مُستجدّات ورُؤى سويسريّة بعشر لغات

الملياردير الذي يريد إعادة المُحتجزين السويسريين في ليبيا

يعتبر بهجت باكولي الألباني الأكثر ثراءً في العالم ti-press

ينوي المقاول بهجت باكولي التوجه إلى طرابلس من أجل التوسط في قضية رجلي الأعمال السويسريين المحتجزين في ليبيا.

هذا الغني السويسري المنحدر من أصول كوسوفية يرغب في تحقيق نجاح أخفق في إنجازه غيره من الوسطاء والدبلوماسيين لحد الآن.

يُنظر لبهجت باكولي، هذا الرجل الذي أصبح غنيا رغم إرادته بفضل ما عرف بفضيحة “روسيا غيت” التي انفجرت في عام 1999، على أنه شخصية يشوبها الغموض. فقد كانت المدعية العامة السابقة للكنفدرالية السويسرية، كارلا ديل بونتي قد اشتبهت تقديمه رشوة لقادة روس بهدف منح شركته مابيتيكس عقودا مربحة من بينها عقد ترميم قصر الكريملان.

إثارة هذه القضية التي انتهت بالتبرئة، تثير غضبا شديدا لدى هذا الرجل ذي النفوذ القوي الذي اعتبر تلك الشبهات بمثابة “أبسط مظاهر المسخرة”.

واليوم بعد أن استطاع تشييد امبراطورية متعددة الجنسيات وجمع ثروة طائلة، يرغب هذا الرجل البالغ من العمر خمسين عاما، والأب لأربعة أطفال، اثنان منهما في سن صغير، تخصيص ما تبقى من حياته لعائلته ولنشاطات إنسانية، على حد قوله.

وكان قد صرح أمام كاميرا القناة التلفزيونية لسويسرا الناطقة بالإيطالية – حيث يقيم – يوم الثلاثاء 19 يناير الجاري، بأنه تحادث مع العقيد القذافي يوم الإثنين 18 يناير بخصوص طلب اعتراف ليبيا بدولة كوسوفو.

وأوضح بأن العقيد القذافي سيخصص له جلسة محادثات “بمجرد عودته من العطلة”. وأضاف الملياردير بأنه يستعد للتوجه الى طرابلس بدون أو يوضح يوم السفر بالضبط. وعند اتصال swissinfo.ch بسكرتيرته الشخصية يوم الإثنين 18 يناير، أوضحت هذه الأخيرة بأن “السيد باكولي في رحلة جوية” ولم تحدد وجهته.

أثرى ألباني في العالم

هذا الرجل الذي غادر مسقط رأسه قرية ماريفشي بكوسوفو في سن المراهقة لمتابعة دراسته في ألمانيا ثم النمسا فيما بعد، يعد اليوم نموذجا للغنى والرفاهية في بلده حيث يملك قناة تلفزيونية وجريدة يومية والعديد من المصانع.

وتقدر عدة مصادر ثروة هذا الرجل الذي لا يرغب في الحديث عن المال، والذي يوصف بأنه أغنى رجل ألباني في العالم، بما يتراوح بين نصف مليار وثلاثة ملايير دولار. وتعتبر حياته مسلسلا من المغامرات والعلاقات، من بينها ارتباطه بالمطربة آنا أوكسا، وبكونه وصل إلى قمة الغنى بسرعة.

فالشركات المرتبطة بإمبراطورية مابيتيكس ساهمت في بناء القصور والفنادق والمحلات التجارية والمستشفيات ومقرات الحكومات في شتى العواصم والبلدان من طهران إلى كوبا، مرورا بدول الاتحاد السوفياتي سابقا ومكة بالمملكة العربية السعودية والصين والبندقية.

صديق العظماء والأقوياء

ولاشك في أن أكبر إنجاز يعتز به، هو تشييد مدينة أستانا، العاصمة الجديدة لكازاخستان (والتي كانت تعرف بألما آتا سابقا)، وبالأخص القصر الرئاسي بها المبني بالمرمر الأبيض. وقد أطلق إسمها على قاعة الاجتماعات بمقر شركته مابيتيكس في لوغانو- باراديزيو كانتون تيتشينو السويسري الناطق بالإيطالية جنوب البلاد.

فهذه العقود المربحة التي سمحت له بتكوين ثروته الشخصية وتعزيز امبراطوريته، سمحت له أيضا بربط علاقات صداقة مع شخصيات قوية، من بينها نور سلطان نازرباييف، رئيس كازاخستان، والقادة الروس ومن ضمنهم بوريس يلتسين، وكذلك بيل كلينتون، وتوني بلير، مثلما تشير الى ذلك الصور المعلقة على جدران مكتبه.

وهذا المسار الذي يخرج عن المعتاد، وأساليب العمل التي ينتهجها والمفعمة بالغموض، وطريقة التصرف مع قادة العالم التي يتقنها، هي التي تكون قد أكسبته ثقة الزعيم الليبي.

“لا تعليق” لوزارة الخارجية

وقد التزمت وزارة الخارجية السويسرية بعدم التعليق على الخطوة التي يقوم بها بهجت باكولي، إذ أوضح الناطق باسم الخارجية السويسرية آدريان زولبيغر: “مبدئيا لا نعلق على مثل هذه الحالات”. وكانت وزرة الخارجية قد قررت، بعد تكرار المحاولات الفاشلة للتوسط لإعادة الرهينتين، الإحجام عن الإفصاح عن استراتيجيتها.

