The Swiss voice in the world since 1935
أهم الأخبار
النشرة الإخبارية
أهم الأخبار
الديمقراطية السويسرية
أهم الأخبار
نقاشات
أهم الأخبار
النشرة الإخبارية

الرهن العقاري في سويسرا: حلم امتلاك منزل يصطدم بعبء الديون

عبء الديون
العقارات في سويسرا باهظة الثمن – وبالتالي فإن عبء الديون مرتفع. Keystone / Christian Beutler

الحصول على قرض لشراء منزل خاص في سويسرا ليس بالأمر العسير، لكن لا تخلو عملية الاقتراض من عيوب رغم مميزاتها مقارنة ببلدان أخرى. فما الذي ينبغي معرفته عن الرهون العقارية في سويسرا، البلد الذي يشتهر بكثرة مصارفه؟ 

يشير الرهن العقاري إلى عبء يتحمله المرء لفترة غير محددة، وقد يمتد هذا العبء ليشمل الحياة كلها. 

والقروض العقارية مصممة في معظم البلدان بطريقة تتيح سداد الدين خلال فترة معينة. وهذا النوع من الرهون العقارية، معروف بشكل خاص في دول مثل ألمانيا، وفرنسا، والولايات المتحدة الأمريكية. 

المزيد

وتتبع سويسرا نهجاً متميزاً في مجال الديون، حيث لا يزال مبدأ تأجيل الديون شائعاً جداً. وبما أن القروض المتعلقة بامتلاك المساكن جذابة للبنوك، تُمنح حوافز قوية للمالكين في سويسرا، المعروفة بأنها بلد المصارف، ومن ذلك عدم سداد الديون المصرفية بالكامل. كما يمكن لمقترضي الرهون العقارية ومقترضاتها خصم جميع الفوائد المدفوعة من التزاماتهم.ن الضريبية. 

وسنشرح في ما يلي كيفية عمل هذا النظام، وما هي الآثار المترتبة عليه، سواء بالنسبة إلى مشتري العقار ومشترياته، أو للمجتمع بأسره.  

هل يجب على المرء سداد الرهن العقاري بالكامل في سويسرا؟ 

لا يمكن الإجابة عن هذا السؤال، لا بالنفي، ولا بالإيجاب. فعادةً، يتطلب شراء عقار في سويسرا توفر حصة من رأس المال قدرها 20 %، أما الباقي فيموله المصرف عن طريق الرهن العقاري. 

وينقسم الرهن العقاري في سويسرا إلى قسميْن: القسم الأول (يصل إلى 65% من قيمة العقار) لا يجب سداده بالضرورة. أما القسم الثاني (ما بين 65% إلى 80%) فيخضع عادةً للسداد الجبري خلال 15 عاماً، أو حتى بلوغ سن التقاعد. 

ويُطلق على الجزء من الرهن العقاري الذي يخضع لالتزام السداد في سويسرا اسم ”الرهن العقاري الثاني“، حتى لو لم يكن في الواقع رهنا عقاريا ثانيا بالفعل.

كم من المال يمكن الحصول عليه من البنك في سويسرا؟ 

بالإضافة إلى وجوب توفر المشتري على 20 % من مبلغ الشراء الإجمالي، يُعتمد كذلك مبدأ القدرة على تحمّل أعباء التكلفة، بمعنى أنه يتعين التأكد من قدرة الطرف المشتري على تمويل البيت أو الشقة على المدى البعيد. وعند حساب القدرة على تحمل التكاليف، لا تستند البنوك إلى سعر الفائدة السائد فعليًا، بل إلى سعر فائدة مفترض يبلغ 5%، وهو ما يعادل المتوسط التاريخي لأسعار الفائدة على الرهون العقارية في البلاد.  

أما الفكرة التي تكمن وراء ذلك، فهي تكوين مبلغ احتياطي، تَحَسُّباً لحدوث ارتفاع كبير للفوائد بعد انتهاء مدة الرهن العقاري. وفضلاً عن ذلك، ينتج من الفارق عن الفوائد الفعلية، ادخار مبلغ مُحتمل، قد يساهم لاحقاً في خفض دين الرهن العقاري. 

وفي ما يخص الحساب الإجمالي للقدرة على التمويل، يضاف إلى مصاريف الفوائد الحسابية وقدرها 5%، 1% من قيمة العقار لمصاريف الخدمات والصيانة. ولا يجب أن يتخطى المبلغ الناتج عن هذه التكاليف ثلث الدخل الشهري للأسرة. وفي حال عدم تلبية هذا الشرط، تعتبر الجدارة الائتمانية للرهن العقاري غير متوفرة. 

وجدير بالذكر أن السلطة الفدرالية لمراقبة الأسواق المالية (FINMA) تفرض على البنوك الالتزام الصارم بهذه القواعد، فيمكن أن يعود الإفراط في منح الرهون العقارية بالوبال على الاقتصاد الوطني، حال وقوع أزمة في العقارات أو حصول إعسار في تسديد الفوائد. 

