
السعودية تدعو إلى رفع العقوبات الدولية عن سوريا

دعت السعودية الأحد إلى رفع العقوبات عن سوريا، في ختام اجتماع في الرياض لوزراء خارجية ودبلوماسيين من الشرق الأوسط وأوروبا مخصص لمناقشة الوضع في سوريا.
وقال وزير الخارجية السعودي الأمير فيصل بن فرحان “أكدت أهمية رفع العقوبات الأحادية والأممية المفروضة على سوريا”، محذّرا من أن “استمرارها سيعرقل طموحات الشعب السوري الشقيق في تحقيق التنمية وإعادة البناء”.
عقد الاجتماع في وقت يسعى رئيس الإدارة الجديدة في دمشق أحمد الشرع، الذي سيطرت قواته مع فصائل معارضة مسلحة على دمشق وأطاحت حكم الأسد الشهر الماضي، إلى تخفيف العقوبات عن البلاد. وشارك وزير خارجية الإدارة الجديدة أسعد الشيباني في محادثات الرياض.
وكانت القوى الغربية، ومن بينها الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي، فرضت عقوبات على حكومة الأسد بسبب قمعها الدامي للاحتجاجات المناهضة لها في العام 2011 والتي أشعلت فتيل الحرب الأهلية في البلاد.
قسم من العقوبات الأميركية مفروض منذ ما قبل اندلاع النزاع عام 2011، إذ صنّفت واشنطن سوريا عام 1979 “دولة راعية للإرهاب” وفرضت عقوبات إضافية عليها عام 2004.
وأعلنت وزارة الخزانة الأميركية الاثنين عن إعفاء إضافي من العقوبات على بعض الأنشطة في سوريا خلال الأشهر الستة المقبلة لتسهيل الوصول إلى الخدمات الأساسية.
لكن مسؤولين أميركيين قالوا إنهم ينتظرون رؤية تقدم قبل رفع العقوبات على نطاق أوسع.
وأسفر النزاع الذي استمر على مدى أكثر من 13 عاما في سوريا، عن مقتل أكثر من نصف مليون شخص، وتدمير الاقتصاد، ودفع الملايين إلى النزوح عن ديارهم.
وقالت مسؤولة السياسية الخارجية في الاتحاد الأوروبي كايا كالاس الجمعة إن الاتحاد المكون من 27 دولة قد يبدأ في رفع العقوبات إذا اتخذت الإدارة الانتقالية في سوريا خطوات لتشكيل حكومة جامعة وتحمي الأقليات.
ومن المقرر أن يجتمع وزراء خارجية الاتحاد الأوروبي في السابع والعشرين من كانون الثاني/يناير لمناقشة هذه القضية.
وقالت كالاس للصحافيين في الرياض الأحد إن الأولويات المحتملة لتخفيف العقوبات تشمل “العقوبات التي تعوق بناء الدولة، والوصول إلى الخدمات المصرفية”.
وأضافت “إذا رأينا أن التطورات تسير في الاتجاه الصحيح فنحن مستعدون لاتخاذ الخطوات التالية”، معتبرة أنه يجب أن يكون هناك “خيار بديل”.
أما وزيرة الخارجية الألمانية أنالينا بيربوك، فقالت الأحد للصحافيين في الرياض إن حكومتها تريد “نهجا ذكيا” في التعامل مع ملف العقوبات من شأنه أن يسمح بوصول المساعدات إلى السوريين.
وأوضحت أن “العقوبات المفروضة على أتباع الأسد الذين ارتكبوا جرائم خطرة خلال الحرب الأهلية يجب أن تظل قائمة… إن السوريين يحتاجون الآن إلى عائد سريع من انتقال السلطة”، مضيفة أن ألمانيا ستقدم 50 مليون يورو أخرى “للأغذية والمأوى الطارئ والرعاية الطبية”.
وجاء في بيان صدر الأحد عن رئاسة اجتماعات الرياض بشأن سوريا ونشرته وكالة الأنباء السعودية الرسمية (واس) أنه “جرى خلال الاجتماع بحث خطوات دعم الشعب السوري الشقيق وتقديم كل العون والإسناد له في هذه المرحلة المهمة من تاريخه”، من دون أن يتضمن البيان توجيه المشاركين في الاجتماع دعوة إلى رفع العقوبات.
وأشار البيان إلى “إدانة المملكة لتوغل إسرائيل داخل المنطقة العازلة مع سوريا والمواقع المجاورة لها في جبل الشيخ، ومحافظة القنيطرة، معربا عن رفض المملكة لهذا التوغل باعتباره احتلالا وعدوانا ينتهك القانون الدولي واتفاق فض الاشتباك المبرم بين سوريا وإسرائيل في العام 1974، مطالبا بالانسحاب الفوري لقوات الاحتلال الإسرائيلي من الأراضي السورية المحتلة”.
– السعودية تدرس الدعم –
قطعت السعودية، على غرار دول خليجية أخرى، علاقاتها الدبلوماسية مع سوريا وأغلقت سفارتها في شباط/فبراير 2012، احتجاجا على استخدام دمشق القوة في قمع الاحتجاجات الشعبية.
ولكن في آذار/مارس 2023، أعلنت الرياض أنها تجري مباحثات تتعلق باستئناف الخدمات القنصلية بين البلدين. وقادت السعودية بعدها جهودا دبلوماسية أعادت سوريا إلى مقعدها في الجامعة العربية في قمة جدة التي حضرها بشار الأسد في أيار/مايو من ذلك العام.
وأرسلت المملكة الخليجية الشهر الحالي مساعدات غذائية وطبية إلى سوريا برا وجوا. وتبحث الرياض سبل دعم انتقال الدولة المنكوبة بالحرب إلى مرحلة جديدة.
وقال الأمير فيصل بعد الاجتماع الأحد “أكدنا أهمية الاستمرار في تقديم مختلف أوجه الدعم الإنساني والاقتصادي وفي مجال بناء قدرات الدولة السورية وتحقيق الاستقرار وإعادة الإعمار وتهيئة البيئة المناسبة لعودة اللاجئين السوريين”.
وقالت آنا جاكوبس الباحثة في معهد دول الخليج العربية في واشنطن إن “هذه القمة ترسل رسالة مفادها أن السعودية تريد أن تأخذ زمام المبادرة في تنسيق الجهود الإقليمية لدعم تعافي سوريا”.
وأضافت “لكن السؤال الكبير هو كم من الوقت وكم من الموارد ستكرسها المملكة لهذا الجهد؟ وما هو الممكن مع بقاء عقوبات عدة سارية؟”.
وقال عمر كريم الخبير في السياسة السعودية في جامعة برمنغهام، إن السعودية من بين الدول التي تتبنى نهجا أكثر حذرا تجاه الإدارة السورية الجديدة من تركيا وقطر، اللتين كانتا أول من أعاد فتح سفارتيهما في دمشق بعد سقوط الأسد.
ورغم ذلك، رأى كريم أن الرياض “تتعامل بإيجابية” مع القادة الجدد في سوريا، وتتطلع إلى معرفة ما إذا كانوا قادرين على تحقيق الاستقرار و”السيطرة على العناصر الأكثر تطرفا في صفوفهم”.
ولفتت جاكوبس إلى أن اجتماع الأحد “يمنح الرياض فرصة لزيادة نفوذها مع الحكومة السورية الجديدة، وتنمية نفوذ أكبر في بلد حيث تتمتع تركيا وقطر الآن بنفوذ اوسع”.
ركب/ع ش-شي-ود/ح س