مُستجدّات ورُؤى سويسريّة بعشر لغات

فترة حكم شارون ستكون مؤقتة وفاصلة بين مرحلتين تفاوضيتين

يرى سعد محيو، الصحفي والخبير في الشؤون الشرق أوسطية، أن وصول أرييل شارون، زعيم ائتلاف الليكود اليميني، إلى سدة الحكم الذي بات شبه مؤكدٍ، لن يؤدى إلى نشوب حرب إقليمية مثلما يتوقع البعض. ولكنه لن يؤدى في المقابل إلى تسجيل أي تقدم في عملية السلام.

إذا كانت استطلاعات الرأي العام الإسرائيلي وتكهنات المراقبين تكاد تجمع على حتمية فوز أرييل شارون برئاسة الحكومة الإسرائيلية الجديدة، فإن أراء المراقبين لم تختلف كثيرا عن مصير عملية السلام في حال وصوله إلى السلطة. عن ملامح السياسة الإسرائيلية في ظل حكم شارون، أجرى كمال الضيف الحوار التالي مع الأستاذ سعد محيو، الصحفي والخبير اللبناني، وبادره بالسؤال مالذي يمكن أن يتغير في السياسة الإسرائيلية مع وصول شارون إلى منصب رئيس الوزراء في إٍسرائيل.

جواب. بالطبع شئ كثير سيتغير؛ باراك على سيئاته وتخبطاته كان يسير في عملية تفاوضيه يمكن أن تؤدى إلى تسوية مالم تكن نهائية فهي مؤقتة أو مرحلية. أما بالنسبة لشارون أعتقد أن مسيرة التسوية ستتعرض إلى التوقف كليا، فشارون يحمل برنامجا يطلق عليه أسم الخطوط الحمر ويدعو إلى تشكيل حكومة وحدة وطنية تلتزم بهذه الخطوط، وهى بالمناسبة ستة خطوط حمر تبدأ من رفض التفاوض ليس فقط على القدس بل على القدس الكبرى، مرورا على إبقاء المستوطنات كما هي، ورفض الانسحاب من المناطق التي سبق أن انسحبت إليها القوات الإسرائيلية، وكذلك رفض البحث في قضية اللاجئين الفلسطينيين، واعتبار أن إسرائيل غير مسئوله لا قانونيا ولا أخلاقيا عن مأساة اللاجئين الفلسطينيين.

هذا فيما يتعلق بفلسطين، أما فيما يتعلق بسوريا، الوضع كذلك يبدو اكثر تعقيدا، لأن شارون يرفض نهائيا الانسحاب من الجولان ويعتبر أن الهضبة مهمة كثيرا لأغراض دفاعية إسرائيلية، وهو كان يردد طيلة سنوات كاملة ولايزال أننا لن نقبل أن يجلس السوريون “فوق” يقصد في هضبة الجولان، ونحن “تحت”. ولذا فهو يرفض كليا الانسحاب من الجولان، الأمر الذي يغلق ملف المفاوضات مع سوريا، وكما يتبين أن جدول أعمال السلام مرشح للتوقف، هذا لايعنى أنه لن تجرى اتصالات، ولن تعلو أصوات تدعو إلى إعطاء باراك فرصة ما، كذلك أعتقد أنه ستصدر أصوات تدعو إلى توريط شارون في مفاوضات لكي يجر اليمين المتطرف إلى تنازلات ما تؤدى إلى نسف مواقفه الأساسية، ولكن الصورة العامة، أنه إذا
فاز شارون يجب أن نتوقع توقف شبه كامل أو كامل في المفاوضات الحقيقية للتسوية.
سؤال. هل يعنى ذلك، مثلما أشار بعض المراقبين إلى أن احتمالات حرب إقليمية أو مواجهة عسكرية محدودة محسوبة في بعض المناطق أو في بعض خطوط التماس وارده مع شارون اكثر من أي وقت مضى، خصوصا في ظل تجمد أو توقف عملية السلمية على جميع مساراتها؟

جواب. أعتقد أننا هنا يجب أن نكون محددين. حرب إقليمية شاملة شئ، ومجابهات محدودة شئ أخر مختلف تماما. الحرب الإقليمية الشاملة اعتقد أنها غير وارده لأنها تتطلب قرارا وضوءا اخضر دوليا وبالتحديد أمريكيا، ولا أعتقد أن الإدارة الأمريكية يمكن أن تعطى هذا الضوء لشارون.

