مُستجدّات ورُؤى سويسريّة بعشر لغات

جبهة القوى الأشتراكية تنظم للمقاطعين

متظاهرون قبائيليون يحملون لافتة تنادي بعدم الرحمة او السماح خلال مظاهرات احتجاج عارمة نظمت الاسبوع الماضي لادانة احتلال قوات الشرطة لمقر قيادة زعماء العروش القبائلية في تيزي وزو شرقي العاصمة الجزائرية Keystone

تحقق ما كانت تتخوف منه أغلب الطبقة السياسية الجزائرية. لقد أعلنت جبهة القوى الاشتراكية، أول حزب في بلاد القبائل عن قرارها بعدم المُشاركة في الانتخابات البرلمانية المقرر إجراؤها في الثلاثين من شهر أيار مايو المقبل.

يعني قرار الجبهة عمليا أن منطقة القبائل ستكون غائبة برمتها عن البرلمان الجزائري، أربعة أعوام كاملة، ووافقها على رأيها حشد هائل من المُعارضين للرئيس عبد العزيز بوتفليقة وللسلطات بشكل عام.

أعلن عن هذا القرار الخطير أحمد جداعي، الناطق باسم جبهة القوى الاشتراكية، بعد أن استشار حزبه، على حد قوله، قاعدة المُناضلين فيه و شخصيات سياسية منها وزير الخارجية الأسبق الدكتور أحمد طالب الإبراهيمي والأمين العام الأسبق لحزب جبهة التحرير الوطني عبد الحميد مهري، بالإضافة إلى شخصيات سياسية أخرى تنتمي كلها إلى المعارضة.

والواقع أن قرار جبهة القوى الاشتراكية بعدم المُشاركة في الانتخابات البرلمانية المقبلة أدهش الكثيرين، لأنه جاء مُتزامنا مع رفض الأحزاب المنتمية للتيار العلماني المُشاركة في الانتخاب. كما تزامن هذا مع رفض ستة مرشحين سابقين ممن انسحبوا من الانتخابات الرئاسية الماضية عندما تنافسوا في مواجهة الرئيس عبد العزيز بوتفليقة.

يتعلق الأمر برئيس الحكومة الأسبق مولود حمروش ووزير الخارجية الأسبق أحمد طالب الإبراهيمي والدكتور يوسف الخطيب ورئيس الحكومة الأسبق المقداد سيفي، بالإضافة إلى زعيم جبهة القوى الاشتراكية حسين آيت أحمد.

البعض وصف دعوة هؤلاء إلى مُقاطعة الانتخابات البرلمانية كوسيلة للانتقام من بوتفليقة على موافقته، لما أسموه، برشوة المؤسسة العسكرية قبيل انتخابه رئيسا للبلاد قبل ثلاثة أعوام.

والبعض الآخر وصف بأن موقف هؤلاء مبني على توجهات سياسية واضحة ونظرة متفقة حيال كل عمليات الاقتراع، وأساسها أن السلطات قد زورت عملية الاقتراع سلفا، ولا جدوى من تضييع الوقت مع المزورين…

رغم الأختلاف إتفقوا!

بيد أن الانسحاب من الانتخابات البرلمانية ليس كالانسحاب من البرلمان على أي حال، وخصوصا مع ما يجري في بلاد القبائل، والتي ستبقى مُعارضة لكل ما سيقترحه الرئيس الجزائري طيلة أربعة أعوام، وسيقف إلى جانبها كل الساخطين على الرئيس، بكل تناقضاتهم، فمنهم الإسلاميون ومنهم العلمانيون ومنهم الوطنيون.

ووصل الأمر إلى درجة أن المُقاطعين للانتخابات انضم إليهم رئيس الحكومة الأسبق سيد أحمد غزالي الذي كثيرا ما أظهر مرارا أنه ميال للملك أكثر من الملكيين. وهنا تظهر فداحة خطأ رفض تقديم الاعتماد للتيارات السياسية، على أساس الخلافات الشخصية ما بين أصحاب القرار، وعلى هذا الأساس، رُفض طلب سيد أحمد غزالي بتشكيل حزب جديد…

أما الآن فهو منضم إلى شبكة واسعة من المُقاطعين، غاب عنهم زعيم حركة الإصلاح الشيخ عبد الله جاب الله، وزعيمة حزب العمال السيدة لويزة حنون، حتى تكتمل صورة الوضع الجزائري ما بعد الانتخابات.

وليس من الواضح كيفية تعامل المُنسحبين من عملية الاقتراع مع الوضع في بلاد القبائل، لأن الاهتمام الذي يُبديه الدكتور أحمد طالب الإبراهيمي بحالة بلاد القبائل، يُرحب به زعيم جبهة القوى الاشتراكية، حسين آيت احمد، إلا أنه يملك تصورا محليا لبلاد القبائل، أبعد ما يكون عن وطنية الإبراهيمي الذي يقبل بلغة بربرية في الجزائر، تُكتب بالحرف العربي، وهو موقف لم يُسمع إطلاقا عن حسين آيت أحمد.

كما أن هناك حسابات سياسة مُعقدة ترتكز على أوراق اللعبة على المُستوى الخارجي، أهمها من دون مُنازع، إمكانية فوز رئيس الحكومة الفرنسي الاشتراكي، ليونال جوسبان، بالانتخابات الرئاسية في فرنسا، ما يعني أن المُعارضة بشكل عام، و جبهة القوى الاشتراكية بشكل خاص، ستحصل على دعم أعز الحلفاء، في الاشتراكية العالمية.

مثل هذه الحسابات، سُمع صدى النقاش حولها، من داخل أروقة أصحاب القرار، وتبين أن هناك قلقا مما يجري وتفسيرا ثُلاثيا لتكتل المُعارضة و المقربين السابقين في صف واحد.
فإماهناك رغبة في الإطاحة بالرئيس الجزائرية، وإما هناك رغبة في الضغط على الرئيس لإلغاء الانتخابات، وإما أن ما يجري مُجرد حنق المغضوب عليهم والمظلومين سياسيا.

كل هذا يتزامن بشكل لافت مع موجة عنف قاسية تجتاح البلاد من شرقها إلى غربها، ولا تستثني بلاد القبائل التي قُتل فيها شاب مُتأثرا بجروح خطيرة خلال المواجهات مع قوات الأمن، بالإضافة إلى موت شخصين على إثر انفجار قنبلة وسط سوق حي أولاد يعيش الشعبي في مدينة البليدة، 50 كلم غرب العاصمة.

المقربون من الرئيس الجزائري يرون أنه حزم أمره على عدم الرضوخ للضغوط أيا كان مصدرها ويقول الواقعيون منهم لسنا ندري مدى نجاح سياسة دس الرأس في الرمال.

هيثم رباني – الجزائر

متوافق مع معايير الصحافة الموثوقة

المزيد: SWI swissinfo.ch تحصل على الاعتماد من طرف "مبادرة الثقة في الصحافة"

يمكنك العثور على نظرة عامة على المناقشات الجارية مع صحفيينا هنا . ارجو أن تنضم الينا!

إذا كنت ترغب في بدء محادثة حول موضوع أثير في هذه المقالة أو تريد الإبلاغ عن أخطاء واقعية ، راسلنا عبر البريد الإلكتروني على arabic@swissinfo.ch.

SWI swissinfo.ch - إحدى الوحدات التابعة لهيئة الاذاعة والتلفزيون السويسرية

SWI swissinfo.ch - إحدى الوحدات التابعة لهيئة الاذاعة والتلفزيون السويسرية