مُستجدّات ورُؤى سويسريّة بعشر لغات

تونس: هل تكون قمة الحلول .. “الدائمة”؟!

قبة حمراء ترمز إلى المدينة العربية العتيقة في مركب ياسمين الحمامات الذي ينعقد فيه الإجتماع التحضيري smsitunis2005.org

يشدد الاجتماع التحضيري للمرحلة الثانية من قمة مجتمع المعلومات، على ضرورة أن تكون تونس " قمة الحلول"، دون إخفاء صعوبة وتعقيد المواضيع المطروحة للنقاش.

من جانبهم، رحب ممثلو المجتمع المدني التونسي بمختلف توجهاتهم بخطوات الانفتاح التي تزامنت مع بدء الأشغال التحضيرية للمؤتمر وعبر بعضهم عن الأمل في أن تكون “دائمة”.

أجمع جل المتدخلين في الجلسة الافتتاحية للمؤتمر التحضيري للمرحلة الثانية من قمة مجتمع المعلومات، المنعقدة منذ 24 يونيو في حي المدينة بمدينة الحمامات، على التركيز على ضرورة أن تكون مرحلة تونس .. “قمة الحلول”.

وإذا كانت هذه هي العبارة الرئيسية في خطاب المدير العام للاتحاد الدولي للاتصالات الياباني يوشيو أوتسومي بوصفه الجهة الأممية المعنية بأشغال القمة، فإن المسؤولين عن مرحلتي القمة في كل من جنيف وتونس لم يبتعدا عن ترديد عبارات ترسخ هذا الاعتقاد.

إذ تحدث كاتب الدولة للاتصالات السويسري مارك فورر الذي ترأس المرحلة الأولى من القمة في جنيف، عن “كسب معركة وليس الحرب”. بينما ناشد وزير الاتصالات التونسي السيد الصادق رابح الجميع حكومات وقطاع خاص ومجتمع مدني “تجديد الدعوة لتكثيف مشاركة وإسهام الجميع في إثراء القرارات”.

ولكن تجربة مفاوضات مرحلة جنيف وما عرفته من تعقيدات في آخر لحظة كادت ان تفشل القمة، تملي بعض التريث قبل التسرع بالحكم على سير الأشغال في القضايا الجوهرية المطروحة مثل مسألة التحكم في شبكة الإنترنت، وموضوع تمويل جسر الهوة الرقمية بين الشمال والجنوب، اللذين سوف لن يكشف عن تفاصليهما قبل الاجتماع التحضيري الثاني المقرر لشهر فبراير المقبل.

سابقة على مستوى المجتمع المدني التونسي

إذا كانت نتائج مرحلة تونس من قمة مجتمع المعلومات سوف لن تتضح معالمها من الآن، فإن تأثير انعقادها على مجال استعمال الإنترنت داخل تونس قد حقق خطوة إيجابية تميزت برفع الرقابة التي كانت مفروضة على العديد من المواقع التي ينظر لها على اعتبار أنها معارضة أو تسير عكس التيار.

كما سمحت حسب اعتراف الجميع ولأول مرة بعقد لقاء بين ممثلي منظمات المجتمع المدني -المقربة وغير المقربة من النظام- حول موضوع حساس هو حقوق الإنسان في غمرة الحديث عن التحضير لمجتمع المعلومات.

هذا التطور رأى فيه أنطوان مادلان، ممثل الفدرالية الدولية لحقوق الإنسان “إشارة إلى أن هناك تقدما من طرف التونسيين، يلبي جانبا من المطالب التي تقدمنا بها”. ولكنه يضيف بأن “ذلك يجب أن لا يغطي كون العديد من المنظمات لم يسمح لها بالمشاركة في أشغال القمة لأن السلطات لم تعترف بوضعها القانوني مثل المجلس الوطني للحريات في تونس، وراد – آتاك تونس، والجمعية التونسية لمناهضة التعذيب”.

