مُستجدّات ورُؤى سويسريّة بعشر لغات

وزير الداخلية الفرنسي يزور المغرب العربي للبحث في مكافحة الإرهاب

وزير الداخلية الفرنسي جيرالد دارمانان خلال مؤتمر صحافي مع نظيره التونسي في العاصمة تونس بتاريخ 6 تشرين الثاني/نوفمبر 2020 afp_tickers

عبّرت تونس الجمعة عن استعدادها لاستقبال “أيّ تونسيّ”، وذلك خلال زيارة لوزير الداخليّة الفرنسي جيرالد دارمانان الذي نقل رغبة بلاده في ترحيل نحو عشرين مواطنًا تونسيًّا يُشتبه في أنّهم متطرّفون.

وقدّم دارمانان قائمة بأسماء مواطنين تونسيّين يُقيمون بشكل غير قانوني في فرنسا ويُشتبه في أنّهم متطرّفون، وهم أمر ينوي تكراره في الجزائر الأحد وسبق أن قام به في المغرب خلال تشرين الأوّل/أكتوبر، وفق ما أفادت أوساطه.

والزيارة مقرّرة منذ مدّة، لكنّها اكتست أهمّية أكبر إثر الهجوم في مدينة نيس الفرنسيّة، الذي قُتل فيه ثلاثة أشخاص أواخر تشرين الأوّل/أكتوبر الفائت على يَد المشتبه به التونسي ابراهيم عويساوي الذي وصل منتصف أيلول/سبتمبر إلى أوروبا بطريقة غير قانونيّة.

وقال الوزير الفرنسي إنّ “أجهزة الاستخبارات التونسيّة ساعدتنا كثيرًا” بعد ذلك الاعتداء.

– “مستعدون لقبول أي تونسي” –

من جهته، قال وزير الداخليّة التونسي توفيق شرف الدين إثر لقائه الوزير الفرنسي، “تحدّثنا في خطورة ظاهرة الإرهاب، وهو تحدّ يواجهه العالم بأسره… يجب أن يكون هناك تعاون دولي”.

وفي ما يتعلّق بعمليّات ترحيل محتملة لتونسيّين من فرنسا، بيّنَ شرف الدين أنّ “كلّ من يثبت أنّه تونسيّ مرحّب به في بلده، والمسألة تخضع إلى نصّ قانوني، والفصل 25 من الدستور يمنع أصلاً رفض قبول عودة التونسي إلى بلده”.

وتابع “نحن في إطار المواثيق الدوليّة مستعدّون دائمًا لقبول أيّ تونسي وفقًا لشروط أهمّها حفظ كرامة التونسي”.

وإلى شرف الدين، التقى دارمانان في تونس الرئيس قيس سعيّد، بعد زيارة لروما صباح الجمعة.

وقال الوزير الفرنسي من روما، إنّ المعركة “ضدّ الإرهاب هي معركة نخوضها ضدّ ايديولوجيا”، داعيًا إلى “معركة ثقافيّة ضدّ هذه الايديولوجيا وتمويلها ومكان تواجدها ومَن يدعمها في الخارج”.

وتابع “مِن بين الثلاثين إرهابيا الذين ضربوا فرنسا، هناك 22 من الفرنسيّين وثمانية أجانب فقط”.

ويزور دارمانان السبت مالطا حيث يلتقي وزير الخارجيّة، قبل أن يتوجّه إلى الجزائر الأحد ليلتقي نظيره كمال بالجدود ووزير الخارجيّة صبري بوقادوم، ويتوجّه إثر ذلك إلى المغرب.

– 231 أجنبيًّا –

يوجد في فرنسا 231 أجنبيًّا مقيمين بطريقة غير قانونيّة وملاحقين بشبهات تطرّف، ينتمي سبعون بالمئة منهم إلى أربع دول، ثلاث منها من المغرب العربي، فضلاً عن روسيا التي يزورها دارمانان “في الأيّام المقبلة”، وفق أوساط الوزير.

وأوضحت المصادر ذاتها أنّ هناك نحو ستّين تونسيّا في وضعيّة إقامة غير قانونيّة في فرنسا، 20 منهم عرضة للترحيل الفوري عقب استنفادهم كلّ الإجراءات، قائلةً إنّ هناك عددًا مقاربًا من المغاربة والروس وآخر أقلّ من الجزائريين.

وأكّد الوزير الفرنسي أنّ هناك “تعاونًا جيّدًا لضمان عدم إطلاقهم بدون رقابة”.

وأفاد مصدر فرنسي بأنّ تونس تلقّت بمناسبة الزيارة هبة بقيمة 10 ملايين يورو لتوفير معدّات إضافيّة لمراقبة حدودها.

وذكّر الرئيس التونسي إثر لقاء الوزير الفرنسي بالاتّفاق المبرم بين تونس وفرنسا سنة 2008 والمتعلّق بترحيل من هم في أوضاع غير قانونية، و”سيتمّ التحاور في هذا الشأن مع السلطات الأمنيّة التونسيّة لإيجاد حلول للعقبات الموجودة والتي قد تظهر مستقبلاً”، حسب ما جاء في بيان الرئاسة التونسيّة.

ويعتبر هذا الملف حسّاسًا لدى التونسيّين. فقد شهدت البلاد تظاهرات في 2016 رافضة لقبول عودة تونسيّين إلى البلاد بعد أن التحقوا بتنظيمات جهاديّة في سوريا.

وعبّرت 29 منظّمة غير حكوميّة في بيان مشترك الجمعة عن “رفض استخدام الهجمات الإرهابيّة الجهاديّة للضغط على الحكومة التونسيّة لقبول عمليّات الإعادة الجماعية القسرية للمهاجرين وفتح مراكز اعتقال في تونس”.

كما أنّ ملفّ ترحيل المهاجرين غير القانونيّين سيكون أيضًا حسّاسًا لأنّ الكثير من المهاجرين التونسيّين يعيلون عشرات الآلاف من العائلات في تونس.

وبيّنَ وزير الداخلية التونسيّة في هذا السياق أنّ “مكافحة الهجرة غير القانونية تستدعي مقاربة شاملة، وأنّه لا يكفي اللجوء إلى الحلّ الأمني”.

وسجّلت البلاد ارتفاعًا كبيرًا في عدد محاولات الهجرة في 2011 إثر سقوط نظام الرئيس الأسبق الراحل زين العابدين بن علي. ثمّ شهدت بعد ذلك انخفاضًا، لتعود إلى الارتفاع من جديد اعتبارًا من 2017 تزامنًا مع غياب الاستقرار السياسي وتدهور الوضع الاجتماعي والاقتصادي.

وناقش الوزير الفرنسي التعاون بين البلدين في ملفّ التحقيق في هجوم نيس.

ويصعب تحديد ما إذا كان المشتبه به عويساوي (21 عاما) قد خطّط للعمليّة انطلاقًا من تونس أو بعد الوصول إلى أوروبا عبر مسارات الهجرة غير القانونيّة في منتصف أيلول/سبتمبر.

وتعهّد رئيس الحكومة التونسيّة بتعاون الشرطة والقضاء مع السلطات الفرنسية التي تُحقّق في الهجوم.

وتؤكّد مصادر قريبة من الوزير الفرنسي أنّ “التعاون” مع تونس يشهد “تحسّنًا” في السنوات الأخيرة.

قراءة معمّقة

الأكثر مناقشة

SWI swissinfo.ch - إحدى الوحدات التابعة لهيئة الاذاعة والتلفزيون السويسرية

SWI swissinfo.ch - إحدى الوحدات التابعة لهيئة الاذاعة والتلفزيون السويسرية