The Swiss voice in the world since 1935
أهم الأخبار
النشرة الإخبارية
أهم الأخبار
نقاشات
أهم الأخبار
النشرة الإخبارية

إعادة-تحقيق-تردي خدمات القطاع الصحي في المغرب يكشف عن تناقضات

reuters_tickers

(إعادة لضبط النص في الفقرة الأخيرة)

من زكية عبد النبي

الرباط/القنيطرة (رويترز) – تركت المغربية فاطمة‭‭‭‭‭ ‬‬‬‬‬(34 عاما) تكابد آلام المخاض أمام باب مستشفى حكومي بالقنيطرة‭‭‭‭‭ ‬‬‬‬‬على بعد 40 كيلومترا شمالي الرباط، ليستقبلها بعد أن تدهورت حالتها الصحية وأوشكت أن تضع جنينها على الأسفلت.

وقالت فاطمة لرويترز “زوجي يشتغل حارس سيارات، ولا خيار لي سوى التوجه إلى هذا المستشفى سيء الذكر، المعاملة سيئة، فلا أحد يهتم بالفقراء”.

وأضافت “الناس تتكدس أمام الباب، ومن معه المال يدخل من باب آخر بعد أن يدفع رشوة،أو يدخل لأن له معارف أو أقارب داخل المستشفى”.

وتروي كيف كانت تئن من الألم لكن لا أحد اهتم بها بل وطُلب منها الانتظار لحين فتح باب المستشفى وأدخلوها بعدما بدأت الولادة بالفعل وأصابها الإنهاك الشديد وكان وضع الجنين حرجا إذ التف الحبل السري حول عنقه.

ولحسن حظها، وضعت جنينها بسلام لكن المستشفى طلب من زوجها نفقات وأدوية لم يستطع توفيرها ليتدخل حينها “المحسنون”.

حالة فاطمة ليست استثنائية في مستشفيات المغرب، خاصة العمومية منها، حيث أنجبت نساء على أبواب مستشفيات وأحيانا أخرى في حديقة مستشفى أو حتى في مرافق تابعة لمستشفى تفتقر إلى تدابير السلامة، وترد أنباء تلك الحالات من حين لآخر في وسائل إعلام محلية.

ويعاني أيضا سكان المناطق الجبلية والنائية من قلة المستشفيات وندرة الخدمات الصحية حيث يحمل الأهالي أغلب المرضى (خاصة النساء الحوامل) على ظهور الدواب وأحيانا على النعوش لسلك الطرق الوعرة.

ويشتكي عدد من المواطنين من سوء المعاملة والمحسوبية وتفشي الرشوة ونقص التجهيزات في مستشفيات القطاع العام.

واحتل المغرب المرتبة 94 من أصل 99 دولة في مؤشر الرعاية الصحية العالمي لعام 2025.

وبحسب الإحصائيات الرسمية لعام 2024، يقدر عدد الأطباء في القطاع العام بنحو 15 ألفا في بلد يتجاوز عدد سكانه 36 مليون نسمة.

وهو ما يعني أن عدد الأطباء في المغرب يبلغ أربعة لكل 10 آلاف نسمة، أي أقل من المعايير الدولية التي توصي بما يتراوح من 10 أطباء إلى 15 طبيبا لكل 10 آلاف نسمة.

واحتج عدد من المغاربة طيلة الأسبوع الماضي ويوم السبت أمام مستشفى الحسن الثاني بأغادير جنوبي المغرب، الذي وصفوه بأنه “مستشفى الموت”، بعد وفاة ثماني نساء حوامل فيه خلال أقل من شهر.

ودعا نشطاء عبر وسائل التواصل الاجتماعي إلى الاحتجاج سلميا مطلع الأسبوع الحالي على ما وصفوه بتردي الخدمات الصحية.

ورفع المتظاهرون لافتات تقول “مابغيناش (لا نريد) كأس العالم الصحة أولا”، في إشارة إلى استعداد المغرب لاستضافة نهائيات كأس العالم لكرة القدم بالمشاركة مع إسبانيا والبرتغال في عام 2030، والاستثمارات الكبيرة التي يضخها من أجل هذا الحدث.

ويضخ المغرب مليارات الدولارات في تطوير شبكة السكك الحديدية والمطارات والبنية التحتية.

* “المغرب بسرعتين”

وصف العاهل المغربي محمد السادس في خطاب عيد الجلوس على العرش في يوليو تموز الماضي التحولات في البلاد بأنها تمضي “بسرعتين”.

