
رجل في الأخبار-إيال زامير.. الجنرال الإسرائيلي الذي يختلف مع نتنياهو

من شارلوت جرينفيلد وأليكس كورنويل
القدس (رويترز) – انضم إيال زامير رئيس أركان الجيش الإسرائيلي الذي يعارض السيطرة الكاملة على قطاع غزة، إلى صف طويل من الجنرالات الذين اختلفوا مع رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو.
قال زامير لنتنياهو خلال اجتماع محتدم يوم الثلاثاء إنه يخشى من تعريض حياة الرهائن المتبقين للخطر ومن تبعات جر الجيش المنهك للبقاء طويلا في قطاع غزة، رغم أنه من المتوقع أن يقوم بالسيطرة على المناطق المتبقية من القطاع المحاصر إذا صدرت له الأوامر بذلك.
وفي تصريحات أدلى بها يوم الخميس في وقت يستعد فيه مجلس الوزراء الأمني المصغر للاجتماع مع نتنياهو، دافع زامير عن حقه في إبداء الرأي نيابة عن الجيش، ووصف ثقافة النقاش بأنها “جزء لا يتجزأ من تاريخ الشعب اليهودي”.
لكنه قال أيضا إن بوسع الجيش الآن ترسيخ واقع أمني جديد على الحدود، وأضاف “هدفنا هو هزيمة حماس ومواصلة العمل مع وجود رهائننا في صدارة اهتماماتنا”.
أما صورته في أعين الفلسطينيين فتبدو مختلفة تماما، إذ عرفوه بالفعل خلال أحداث شهدها القطاع في 2018 وقتل فيها أكثر من 150 والآن يعتبرونه مهندس الدمار الشامل في القطاع.
* مهمة صعبة
يرى مايكل ميلشتين رئيس منتدى الدراسات الفلسطينية في مركز موشيه دايان للأبحاث الشرق الأوسطية والأفريقية في جامعة تل أبيب أن “التحدي الذي يواجهه الآن، والذي يتمثل في الترويج لمبدأ أو سياسة لا يدعمها حقا، سيكون بالغ الصعوبة”.
ومع ذلك، يقول ميلشتين إن زامير في وضع يؤهله للدفاع عن وجهة نظره بصفته السكرتير العسكري السابق لنتنياهو الذي رقاه بعد ذلك إلى نائب رئيس هيئة الأركان العامة في 2018 ثم رئيسا للأركان في مطلع هذا العام.
وأضاف أنه خلافا لبعض كبار قادة الجيش الآخرين، لم تشب سمعة زامير شائبة فيما يتعلق بالأخطاء الأمنية الكارثية التي مكنت حركة المقاومة الإسلامية الفلسطينية (حماس) من قيادة هجوم عبر الحدود في السابع من أكتوبر تشرين الأول 2023 والذي ينظر إليه على أنه أسوأ فشل عسكري لإسرائيل.
ويقود زامير الجيش أيضا في وقت يتمتع فيه الآن بقدر كبير من التأييد الشعبي بعد توجيه ضربات قاصمة لجماعة حزب الله اللبنانية العام الماضي والقضاء على جزء كبير من البرنامج النووي الإيراني وقيادات الحرس الثوري في يونيو حزيران.
أعاد حجم نجاحات إسرائيل في الصراعين ترسيخ سمعتها باعتبارها القوة العسكرية المهيمنة في الشرق الأوسط، مما فجر موجة من الفخر الوطني بسبب الضربات القاصمة التي وجهت لحزب الله المدعوم من إيران وإضعاف إيران.
ورغم أن الانقسامات السياسية الداخلية انعكست في أن الثقة في نتنياهو لم تتجاوز 40 بالمئة في استطلاع رأي أجرى الشهر الماضي، كان أكثر من 68 بالمئة من المشاركين في ذلك الاستطلاع يثقون في زامير.
لكن في الوقت نفسه، تعرض الجيش الإسرائيلي لانتقادات متزايدة من الخارج، بما في ذلك من حلفاء غربيين رئيسيين، بسبب إدارته للحرب في قطاع غزة في ظل الدمار الهائل وشبح المجاعة وسقوط عدد كبير من القتلى والمصابين المدنيين.
ووسع زامير بالفعل نطاق الحرب على قطاع غزة منذ أن حل محل هرتسي هاليفي، الذي استقال من المنصب في يناير كانون الثاني بسبب تبعات الهجوم الذي شنته حماس في السابع من أكتوبر تشرين الأول 2023.
وبعد أن انتهكت إسرائيل وقف إطلاق النار مع حماس في مارس آذار، صعدت عملياتها البرية في أنحاء قطاع غزة. وقال زامير في خطاب للقوات “سنواصل حتى نكسر قدرة العدو القتالية.. حتى نهزمه أينما عملنا”.
* جندي دبابة
بدأ زامير مسيرته العسكرية الطويلة في سلاح المدرعات، بعد انضمامه إليه عام 1984، بقيادة الدبابات في وقت كانت فيه القوات الإسرائيلية منغمسة بشدة في احتلالها جنوب لبنان.
وأدار لاحقا وحدة للتدريب والعقيدة العسكرية مساهما في صياغة الفكر الاستراتيجي الإسرائيلي قبل أن يتولى قيادة اللواء السابع في الجيش ثم الفرقة 36.
وبصفته قائدا للقيادة الجنوبية بين عامي 2015 و2018 كان مسؤولا عن كيفية تعامل الجيش مع احتجاجات أسبوعية استمرت لشهور وشارك فيها الآلاف من سكان غزة الذين كانوا يقتربون من السياج الأمني مع إسرائيل. وفرضت إسرائيل الحصار الجزئي على البضائع والأفراد منذ 2005 ثم أقامت السياج عندما سحبت جيشها ومستوطنيها من القطاع الساحلي.
قُتل أكثر من 150 محتجا خلال تلك التجمعات الأسبوعية. وبينما قال الفلسطينيون إن القتلى كانوا من العزل، وصفتهم إسرائيل بمثيري الشغب.
وقال باسل، مكتفيا بذكر اسمه الأول، في اتصال هاتفي “بالنسبة لنا ما فيش فرق بين القيادات الإسرائيلية. زامير مثله مثل الآخرين مجرم حرب”. وباسل من سكان غزة وكان يبلغ من العمر 16 عاما عندما أصيب في احتجاجات عام 2018.
أشاد نتنياهو ووزراء إسرائيليون بسجل زامير الحافل عند تعيينه لكن سرعان ما ظهرت صعوبة الموازنة بين مطالب القيادة السياسية واحتياجات جيش منهك.
وبحلول أبريل نيسان كانت وسائل الإعلام الإسرائيلية تنشر تقارير عن صدامات بين رئيس هيئة الأركان ووزراء بالحكومة، وخصوصا من ينتمون لليمين المتطرف في الائتلاف الحاكم الذين طالبوا بنهج أكثر صرامة في غزة.
ومنذ بداية الحرب يعبر جنرالات إسرائيليون عن مخاوفهم من صراع مفتوح مع استدعاء قوات الاحتياط مرارا وتولي الجيش إدارة جيب مدمر يقطنه سكان ساخطون.
وقال ميلشتين “من الناحية العسكرية، مهمة احتلال غزة ليست بأكملها معقدة. لكن من الواضح تماما أنه بمجرد اكتمال هذا الاحتلال سيكون جيش الدفاع الإسرائيلي مسؤولا عن مليوني فلسطيني”.
(شارك في التغطية نضال المغربي من القاهرة – إعداد سلمى نجم ومحمد علي فرج للنشرة العربية – تحرير سها جادو)