من ناحية أخرى، الحرب الإقليمية الشاملة تحتاج إلى نوع من الإجماع الوطني داخل إسرائيل بين أحزاب اليمين واليسار على خوضها، وهنا أيضا لا أعتقد أن مثل هذا الوضع يمكن أن يتوافر، لذا الحرب الإقليمية الشاملة، أو ما يمكن أن نسميه حرب لتغيير المعطيات الاستراتيجية في المنطقة لا أظن أنها وارده.

ما يمكن أن يكون واردا هو التصعيد الذي يمكن أن يأخذ شكل تصعيد المجابهات في الضفة الغربية وغزه، وأيضا يحتمل أن يحدث على الحدود اللبنانية الإسرائيلية، وهنا يجب التذكير بأن فلسفة شارون كلها ليست فقط في السياسة ولكن أيضا في الحياة تقوم على كلمة واحدة هي التصعيد. هذه هي فلسفته وهذا هو ما طبقه طيلة حياته السياسية والحياة العادية أيضا.

سؤال. هل تعتقد أن الحكومات العربية والنظام السياسي العربي عموما مهيأ للتعامل مع هذا التغيير الذي سيترتب على وصول شارون إلى السلطة، هل سيستطيع العرب ان يخرجوا بسهولة من أجواء أوسلو ومن عملية السلام ومن تطبيع العلاقات، والتعامل مع شخص مثلما تفضلت يعتمد على فلسفة التصعيد في ممارسته للسياسة.

جواب. اعتقد أن هناك أطراف ألان مثل مصر وبعض الأطراف الفلسطينية تدعو إلى إعطاء شارون فرصة، ولكن كل هذا يدخل في إطار التكتيك، فالمعطيات السياسية التي ستبرز بعد وصول شارون إلى السلطة، هذا في حال وصل، ستتركز كلها إلى ما يمكنه أن يقدمه هذا الرجل، أو هذا الذي يسمونه السفاح في المنطقة العربية والجرافة في أوساط اليسار في إسرائيل، ماذا يمكن أن يقدم؟ على ضوء هذا الشيء الذي يمكن أن يقدمه سيتعاطى معه العرب، ولكن أي مراقب تابع كل مطروحات شارون وخطته الشرق أوسطية، يعرف سلفا أن هناك حدودا للمناورة ليس فقط عند شارون ولكن عند الأطراف العربية، هذا من ناحية، من ناحية ثانية، سيكون هناك ضغوط شعبيه كبيرة على الأطراف العربية التي تتعاطى مع شارون بسبب ماضيه الأسود في التعاطي مع العرب.وهذا سيضع حدودا على سلوكياتنا، إذا كما قلت في البداية، كل الذي سيجرى في فترة حكم شارون سيكون فترة مؤقتة ربما هي الفاصل بين مرحلتين بين التفاوض، لكن أن تكون هذه المرحلة هي مرحلة التفاوض أنا أستبعد ذلك تماما.

متوافق مع معايير الصحافة الموثوقة

المزيد: SWI swissinfo.ch تحصل على الاعتماد من طرف "مبادرة الثقة في الصحافة"

يمكنك العثور على نظرة عامة على المناقشات الجارية مع صحفيينا هنا . ارجو أن تنضم الينا!

إذا كنت ترغب في بدء محادثة حول موضوع أثير في هذه المقالة أو تريد الإبلاغ عن أخطاء واقعية ، راسلنا عبر البريد الإلكتروني على arabic@swissinfo.ch.

SWI swissinfo.ch - إحدى الوحدات التابعة لهيئة الاذاعة والتلفزيون السويسرية

SWI swissinfo.ch - إحدى الوحدات التابعة لهيئة الاذاعة والتلفزيون السويسرية