وحتى منظمة العفو الدولية التي أقحمت نفسها في القضية الليبية، أوضحت بأنها لا تعرف السيد بهجت باكولي. وعلقت على محاولته بالتالي: “ليست لنا مبدئيا أية اعتراضات على هذه المبادرة شريطة أن تكون منسقة مع وزارة الخارجية السويسرية، وإننا نتمنى له كل التوفيق”، مثلما أوضحت الناطقة باسم منظمة العفو الدولية مانون شيك، قبل أن تضيف: “لكن ما فاجئنا هو كون هذا السيد قدم تصريحات أمام كاميرات التلفزيون، وهو أمر غير معتاد في محاولات الوساطة”.

ليست المرة الأولى

كما أن تدخل السيد بهجت باكولي في الملف الليبي العويص، أثار حيرة أكثر من متابع في دويلة تيـتشينو. لكن هذا الرجل الذي اختار أن يصبح مواطنا في مدينة لوغانو، يرد على ذلك بالقول أنه” لم يدخل في هذه المغامرة بدون تفكير”، فقد سبق له أن تدخل كوسيط في عدة قضايا اختطاف وتدخل لصالح رهائن احتجزوا في أفغانستان وفي بلدان آسيوية أخرى.

وما يتبقى هو معرفة ما إذا كانت الطريقة والأسلوب المستعملين لهذا السويسري غير العادي، واللتان تختلفان كلية عن أساليب الوسطاء الذين أرسلتهم الكنفدرالية لطرابلس حتى اليوم، قد يسمحان بإطلاق سراح رشيد حمداني وماكس غولدي، رجلي الأعمال السويسريان المحتجزين في هذا البلد المغاربي منذ 19 يوليو 2008.

نيــكول ديل بيـيترا – لوغانو – swissinfo.ch

(ترجمه من الفرنسية وعالجه محمد شريف)

منع رشيد حمداني وماكس غولدي من مغادرة ليبيا منذ شهر يوليو 2008، كرد على الاعتقال المؤقت لنجل الزعيم الليبي، هانيبال القذافي وزوجته من قبل شرطة كانتون جنيف.

وتمت محاكمة المواطنين السويسريين بتهمة مزاولة “بنشاطات اقتصادية غير مرخص بها”، في جلسة أولية في 30 نوفمبر الماضي.

تمثل الحكم الصادر في حقهما بالسجن لمدة 16 شهرا وبغرامة مالية تقدر 2000 دينار ليبي أي حوالي 1600 فرنك سويسري، وذلك لانتهاك قوانين الإقامة، وهو الحكم الذي قدما استئنافا ضده.

وقد أدانت منظمات الدفاع عن حقوق الإنسان مثل منظمة العفو الدولة وهيومان رايتس ووتش هذه المحاكمة، إذ اعتبرتا أنها لم تحترم معايير المحاكمة العادلة، وانها كانت بمثابة محاكمة سياسية.

في بداية شهر يناير 2010، طلبت الكنفدرالية السويسرية من المحامي الفرنسي إيمنويل آلتيت تولي الدفاع عن السويسريين، هو الذي تميز في دفاعه عن الممرضات البلغاريات المحتجزات في ليبيا.

.يبلغ من العمر 58 عاما، ويقيم في مدينة لوغانو بدويلة تيتشينو السويسرية منذ الثمانينات من القرن الماضي.

غادر كوسوفو الحالية عن عمر يناهز 17 عاما لمتابعة دراسته والعمل في ألمانيا ثم في النمسا.

بفضل إتقانه اللغات الأجنبية ولشخصية القوية، وصل الى سويسرا في عام 1976 واستطاع أن يؤسس شركته “مابيتيكس” في بداية التسعينات في مدينة لوغانو.

أصيبت سمعته، ومست مصداقيته بسبب فضيحة “روسيا غيت”.

دخل عالم السياسة في عام 2006 في غمرة التحضير لانتخابات كوسوفو ما بعد روغوفا، وذلك بتأسيس حزب التحالف من أجل كوسوفو جديد.

وحاول في نفس السنة تنظيم مائدة مستديرة في واشنطن من أجلال السلام في منطقة البلقان.

في يناير 2009، أعلن اعتزاله النشاطات التجارية، تاركا زمام تسيير أمور شركة مابيتيكس لأقاربه، وذلك لكي يتفرغ لأعماله الانسانية انطلاقا من مقر إقامته “لا رومنتيكا” في قرية ميليدي بدويلة التيشينو.

تميز بهجت باكولي في منطقة الشرق الأوسط بكونه وسيطا ساهم في الافراج عن عدد من الرهائن في أفغانستان بما في ذلك أحد الصحفيين الإيطاليين الذي كان محتجزا هناك.

متوافق مع معايير الصحافة الموثوقة

المزيد: SWI swissinfo.ch تحصل على الاعتماد من طرف "مبادرة الثقة في الصحافة"

يمكنك العثور على نظرة عامة على المناقشات الجارية مع صحفيينا هنا . ارجو أن تنضم الينا!

إذا كنت ترغب في بدء محادثة حول موضوع أثير في هذه المقالة أو تريد الإبلاغ عن أخطاء واقعية ، راسلنا عبر البريد الإلكتروني على arabic@swissinfo.ch.

SWI swissinfo.ch - إحدى الوحدات التابعة لهيئة الاذاعة والتلفزيون السويسرية

SWI swissinfo.ch - إحدى الوحدات التابعة لهيئة الاذاعة والتلفزيون السويسرية