ويقول مختار الطريفي، رئيس الرابطة التونسية للدفاع عن حقوق الإنسان عن هذا الانفراج: “كنا نتوقعه وما زلنا نعتقد أنه سيحصل”. ويضيف: “هذا الإنفراج في الرقابة على الإنترنت أعلنا منذ مدة أنه سيحدث بمناسبة الإجتماع التحضيري لقمة مجتمع المعلومات”. ويستشهد السيد مختار الطريفي بأن موقع منظمته لم ترفع عنه الرقابة إلا قبل يوم واحد من انعقاد الاجتماع التحضيري، معبرا عن الأمل في ألا يكون هذا الانفتاح “انفتاحا ظرفي”.

عمر المستيري، أحد مؤسسي المجلس الوطني للحريات في تونس (غير المعترف به) الذي شارك في الاجتماع بدعوة من الرابطة التونسية لحقوق الانسان اعتبر أن “هناك تقدما شكليا وطفيفا”، ولكنه يشكك في استمرارية هذا الانفتاح “لأننا نعرف قدرة النظام التونسي على التأقلم وإننا ننتظر إجراءات ملموسة وميدانية ينال ثمارها المواطن التونسي” على حد قوله.

“الانتظار بدل الأحكام المسبقة”

لكن من بين المشاركين من كان أكثر تشكيكا في جدية هذا الانفتاح مثل السيدة أم زياد رئيسة المرصد الوطني من أجل حرية التعبير والإبداع والصحافة والنشر (غير المعتمد)، التي تقول إنها “لا تشاطر حتى هذا البصيص من التفاؤل…”، معتبرة أن ما تم أمر “استثنائي ومن لوازم الديكور” لانعقاد القمة على حد تعبيرها.

وفي المقابل، يرى الأستاذ الحبيب عاشور، المستشار القانوني لجمعية “الأطباء الشبان بدون حدود”، ورئيس “الجمعية التونسية لضحايا الإرهاب”، أنها تمثل “بادرة يجب أن نحييها وأن نقول للحكومة التونسية واصلي إلى الأمام” حسب قوله.

ويؤكد السيد عاشور أن رفع الرقابة على الإنترنت إجراء “يعود الى بداية هذه السنة” وهي بالتالي خطوة “ليست ظرفية أو مرتبطة بالقمة”، ويخلص إلى أن القرار الحكومي بهذا الشأن “متواصل”، مجددا دعوته الحكومة التونسية إلى “المواصلة على هذا الدرب” وموجها في الوقت نفسه دعوة الى الأطراف الأخرى الى “الانتظار بدل الحكم مسبقا على الأحداث”.

ومهما يكن من أمر، إذا كانت معالم النتائج الدولية للتحضيرات الجارية لانعقاد المرحلة الثانية من قمة مجتمع المعلومات لن تتضح إلا بعد شهر فبراير من العام المقبل، فإن الإصرار على تنظيمها في تونس رغم كل التحفظات قد ساهم في إطلاق بوادر انفتاح يثمنها الجميع وإن بتفاوت، مع التعبير عن الأمل في أن تكون دائمة ومستمرة وبدون أي إقصاء.

محمد شريف – سويس إنفو – الحمامات – تونس

قراءة معمّقة

الأكثر مناقشة

متوافق مع معايير الصحافة الموثوقة

المزيد: SWI swissinfo.ch تحصل على الاعتماد من طرف "مبادرة الثقة في الصحافة"

يمكنك العثور على نظرة عامة على المناقشات الجارية مع صحفيينا هنا . ارجو أن تنضم الينا!

إذا كنت ترغب في بدء محادثة حول موضوع أثير في هذه المقالة أو تريد الإبلاغ عن أخطاء واقعية ، راسلنا عبر البريد الإلكتروني على arabic@swissinfo.ch.

SWI swissinfo.ch - إحدى الوحدات التابعة لهيئة الاذاعة والتلفزيون السويسرية

SWI swissinfo.ch - إحدى الوحدات التابعة لهيئة الاذاعة والتلفزيون السويسرية