرة، وغير المشروعة”، ويُعتبر مسار عملها  لمعالجة الكليبتوقراطية، “غير فعّال”. ومن بين هذه القضايا، عدم وجود “رؤية مشتركة” بين 20 هيئة حكومية معنية، كما لا تحظى بأولوية سياسية كبيرة.   

أشار أولدفيلد من المنتدى الألماني لاسترداد الأصول في ألمانيا (CiFAR)، إلى تحدّ آخر تواجهه الدول الغنية، ويتمثل في ضعف التدابير الوقائية، رغم توفر إرادة أكبر لمعالجة مشكلة السرية المصرفية، والملكية الفعلية.

المزيد
النشرة الإخبارية للشؤون الخارجية

المزيد

شؤون خارجية

نشرتنا الإخبارية المتخصصة في الشؤون الخارجية

سويسرا في عالم متغير. راقب معنا السياسة الخارجية السويسرية وتطوراتها. نقدم لكم حزمة من المقالات الدسمة لتتكون لديكم خلفية جيّدة حول المواضيع المتداولة.

طالع المزيدنشرتنا الإخبارية المتخصصة في الشؤون الخارجية

وقال: “ما زالت تتوفر العديد من الملاذات القضائية السرية، بما في ذلك في أوروبا، حيث يمكن إنشاء شركات وهمية والاختباء وراءها”.   

وحاليًا، يدرس البرلمان السويسري اتخاذ تدابير أكثر صرامة، تشمل إنشاء سجل فيدرالي للمستفيدين الفعليين من الشركات، وقواعد العناية الواجبة للمستشارين القانونيين. في المقابل، يرى الفرع السويسري لمنظمة الشفافية الدولية، أنّ هذه الخطط ستفشل على أي حال في مواءمة بلاد جبال الألب مع المعايير الدولية.     

استرداد الأموال  المنهوبة “حقّهم.هن”

يقول أوغلور، بينما تحرز سويسرا ودول أخرى تقدمًا بطيئًا بشأن استرداد الأصول، ومع انسحاب الولايات المتحدة من التعهدات السابقة، تراجع “الزخم السياسي حول مكافحة التدفقات المالية غير المشروعة”. ورغم استفادة بلده الأصلي نيجيريا، من قيادة المملكة المتحدة، والولايات المتحدة، وسويسرا في الماضي، واسترداده حوالى 3 مليارات دولار أميركي، فإنّ ” المبلغ المذكور محدود جدًا”، مقارنة بالمبالغ المسروقة.

وبالنسبة إلى النيجيريين.ات العاديين.ات، وصلت المخاطر إلى أعلى مستوياتها. إذ يحتلّ هذا البلد المرتبة 140 من بين 180 دولة ضمن مؤشر الفساد لعام 2024، الصادر عن منظمة الشفافية الدولية. ويُعتبر حوالى 40 % من السكان فقراء. 

وستترتّب أيضًا على الدول الغنية عواقب كثيرة، إذا فشلت في إيلاء هذه المسألة الأولوية.

ويتابع أوغولور: “هذا ليس عملًا خيريًا”.  مضيفًا أنّ “من حقّ” المواطنين والمواطنات استعادة الأموال المسروقة.

ويختم بالقول: “لا توجد فرص عمل للشباب والشابات. والخطر يكمن في أنّ استمرار الفساد في سرقة مستقبلهم.هن سيدفعهم.هنّ إلى الهجرة نحو أوروبا، بصفته الخيار الوحيد المتاح. وإذا حاربت الدول الكليبتوقراطية، فسيتحقق الازدهار في أفريقيا”.        

تحرير: دوني باريت

ترجمة وإضافة تحديث للمعلومات حول المنطقة العربية: ناتالي سعادة

مراجعة: عبد الحفيظ العبدلي

التدقيق اللغوي: لمياء الواد

المزيد

نقاش
يدير/ تدير الحوار: جيرالدين وونغ ساك هُوي

هل سمعت شيئًا عن الدبلوماسية السويسرية وترغب في أن نتحقق من صحته؟

ليس كل ما يُتداول عن العلاقات الخارجية لسويسرا دقيقًا أو مفهومًا بشكل صحيح. هل صادفت.ي ادعاءات أو مفاهيم خاطئة مشابهة حول دور سويسرا في العالم؟

8 إعجاب
8 تعليق
عرض المناقشة

قراءة معمّقة

الأكثر مناقشة

متوافق مع معايير الصحافة الموثوقة

المزيد: SWI swissinfo.ch تحصل على الاعتماد من طرف "مبادرة الثقة في الصحافة"

يمكنك العثور على نظرة عامة على المناقشات الجارية مع صحفيينا هنا . ارجو أن تنضم الينا!

إذا كنت ترغب في بدء محادثة حول موضوع أثير في هذه المقالة أو تريد الإبلاغ عن أخطاء واقعية ، راسلنا عبر البريد الإلكتروني على arabic@swissinfo.ch.

SWI swissinfo.ch - إحدى الوحدات التابعة لهيئة الاذاعة والتلفزيون السويسرية

SWI swissinfo.ch - إحدى الوحدات التابعة لهيئة الاذاعة والتلفزيون السويسرية