مُستجدّات ورُؤى سويسريّة بعشر لغات

اقتصاد سويسرا في 2006: تـفـاؤل بنبرة واقعية

يتطلع الخبراء إلى مزيد من النمو الإقتصادي لتنشيط حركة السوق من الإنتاج إلى الإستهلاك، لكن مشكلتي البطالة والتدريب لا زالت قائمة Keystone

أعلنت كتابة الدولة للاقتصاد في مؤتمرها السنوي أنها تنظر بعين متفائلة إلى المستقبل رغم السلبيات التي يروجها المتشككون في قدرة الاقتصاد المحلي على المنافسة.

وفي نبرة جديدة، أكد مسؤولون فيدراليون أن الحكومة لا تهمل الجانب الاجتماعي، عند دراستها للأوضاع الاقتصادية أو وضع توقعاتها المستقبلية.

في الندوة السنوية المنعقدة في برن يوم 6 يناير الجاري، قال جون دانيال غربر كاتب الدولة للشؤون الاقتصادية، إن معدلات النمو التي تم تسجيلها في عام 2005، كانت متطابقة مع التوقعات ودراسات الخبراء، مضيفا “باستخدام نفس المعايير فإننا نتوقع نموا اقتصاديا في العام الجديد يحافظ على المعدلات التي وصل إليها في العام الماضي والتي وصلت إلى 1.8%”.

وقد اعتبر غربر أن تطابق الرؤية المستقبلية بين توقعات الحكومة وتكهنات المعاهد الأكاديمية، يدل على عدم وجود خلل في المعطيات المتوافرة، وأن الجانب العملي الرسمي، يتماشى مع الرؤية الأكاديمية، وهو في حد ذاته نجاح، حسب قوله في المؤتمر السنوي لكتابة الدولة.

من ناحيته، أشار إيوم برونيتي كبير الاقتصاديين في كتابة الدولة للشؤون الإقتصادية بأن مراقبة معدلات النمو بمعدل 4 مرات سنويا “يربط الدوائر الاقتصادية الرسمية بشكل واقعي مع العوامل المختلفة التي تؤثر فيه مثل الاستهلاك والبطالة والتجارة الداخلية والخارجية، وبالتالي يتمكن الخبراء من تقييم الموقف”، لكنه أشار إلى أنه “لا يتفق مع الإفراط في التفاؤل” الوارد في رؤى البنك المركزي السويسري، ومصرفي يو بي اس وكريدي سويس، الذين يتوقعون أن يصل معدل النمو الإقتصادي إلى 2%.

وقد اعتبر برونيتي أن نجاح الاقتصاد السويسري في العام الماضي، يعود إلى اعتماده على ثوابت في التعامل مع المتغيرات الدولية، وان من بين الدلائل على صمود الاقتصاد السويسري، هو عدم انهياره أو انخفاض مؤشرات النمو بشكل درامي بعد ارتفاع أسعار النفط وبعض المواد الخام الأساسية، وبناء على ذلك، ترى كتابة الدولة للشؤون الاقتصادية أن مؤشرات العام الجديد ستكون “على نفس المستوى الجيد”.

السبب في النجاح والرؤية المتفائلة حسب الخبراء، هو أن هذا الثبات الاقتصادي رغم ارتفاع أسعار النفط، يعني بأن الاقتصاد السويسري مبني على أسس سليمة، أي أنه يسير على خطى ثابتة، ويتوقعون السير بنفس الوتيرة، ولكن ليس أسرع.

ومن بين المخاطر التي يحذر منها برونيتي، التفاؤل المفرط في القضاء السريع على البطالة، وضرورة الأخذ في الاعتبار أن هناك نسبة من المخاطر ترتبط بالخوف من ارتفاع مفاجئ لأسعار النفط أو ارتفاع أسعار صرف الدولار مقابل الفرنك السويسري، أو تراجع الاقتصاد في الدول المجاورة، التي تظل الشريك التجاري الأول للكنفدرالية.

البطالة .. حلول ودراسات

ولا يمكن الحديث عن الوضع الاقتصادي وآفاقه من دون التطرق إلى البطالة، التي تؤرق السويسريين بشكل بالغ.

في هذا السياق، تطرف جان لوك نوردمان مدير دائرة العمل في كتابة الدولة، إلى مشكلتين كبيرتين تتعلقان بهذا الملف. تتمثل الأولى في عدم وجود أماكن كافية للتأهيل المهني للشباب ما بين 15 و 24 عام (الذين ارتفعت البطالة في صفوفهم إلى 5.1% لاسيما في غرب سويسرا وجنوبها)، وتتعلق الثانية بديون صندوق إعانة البطالة التي بلغت ملياري فرنك في موفى 2005، والمرشحة للإرتفاع بشكل درامي حتى موفى العام الجاري حيث قد تصل إلى 5 مليارات. ثم أضاف غربر من جهته مشكلة ثالثة، تتعلق بكيفية التعامل مع الباحثين عن العمل من كبار السن.

وسعيا إلى إيجاد حلول لهذه المشاكل، سيقوم خبراء كتابة الدولة للشؤون الإقتصادية بإعداد دراسة حول آليات الاستفادة من تحسن الأداء الاقتصادي في القضاء على معدلات البطالة، وأخرى حول تأثير حرية تنقل الافراد من الإتحاد الأوروبي على البطالة وفرص العمل في سويسرا، لاسيما في الأعمال الموسمية والمؤقتة، وبحث الآثار الناجمة عن العقوبات المشددة التي تضمنها القانون الجديد لمكافحة العمل بشكل غير قانوني.

