رجل في الأخبار-رغم ماضيه المثير للانقسام.. نوري المالكي قد يكون صاحب نفوذ كبير في انتخابات العراق
بغداد 5 نوفمبر تشرين الثاني (رويترز) -لا يزال رئيس الوزراء العراقي السابق نوري المالكي يتمتع بحضور كبير في الساحة السياسية العراقية على الرغم من الاتهامات التي ظلت تلاحقه لفترة طويلة بأنه أجج الفتنة الطائفية وأخفق في منع تنظيم الدولة الإسلامية من السيطرة على مناطق شاسعة من بلاده قبل عقد من الزمن.
وبصفته رئيس ائتلاف دولة القانون، وهو ائتلاف شيعي لديه نفوذ واضح، فإنه يُنظر إلى المالكي على أنه سيكون صاحب تأثير يكفي لتحديد من سيصبح رئيس وزراء العراق القادم بعد الانتخابات البرلمانية المقررة في 11 نوفمبر تشرين الثاني.
وكان المالكي، وهو في منتصف السبعينيات من عمره، قد تعرض لضغوط للتنحي في عام 2014 من قبل أطراف لم تكن عادة تنتقده -الولايات المتحدة وإيران وقادة سنة والمرجع الشيعي الأعلى في العراق- بعد المكاسب التي حققها تنظيم الدولة الإسلامية سريعا على الأرض عام 2014.
ويرى كثير من العراقيين أن السنوات التي تولى فيها المالكي رئاسة الوزراء، ووُصفت بأنها كانت مثيرة للانقسام، فاقمت الصراع الطائفي بين الأغلبية الشيعية والأقلية السنية، فيما ظلت مشكلات مزمنة مثل البطالة وتردي الخدمات العامة والفساد في تزايد.
* توقيع المالكي على أمر إعدام صدام حسين
يقول محللون إنه رغم الانتقادات، فقد تمكن السياسي المحنك في السنوات التي تلت ذلك من العمل في هدوء لإعادة بناء مكانته من خلال توسيع نفوذه عبر علاقاته مع الفصائل المسلحة والأجهزة الأمنية والقضاء.
وتعود جذوره السياسية إلى عقود مضت، وزاد ثقلها من خلال معارضته لحكم صدام حسين الاستبدادي ونفيه الطويل الذي صاغ قناعاته الأيديولوجية.
وقد حُكم عليه بالإعدام في عهد صدام حسين بسبب انتمائه لحزب الدعوة الإسلامية الشيعي المحظور حينها، وأمضى المالكي ما يقرب من 25 عاما خارج العراق، معظمها في سوريا وإيران، محرضا على إسقاط الدكتاتور.
وشأنه شأن العديد ممن كانوا خارج البلاد، عاد المالكي إلى العراق بعد سقوط صدام حسين ونهاية النظام الذي كان يقوده السنة والذي طالما اضطهد الشيعة والأكراد.
ووقع المالكي على أمر إعدام صدام بالحبر الأحمر، ممهدا الطريق لمسلحين ملثمين لوضع حبل المشنقة حول عنقه.
وحقق المالكي، الصديق للقوة الإقليمية الشيعية إيران، هدفه الذي ظل يطمح له طوال حياته وهو انتزاع السلطة في البلاد من السنة، لكن النهج الذي اتبعه لترسيخ هيمنة الشيعة كان السبب في سقوطه.
واتهمه قادة السنة بعدم القيام بما يكفي من جهود للسيطرة على الميليشيات الشيعية وبأنه ركز بدلا من ذلك على تقوية قبضته على المحافظات السنية المضطربة مثل الأنبار في غرب العراق.
ونفى المالكي، الذي شغل منصب رئيس الوزراء في الفترة من 2006 إلى 2014، أن يكون يتعامل مع الأمور من منظور طائفي.
وقال المالكي لرويترز في عام 2014 إنه لا يقاتل في الأنبار لأنهم من السنة وإنه قاتل أيضا ميليشيات شيعية. وأضاف “تنظيم القاعدة والميليشيات واحد، كلاهما يقتل الناس ويفجرهم”.
* منتقدون: سياسات المالكي ساعدت في إقصاء السنة
شهدت سنوات شغله للمنصب إراقة للدماء على أساس طائفي ونشاطا للمسلحين ضد الولايات المتحدة والحكومة، إلى جانب اتهامات بأنه همش السنة مما شكل أحد عوامل صعود تنظيم الدولة الإسلامية السني.
وبالنسبة للمنتقدين، فقد أثار المالكي الخلافات بسرعة أذهلت كثيرين في عام 2011 عندما طالبت حكومته التي يقودها الشيعة باعتقال نائب سني للرئيس، وذلك بعد لحظات على ما يبدو من رحيل القوات الأمريكية في ديسمبر كانون الأول من ذلك العام.
وأثارت هذه الخطوة شكوكا حول التزام المالكي إزاء أي نوع من الديمقراطية. فالرجل الذي ظل يخطط لسنوات من الخارج ضد صدام، صار الآن يفعل أمورا تشبه ما كان يفعلها عدوه السابق.
ويقول منتقدون إن سياسات المالكي الطائفية دفعت السنة إلى أحضان تنظيم الدولة الإسلامية.
وترك المالكي منصبه على مضض في عام 2014 بعد انهيار قوات الأمن وهروبها أمام التقدم الخاطف لتنظيم الدولة الإسلامية الذي أعلن خلافة على غرار ما حدث في القرون الوسطى.
وفي عام 2015، دعت لجنة برلمانية عراقية إلى محاكمة المالكي والعشرات من كبار المسؤولين بسبب سقوط مدينة الموصل في الشمال في يد تنظيم الدولة الإسلامية.
* المالكي ينتمي لعائلة من جنوب العراق منخرطة في العمل السياسي
لم يكن المالكي معروفا كثيرا في العراق قبل الغزو الذي قادته الولايات المتحدة، لكنه صار اختيارا توافقيا لقيادة الحكومة الائتلافية في عام 2006.
وكان الاستعداد الذي أبداه المالكي في البداية لوضع الطائفية جانبا وإخماد العنف موضع شك في مذكرة مسربة من الحكومة الأمريكية.
وكتب مستشار الأمن القومي ستيفن هادلي إلى الرئيس جورج دبليو بوش في المذكرة “على الرغم من كلمات المالكي المطمئنة، فإن التقارير المتكررة من قادتنا على الأرض ساهمت في إثارة مخاوفنا بشأن حكومة المالكي”.
ومضى في سرد المشاكل بما في ذلك عدم تقديم الخدمات للمناطق السنية وإبعاد القادة العراقيين الأكثر كفاءة على أساس طائفي.
وُلد المالكي عام 1950 في قرية جناجة، وهي قرية بالجنوب بين بساتين النخيل على نهر الفرات، لعائلة منخرطة في العمل السياسي، فجده كان يكتب الشعر الذي يحمّس على التحرك ضد المحتلين البريطانيين للعراق، وكان والده قوميا عربيا.
واعتُقل المالكي لفترة وجيزة في عام 1979 قبل أن يفر هاربا بشق الأنفس من قوات الأمن التابعة لصدام. وصودرت أرض عائلته وقُتل العشرات من أقاربه خلال العقد التالي. ولم يعد لقريته إلا بعد غزو 2003.
وتولى منصب نائب رئيس اللجنة التي كانت مسؤولة عن اجتثاث المسؤولين السابقين المنتمين لحزب البعث الذي كان يقوده صدام وكانت ترتعد منه الفرائص.
(إعداد مروة غريب للنشرة العربية)