مُستجدّات ورُؤى سويسريّة بعشر لغات

حيرة الفلسطينيين بين نابلس وأنابوليس

AFP

تندر رئيس الوزراء الفلسطيني سلام فياض، خلال لقائه صحفيين وكتاب في مكتبه برام الله، أن مدينة نابلس في شمال الضفة الغربية، "أهم بكثير من مؤتمر انابوليس"، المُـزمع عقده في ولاية ميريلاند الأمريكية.

تصريح فياض، جاء في سياق حديث طويل له حول آفاق السلام الإسرائيلي الفلسطيني والأوضاع في الأراضي الفلسطينية المحتلة.

لقد اختار المسؤول الفلسطيني الانحياز إلى أولوية التركيز والعمل على الأوضاع على الأرض، مشيرا إلى أن أفضل ما يمكن أن يفضي إليه المؤتمر الأمريكي، لن يخرج عن خانة “تحريك” الأمور لا أكثر.

وفي غضون ذلك، قال رئيس الوزراء السابق والقيادي في حركة فتح، أحمد قريع (أبو علاء) في تصريحات بمناسبة الذكرى الثالثة لوفاة الرئيس الراحل ياسر عرفات، إن المحادثات مع الإسرائيليين تُـواجه “أزمة حقيقية”، مضيفا أن “الإنجاز الوحيد الذي تمّ تحقيقه، هو أن الطرفين يتحدّثان بجدّية حول مختلف القضايا، لكن لا اتِّـفاق”.

ونظرا لأن هذه المفاوضات بدأت بالكاد، ويُـفترض أن تمهِّـد الطريق أمام صياغة وثيقة لاعتمادها أمام مؤتمر انابوليس الأمريكي، ربما كان ذلك من الأسباب التي دعت رئيس الوزراء فياض إلى الرّكون إلى أولوية التركيز على الوضع المحلي، بعيدا عن السياسة.

لكن، وهذا عهد الأوضاع في الأراضي الفلسطينية، فإنه لا يمكن فصلها عن الإطار السياسي العام للصِّـراع مع إسرائيل، بل إن فياض ذاته، عُـضو لجنة ثلاثية مع وزير الدفاع الإسرائيلي ايهود باراك ومسؤول أمريكي آخر، هو على الأرجح الجنرال كيث دايتون، المنسِّـق الأمني بين الجانبين، الفلسطيني والإسرائيلي.

المفارقة، أن اللجنة الثلاثية هذه، قد انبَـثقت عن طواقم المفاوضات الإسرائيلية الفلسطينية، التي قرّرت خلال جولاتها الصّعبة وغير المُـنتجة، أن تبحث من جديد في تطبيق خطّـة خارطة الطريق، التي كانت الإدارة الأمريكية قد صاغتها وباتت مرجعِـية للّـجنة الرباعية حول السلام في الشرق الأوسط.

وبالرغم من أن حديث المفاوضات الأخيرة والتّـحضيرات لمؤتمر انابوليس، الذي يُـفترض أن يُـطلق محادثات إسرائيلية فلسطينية بإشراف أمريكي تؤدّي إلى إقامة دولة فلسطينية، قد طغى على هذه الخطة، إلا أن الأقدار شاءت أن تبعثها من جديد.

خارطة الطريق مجدّدا

الأمر الوحيد الذي بعث على التفاؤل الذي أبداه الرئيس الفلسطيني محمود عباس خلال لقائه الأخير مع وزيرة الخارجية الأمريكية كوندوليزا رايس في رام الله كان له علاقة مباشرة بخطّـة خارطة الطريق.

وقد أكد أحد المفاوضين الرئيسيين، المقربين من عباس لسويس انفو هذا الأمر، وقال إن رايس أبلغت عباس أن الإدارة الأمريكية تُـوافقه الرأي على وجُـوب تنفيذ خطّـة خارطة الطريق.

يقول الفلسطينيون من جانبهم، إنهم نفّـذوا الالتزامات الخاصة بهم من الخطّـة، والتي تعُـود إلى عام 2002، وتتعلّـق بتعيين رئيس وزراء وإجراء إصلاحات إدارية ومحاربة أو تفكيك البنية التحتية للإرهاب.

أما الالتزامات الإسرائيلية في الخطّـة، فإنها تشمل وقف الاستيطان والعودة إلى مواقع 28 سبتمبر 2002، عندما أعادت إسرائيل احتلال المدن الفلسطينية الرئيسية في الانتفاضة، وكذلك إعادة فتح المؤسسات الفلسطينية المُـغلقة في القدس الشرقية.

الفلسطينيون، وعلى لسان رئيس الوزراء سلام فياض، يعتقدون أن تطبيق إسرائيل لهذه الالتزامات، فيه منافع كثيرة لهم تتعلّـق بقضايا الأمن والسياسة والاقتصاد أيضا.

ويعتبِـر فياض أن تطبيق إسرائيل للانسحاب إلى مواقع 28 سبتمبر، لا يُـمكن النظر إليه من زاوية جغرافية فقط، لأنها غير ذي قيمة أصلا، بل على أساس المفهوم الأمني، الذي يعني – حال موافقة إسرائيل – توقّـف هذه الأخيرة عن التدخل أمنيا (عسكريا) في هذه المناطق.

