مُستجدّات ورُؤى سويسريّة بعشر لغات

“دور” بريطاني بتكليف امريكي

هل سينجح رئيس الوزراء البريطاني في اقناع زعماء المنطقة العربية واسرائيل بضرورة العودة الى المفاوضات؟ swissinfo.ch

تحولت لندن إلى نقطة تقاطع لجملة مبادرات تخص الشرق الأوسط، وتهدف يالدرجة الأولى الى نزع فتيل الأزمة الفلسطينية- الاسرائيلية، التي تهدد عرى التحالف الدولي الذي تقوده الولايات المتحدة في الحرب ضد الارهاب.

تعترف المصادر الدبلوماسية البريطانية بأن الجولة الشرق أوسطية التي قام بها رئيس الوزراء توني بلير تمت بناء على ضغوط مباشرة من الادارة الأميركية، وتشير إلى أن واشنطن مهتمة باستكشاف طبيعة الأوضاع في المنطقة قبل اطلاق مسيرة مفاوضات سلمية تتيح تدعيم التحالف الدولي الذي تقوده الولايات المتحدة ضد الارهاب.

وتضيف المصادر أن واشنطن أبدت رغبتها في الاستفادة من الخبرة الكبيرة التي تملكها الحكومة البريطانية في التعامل مع النزاع الايرلندي الشمالي المشابه بطبيعته للنزاع العربي -الاسرائيلي، كما أنها أبدت اهتمامها بالحصول على دعم المسؤولين البريطانيين لتأمين الجهد الدبلوماسي اللازم لتسوية نقاط الخلاف العربية الاسرائيلية في وقت تنشغل فيه الادارة الأميركية بالحرب المعلنة ضد الارهاب.

يسود الاعتقاد بأن الزيارة التي قام بها بلير فشلت نتيجة عدم تحقيق أي تغيير جذري في مواقف الاطراف المتنازعة في الشرق الأوسط، إلا أن المعلقين يعترفون في الوقت ذاته بأن حجم التوقعات المرتبطة بالجولة كان أكبر بكثير من النتائج التي تمخضت عنها.

أما مساعدو بلير فسارعوا، منذ يوم أمس، إلى التأكيد أن أحداً في لندن لم يكن يتوقع تحقيق اختراق مفاجئ على صعيد النزاع العربي- الاسرائيلي، وقالوا إن الأهداف الرئيسية للجولة كانت ثلاثية أولها استطلاع وجهات النظر الاقليمية قبل التقدم بأي مقترحات لاحقة، وثانياً اظهار مدى اهتمام الغرب بحل النزاع وعلى أساس تفهم شعور العالم العربي والاسلامي بالغبن من التركيز على أفغانستان دون فلسطين، وثالثاً التفاهم على تطبيق مقررات ميتشل ووقف أعمال العنف، كخطوة لا بد منها لبدء مسيرة المفاوضات لاحقاً.

صفعتان..و”انفراج” محتمل

ونوه مساعدو بلير أيضاً إلى أن التصريحات المتشددة التي صدرت على هامش الزيارة تختلف عن التصريحات المهادنة نوعاً ما التي أطلقها المسؤولون العرب والاسرائيليون بعيداً عن الأضواء، أثناء لقاءاتهم مع بلير، مشيرين إلى أن هناك أجواء انفراج عدة، منها عدم نقض الرئيس السوري حق اسرائيل في الوجود، واعلان رئيس الوزراء الاسرائيلي أنه من الممكن التفاوض على كل شيء باستثناء ما يهدد أمن اسرائيل ووجودها.

ولم تخل الزيارة التي قام بها بلير إلى الشرق الأوسط من مفاجآت غير سارة، إذ تعرض خلال جولته الماراتونية، إلى صفعتين دبلوماسيتين تلقاهما في كل من دمشق والقدس على يد الرئيس السوري بشار الأسد ورئيس الوزراء الاسرائيلي ارييل شارون.

وأجمعت الصحف البريطانية على اعتبار بلير » مبعوثاً خاصاً للرئيس بوش « ، وقالت إن اسرائيل استقبلته على هذا الأساس وليس على أنه رئيس الوزراء البريطاني، وكذلك فعل المسؤولون العرب.

ودللت على رأيها هذا بأن بلير سيتوجه الأربعاء المقبل إلى واشنطن في طائرة كونكورد تستأجرها الحكومة البريطانية حيث سيجتمع مع الرئيس بوش لاطلاعه على نتائج جولته في الشرق الأوسط، على أن يتناول معه طعام العشاء قبل أن يقفل عائداً مساء الى لندن ليكون في استقبال رئيس الوزراء الاسرائيلي ارييل شارون الذي يصل الى العاصمة البريطانية يوم الخميس .

وتستلفت هذه التحركات اهتمام المعلقين في بريطانيا الذين يتساءلون عما إذا كانت الجولة التمهيدية التي قام بها بلير لم تتح طرح تصور أولى يمهد لاطلاق مبادرة أميركية ما، تحاول احياء مسيرة السلام على المسار الفلسطيني وأيضاً المسارين السوري واللبناني.

ويشيرون في هذا الصدد إلى أن العاهل الاردني الملك عبد الله وصل يوم الجمعة إلى لندن على أن يبدأ الثلاثاء زيارة رسمية الى بريطانيا، يجري خلالها محادثات تتعلق بمسيرة التسوية السلمية . كما ينوهون في هذا الصدد الى أن الرئيس السوري سيزور لندن في الأسابيع المقبلة في اطار المفاوضات الخاصة باحياء المسيرة السلمية.

وكانت جولة بلير شملت السعودية حيث ساهمت لقاءاته مع المسؤولين هناك في تخفيف التوتر بين البلدين بعدما كانت الرياض رفضت قبل ثلاثة أسابيع استقباله. كما زار الأردن والتقى الملك عبد الله وتوجه بعد ذلك إلى القدس حيث التقى وزير الخارجي الاسرائيلي شيمون بيريز ورئيس الوزراء ارييل شارون والرئيس الفلسطيني ياسر عرفات.

ولعل المحطة الاخيرة التي التقى فيها بلير برئيس الوزراء الايطالي برلوسكوني في جنوة، هدفت الى تخفيف قلق الاوساط الاوروبية من انعكاسات الدور البريطاني الجديد على الجهود المضنية التي تبذلها منذ فترة بروكسل في الشرق الاوسط.

ابراهيم الشريف – لندن

قراءة معمّقة

الأكثر مناقشة

متوافق مع معايير الصحافة الموثوقة

المزيد: SWI swissinfo.ch تحصل على الاعتماد من طرف "مبادرة الثقة في الصحافة"

يمكنك العثور على نظرة عامة على المناقشات الجارية مع صحفيينا هنا . ارجو أن تنضم الينا!

إذا كنت ترغب في بدء محادثة حول موضوع أثير في هذه المقالة أو تريد الإبلاغ عن أخطاء واقعية ، راسلنا عبر البريد الإلكتروني على arabic@swissinfo.ch.

SWI swissinfo.ch - إحدى الوحدات التابعة لهيئة الاذاعة والتلفزيون السويسرية

SWI swissinfo.ch - إحدى الوحدات التابعة لهيئة الاذاعة والتلفزيون السويسرية