مُستجدّات ورُؤى سويسريّة بعشر لغات

لجنة الخبراء: الهجوم على “أسطول الحرية” يجب أن يُقدم للمحكمة الجنائية

كارل هودسن فيليب، رئيس لجنة الخبراء المستقلين يتوسط عضوي اللجنة ديسموند داسيلفا (يسار)، وشانتي دايريام (يمين) في الندوة الصحفية التي عقدت يوم 28 سبتمبر 2010 في جنيف Keystone

عرضت لجنة التحقيق في هجوم إسرائيل على "أسطول الحرية" المتوجه لغزة تقريرها أمام مجلس حقوق الإنسان في جنيف وأقرت بعدم وجود أسلحة لدى الركاب في حين اعتبرت أن تسعة من ركاب السفينة التركية قتلوا عمدا من قبل قوات الجيش الإسرائيلي.

في المقابل، رفضت إسرائيل نتائج التحقيق باعتباره منحازا، واعتبرت الولايات المتحدة أنه يجب منح الأولوية إلى تحقيق الأمين العام للأمم المتحدة المنتظر، لكن عضو اللجنة القاضي البريطاني ديسموند داسيلفا يرى أن هذه الحالة “قد يكون من صلاحيات المحكمة الجنائية الدولية النظر فيها”.

وكان مجلس حقوق الإنسان استعرض على مدى يومي الاثنين 27 والثلاثاء 28 سبتمبر 2010 نتائج التقرير الذي أعدته لجنة الخبراء المستقلة التي كلفها بالتحقيق في تفاصيل الهجوم الذي شنته إسرائيل على قافلة المساعدات الإنسانية البحرية التي كانت متوجهة لفك الحصار على قطاع غزة في 31 مايو الماضي والذي أدى الى مقتل تسعة ركاب أتراك كانوا على متن الباخرة “مافي مرمرة”.

وبعد أن أعرب رئيس اللجنة القاضي كارل هودسن فيليب عن الأسف لعدم استجابة إسرائيل للتعاون مع اللجنة رغم الطلبات المتكررة، أوضح أمام الدول الأعضاء في المجلس، بأنه لم يتم العثور على أية أدلة لوجود أسلحة على متن الباخرة، باستثناء بعض الألواح والقضبان الحديدية من معدات الباخرة التي استعان بها بعض الركاب لصد الهجوم الأول للجنود الإسرائيليين وأسر بعضهم في البداية.

وفي الوقت الذي أكد فيه التقرير بأن ركاب الباخرة لم يطلقوا أية أطلقة نارية، شدد على أن “ستة من الركاب الذين قتلوا أعدموا عمدا من بينهم اثنان كانا يقومان بتصوير الهجوم”.

وبالنظر إلى أن مهمة اللجنة لم تتضمن تقديم توصيات، عبر أعضاؤها عن الأمل في أن تتخذ الدول الأعضاء في مجلس الأمم المتحدة لحقوق الإنسان “الخطوات الضرورية”.

إنتقاد مباشر للمجلس وآخر مُبطن للأمين العام

الخبراء المستقلون في لجنة التحقيق المكلفة من قبل مجلس حقوق الإنسان بالتحقيق في حيثيات الإعتداء الإسرائيلي على بواخر المساعدة الإنسانية الراغبة في فك الحصار عن قطاع غزة التزموا لغة دبلوماسية وقانونية في تقريرهم، لكنهم عبروا بوضوح في الندوة الصحفية التي عقدوها يوم الثلاثاء 28 سبتمبر عقب تقديمه في جنيف، عن رفضهم للإنتقادات التي وجهتها إسرائيل والولايات المتحدة للتقرير، بل وجهوا – وإن بشكل غير مباشر – بعض الإنتقاد لما أقدم عليه الأمين العام لمنظمة الأمم المتحدة بان كي مون عندما قام بتشكيل لجنة تحقيق أممية بعد أيام قليلة من اتخاذ مجلس حقوق الإنسان قرارا بتكوين لجنة التحقيق هذه.

وفي معرض رفضه للإتهامات الإسرائيلية والأمريكية، قال ديسموند داسيلفا، القاضي البريطاني والمدعي العام الأسبق للمحكمة الدولية حول سيراليون: “لقد قدمنا، في نظري، عملا نزيها ومنطقيا وتوصلنا حسب ما يمليه ضميرنا الى الخلاصة التي عرضناها” أمام الدول الأعضاء في مجلس حقوق الإنسان.

