سيمسحون الأحذية في عيدهم العالمي…
ينزل حوالي 5600 ألف طفل يومي الجمعة والسبت إلى شوارع سويسرا ليمسحوا الأحذية وليغسلوا الزجاجات الأمامية للسيارات ويتحولوا بذلك إلى أطفال شوارع.
ويأتي هذا التحرك الذي تنظمه “أرض البشر” المعنية بحقوق الطفل للمرة السابعة في إطار تخليد اليوم العالمي لحقوق الطفل بهدف توعية الجمهور بمآسي الأطفال المشردين.
تقمص دور ملايين أطفال الشوارع حول العالم و”لبس جلدهم”، ولو لبضع ساعات، للشعور بما يعيشونه من حرمان بعيدا عن دفء الأسرة، ومن معاناة من أجل لقمة العيش ليس سابقة في سويسرا. فمنظمة “أرض البشر” المعنية بحقوق الطفل تنسق هذه العملية للمرة السابعة في مختلف أرجاء الكنفدرالية.
وقد أعلن رئيس المنظمة هاينريش فون غرونيغن خلال مؤتمر صحفي انعقد في برن يوم الإثنين 15 نوفمبر الجاري أن تظاهرة هذا العام سجلت رقما قياسيا من حيث المشاركة إذ بلغ عدد المتطوعين من الأطفال والشبان 5600، خاصة في المناطق الروماندية المتحدثة بالفرنسية حيث سيقوم المشاركون في حوالي 80 موقعا بمسح أحذية المارة، وبغسل الزجاجات الأمامية للسيارات، فيما سيتقمص أطفال آخرون دور بائعين متجولين. كما سيهدي “أطفال الشارع المؤقتين” ورودا صممت من قبل تلامذة المدارس للجمهور.
الأعمال التي سيقوم بها هؤلاء الصغار ليست مدفوعة الأجر، لكن سيتم تجميع التبرعات التي سيجود بها المارة وأصحاب السيارات خلال هذين اليومين لتمويل جملة من مشاريع “أرض البشر” في دول إفريقية وآسيوية.
وتعتزم المنظمة -التي تتخذ من لوزان مقرا لها- تخصيص تلك التبرعات لتوفير الملجأ والغذاء والرعاية الطبية وإمكانية الاستفادة من التكوين المهني لـ10 آلاف طفل في كل من أفغانستان وبنغلاديش وبينين وبورندي وإثيوبيا وغينيا ورومانيا والسنغال والفيتنام.
“الأحداث.. فرائس سهلة”
ودعت منظمة “أرض البشر” بمناسبة تخليد اليوم العالمي لحقوق الطفل الذي يصادف يوم 20 نوفمبر من كل عام السلطات السويسرية والأوروبية إلى توفير حماية أفضل للمهاجرين من الأحداث الذين يقعون بسهولة فريسة لشبكات الاتجار بالأطفال.
برنار بويتون، المسؤول عن قسم حقوق الطفل في المنظمة، شدد أثناء مؤتمر برن على أن معظم الأحداث غير المُرافقين يختفون من شبكات الاستقبال والتفتيش القانوني في البلدان الأوروبية من جراء ما وصفه بـ”سياسات الهجرة المُقيدة”.
وقال في هذا السياق: “إنهم فرائس سهلة للمجرمين المتورطين في المتاجرة بالمخدرات أو حتى شبكات الدعارة”، مشيرا إلى أن عددا كبيرا من القصر أرغموا على الهجرة من قبل أسرهم أو وقعوا دون علمهم في شباك عصابات الجريمة المنظمة على أرض وطنهم الأم.
سويسرا لا تفلت هي الأخرى من الظاهرة، حيث أوضح السيد بويتون أن 10% فقط من الأحداث الأجانب غير المُرافقين الذين يتقدمون بطلب الحصول على الإقامة المؤقتة أو النهائية يحصلون على رد إيجابي. أما الـ90% المتبقية، فيختفون تماما ولا يجدون مفرا من الالتحاق بشبكات المتاجرة بالمخدرات أو الدعارة.
وشدد المسؤول عن قسم حقوق الطفل في “أرض البشر” على أن “الأمر لا يتعلق بمطالبة السلطات باستقبال كافة الأحداث الأجانب”، بل يتعلق بكل بساطة بدعوة الدول الأوروبية إلى احترام المعاهدة الدولية حول حقوق الطفل. وذكر السيد بويتون أن تلك المعاهدة تنص خصوصا على توفير الهياكل المتخصصة لتوفير الاستقبال المؤقت للأطفال القصر، والذي يعد أدنى متطلبات الحماية لمثل هؤلاء الأطفال وفقا للمعاهدة.
الوضع في سويسرا ليس ورديا!
