خطة طريق ومعضلة أمام الديموقراطيين بعد الانتصارات الانتخابية الأخيرة
حقق الديموقراطيون فوزا انتخابيا كبيرا الثلاثاء، بعدما اعتمدوا حملات ركّزت على القضايا المحلية لا سيما غلاء المعيشة، الأمر الذي يمنحهم خارطة طريق ويضعهم في الوقت ذاته أمام معضلة انتخابات منتصف الولاية في سنة 2026 وما بعدها.
ومنحت الاستحقاقات المحلية، من كاليفورنيا إلى نيويورك، دفعة قوية للديموقراطيين بعد عام على فوز دونالد ترامب في الانتخابات الرئاسية.
وقالت ويندي شيلر أستاذة العلوم السياسية في جامعة براون إنّ “هذه الانتخابات وهذه الحملات وهؤلاء المرشحين والرسالة والنتائج، كلّها تختصر نموذجا يجب على الحزب الديموقراطي اتباعه من أجل استعادة” الأغلبية في الكونغرس في انتخابات التجديد النصفي في غضون عام.
واعتبرت أنّ النتائج تظهر “رفضا واضحا للسياسات التي ينتهجها ترامب”، مشيرة إلى مشاركة قوية في العديد من المناطق التي لم تتألّق فيها الديموقراطية كامالا هاريس في العام 2024، وخصوصا في المقاطعات الريفية.
من جانبه، قال تود بيلت أستاذ العلاقات العامة في جامعة جورج واشنطن إنّ “حجم هذه النتائج كان غير متوقع”، معتبرا أنّ العديد من الناخبين أرادوا “إيصال رسالة تعكس عدم الرضا إزاء الطريقة التي يقود من خلالها ترامب” البلاد.
وانتُخبت الديموقراطيتان الوسطيّتان أبيغيل سبانبرغر حاكمة لولاية فيرجينيا ومايكي شيريل حاكمة لولاية نيوجيرسي. وتقع هاتان الولايتان على الساحل الشرقي وبينما لم يفز فيهما دونالد ترامب في الانتخابات الرئاسية، إلا أنّه حقق تقدما فيهما مقارنة بانتخابات عامي 2016 و2020.
ووفق ويندي شيلر، فإنّ المرشّحتين “أظهرتا للديموقراطيين كيفية حشد قاعدتهم” الانتخابية، وهو المجال الذي يتفوّق فيه الرئيس الجمهوري عادة.
– “فرق كبير” –
في نيويورك، انتُخب زهران ممداني الذي يصف نفسه بأنه ديموقراطي اشتراكي رئيسا لبلدية المدينة متغلّبا على رئيس البلدية السابق الديموقراطي أندرو كومو الذي أعلن دونالد ترامب دعمه له.
ويأتي ذلك فيما وافق الناخبون في استفتاء في كاليفورنيا على إعادة رسم الخريطة الانتخابية، ردا على خطوة مماثلة قام بها الجمهوريون في ولايات أخرى.
وقال تود بيلت إنّ “من المهم أن نكتشف بالضبط ما الذي حفّز الناخبين”، على الرغم من أنّ من السهل في كثير من الأحيان المبالغة في تفسير نتائج هذه الانتخابات بعد عام من الانتخابات الرئاسية.
وأضاف “بشكل عام، ستكون الحالة الاقتصادية” وراء ذلك.
في ولايات فرجينيا ونيوجيرزي ونيويورك، وضع الديموقراطيون قضية كلفة المعيشة في صلب حملاتهم، على خلفية التضخّم المستمر.
وأشارت ويندي شيلر إلى أنّ رسائلهم بشكل عام لم تكن تهدف للوصول إلى المستوى الوطني، وكانت انتصاراتهم مبنية على أساس تواصل “تردّد صداه” لدى الناخبين على المستوى المحلي.
وأكدت أنّه “بناء على ذلك، هناك فرق كبير”.
وأوضحت أنّه بينما سيواجه الديموقراطيون صعوبة كبيرة في الفوز عبر برنامج وطني “يساري جدا بالنسبة لبعض المناطق مثل فيرجينيا أو أجزاء من نيوجيرزي”، إلا أن بإمكانهم الفوز بواسطة مرشحين “يتحدثون عن الاقتصاد والوظائف والسكن والصحة” عبر تكييف رسالتهم مع دوائرهم الانتخابية المحلية.
– “حرب أهلية” –
وما زال يتعيّن معرفة إن كان الحزب سيكون موحّدا في استراتيجيته.
وفي ما يتعلق بالقضايا الاقتصادية، قال تود بيلت “لدينا البرنامج التقدمي” الذي يجسّده زهران ممداني في نيويورك، و”هناك البرنامج الأكثر اعتدالا” الذي تمثله بشكل كبير أبيغيل سبانبرغر ومايكي شيريل.
وتوقع نوعا من “حرب أهلية داخل الحزب الديموقراطي بشأن المسار الذي يجب اتباعه في المستقبل”.
في هذه الأثناء، قد يكون الحزب سعيدا لأنه نجح الثلاثاء في محو جزء كبير من المكاسب التي حققها دونالد ترامب بين الناخبين من أصل إسباني وإفريقي أميركي.
وبالنسبة لويندي شيلر، فإن “الدرس للديمقراطيين أيضا هو أن قضايا نهاية الشهر (القضايا الاقتصادية) هذه مهمة جدا للناخبين السود”، بينما أتت سياسة ترامب القمعية تجاه المهاجرين “بنتائج عكسية إلى حد ما على الجمهوريين” في بعض المناطق.
وبفضل هذه الانتصارات، يأمل الديموقراطيون في استعادة السيطرة على الكونغرس خلال عام. وتشير جميع المؤشرات إلى أن حالة الاقتصاد الأميركي بحلول ذلك الوقت ستكون عاملا حاسما.
رلي/ناش/لين