مُستجدّات ورُؤى سويسريّة بعشر لغات

“عدد الصحفيين العرب العابرين للخطوط الحمراء في ارتفاع كبير”

صحافية مصرية ترفع لافتة في مظاهرة نظمت احتجاجا على مسودة قانون جديد يفرض أحكاما بالسجن على الصحافيين (القاهرة - 9 يوليو 2006) Keystone

شهد ربع القرن المنقضي من حياة لجنة حماية الصحفيين تغيرا ملحوظاً في سلوك الحكومات المعادية لحرية الصحافة، حيث أصبحت تتظاهر بالحرص على احترامها.

ومع أنها تلتجئ إلى وسائل ملتوية لفرض القيود على الصحفيين، لم تعد تتجاهل التقارير والخطابات التي توجهها لها لجنة حماية الصحفيين مثلما يؤكد كمال العبيدي في حديث خاص لسويس إنفو.

أوضح كمال العبيدي، مستشار اللجنة الدولية لحماية الصحفيين بالشرق الأوسط وشمال إفريقيا، بأن ربع القرن المنقضي من حياة اللجنة قد شهد تغيرا ملحوظاً في سلوك الحكومات المعادية لحرية الصحافة، حيث أصبحت تتظاهر بالحرص على احترام حرية الصحافة، وتلجأ إلى وسائل ملتوية، لفرض القيود على الصحفيين، ولا تتجاهل كذلك التقارير والخطابات التي توجهها لها لجنة حماية الصحفيين.

وقال العبيدي في حوار خاص أجراه مراسلنا بالقاهرة عبر الهاتف من واشنطن، إن عام 2006، كان أكثر فتكا بالصحفيين من عام 2005، حيث قتل 55 صحفيا في أنحاء العالم، بينهم 32 صحفيا قتلوا بالعراق، وأن “العراق قد أصبح أخطر بلد في العالم على حياة الصحفيين”، مشيراً إلى أن “هامش الحرية ما انفكّ يتّـسع، وأن عدد الصحفيين العرب العابرين للخطوط الحمراء وعدد الصحفيين غير العابئين بالمنوّعات، في ارتفاع كبير”.

سويس إنفو: ما هي أهم إنجازات ربع القرن الأول من حياة اللجنة الدولية لحماية الصحفيين، التي تأسست في عام 1981؟

كمال العبيدي: لعل من أهم الانجازات التي حققتها اللجنة الدولية لحماية الصحفيين منذ أن بادرت نُـخبة من الصحفيين الأمريكيين بتأسيسها في عام 1981 للتضامن مع زملائهم المضطهدين والمعتقلين في مختلف أنحاء العالم، المساهمة في رفع الوعي لدى الصحفيين بأن النصر على أعداء حرية الصحافة آتٍ لا ريب فيه، مهما طال الزمن وارتفع ثمن هذه الحرية.

ولولا هذا الوعي، لما شاهدنا طوال السنوات الماضية، هذه الأعداد المتكاثرة من الصحفيين المتعطشين للحرية، ومن المنظمات المدافعة عن حرية الصحافة، حتى في أكثر الدول استبداداً وبطشاً بالصحفيين الحريصين على أداء عملهم حتى في أقسى الظروف.

كما أن من بين انجازات ربع القرن المنقضي من حياة اللجنة، حدوث تغيير كبير في سلوك الحكومات المُعادية لحرية الصحافة، إذ أصبحت تتظاهر بالحرص على احترام حرية الصحافة وتلجأ إلى وسائل ملتوية، لفرض القيود على الصحفيين ولا تتجاهل كذلك التقارير والخطابات التي توجِّـهها لها لجنة حماية الصحفيين.

سويس إنفو: لكن لماذا اختارت المنظمة العاصمة المصرية القاهرة، لتكون أول مدينة عربية وإفريقية تُـعلن فيها صدور تقريرها السنوي الأخير؟

كمال العبيدي: جاء اختبار القاهرة للمرة الثانية من السنة الماضية لتكون أول مدينة عربية وإفريقية لتُـعلن فيها صدور تقريرها السنوي في نفس اليوم الذي يُـعلن عنه في واشنطن، نتيجة عدّة اعتبارات أهمّـها: ارتفاع عدد الصحفيين المصريين المدافعين عن حرية الصحافة ونضال نقابة الصحفيين بمصر من أجل وضع حد لحبس الصحفيين في قضايا النشر، والوقوف مع الصحفيين في محنتهم وتبنّـيها طوال الفترة الماضية قضايا حرية الصحافة، فضلا عن ارتفاع عدد المدونات على الإنترنت، والتي فتحت للشباب نوافذ جديدة على الحرية، وأيضاً بسبب ارتفاع عدد الصحف المستقلة الصادرة بمصر، وهو ما يؤشر لهامش أوسع من الحرية.

