مُستجدّات ورُؤى سويسريّة بعشر لغات

حضور مزدوج للعالم العربي في جنيف

أعضاء الجناح السعودي في الدورة 18 لمعرض الكتاب والصحافة والنشر في جنيف swissinfo.ch

اتسم حضور العالم العربي في معرض الكتاب بجنيف بمشاركة محدودة جدا اقتصرت على أجنحة السعودية والجزائر وليبيا وبعض الجمعيات السويسرية المعنية.

في المقابل، كانت شؤون العالمين العربي والإسلامي حاضرة بقوة من خلال ما عرضته دور النشر من مؤلفات اهتمت بما يجري في المنطقة من تقلبات وتطورات.

يمكن القول أن حضور العالمين العربي والإسلامي كان متميزا في الدورة الثامنة عشرة للمعرض الدولي للكتاب والصحافة الذي حتضنته جنيف ما بين 28 أبريل و2 مايو.

الحضور الأبرز جاء بطريقة غير مباشرة من خلال عـرض جل دور النشر المشاركة في التظاهرة لآخر ما توصلت به من إنتاج عن منطقة تعرف تقلبات سياسية واجتماعية واقتصادية لها تأثيراتها على بقية مناطق العالم وتستحوذ على اهتمامات وسائل الإعلام الدولية منذ عدة أعوام وخاصة منذ أحداث 11 سبتمبر 2001 واحتلال العراق وأزمات الشرق الأوسط المزمنة.

ومع أنه لم يتم تخصيص محور بعينه أو جناح بحاله لأوضاع العالمين العربي والإسلامي ضمن برنامج المعرض، إلا أن الكمية الهائلة من المؤلفات الجديدة والقديمة المعروضة من قبل دور النشر عكست الاهتمام المتزايد للقارئ السويسري بمعرفة المزيد عن منطقة هو على موعد يومي مع أحداثها من خلال نشرات الأخبار والصحف اليومية.

ومن المواضيع التي حظيت بأهمية كبرى ما تعلق بخلفيات الحرب على العراق مع تركيز على طريقة معالجة الإدارة الأمريكية لملفي الحرب والإرهاب. كما أولت دور النشر المشاركة في معرض جنيف لهذا العام اهتماما متزايدا بتلبية رغبة الجمهور المتعطش لمعرفة المزيد عن العالم الإسلامي وعن الديانة الإسلامية.

وإذا كان الوصول إلى هذه المؤلفات عن العالمين العربي والإسلامي يقتصر على ما ينشر في دور نشر غربية في الماضي، فإن تنظيم جناح للكتاب الإفريقي في دورة هذا العام، بدعم من وكالة التعاون والتنمية التابعة لوزارة الخارجية السويسرية، أتاح للجمهور إمكانية الإطلاع على مؤلفات أخرى لكتاب وناشرين عرب من بلدان شمال افريقيا باللغة الفرنسية.

لا شك أن الصورة المنقولة عن العالمين العربي والإسلامي من خلال الكتب والمؤلفات والأبحاث المنشورة اليوم قاتمة تعكس الواقع المرير لهذه المنطقة. وقد جاء معرض الصور الذي نظمته الصحفية والكاتبة السويسرية لورانس دايونا لإطلاع الجمهور على مجموعة الصور التي التقطتها خلال زياراتها المتتالية للمنطقة العربية على مدى 37 عاما، ليؤكد هذا الواقع الصعب.

وقد شمل معرض الصور الذي وضع تحت شعار “من شهرزاد إلى الثورة” تجربة الصحفية السويسرية في “اليمن السعيد” في السبعينيات وصولا إلى الثورة الإيرانية ومن بعدها حرب الخليج الأولى مرورا بحرب اكتوبر. وقد اختارت لتجسيد واقع هذا العالم العربي والإسلامي سيدات يمنيات مبتسمات، لتنتهي بصور سيدات إيرانيات يرتدين الأسود ويحملن صور اقارب قتلوا او فقدوا في الحرب مع العراق.

عودة الجزائر

على صعيد آخر، ترافقت الدورات السابقة لمعرض جنيف بانتقادات أطراف عدة لضعف المشاركة العربية في هذه التظاهرة الثقافية الهامة ومن تدني مستوى الإنتاج الذي تعرضه الأجنحة العربية اليتيمة، لكن دورة هذا العام شهدت تحسنا عدديا ونوعيا في الحضور العربي.

فالجزائر التي كانت من بين الدول العربية الأولى المشاركة منذ بداية تنظيم المعرض في منتصف الثمانينات، عادت من جديد للتواجد بعد انقطاع طويل. وتقول مسؤولة الجناح السيدة سميرة بن إدريس من المؤسسة الوطنية للاتصال والنشر والإشهار أن الدافع وراء ذلك يكمن في “إظهار بأن في الجزائر نشاطا ثقافيا متميزا، وليس فقط ما تتناقله وسائل الإعلام من سلبيات”.

ومع أن معروضات الجناح الجزائري اقتصرت على منشورات المؤسسة الوطنية، فإن العينة المتواضعة المعروضة، تعكس مختلف أوجه الحياة في الجزائر مع تركيز على الجوانب التاريخية والاجتماعية والثقافية والتربوية، دون تهميش للمؤلفات التي تتحدث عن السنوات المظلمة التي مرت بها البلاد وخاصة ما اهتم منها بتحليل ظاهرة الإرهاب.