من جهة أخرى، يرى القاضي البريطاني أن بإمكان المحكمة الجنائية الدولية معالجة هذا الملف وقال: “إن الباخرة “مافي مرمرة” التي دارت أغلب المشادات على متنها كانت تحمل علم جزر القمر، وهي من الدول الموقعة على معاهدة روما لتشكيل المحكمة الجنائية الدولية”.

رئيس اللجنة القاضي من ترينيداد كارل هودسن فيليب رد بدوره على انتقادات السفيرة الأمريكية التي اتهمت تقرير اللجنة بأنه “غير متوازن”، وشددت على “ضرورة انتظار ما قد تتوصل إليه لجنة التحقيق التي شكلها الأمين العام لمنظمة الأمم المتحدة والتي تنتظر الحصول على نتائج لجنتي التحقيق التركية والإسرائيلية”. وأوضح في هذه الصدد أن “بان كي مون شكل هذه اللجنة بعد أيام من إتخاذ مجلس حقوق الإنسان لقرار تشكيل لجنة تحقيق مستقلة” كما أن الأمين العام “لم يوضح تفاصيل مهمة هذه اللجنة الا بعد أيام، بتحديد أنها ستعمل على تقريب وجهتي نظر لجنتي التحقيق الإسرائيلية والتركية بغرض التوفيق بين البلدين”. وهذا ما يرى فيه الخبير القانوني كارل هودسن فيليب “أمرا لا يشتمل من الناحية القانونية على مقومات لجنة التحقيق التي عليها البحث عن الأدلة والاستماع للشهود”.

وقد شدد أعضاء اللجنة أثناء ندوتهم الصحفية على أن إسرائيل قامت بمصادرة أدوات التصوير التي كانت بحوزة الصحفيين وركاب الباخرة “بغرض التحكم في التغطية الإعلامية لتلك الأحداث”، بل إنها منعت حتى لجنتها الوطنية (المعروفة باسم “لجنة توركل”) من استجواب الجنود الذين شاركوا في الهجوم.

إضافة إلى ذلك، انتقد أعضاء اللجنة مجلس حقوق الإنسان على الأخطاء التي يرتكبها أثناء تبني مشاريع القرارات حيث جاء في توصيف مهمة اللجنة بأنها ستجري تحقيقا في “الإعتداءات التي قامت بها إسرائيل” أثناء الهجوم على قافلة المساعدات الإنسانية، وهو ما رأى فيه الخبراء المستقلون “إدانة مُسبقة” قبل القيام بعملية التحقيق، و”ذريعة” تتخذها إسرائيل دوما من أجل عدم التعاون مع لجان التحقيق الأممية.

مشاريع قرارات “إهانة للضحايا”

إذا كانت لجنة التحقيق في الهجوم على قافلة الحرية قد أنجزت مهمتها وتوصلت إلى نتيجة تؤكد أن ما قامت به إسرائيل اثناء اعتراض باخرة “مافي مرمرة” اتسم بالكثير من الإنتهاكات وان المحكمة الجنائية الدولية من حقها التدخل في هذه الحالة، فإنها تركت الأمر للدول الأعضاء في المجلس التي اعتمدت في نهاية المداولات بأغلبية ثلاثين صوتا مشروع قرار تقدمت به منظمة المؤتمر الإسلامي يكتفي بالدعوة إلى “اعتماد تقرير اللجنة ويطالب الأطراف المعنية بتطبيق ما جاء فيه”. ومع ذلك، قوبل هذا المشروع بمعارضة الولايات المتحدة في حين امتنعت عن التصويت عليه 15 دولة من بينها دول الإتحاد الأوروبي وسويسرا.

في سياق متصل، أثار مشروع قرار آخر تقدمت به السلطة الفلسطينية وحصل على دعم منظمة المؤتمر الإسلامي بخصوص مصير تقرير غولدستون حول الحرب التي خاضتها إسرائيل ضد قطاع غزة في ديسمبر 2008 ويناير 2009 قلق منظمات المجتمع المدني الفلسطينية والدولية. وقد تم اعتماد مشروع القرار بأغلبية 27 صوتا ومعارضة الولايات المتحدة وامتناع 19 بلدا عن التصويت من ضمنها سويسرا ودول الإتحاد الأوروبي.