وعمليا، تواصل إسرائيل شنّ حملات عسكرية في مختلف المدن والمناطق الفلسطينية دون توقّـف، الأمر الذي يترك أثارا سلبية، بل كارثية، على حياة الفلسطينيين اليومية.

ويؤكّـد فياض أن خطة خارطة الطريق تشير بوضوح إلى قرار مجلس الأمن رقم 242 وإلى المبادرة العربية وإلى قيام دولة فلسطينية، وأنه جرى الاعتقاد دَوما لدى المجتمع الدولي، أن الجانب الفلسطيني هو الذي يرفُـض تنفيذها.

مفاوضات لأجل المفاوضات

لكن الجانب الإسرائيلي قابَـل الموافقة الفلسطينية حول خطّـة خارطة الطريق بالعودة إلى ضرورة أن يكون الأساس لمؤتمر أنابوليس، هو التأكيد على أن إسرائيل هي “دولة يهودية” وِفق ما صرّح به رئيس الوزراء الإسرائيلي ايهود اولمرت لصحيفة هاريتس الإسرائيلية.

اولمرت يريد موافقة الفلسطينيين على “يهودية” دولة إسرائيل، كشرط جديد لنجاح مؤتمر انابوليس، الذي يبدو أنه لن يدوم سوى ساعات من أجل الافتتاح، ثم للقاءات التي ترجوها إسرائيل مع زعماء الدول العربية.

الفلسطينيون ردّوا بشدّة على شرط اولمرت، لأنهم يَـعُـون تماما أن ذلك يعني رفضا مباشرا من إسرائيل لحق العودة للاجئين، والأكثر خطورة هو أنه يعني أيضا مصير أكثر من مليون فلسطيني غير يهودي، هم من سكان إسرائيل أيضا.

وفي المقابل، فإن جولات المفاوضات التي أطلقها عباس واولمرت قبل أشهر وانضمت إليها طواقم من الطرفين، لم تُـفلح حتى الآن، وقبل أيام على أنابوليس، في التوصّـل إلى اتفاق مبدئي على ما يمكن التفاوض عليه.

رئيس الوزراء الفلسطيني، يفضِّـل نابلس على انابوليس، لأنه يُـدرك أنه بإمكانه، وهو الإداري المشهود له بالكفاءة، تحقيق إنجازات على صعيد الحياة اليومية للفلسطينيين، ولأنه واعٍ تماما أن انابوليس لن تكون أكثر من مجرد لقاء احتفالي.

هشام عبد الله – رام الله

غزة (رويترز) – تجمع أنصار حركة المقاومة الاسلامية (حماس) خارج المقر الرسمي لاقامة الرئيس الفلسطيني محمود عباس في قطاع غزة يوم الجمعة 16 نوفمبر للمطالبة بعدم تقديم تنازلات لاسرائيل خلال مؤتمر سلام مزمع عقده في مدينة أنابوليس بولاية ماريلاند الامريكية نهاية هذا الشهر.

ولم يدخل عباس المدعوم من الغرب القطاع الساحلي منذ تغلبت حماس على قواته في يونيو حزيران وسيطرت على القطاع الامر الذي قصر سلطة عباس على الضفة الغربية المحتلة وزاد بدرجة كبيرة من تعقيد مساعي التفاوض مع اسرائيل لاحلال السلام.

وحذر خليل الحية وهو قيادي بحماس في كلمة وجهها للحشد في غزة من “انفجار في كل المواقع وكل الحدود” اذا خفف عباس موقفه بشأن وضع القدس وحق عودة اللاجئين.

وقال الحية موجها كلامه لعباس “ها نحن نقف بجوار بيتك .. لنقول لك لا خير فيك ان فرطت في المسجد الاقصي ولا خير فيك ان مست ثوابتنا.”

ولم يلمح عباس الذي دعا يوم الخميس 15 نوفمبر الى اسقاط سيطرة حماس في غزة الى انه سيقدم أي تنازلات في المفاوضات المتوقع أن تعقب مؤتمر أنابوليس والتي عبر عن أمله في أن تفضي الى اقامة دولة فلسطينية.

ورغم فوز حماس في الانتخابات التشريعية العام الماضي فقد أقال عباس حكومتها في يونيو حزيران بعد سيطرتها على غزة.

وشارك فصيلان اخران هما حركة الجهاد الاسلامي ولجان المقاومة الشعبية في التجمع بغزة.

(المصدر: وكالة رويترز بتاريخ 16 نوفمبر 2007)

متوافق مع معايير الصحافة الموثوقة

المزيد: SWI swissinfo.ch تحصل على الاعتماد من طرف "مبادرة الثقة في الصحافة"

يمكنك العثور على نظرة عامة على المناقشات الجارية مع صحفيينا هنا . ارجو أن تنضم الينا!

إذا كنت ترغب في بدء محادثة حول موضوع أثير في هذه المقالة أو تريد الإبلاغ عن أخطاء واقعية ، راسلنا عبر البريد الإلكتروني على arabic@swissinfo.ch.

SWI swissinfo.ch - إحدى الوحدات التابعة لهيئة الاذاعة والتلفزيون السويسرية

SWI swissinfo.ch - إحدى الوحدات التابعة لهيئة الاذاعة والتلفزيون السويسرية