وفي توضيح لتفاصيل وحيثيات الوضع في سويسرا، نوه السيد بويتون إلى أن غياب مشاهد الأطفال الذين يتوسدون الأرض فراشا في شوارع سويسرا لا يعني أن المشكلة غير مطروحة، بل أكد أنها تظل من قضايا الساعة.
وبعد التذكير بالأرقام الرسمية التي تكشف أن ما بين 1200 و1400 “قاصر غير مرافق” يتقدمون في كل سنة بطلب لجوء إلى سويسرا، أشار السيد بويتون إلى أن معطيات صندوق الأمم المتحدة لرعاية الطفولة “يونيسف” تقول إن ما لا يقل عن 10000 قاصر بدون أهل يعيشون في سويسرا، ويقعون في بعض الأحيان ضحايا لشبكات إجرامية مرتبطة بالاتجار بالمخدرات أو الدعارة.
ولم يغفل السيد بويتون التنويه إلى أن هذا المشكل مطروح في كل الدول الأوروبية، لذلك ألح أن “أرض البشر” تطالب بالاحترام المطلق للمعاهدة الدولية حول حقوق الطفل التي تبتنها الأمم المتحدة عام 1989.
وقد انتقدت المنظمة أيضا سياسة المكتب الفدرالي للاجئين الذي يميل حسب “أرض البشر” إلى اعتبار اختفاء نسبة 90% من الأحداث الذين ترفض طلبات لجوءهم كمخرج أو مُتنفس.
ويذكر أن المعاهدة الأممية تنص على منح طالبي اللجوء القصر الحق في الحصول على هياكل استقبال متخصصة والاستفادة من متابعة وحماية وحتى المساعدة على العودة إلى ديارهم إن اقتضى الأمر.
وقد أعرب السيد بويتون عن اعتقاده أن تطبيق بنود المعاهدة في هذا المجال سيكلف أقل من الممارسات الحالية المتمثلة في “الرمي بهؤلاء الأحداث إلى الانحراف” حسب قوله.
مأساة فتيات نـيبال
أما مندوب أرض البشر في نيبال، رينهارد فيشتل، فتطرق خلال مداخلته في مؤتمر برن إلى ما أسماه بـ”وضعية الاستعباد العصري” المنشر في ذلك البلد الذي تمزقه الحرب الأهلية والذي ينخفض فيه مؤشر النمو إلى أدنى درجة، وترتفع فيه نسبة الأطفال العاملين بقوة، إذ هي الأعلى في دول جنوب شرقي آسيا. هذا إضافة إلى المتاجرة بالقصر، سواء داخل البلاد أو خارجها.
وتعتقد منظمة “أرض البشر” أن ما لا يقل عن 12 ألف قاصرة نيبالية تعبرن كل سنة الحدود الهندية لتـُبعن في منازل الدعارة. وبعد التحاقهن بتلك الشبكات، تواصل القاصرات تأدية “دَينَهُن” لمدة تتراوح بين ست وسبع سنوات ولا يتحررن إلى إذا تعبن أو أصبن بفيروس نقص المناعة المكتسب “إيدز” أو “سيدا”.
وأوضح السيد فيشتل أن العودة إلى نيبال، إلى مجتمع تقليدي جدا، أمر مستحيل بالنسبة لهؤلاء الفتيات اللاتي غالبا ما يضعن أطفالا يـُلقى بهم في الشارع.
وتجري منظمة “أرض البشر” دراسة في عين المكان بهدف التصدي لهذه التجارة. وقد يتم التعرف على النتائج في بداية العام القادم.
سويس انفو مع الوكالات
سيخصص ريع التبرعات التي سيحصل عليها الأطفال والشبان السويسريون خلال يومي الجمعة والسبت لمشاريع “أرض البشر” في:
أفغانستان، بنغلاديش، بنين، بورندي، إثيوبيا، غينيا، رومانيا، السنغال وفيتنام.
تنظم “أرض البشر” هذا التحرك للمرة السابعة. وقد سجلت عملية هذا العام رقما قياسيا من حيث عدد المشاركين إذ بلغ عدد المتطوعين هذا العام 5600 مقابل زهاء 4000 عام 2003.
تأسست منظمة أرض البشر في لوزان بسويسرا عام 1960 في لوزان بسويسرا من قبل ادموند كايزر
كان هدف الحركة في البداية استقبال الأطفال الذين لا يستطيعون تلقي العلاج في بلادهم مثل الجزائر وتونس والفيتنام
متوافق مع معايير الصحافة الموثوقة
المزيد: SWI swissinfo.ch تحصل على الاعتماد من طرف "مبادرة الثقة في الصحافة"
يمكنك العثور على نظرة عامة على المناقشات الجارية مع صحفيينا هنا . ارجو أن تنضم الينا!
إذا كنت ترغب في بدء محادثة حول موضوع أثير في هذه المقالة أو تريد الإبلاغ عن أخطاء واقعية ، راسلنا عبر البريد الإلكتروني على arabic@swissinfo.ch.