إسرائيل تتوعد أعداءها في أي مكان بعد استهداف قادة حماس في قطر
توعدت إسرائيل الأربعاء كل من يعادونها بأنهم لن يكونوا قادرين على “الاختباء” في أي مكان، غداة شنها غارات استهدفت قادة حركة حماس في الدوحة وقوبلت بانتقادات نادرة وجّهها الرئيس الأميركي دونالد ترامب لرئيس الوزراء بنيامين نتانياهو.
وقال وزير الدفاع يسرائيل كاتس إن “سياسة الأمن الإسرائيلية واضحة، يد إسرائيل الطولى ستعمل ضد أعدائها في أي مكان، لا يوجد مكان يمكنهم الاختباء فيه”، فيما طالب نتانياهو قطر بطرد قادة حماس “أو تقديمهم للعدالة. وإلا فسنقوم نحن بذلك”.
وأعلن الجيش الإسرائيلي الأربعاء ضرب “عدة أهداف” في العاصمة اليمنية وفي الجوف في شمال البلاد، أوقعت بحسب وزارة الصحة التابعة لسلطات الحوثيين “35 شهيدا و131 جريحا” في حصيلة غير نهائية.
من جانبها، أكدت حركة حماس نجاة قادتها ووفدها المفاوض الذين استهدفتهم الغارات الإسرائيلية الثلاثاء في الدوحة، مشيرة الى مقتل ستة أشخاص هم نجل أحد كبار قادتها وكبير مفاوضيها خليل الحية، ومدير مكتبه وثلاثة من مرافقيه، بالإضافة إلى رجل أمن قطري، أكدت قطر مقتله.
وفي انتقاد غير معهود، قال البيت الأبيض إن ترامب لم يوافق على قرار إسرائيل بتنفيذ الضربة وإنه حذر قطر مسبقا. لكن الدوحة قالت إن التحذير بلغها أثناء حدوث الغارات.
وأثارت الضربة انتقادات حادة من الدوحة التي تستضيف على أراضيها قاعدة عسكرية أميركية ضخمة، وتؤدي مع مصر والولايات المتحدة وساطة بين إسرائيل وحماس بشأن الحرب المدمرة الدائرة في غزة منذ 23 شهرا.
وقال رئيس وزرائها وزير الخارجية الشيخ محمد بن عبد الرحمن آل ثاني إن بلاده “تحتفظ بحق الرد”، وسوف تقوم بكل الإجراءات اللازمة للرد عليه.
وحاول سفير إسرائيل في الأمم المتحدة داني دانون الأربعاء تبرير الضربات بقوله “نحن لا نتصرف دائما وفق ما يخدم مصالح الولايات المتحدة. نحن ننسّق معهم، وهم يقدّمون لنا دعما كبيرا، نقدّر ذلك، ولكن أحيانا نتخذ قرارات ونُبلغ الولايات المتحدة بها لاحقا”.
وأضاف في تصريح إذاعي “الهجوم لم يستهدف قطر، بل كان هجوما على حماس”.
وأفادت مصادر مقربة من حماس بأن ستة من قادتها من بينهم الحية وزاهر جبارين وخالد مشعل، كانوا داخل المبنى المستهدف أثناء الضربة. ولم تتمكن وكالة فرانس برس من التواصل مع أي منهم.
من جانبه، قال عضو المكتب السياسي لحركة حماس حسام بدران إن “الاحتلال المجرم خطر حقيقي على أمن المنطقة واستقرارها، وهو في حرب مفتوحة مع الجميع وليس مع الشعب الفلسطيني وحده”.
– “هز ضمير العالم” –
في مدينة غزة التي يتكدس فيها نحو مليون فلسطيني، دمر الجيش الإسرائيلي الذي كثف عملياته في المدينة الأربعاء برجا سكنيا آخر. وأظهرت لقطات فيديو خاصة بوكالة فرانس برس تصاعد سحب وأعمدة دخان كثيفة بينما كان البرج ينهار.
وأعلن الجيش الإسرائيلي أنه “أغار… على مبنى متعدد الطوابق في مدينة غزة كانت تستخدمه حماس”، بعد وقت قصير من توجيه إنذار عاجل للمقيمين فيه وفي محيطه للإخلاء.
