فـوزُ حـماس يكتـسح الصُحف السـويـسرية

تطرقت الصحف السويسرية بإسهاب على صفحاتها الأولى لفوز حماس في الانتخابات التشريعية الفلسطينية مستعرضة تارة اندهاش البعض وتارة قلق البعض الآخر.
لكن معظمها خصص حيزا وافرا من تعاليقه للتساؤل عن أية ديموقراطية يريدها العالم للمنطقة، وهل من المنطقي والمعقول الحكم على حركة حماس مسبقا قبل اختبار مرورها في السلطة؟
حظي فوز حركة المقاومة الإسلامية حماس في الانتخابات التشريعية الفلسطينية باهتمام كبير من قبل الصحف السويسرية الصادرة يوم 27 يناير الجاري على اختلاف لغاتها وتوجهاتها.
فقد تطرقت صحيفة “نويه تسورخر تسايتونغ” الصادرة بالألمانية في زيورخ للحدث تحت عنوان “صدمة إسرائيل من الفوز الهائل لحماس”.
ويرى كاتب المقال جورج سبيرو أنه “على الرغم من توقع الجميع لفوز حماس، إلا أن أحدا لم يكن يتوقع أن تفوز بالأغلبية الساحقة”.
وترى الصحيفة ان الوزير الأول الإسرائيلي بالنيابة إيهود أولمرت “يجد نفسه في مأزق، خصوصا وان آفاق الحوار مع حكومة فلسطينية جديدة قد علقت الى أجل غير مسمى”.
وتعتقد الصحيفة أنه “إذا ما أقدم (أولميرت) على تليين موقفه، فقد يـُقدم بذلك هدية كبرى لمنافسيه من حزب الليكود ومن الأحزاب المتطرفة الأخرى في الانتخابات الإسرائيلية القادمة”.
وإذا كان قادة احزاب اليسار والوسط الإسرائيلية قد رددوا مواقف شبه مماثلة رافضة للحوار مع حماس، فإن يوسي بيلين، زعيم حزب ميريتس – كما أوردت صحيفة “نويه تسورخر تسايتونغ- “ناشد الوزير الأول الإسرائيلي بالنيابة من أجل فتح حوار على الفور مع الرئيس محمود عباس”.
وفي ختام المقال، نقلت الصحيفة عن يوسي بيلين قوله “إن اتفاق سلام يتم التوصل اليه بمشاركة حماس يكون قائما على أسس سلمية احسن من اتفاق بدون مشاركتها”.
رسائل متعددة .. إلى الداخل والخارج
صحيفة “تاغس انتسايغر” التي تصدر أيضا بالألمانية في زيورخ تناولت الموضوع من خلال حوار مع المحللة السياسية هيلغا باوغارتنر تحت عنوان “نتائج الانتخابات صفعة لحركة فتح”، إذ ترى الصحيفة بقلم كولديا كوهنر أن “الفلسطينيين ضجروا من نخبة لم تعمل إلا على اغتنائها”.
وتساءلت الصحيفة عن وجه حماس الذي فاز في هذه الانتخابات: “هل هي المنظمة المدنية والاجتماعية أم الفرع الارهابي ام التيار الإسلامي؟”.
وأوضحت المحللة السياسية في حديثها مع الصحيفة، أن هناك رسائل متعددة موجهة من خلال هذا الفوز: “نحو الداخل، رغبة الفلسطينيين في قيام حكومة ناجعة وغير متعفنة بالرشوة وتأخذ مطالب الشعب بجدية. ورسالة نحو الخارج في اتجاه إسرائيل والمجموعة الدولية مفادها: أننا نعيش تحت الاحتلال منذ عام 1967، وهذا لم يعد يثير اهتمامكم لذلك نثير اليوم مطالب إنهاء الاحتلال”.
ولتلخيص مسؤولية المجموعة الدولية، استشهدت الصحيفة بقول سيدة فلسطينية ترى “أن المجموعة الدولية أوفدت مراقبيها للاشراف على الانتخابات، ولكنه أثناء سقوط الفلسطينيين تحت الرصاص لم يجرؤ أحد على ذلك”.
ونشرت صحيفة “تاغس انتسايغر” تعليقا بقلم آستريد فريفل تحت عنوان “حان الوقت لعقول رزينة”. وبعد أن ذكرت الصحيفة بأن “الناخب قد عبر عن رأيه، وتتطلب القواعد الديموقراطية ان نحترم ذلك”، شرحت ما هو مطلوب من الجميع: “من المجموعة الدولية أن تحكم على حماس من خلال تصرفها كحزب حكومي والا تغلق في وجهها كل الأبواب بمطالب غير واقعية”. وطلبت من حركة فتح “أن تقبل نتائج الانتخابات وان تقبل التداول على السلطة بدون مشاكل”.