وفي هذا السياق تقول السيدة بن إدريس: “تلك حقائق لا يجب إخفاؤها”، مثل كتاب عن ظاهرة الأفغان الجزائريين او كتاب تحت عنوان “في عمق الجزائر” يتحدث عن العشرية الدامية التي مرت بها البلاد. وتضيف المسؤولة عن الجناح الجزائري: “الأولى بالجزائريين أن يكتبوا عن واقعهم بدل ترك ذلك للآخرين”.

تحسن في مستوى مشاركة السعودية

المملكة العربية السعودية حافظت إلى جانب ليبيا منذ سنوات على مشاركة متواضعة في معرض الكتاب بجنيف، لكن مستوى مشاركتها شهد تحسنا هذا العام حيث تميز جناحها الضخم منشورات وزارات التعليم العالي والشؤون الإسلامية والإعلام والثقافة إضافة إلى إنتج عدد من الجامعات والمعاهد العليا بالمملكة.

ولم يقتصر المشرفون على الجناح السعودي بمراعاة الجانب اللغوي للجمهور من خلال عرض بعض المؤلفات باللغة الفرنسية، بل اهتموا بالإستجابة لبعض رغبات الزوار الأخرى حيث لم يقتصر العرض على نسخ القرآن الكريم او الكتيبات التعريفية بالمملكة، بل تعداه إلى مواضيع أخرى مثل حقوق الإنسان في الإسلام وغيرها.

ولدى سؤاله عن حجم إقبال الجمهور السويسري على الجناح السعودي، قال السيد سامي سليمان الهويشي من وزارة التعليم العالي: “إننا لا حظنا رغبة لدى الجمهور السويسري للاطلاع عن أشياء كانت غائبة عن أنظاره ومعرفة بعض أوجه التطور الحديث في المملكة بوصفها بلدا مهتما بالقضايا الإسلامية وبالأماكن المقدسة من جهة، وبلد يرغب في مد الجسور بين الشرق والغرب”.

أما شائع القحطاني من جامعة الملك سعود، فيرى أن هذا التواجد “يسمح للجامعة بإظهار كافة ما لديها من منشورات في شتى الميادين العلمية المتخصصة من طبية وزراعية وغيرها، كما يسمح لنا بالتعريف بمختلف التخصصات التي تدرس في الجامعة وبشروط قبول الطلبة”.

من جهتها تلقى مشاركة وزارة الأوقاف السعودية بجناح خاص يضم تراجم القرآن الكريم الى عدة لغات ” إقبالا من قبل أفراد الجالية العربية والإسلامية وكذلك من قبل الجمهور السويسري الراغب في الإطلاع على ترجمة فرنسية للقرآن الكريم” على حد قول المهندس فؤاد البوق. كما تضمن الجناح السعودي عرضا لأول مرة لمصحف كتب بخط كبير الحجم يتلاءم مع أوضاع ضعيفي البصر. كما أفاد المهندس فؤاد أن وزارة الأوقاف السعودية، تستعد لطباعة مصحف جديد بلغة “براي” لتلبية حاجيات المكفوفين.

رغبة في الاستمرار

وعلى الرغم من ارتفاع تكلفة المشاركة في معرض الكتاب بجنيف مقارنة مع ما يمكن جنيه من مكاسب مادية، فقد أبدى المشرفون على الأجنحة العربية الذين تحدثنا إليهم رغبة واضحة في الاستمرار في المشاركة في معرض الكتاب والصحافة في جنيف في الدورات القادمة مع محاولة الزيادة في حجم المشاركة وتنويعها.

إذ ترى السيدة سميرة بن إدريس من الجزائر أن المعرض “أظهر بأن هناك أصدقاء كثيرين للجزائر من بين الجمهور السويسري، كما يسمح حضورنا بطمأنة من زاروا الجزائر من قبل بأن الأوضاع الأمنية تتحسن وفي ذلك تشجيع لهم لزيارة الجزائر من جديد”.

أما السيد سامي سليمان الهويشي من الجناح السعودي فأعرب عن الأمل في أن تكون مشاركة المملكة في العام القادم “اكبر وأعم، لتصحيح بعض الأفكار الخاطئة المعطاة عن المملكة”.

محمد شريف – سويس إنفو – جنيف

في عام 1995، أعلنت منظمة الأمم المتحدة للثقافة والتربية والعلوم “يونيسكو” تاريخ 23 أبريل يوما عالميا للكتاب
يصادف هذا التاريخ وفاة ميغيل سرفاتيس وويليام شيكسبير في عام 1616، وميلاد فلاديمر نابوكوف (1899) وهالدور لاكنيس (1902)

متوافق مع معايير الصحافة الموثوقة

المزيد: SWI swissinfo.ch تحصل على الاعتماد من طرف "مبادرة الثقة في الصحافة"

يمكنك العثور على نظرة عامة على المناقشات الجارية مع صحفيينا هنا . ارجو أن تنضم الينا!

إذا كنت ترغب في بدء محادثة حول موضوع أثير في هذه المقالة أو تريد الإبلاغ عن أخطاء واقعية ، راسلنا عبر البريد الإلكتروني على arabic@swissinfo.ch.

SWI swissinfo.ch - إحدى الوحدات التابعة لهيئة الاذاعة والتلفزيون السويسرية

SWI swissinfo.ch - إحدى الوحدات التابعة لهيئة الاذاعة والتلفزيون السويسرية