فقبل عدة سنوات، دقت السلطة الفدرالية للرقابة ناقوس الخطر، حيث حذرت من أن: رهنا عقاريا من بين كل ثلاثة يخالف المواصفاترابط خارجي.  

كيف يبدو المثال النموذجي لحساب القدرة على تحمّل التكاليف في سويسرا؟ 

يبلغ سعر البيت المتوسط في سويسرا حالياً حوالي 1،5 مليون فرنك. فإذا توفر للطرف المشتري الحد الأدنى، أي 20% (300 ألف فرنك)، فإن الرهن العقاري سوف يبلغ في هذه الحالة 1،2 مليون فرنك. 

وتبلغ نسبة الفائدة الحسابية 5% (ما يعادل 60 ألف فرنك). وبالإضافة إلى ذلك، يُضاف 1% (ما يساوي 15 ألف فرنك) لتغطية تكاليف الصيانة والخدمات. وبالتالي، يصبح المجموع الكلي 75 ألف فرنك. ولأنّ القدرة التمويلية تتطلّب أن تشكّل هذه التكاليف ثلث الدخل الإجمالي كحد أقصى، يعني هذا أنّه ينبغي على الزوجين المشتريين التوفّر على دخل سنوي لا يقلّ عن 225 ألف فرنك. 

ولكن لأن هذا المبلغ أعلى من متوسط دخل الأسر، حتى في سويسرا الغنية، لذلك يتعين على الكثير من الراغبين والراغبات في الشراء توفير أكثر من الحد الأدنى من المبلغ المطلوب، للحصول على الرهن العقاري. 

وغالبا ما يأتي جزء كبير من الأموال المطلوبة من الهبات التي تقدمها بعض الأسر لأبنائها وبناتها خلال حياة الوالدين. وبالإضافة إلى ذلك، يلجأ البعض إلى استخدام معاش التقاعد التأميني، وخاصة معاش صندوق التقاعد (الركيزة التأمينية الثانية) والركيزة التأمينية الثالثة (معاش التقاعد الخاص) لشراء العقارات، وهو أمر يجيزه القانون في سويسرا. 

وبالعودة إلى النموذج الحسابي السابق، إذا استطاع الزوجان الراغبان في الشراء توفير 700 ألف فرنك من سعر الشراء من مواردهما الخاصّة، فسيبلغ الرهن العقاري حينها 800 ألف فرنك، ما يتطلّب دخلًا إجماليًا سنويًا للأسرة قدره 165 ألف فرنك، للوفاء بمعايير القدرة التمويلية. 

لماذا الفوائد في سويسرا منخفضة جداً؟ 

تعتبر الرهون العقارية في سويسرا منخفضة جدا، بالمقارنة مع البلدان الأخرى، وهذا الوضع مستمر منذ سنوات. إذ يوجد حالياً، أي في شهر مايو 2025، رهن عقاري ثابت، مدته عشر سنوات، وبنسبة فائدة لا تزيد عن  1،4 بالمئةرابط خارجي، وكذلك رهون عقارية مدتها ثلاث سنوات، ذات فائدة أقل من 1%.  

للمقارنة: تكون المدة المعتادة للرهون العقارية في الولايات المتحدة الأمريكية، 30 عاماً، مع فوائد تميل نحو الزيادة بمعدل يقارب 7%رابط خارجي. بينما في ألمانيا، توجد رهون عقارية ثابتة لفترة عشر سنوات، تبدأ الفوائد فيها من 3.2 %. أما في بريطانيا، فإن أقل فائدة للرهون الممتدة لعشر سنوات تزيد قليلاً عن 4،4 %. 

أما السبب الأهم لانخفاض فوائد الرهون العقارية في سويسرا، فيعود للسياسة المالية للبنك الوطني. فقد شهد الفرنك السويسري الذي يعتبر كعملة، ملاذًا آمنًا تقليديًا على مستوى العالم، ارتفاعًا لقيمته مقابل العملات العالمية الهامّة، في السنوات الأخيرة. 

ومن خلال السياسة المالية التوسّعية، يحاول المصرف الوطني الحدّ من هذا الارتفاع للحفاظ على القدرة التنافسية للصادرات السويسرية. كما يسعى من وراء ذلك، إلى صدّ المُدّخرين عن الاستثمار في الفرنك السويسري. ويكمن السبب الأساسي وراء نجاح هذا الأمر في انخفاض التضخّم في سويسرا، مقارنةً بغيرها. فصحيح أنّ جائحة كوفيد-19 قد تسبّبت في ارتفاع التضخّم في سويسرا أيضا لفترة قصيرة، وذلك عن الحدّ الأقصى المقرر (2 % سنويًا)، ما أدّى إلى ارتفاع الفوائد بدورها. لكن، يُعتبر هذا الوضع الآن منتهيًا، بل يرجّح بعض خبراء الاقتصاد العودة إلى ما يعرف بالفوائد السلبية، مثلما كانت قبل الجائحة.  