وفي آخر تحديث له، أكد المتحدث باسم الدفاع المدني محمود بصل ارتفاع عدد القتلى منذ فجر الأربعاء إلى 48 شخصا، مشيرا إلى أنهم قتلوا في غارات تركزت على غرب مدينة غزة وفي خان يونس في جنوب القطاع.
وبعد قصف “برج طيبة2″، قالت أم محمد نبهان “نحن نعيش في خيام وهددوا البرج واختفى طعامنا وشرابنا وخيامنا، أين سنذهب الآن، ماذا سنفعل الآن؟”.
وأضافت “هربنا من منطقة التفاح بعد أن دمر منزلنا بالقصف، وأتينا إلى هنا وتعرضنا للقصف أيضا”.
وتسببت الحرب التي تقترب من إتمام عامها الثاني، بأزمة إنسانية كارثية في القطاع. وأعلنت الأمم المتحدة في آب/أغسطس رسميا المجاعة في غزة.
وقالت رئيسة المفوضية الأوروبية أورسولا فون دير لايين الأربعاء إنها ستعمل على فرض عقوبات على الوزراء الإسرائيليين “المتطرفين” وتقييد العلاقات التجارية مع الدولة العبرية بسبب الأوضاع في غزة.
وأضافت “ما يحدث في غزة هزّ ضمير العالم. أشخاص يقتلون وهم يتسوّلون الطعام. أمهات يحملن أطفالا أمواتا. هذه الصور مريعة”.
على الإثر، انتقد وزير الخارجية الإسرائيلي جدعون ساعر تصريحات فون دير لايين وقال “تبعث أوروبا برسالة خاطئة، مما يقوي حماس والمحور المتطرف في الشرق الأوسط”.
وفيما حثت إسرائيل سكان غزة على النزوح جنوبا ونشر الجيش خارطة للمواقع التي يقول إنها متاحة. قالت سهام أبو الفول “لا حياة في الجنوب، بل هناك خطر، وهنا أيضاً خطر، والله وحده يحمينا هنا”.
وأضافت “نفضل الموت هنا على الذهاب إلى الجنوب. بالأمس هُجّر جيراننا إلى الجنوب، واستُهدفوا في الجنوب”.
– توالي الانتقادات –
استمر الأربعاء التنديد بالضربة الإسرائيلية على قطر والتي قالت روسيا إنها انتهاك يقوض جهود السلام.
وفي بكين، قال الناطق باسم وزارة الخارجية الصينية لين جيان إن الصين تدين بأشد العبارات الهجوم الذي وقع أمس في العاصمة القطرية وتعارض انتهاك إسرائيل سيادة قطر وأمنها القومي”.
أما الأردن الذي دان الثلاثاء “العدوان الإسرائيلي الجبان” على قطر، فقال الأربعاء على لسان وزير خارجيته إن إسرائيل “تنتهج سياسة توسعية عدوانية” تهدد أمن المنطقة والعالم.
من جهتها، قالت كندا إنها تعيد “تقييم” علاقاتها مع إسرائيل في أعقاب الضربات التي تعرضت لها الدوحة.
منذ اندلاع الحرب في غزة عقب هجوم السابع من تشرين الأول/أكتوبر 2023، قتلت إسرائيل العديد من قادة الصف الأول في الحركة، منهم زعيمها في غزة يحيى السنوار، وقائد جناحها العسكري محمد الضيف وغيرهما. كذلك، نفذت عمليات اغتيال في الخارج بحق رئيس مكتبها السياسي إسماعيل هنية في طهران، ونائبه صالح العاروري قرب بيروت.
وأسفر هجوم حماس في العام 2023 عن مقتل 1219 شخصا، معظمهم من المدنيين، وفق تعداد لوكالة فرانس برس يستند إلى بيانات رسمية إسرائيلية.
وردت الدولة العبرية بشن عمليات عسكرية في قطاع غزة أدت إلى مقتل 64656 أشخاص على الأقل، غالبيتهم من النساء والأطفال، وفق أرقام وزارة الصحة التي تديرها حركة حماس وتعتبرها الأمم المتحدة موثوقا بها.
وبحسب الجيش الإسرائيلي، ما زال هناك 47 رهينة في غزة، 25 منهم لقوا حتفهم، من بين 251 شخصا خُطفوا في الهجوم.
بور/ها-ح س/ص ك