عدنان الزرفي محاولة العراق الثانية لتشكيل حكومة في زمن الأزمة

يتمتع عدنان الزرفي، ثاني رئيس وزراء مكلّف خلال ثلاثة أشهر في العراق، باحترام كرجل دولة يركز على الخدمات العامة والأمن، لكنه يواجه مقاومة شديدة من الفصائل التي تخشى من علاقاته مع الولايات المتحدة.
يقول الباحث في السياسة العراقية سجاد جياد لوكالة فرانس برس إن “الزرفي اسم جديد، وهذا ربما أمر إيجابي أكثر منه سلبياً”.
كلّف رئيس الجمهورية برهم صالح النائب والمحافظ السابق لمدينة النجف عدنان الزرفي (54 عاماً) صباح الثلاثاء، بعد ساعات فقط من هجوم صاروخي جديد استهدف القوات الأجنبية المتمركزة في قاعدة عراقية جنوب العاصمة.
ومن المتوقع أن يشكل الوضع الأمني وانهيار أسعار الخام، إضافة إلى أشهر من الاحتجاجات الشعبية المناهضة للسلطة، أبرز التحديات للزرفي.
ولتولي المنصب رسمياً، يتعين على حكومة الزرفي أن تنال في غضون 30 يوماً، ثقة البرلمان الأكثر انقساماً في تاريخ العراق الحديث.
والزرفي، وهو من مواليد مدينة النجف المقدسة لدى الشيعة، حاصل على دكتوراه بالفقه، وكان عضواً سابقاً في حزب الدعوة المعارض التاريخي لنظام الدكتاتور السابق صدام حسين.
بعد نكسة الانتفاضة الشعبانية في العام 1991 ضد صدام حسين، فر الزرفي إلى السعودية، ومن ثم إلى الولايات المتحدة، التي عاد منها إلى العراق بغد الغزو الأميركي في العام 2003.
عين محافظاً للنجف في العام 2004 من قبل الأميركيين الذين كانوا يسعون لصد جيش المهدي وزعيمه رجل الدين الشيعي مقتدى الصدر الذي أطلق مقاومة ضد قواتهم.
– “صوت شيعي معتدل” –
تمكن الزرفي في ما بعد من إصلاح علاقته بالصدر، الذي صار حالياً صانع ملوك في السياسة العراقية.
بقي الزرفي محافظاً للنجف حتى العام 2015، ثم أصبح نائباً في البرلمان، وفاز بولايته الثانية في العام 2018 ضمن لائحة “النصر” التي يتزعمها رئيس الوزراء السابق حيدر العبادي.
يقول النائب سركاوت شمس الدين، الذي عمل مع الزرفي في البرلمان، إن الأخير يحظى بالمقبولية لدى الجميع لأنه أخذ زمام المبادرة في المشاريع الاجتماعية والاقتصادية.
ويضيف شمس الدين لفرانس برس “إنه صوت شيعي معتدل يدعم العلاقات مع الغرب”.
سيكون التحدي الأول للزرفي هو تشكيل حكومة مقبولة من الشيعة والسنة والأكراد، والمتظاهرين، خلال ثلاثين يوماً.
ذلك أنه يأتي بعد محاولة فاشلة من سلفه في التكليف محمد توفيق علاوي، الذي تعذّر عليه تشكيل حكومة مع انتهاء مهلته الدستورية في الثاني من آذار/مارس، بسبب تعدد المطالب من مختلف الأحزاب، والمعارضة في الشارع التي اعتبرته مقرّباً من الطبقة الحاكمة.
يقول جياد إن الزرفي، الذي لم يكن مشاركاً في حكومة ما بعد العام 2003، لن يكون “وجهاً قديماً أعيد تدويره” في نظر المتظاهرين.
ويضيف أيضاً أن الزرفي سيكون قد “تعلّم دروس علاوي، بأنه عليك عقد صفقات مع الكتل السياسية والتعامل معها بشأن تشكيل الحكومة”.
ودور الزرفي الكبير في ائتلاف “النصر” منحه ميزة مبكرة على علاوي ورئيس الوزراء المستقيل عادل عبد المهدي، اللذين لم ينحدر أي منهما من كتلة سياسية.
وإضافة إلى “النصر”، يرجح أن تدعم الفصائل السنية والكردية الزرفي البرلمان. لكن كتلة “الفتح”، الذراع السياسية للحشد الشعبي، رفضت ترشيحه بالفعل.
– “الإرادة، الكاريزما، والقوة” –
ويضم الحشد فصائل توجه إليها أصابع الاتهام بسلسلة الهجمات الصاروخية على قواعد عسكرية ومقار دبلوماسية أجنبية خلال الأشهر الأخيرة في العراق، خلف ثلاثة جنود أميركيين ومجندة بريطانية، قتلى.
يقول جياد إن هجمات مماثلة شوهت العلاقات مع واشنطن حليفة بغداد.
ويشير إلى أن الزرفي سيكلف بتحسين الوضع الأمني وإصلاح تلك العلاقات، لافتاً لفرانس برس أن “نحن بحاجة إلى شخص لديه الخبرة والإرادة والكاريزما والقوة للسيطرة على العناصر الجامحة، وشخص يفهم أهمية وجود الولايات المتحدة إلى جانبنا الإيجابي”.
لكن إعادة التوازن لن يكون أمراً سهلاً، لأن عدوة واشنطن الإقليمية، طهران، ستكون حذرة من أي رئيس وزراء له علاقات جيدة مع الغرب.
والزرفي يحمل الجنسيتين، العراقية، وجنسية الولايات المتحدة حيث تعيش زوجته مع أبنائه السبعة. وبموجب القانون العراقي، سيتعين عليه التخلي عن جنسيته الأميركية لتولي رئاسة الوزراء في بغداد.