ما هي مميزات نظام الرهون العقارية السويسري؟ 

يؤدي انخفاض تكلفة رأس المال إلى جعل القدرة المالية الحقيقية لشراء البيوت والشقق أفضل من حساب الرهون الافتراضي الذي تقوم به البنوك. وهذا يخفف العبء عن الميزانية، ويساهم بفعالية في السداد.  

كما يُحسِّن السوق التنافسي بأطرافه الكثيرة الفرصة أمام الراغبين والراغبات في الحصول على قروض. ولكن لأن سوق العقارات السويسري مستقر للغاية، ولأن قيمة العقارات تزداد منذ سنوات باطِّراد، لذلك ارتفعت الفاتورة بالنسبة إلى أغلب مالكي العقارات السكنية ومالكاتها في السنوات الأخيرة.  

ما هي مخاطر نظام الرهن العقاري السويسري؟ 

يدفع رأس المال منخفض التكلفة، أسعار العقارات السكنية في سويسرا باستمرار نحو الارتفاع. فلقد ارتفعت أسعار البيوت والشقق في السنوات الثمانية الأخيرة وحدها لأكثر من 30 بالمئة. والنتيجة هي استطاعة حوالي 20 % من السكان فقط، شراء عقار سكني. بل تنخفض هذه النسبة في كانتون زيورخ إلى أقل من 10 بالمئة.  

ومع أخذ اللجوء إلى رأس المال المدّخر للتقاعد في الاعتبار، يزيد ارتفاع الأسعار من خطورة انعدام القدرة التمويلية بعد بلوغ سنّ التقاعد.  

المزيد
أزمة المساكن في سويسرا

المزيد

جيل مستأجر: بيت الأحلام بات بعيد المنال في سويسرا

تم نشر هذا المحتوى على لم تعد الأجيال الشابّة في الكثير من المجتمعات، قادرة على امتلاك مسكن. وفي ما يلي نظرة على سوق المساكن، الذي لا يرحم، في سويسرا.

طالع المزيدجيل مستأجر: بيت الأحلام بات بعيد المنال في سويسرا

وتشير دراسة، نُشرت مؤخراً على بوابة المقارنة “Moneypark” (المنتزه المالي)رابط خارجي، إلى أن نسبة 29 % لا يمكنها حالياً الاحتفاظ بعقاراتها في عمر التقاعد، وتضطر بالتالي إلى بيعها. بل تشير الدراسة إلى أن 85% من الفئة التي تتراوح أعمارها بين 50 و65 عاما، ستصبح غير قادرة على تحمل التكاليف مع التقدم في العمر.  

وإذا ما تجاوزت أسعار العقارات السقف المتوقّع، فيمكن انتظار انعكاسات أكثر خطورة وأوسع نطاق. وقد يصبح السقوط في فقر الشيخوخة خطراً محدقاً، نظراً لعبء الديون الفادحة.  

كما ستشكل الأزمة البنكية خطراً آخر، ذلك لأن لدى سويسرا، بسبب الرهون العقارية، أعلى نسبة استدانة للفرد على مستوى العالمرابط خارجي، وهذا بفارق كبير مقارنة ببلدان أخرى. 

إلا أن أغلب التكهنات تتوقع استمرار ارتفاع أسعار العقارات، وذلك بسبب شح المعروض، وأيضاً بسبب الزيادة السكنية الواضحة كل عام. 

ومن المتوقَّع إذن، أن تحافظ سويسرا على المدى المتوسّط على مكانتها الأولى عالميًا؛ من حيث الثروة العقارية للفرد… 

المزيد

نقاش
يدير/ تدير الحوار: مارك لويتينيغّر

ما هي تجربتك مع أزمة السكن وارتفاع أسعار العقارات؟

تواجه سويسرا أزمة سكن آخذة في التفاقم. برأيك، ما السبل الممكنة لتفادي هذه الأزمة؟

43 إعجاب
56 تعليق
عرض المناقشة

تحرير: مارك لويتينيغر

ترجمة: هالة فرّاج

مراجعة: عبد الحفيظ العبدلي

التدقيق اللغوي: لمياء الواد

قراءة معمّقة

الأكثر مناقشة

متوافق مع معايير الصحافة الموثوقة

المزيد: SWI swissinfo.ch تحصل على الاعتماد من طرف "مبادرة الثقة في الصحافة"

يمكنك العثور على نظرة عامة على المناقشات الجارية مع صحفيينا هنا . ارجو أن تنضم الينا!

إذا كنت ترغب في بدء محادثة حول موضوع أثير في هذه المقالة أو تريد الإبلاغ عن أخطاء واقعية ، راسلنا عبر البريد الإلكتروني على arabic@swissinfo.ch.

SWI swissinfo.ch - إحدى الوحدات التابعة لهيئة الاذاعة والتلفزيون السويسرية

SWI swissinfo.ch - إحدى الوحدات التابعة لهيئة الاذاعة والتلفزيون السويسرية