وقال إن المغرب “حافظ على وتيرة نمو جيدة” وإن بعض القطاعات الحيوية شهدت قفزة نوعية لكن “مع الأسف لا تزال هناك بعض المناطق لا سيما في العالم القروي، تعاني من مظاهر الفقر والهشاشة بسبب النقص في البنيات التحتية والمرافق الأساسية”.

وأضاف أن هذا “لا يتماشى مع تصورنا لمغرب اليوم… فلا مكان اليوم ولا غدا لمغرب يسير بسرعتين”.

هي إشارة من أعلى سلطة في البلاد إلى التناقضات بين المناطق القروية والحضرية.

ودفعت الاحتجاجات على الوضع الصحي وزير الصحة أمين التهراوي لتفقد عدد من المستشفيات وإعفاء مدير مستشفى الحسن الثاني بأغادير من مهامه، إلى جانب مسؤولين آخرين.

ولم ترد وزارة الصحة بعد على طلب من رويترز للتعليق، وأحجم مسؤولون حكوميون عن التعليق.

وأقر المغرب في 2021 نظام “التغطية الصحية الإجبارية”، ويهدف إلى توفير الرعاية الصحية الشاملة للمواطنين عبر نظامين رئيسيين هما نظام اشتراك لذوي الدخل المتوسط، ونظام تضامني للفئات غير القادرة على دفع اشتراكاتها بدعم من الصندوق الوطني للضمان الاجتماعي.

* أزمة داخلية أم إملاءات خارجية

جاء في دراسة نشرتها جمعية (أطاك)، وهي مؤسسة مغربية مستقلة تأسست عام 2005، أن “إرساء أنظمة التغطية الصحية استخدم كمدخل لتبرير إلغاء مبدأ مجانية العلاج”.

وقالت الدراسة إن هذه التغطية “هجوم صريح على مجانية العلاجات.. لأن معظم التكاليف أصبح يتحملها الفقراء وليس ميزانية الدولة من خلال النظام الضريبي”.

وقال رشيد بوعبيد أستاذ علم الاجتماع في جامعة ابن طفيل بالقنيطرة لرويترز “السياسة الصحية في المغرب تعاني من أعطاب ومشاكل متعددة، مرتبطة بالمنظومة الصحية وبالسياسات التي تؤطر هذه المنظومة”.

وأضاف “هناك شعور عام لدى المواطن بأن الدولة تخلت عن هذا القطاع لصالح القطاع الخاص”.

وقال بوعبيد إن المؤسسات الدولية المانحة والداعمة للمغرب في المجال الصحي تفرض رؤيتها عن طريق توصيات أبرزها “سياسة التقويم الهيكلي” التي فرضت على الدولة أن ترفع يدها بشكل تدريجي عن قطاعات اجتماعية مثل الصحة والتعليم.

وبحسب عدة تقارير محلية ودولية، تعد أسعار الأدوية في المغرب الأغلى مقارنة مع دول في شمال أفريقيا وأوروبا.

وقال الطالب محمد أمين (23 عاما)، من وسط العاصمة الرباط بعد فض السلطات احتجاجات يوم السبت “ماذا يعني إعلان الحكومة عن بناء مدينة للألعاب الإلكترونية بمبلع 27 مليار درهم (نحو 2.7 مليار دولار) ونساء يتوفاهن الله في مستشفيات تفتقد لأبسط المقومات الصحية والإنسانية”.

وأضاف “من حقي كمواطن أن أختار أولوياتي، أريد صحة وتعليما جيدين وأن تضمن لي الدولة الحق في الشغل”.

وقال إدريس السدراوي رئيس الرابطة المغربية للمواطنة وحقوق الإنسان لرويترز “الوضع الصحي في المغرب يعيش أزمة عميقة ومركبة، عنوانها الأبرز هو غياب حكامة جيدة، وضعف الاستثمار في البنيات الأساسية”.

وأضاف “اليوم القطاع الخاص أصبح مهيمنا ليس فقط من حيث البنيات، بل أيضا من حيث القرار الصحي في ظل تراجع المرفق العمومي والنتيجة أن المواطن المغربي يجد نفسه بين مطرقة غلاء القطاع الخاص الذي يفتقد في كثير من الأحيان إلى الجودة المطلوبة وسندان قطاع عمومي منهك وضعيف الإمكانات”.

(تحرير رحاب علاء)

قراءة معمّقة

الأكثر مناقشة

SWI swissinfo.ch - إحدى الوحدات التابعة لهيئة الاذاعة والتلفزيون السويسرية

SWI swissinfo.ch - إحدى الوحدات التابعة لهيئة الاذاعة والتلفزيون السويسرية