مُستجدّات ورُؤى سويسريّة بعشر لغات

سويس كوم .. أزمة وتداعيات

تخفى العاملون في سويس كوم بملابس رجل عيد الميلاد تعبيرا عن أمانيهم بتخلي الحكومة عن قرارها ببيع الشركة إلى القطاع الخاص (تاريخ الصورة: 6 ديسمبر 2005) Keystone

طالبت لجنة المراقبة التجارية التابعة للبرلمان السويسري الحكومة بتقديم تقرير في شهر يناير المقبل يتضمن إجابات حول خلفيات قرارها ببيع حصتها في شركة الاتصالات سويس كوم.

القرار جاء في أعقاب جلسة عقدتها اللجنة في 7 ديسمبر الجاري لمناقشة هذا الملف، وإعداد توصيات قبل طرحه على البرلمان للتصويت عليه.

منذ أن أعلن وزير المالية السويسري في 23 نوفمبر الماضي، اعتزام الحكومة بيع حصتها في شركة سويس كوم، حتى توالت ردود الأفعال بشكل متلاحق ومن مختلف التيارات والجبهات، وتأرجحت بين الرفض التام والقبول على مضض، مع الخوف من ضياع واحد من أهم معاقل سيطرة الحكومة على قطاع الخدمات العامة في سويسرا.

فالحكومة لم تكتف بقرار بيع حصتها التي تصل على 66% من الأسهم إلى القطاع الخاص والمستثمرين، بل حظرت أيضا على “سويس كوم” المساهمة في أية عمليات استثمارية في الخارج، في الوقت الذي كانت فيه الشركة تتفاوض للدخول في أسواق أوروبية أخرى عن طريق المشاركة في شركات الاتصالات هناك.

وكان قرار الحكومة، بوصفها صاحبة الأغلبية في مجلس إدارة الشركة، بمثابة لطمة ثانية عاجلت بها الرأي العام، الذي لم يفق بعد من أثار الصفعة الأولى، فخرجت إدارة سويس كوم عن صمتها، لتنتقد قرار الحكومة الذي وصفته بأنه تكبيل لمحاولاتها البحث عن فرص دعم بها نمو الشركة وتنمية مواردها، وهو ما يعني التمهيد للقضاء عليها تدريجيا، إذ أن الشركات المتقلصة لا تتمكن من البقاء على قيد الحياة، حسب تصريح ليانس أدلر رئيس مجلس الإدارة إلى صحيفة Handelszeitung في عددها الصادر في 7 ديسمبر الجاري.

في المقابل يرى المحللون بأن الحكومة تتخوف من المخاطرة في استثمارات خارجية، قد لا تكون ناجحة، أو تأتي عائداتها بعد فترة انتظار طويلة، وهو ما لا يتناسب مع سياستها الرامية إلى التخلص من الأعباء المالية بشكل حاسم، لكن مراقبين اعتبروا أنه من المفارقات أن هذا القرار يتخذ الآن بعد أن حصدت الحكومة أرباحا تفوق 10 مليار فرنك من سويس كوم، وهي مكاسب لا يحتمل أن تظل قائمة بنفس المعدلات، بعدما سمحت القوانين الجديدة لشركات اتصالات أجنبية بالدخول إلى حلبة المنافسة.

قرار عشوائي وانعكاسات سلبية

ومن الطبيعي أن تكون لكل تلك الفعاليات آثارها السلبية على صورة الشركة سواء في الخارج أو في سوق الأوراق المالية، ففي حديث له مع سويس انفو، قال ينس أدلر رئيس مجلس الإدارة بأن “صورة سويس كوم في الخارج فقدت بعضا من مصداقيتها كشريك تجاري، وأن منع الشركة من توسيع نشاطها في الخارج قرار غير استراتيجي على الإطلاق، ففي الوقت الذي تكبلت فيه أيدينا، تدور الشركات الأوروبية الأخرى في القارة بحثا عن فرص استثمارية وإمكانيات للتوسع، وبالتالي تضمن نوعا من النمو”.

وتؤكد ردود الفعل تلك، أن قرار الحكومة بفرض الحظر على دخول “سويس كوم” في عمليات تجارية دولية كان على الأرجح عشوائيا، وغير مدروس بشكل كاف مع إدارة الشركة، ودفعت بعض النقابات إلى الاشتباه في وجود “مؤامرة” للتخلص من سويس كوم بأي ثمن، بعد أن حققت الحكومة من ورائها أرباحا طائلة.