وعلى الرغم من أن خبراء كتابة الدولة يرون في بعض الحلول الجديدة، مثل فتح أوقات جديدة للعمل في نهاية الأسبوع أو في الأعياد أو زيادة فرص العمل الموسمية، متنفسا يمكن من خلاله علاج البطالة تدريجيا، إلا أن ديليا نيلس، المحلل الاقتصادي في جامعة لوزان يعتقد بأن “نسبة النمو الحالية والمرتقبة، لا تعمل على فتح فرص عمل جديدة، وإن كانت ستعمل على بعض الاستقرار”.

ويرى نيلس في حديث مع سويس انفو بأن العلاج يتمثل في “الحصول على معدلات نمو أعلى ولفترات زمنية أطول، وبالتالي يمكن للشركات أن ترفع من طاقاتها الإنتاجية، مما يعني فتح فرص عمل جديدة وزيادة في الرواتب تتناسب مع الغلاء”، على حد قوله.

“ديموقراطية سوق” مع “اقتصاد سوق”

خبراء كتابة الدولة للاقتصاد لا يتفقون تماما مع هذه الآراء ويؤكدون بأنهم يتعاملون مع النظرة المستقبلية من واقع عملي، وبناء على دراسات محكمة.

وفي هذا السياق، يقول دانيال غربر: “هناك تطورات إيجابية وان كانت غير سريعة تحتاج إلى دراسة وتعاون بين العملي والنظري، وضرورة البحث عن مصادر التمويل لصندوق تمويل البطالة، فلا يجب أن ننسى أن الأمر يتعلق بمستقبل أسر وعائلات ولها أثرها على المجتمع”.

ويؤكد كاتب الدولة للشؤون الإقتصادية أن الخبراء الفدراليين يتعاملون مع الشأن الاقتصادي بواقعية ويقول: “نحن ندرك ان هناك غلاء، ونعرف بأننا متأخرين قليلا في برامج إعادة هيكلة بعض المؤسسات وإعادة تقييم الالتزامات المالية، ولكننا نسير بسرعة تتوافق مع التطورات التي يفرضها علينا واقعنا اجتماعيا واقتصاديا، فالنمو الاقتصادي في سويسرا ليس مثل بقية الدول الأوروبية، ولكننا لسنا في موقف ضعف، وما لدينا يساعد على النمو، والرسالة هي الاستفادة من الإمكانيات المتاحة حاليا”.

أخبرا، جاءت تحليلات الخبراء الإقتصاديين للكنفدرالية في أول مؤتمر صحفي في عام 2006 خالية من مفردات إلقاء المسؤولية على أطراف أخرى، وتجنبت استخدام كلمات مطاطة تحمل أكثر من معنى وتأويل. لذلك اتجهوا إلى وضع علامات على أماكن الضعف ونقاط القوة، لخصها دانيال غربر في ختام المؤتمر بقوله: “تحتاج سويسرا إلى “ديمقراطية سوق” مرتبطة بـ”اقتصاد سوق”، لأنهما متلازمان بشكل وثيق، فالنظر إلى اقتصاد السوق دون غيره هو نوع من قصر النظر، والبحث عنه فقط قد يكون على حساب الديمقراطية، وهذا لا يجب أن يكون الوضع العام السائد، لأن الهدف من النمو هو إحساس الفرد بالاطمئنان والاستفادة من النجاح الاقتصادي”.

تامر أبوالعينين – برن – سويس إنفو

التكهنات المختلفة حول نسبة النمو الاقتصادي السويسري في عام 2006:
كتابة الدولة للشؤون الإقتصادية: 1.8%
البنك الوطني السويسري: 2%
مصرف يو بي اس: 2%
مجموعة كريدي سويس: 1.7%
مركز أبحاث متابعة النمو الاقتصادي في زيورخ: 1.5%
مجموعة بازل الاقتصادية: 1.8%
منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية: 1.7%

نسب البطالة في الكنفدرالية وبعض الدول الأوروبية:
سويسرا: 3.8%
ايرلندا: 4.3%
النمسا: 5.2%
إيطاليا: 7.5%
فرنسا: 9.2%
ألمانيا: 9.3%
بولندا: 17.4%
الإتحاد الأوروبي (25 دولة): 8.3%

متوافق مع معايير الصحافة الموثوقة

المزيد: SWI swissinfo.ch تحصل على الاعتماد من طرف "مبادرة الثقة في الصحافة"

يمكنك العثور على نظرة عامة على المناقشات الجارية مع صحفيينا هنا . ارجو أن تنضم الينا!

إذا كنت ترغب في بدء محادثة حول موضوع أثير في هذه المقالة أو تريد الإبلاغ عن أخطاء واقعية ، راسلنا عبر البريد الإلكتروني على arabic@swissinfo.ch.

SWI swissinfo.ch - إحدى الوحدات التابعة لهيئة الاذاعة والتلفزيون السويسرية

SWI swissinfo.ch - إحدى الوحدات التابعة لهيئة الاذاعة والتلفزيون السويسرية