وانتهت الصحيفة الى أن ما هو مطلوب من حركة حماس نفسها “هو التصرف ببراغماتية بدل التطرف وهذا في كل الميادين، ومن الشعب الفلسطيني أن يبرهن على أنه قادر على احترام القواعد الديموقراطية”.
حماس: طوق النـجاة؟
الصحف السويسرية الصادرة في سويسرا الروماندية المتحدثة بالفرنسية لم تتأخر عن الحدث. صحيفة “تريبون دو جنيف” اختارت عنوان “فوز حماس، وصدمة إسرائيل”. وخصصت للحدث صفحتها الثالثة كاملة مستعرضة ردود الفعل في الأوساط الفلسطينية المختلفة وفي إسرائيل وواشنطن.
وترى الصحيفة في تعليق بقلم جون فرانسوا فيردوني “أن التحذير المتضمن في نتائج هذه الانتخابات لا يمكن تحليله فقط على أنه احتجاج ضد تعفن السلطة الفلسطينية، بل يعتبر تعبيرا عن القلق من المأزق الذي آل إليه الكفاح الوطني والمطالبة بالإصلاح، كما أنه تحذير أيضا لكل الذين تخلوا عن مسار التفاوض في إسرائيل”.
وتحت عنوان عريض على كامل الصفحة الأولى “حماس في السلطة، الغرب يرتعش”، تطرقت صحيفة لوتون الصادرة في جنيف لنتائج الانتخابات الفلسطينية مرفقة ذلك بافتتاحية بقلم لويس ليما شبه فيها تعلق الفلسطينيين بحماس “كمن يتشبث بطوق نجاة لا يهمه إن كان دائريا او مربعا، او كان ذا لون أصفر او اخضر”.
وكتبت الصحيفة “إذا كان الغرب لا يرى في حماس إلا ذلك الوجه القبيح المتمثل في الانفجاريات الإرهابية والدماء وأشلاء الأطفال والنساء في شوارع إسرائيل، فإن الفلسطينيين يرون فيها العديد من الآمال: التخلص من تعفن القادة وإنهاء معاناتهم اليومية وإعادة الاعتبار لهم لكونهم ضحايا أبديين”.
ولئن شدد كاتب المقال على أن “الفلسطينيين هم المسؤولون اولا واخيرا عن القرارات التي يتخذونها وحتى تلك التي تبدو أكثر تطرفا، فقد أقر بضرورة الاعتراف “بأن إسرائيل قد ساعدت في ذلك برفضها التفاوض مع العناصر المعتدلة وباستغلال كل الموارد وتحطيم كل ما من شأنه أن يكون ناجعا، ولم تترك لهم سوى هذا الطوق الذي يبدو في نظر البعض غير ملائم”.
صحيفة “فانت كاتر أور” تطرقت للموضوع بقلم فيليب دو مارتوري الذي طالب بتليين المواقف التي تنظر بنوع من السواد إلى مستقبل التعايش بين إسرائيل وحركة تنادي بالقضاء على وجود إسرائيل. إذ يرى الكاتب أن نتائج الانتخابات “ليست تعبيرا عن الكره لليهود بقدر ما هي رفض لتعفن الإدارة النابعة عن حركة فتح”.
وقامت الصحيفة بالمقارنة بين ما تعرفه فلسطين اليوم من فوز حركة حماس وما عرفته عدة بلدان عربية وإسلامية من فوز للحركات الإسلامية سواء في العراق او في مصر. إذ نوه دو مارتوري إلى “أن هذه الحركات الإسلامية هي التي توفي بتطلعات شعوب المنطقة”.
وانتهت الصحيفة الى خاتمة “أن الديموقراطية في البلدان العربية والإسلامية ليست بالضرورة انعكاسا للارداة الغربية، بل هي بالدرجة الأولى، ولئن كان ذلك مخيفا بالنسبة لنا، جواب على عشرات السنيين من القمع والرشوة والاحباطات”.
محمد شريف – سويس إنفو

متوافق مع معايير الصحافة الموثوقة
المزيد: SWI swissinfo.ch تحصل على الاعتماد من طرف "مبادرة الثقة في الصحافة"
يمكنك العثور على نظرة عامة على المناقشات الجارية مع صحفيينا هنا . ارجو أن تنضم الينا!
إذا كنت ترغب في بدء محادثة حول موضوع أثير في هذه المقالة أو تريد الإبلاغ عن أخطاء واقعية ، راسلنا عبر البريد الإلكتروني على arabic@swissinfo.ch.