وكان من المنطقي أن يتحرك العمال والموظفون في سويس كوم للتعبير عن رفضهم لقرار بيع حصة الحكومة إلى القطاع الخاص، لأنها خطوة تمهيدية نحو تقليص العمالة بشكل كبير، فخرجوا في مظاهرة يوم 6 ديسمبر مهددين بتحويل الملف إلى الاستفتاء الشعبي إذا وافق البرلمان على خطة الحكومة.

ويستند العاملون في إمكانية أن ينجح الرأي العام في إفشال هذا المخطط إلى استفتاء للرأي نشرته احدى الصحف الأسبوعية الواسعة الإنتشار أعرب فيه 50% من المستجوبين عن رفضهم لفكرة بيع سويس كوم إلى القطاع الخاص.

المظاهرة حملت أيضا اتهامات كثيرة لوزيري المالية (هانز رودلف ميرتس) والعدل والشرطة (كريستوف بلوخر)، على اعتبار أنهما يمثلان اهتمامات حزبيهما قبل مصلحة الرأي العام الكنفدرالية. كما قدم المتظاهرون عريضة احتجاج إلى وزير المالية قالوا فيها بأن عرض سويس كوم للبيع “سيقضى على فرص عملهم، وسيؤثر سلبيا على شبكة الاتصالات الهاتفية في البلاد، والتي لن تجعلها تقف عند آخر التطورات التقنية مما سينعكس سلبيا على واحدة من أهم الخدمات العامة في البلاد”.

وفيما ينتظر أن تتضمن الدراسة المرتقبة التي ستقدمها الحكومة الفدرالية في يناير 2006 أسباب إقدامها على اتخاذ قرار بيع حصتها في سويس كوم، إلا أنها لن تتطرق على الأرجح إلى أساليب معالجة الآثار الناجمة عن هذا القرار.

لذلك يخشى كثيرون أن يتحول ملف سويس كوم إلى تجربة (أو بروفة) لما يمكن أن يحدث عند طرح التخلص من حصص الحكومة في هيئة السكك الحديدية والبريد وحتى شركات صناعة السلاح والمعدات الحربية، بعد أن تحولت اهتمامات الحكومات (في سويسرا ومعظم دول العالم) في السنوات الأخيرة إلى البحث عن طرق التخلص من الالتزامات، دون التفكير في كيفية علاج التبعات.

تامر أبوالعينين – سويس انفو

في 23 نوفمبر 2005، أعلن وزير المالية السويسري هانز رودلف ميرتس في 23 نوفمبر 2005 اعتزام الحكومة بيع حصتها البالغة 66% من اسهمها في سويس كوم إلى القطاع الخاص.
في 28 نوفمبر، حظرت الحكومة الفدرالية على الشركة ممارسة أية أنشطة استثمارية خارج سويسرا.
احتجت النقابات المهنية والعمالية على هذه القرارات وهددت باللجوء إلى الإستفتاء الشعبي العام، لإبطاله إذا ما وافق البرلمان عليه.

يثير ملف سويس كوم العديد من ردود الفعل سواء على الصعيد السياسي الداخلي أو بين النقابات والرأي العام، حيث تطالب الآن لجنة المراقبة التجارية التابعة للبرلمان السويسري الحكومة بتقديم ملابسات اتخاذ القرار وكيفية تلافي آثاره.

قراءة معمّقة

الأكثر مناقشة

متوافق مع معايير الصحافة الموثوقة

المزيد: SWI swissinfo.ch تحصل على الاعتماد من طرف "مبادرة الثقة في الصحافة"

يمكنك العثور على نظرة عامة على المناقشات الجارية مع صحفيينا هنا . ارجو أن تنضم الينا!

إذا كنت ترغب في بدء محادثة حول موضوع أثير في هذه المقالة أو تريد الإبلاغ عن أخطاء واقعية ، راسلنا عبر البريد الإلكتروني على arabic@swissinfo.ch.

SWI swissinfo.ch - إحدى الوحدات التابعة لهيئة الاذاعة والتلفزيون السويسرية

SWI swissinfo.ch - إحدى الوحدات التابعة لهيئة الاذاعة والتلفزيون السويسرية