فقد أدان المركز الفلسطيني لحقوق الإنسان هذا المشروع واعتبره “إهانة للضحايا”، وقال رئيسه راجي صوراني في لقاء مع الصحافة في جنيف “لقد تمت التضحية منذ سنوات في فلسطين بالقانون الدولي وبحكم القانون باسم السياسة، وتم وضعهما جانبا للجري وراء سراب مسار سلامي”.

ومع أن هذا المشروع حظي بتأييد منظمة المؤتمر الإسلامي إلا أن السيد صوراني يقول بأنه “لا يمكنك أن تكون ملكيا أكثر من الملك” في إشارة الى أن المسألة تتعلق أساسا بإرادة السلطة الفلسطينية التي تطالب بـ “تمديد المهلة والعودة لعرض الموضوع على الدورة القادمة” لمجلس حقوق الإنسان.

وبما أن تقرير غولدستون حدد مهلة ستة أشهر لقيام الأطراف المعنية بتحقيقات في الإنتهاكات التي تم ارتكابها في حرب غزة قبل عرض الموضوع على جهات أعلى مثل مجلس الأمن الدولي أو المحكمة الجنائية الدولية، فإن منتقدي هذا القرار اعتبروا أن “المطالبة بالتمديد، انتهاك لجوهر ما جاء في تقرير غولدستون الذي تم اعتماده رسميا والذي طالب برفع الموضوع لمجلس الأمن أو المحكمة الجنائية الدولية في حال عدم قيام الأطراف المعنية بتحقيق نزيه ووفق المعايير الدولية”.

تم اعتماد هذا القرار الذي تقدمت به باكستان باسم منظمة المؤتمر الإسلامي باغلبية 30 صوتا ومعارضة الولايات المتحدة الأمريكية وامتناع 15 دولة.

وهو القرار الذي:
– يرحب بتقرير البعثة الدولية المستقلة لتقصي الحقائق
– ويأسف بشدة لعدم تعاون إسرائيل مع البعثة
– يؤيد الاستنتاجات التي تضمنها تقرير البعثة ويدعو جميع الأطراف المعنية الى ضمان تنفيذها على الفور.
– يوصي الجمعية العامة بالنظر في تقرير البعثة
– يطلب من مفوضية الأمم المتحدة السامية لحقوق الإنسان تقديم تقرير بشان حالة تنفيذ الفقرة الثالثة من القرار في الدورة القادمة للمجلس
– يقرر متابعة تنفيذ هذا القرار في دورته السادسة عشرة.

اعتمد مجلس حقوق الإنسان بأغلبية 27 صوتا ومعارضة الولايات المتحدة وامتناع 19 بلدا مشروع قرار ينص على:

الترحيب بتقرير لجنة الخبراء المستقلين في القانون الإنساني وحقوق الإنسان والمكلفة بمراقبة ما قامت به كل من إسرائيل والطرف الفلسطيني من تحقيقات داخلية مستقلة ومطابقة لمعايير الدولية.

وبعد الترحيب بتعاون السلطة الفلسطينية يطالبها بإكمال إجراءات تحقيقها وفقا لما نص عليه تقرير غولدستون.

كما يدين القرار عدم تعاون إسرائيل مع لجنة الخبراء المستقلين، ويطالبها كقوة محتلة بان تكمل تحقيقها وفقا للمعايير الدولية.

ويقر بتمديد مهمة لجنة الخبراء المستقلين ومطالبتها بتقديم تقرير للدورة القادمة لمجلس حقوق الإنسان.

جنيف

متوافق مع معايير الصحافة الموثوقة

المزيد: SWI swissinfo.ch تحصل على الاعتماد من طرف "مبادرة الثقة في الصحافة"

يمكنك العثور على نظرة عامة على المناقشات الجارية مع صحفيينا هنا . ارجو أن تنضم الينا!

إذا كنت ترغب في بدء محادثة حول موضوع أثير في هذه المقالة أو تريد الإبلاغ عن أخطاء واقعية ، راسلنا عبر البريد الإلكتروني على arabic@swissinfo.ch.

SWI swissinfo.ch - إحدى الوحدات التابعة لهيئة الاذاعة والتلفزيون السويسرية

SWI swissinfo.ch - إحدى الوحدات التابعة لهيئة الاذاعة والتلفزيون السويسرية