سويس إنفو: إذا كانت اللجنة تُـصدر تقريرا سنويا منتظماً، فما الجديد الذي تميز به تقرير هذا العام عن غيره من التقارير السابقة؟

كمال العبيدي: يمكن تلخيص الجديد في التقرير السنوي لهذا العام في النقاط التالية:

1- التقرير كشف عن حقيقة مُـرعبة، وهي أن العام الماضي كان الأكثر فتكا بالصحفيين من عام 2005، حيث قُـتل 55 صحفيا في أنحاء العالم خلال العام الماضي بينهم 32 صحفيا قتلوا في العراق.

2- والجديد أيضا، أنه أكّـد على أن العراق قد أصبح أخطر بلد في العالم على حياة الصحفيين، وذلك منذ تأسيس اللجنة الدولية لحماية الصحفيين عام 1981.

3- كما ارتفع للعام الثاني على التوالي عدد الصحفيين المعتقلين بسبب أدائهم عملهم الصحفي ليبلغوا 134 صحفياً.

4- والجديد الذي يبعث على الأمل أنه من بين كل 3 صحفيين معتقلين خلال عام 2006، هناك صحفي معتقل بسبب كتاباته على الإنترنت.

5- ولعل أهم ما في التقرير، أنه بين أن ما يحدث من تراجُـع في مجال الإصلاح السياسي، الذي وعدت بتحقيقه العديد من الحكومات العربية على مدى السنوات الماضية مُـجاملة للإدارة الأمريكية، لم يؤثِّـر سَـلباً على إصرار الصحفيين العرب على مواصلة تقديم التضحيات من أجل فكّ القيود التي تكبِّـل الصحافة العربية.

سويس إنفو: وهل تكتفي اللجنة بنشر التقارير الدورية وإصدار التوصيات وتوجيه النداءات؟! أم أن دورها يتعدّى إلى خطوات عملية وتحركات مؤسسية فاعلة؟

كمال العبيدي: دور اللجنة لا يقف عند مجرد إصدار تقرير أو رفع توصية أو توجيه نداء، وإنما يصل إلى “الفعل” المؤثر، ومن ذلك على سبيل المثال لا الحصر:

1- تقوم اللجنة بعد التأكّـد من صحة المعلومات التي وصلتها حول ما تتعرض له الصحافة من اعتداءات، بنشرها في وسائل الإعلام المختلفة.

2- كما تقوم بالتحرّك العملي لإطلاق سراح الصحفيين المعتقلين.

3- وتسعى جاهدة لحماية الصحفيين المهدّدة حياتهم.

4- كما تحذر اللجنة الصحفيين والمؤسسات الصحفية من المخاطر التي قد يتعرضون لها في أماكن بعينها.

5- وتنظم اللجنة مُـظاهرات للاحتجاج ضدّ المعتدين على الصحافة والصحفيين.

6- وتجري اللجنة اتصالات عبر القنوات الدبلوماسية الدولية، لفكّ القيود على الصحافة وحماية الصحفيين، وتقديم المعتدين عليهم للمحاكمة العادلة، فتقوم اللجنة بالاتصال مباشرة مثلاً بالسفارة المصرية.

7- كما ترسل اللجنة وفوداً لتقصِّـي الحقائق في الدول التي وقع فيها الاعتداء على الصحفيين أو على حرية الصحافة، فتقوم بتقصِّـي الحقائق والاجتماع مع محامين.


8- كما تقوم بمقابلة المسؤولين بالحكومات المعنية، وللحق، فقد شاهدنا على امتداد السنوات الماضية تجاوبا كبيراً من بعض الحكومات العربية مع جهود اللجنة.

سويس إنفو: هل الصورة قاتمة على الدوام.. في مجال الحريات الصحفية في العالم العربي؟! أليست هناك أي بارقة أمل أو خطوة للأمام تبشر بخير؟!

كمال العبيدي: الصورة ليست قاتمة، بل العكس هو الصحيح، فمن يدرس حالة حرية الصحافة في العالم العربي منذ نهاية القرن العشرين، يستنتج أن هامش الحرية ما انفكّ يتّـسع، وأن عدد الصحفيين العرب العابرين للخطوط الحمراء، وعدد الصحفيين غير العابئين بالمنوعات في ارتفاع كبير، وذلك كله يحدُث، رغم استمرار اعتداءات الحكومات العربية، عِـلما بأن هذه الاعتداءات قد تصل إلى مرحلة الاغتيالات، مثلما حدث في لبنان عام 2005، حيث استشهد سمير قصير، وجبران تويني، وأيضاً في الجماهيرية الليبية، حيث استشهد ضيف الغزال في عام 2005، فضلاً عما يحدث في العراق منذ الغزو الذي قادته الإدارة الأمريكية، والذي تسبب في اغتيال العديد من الصحفيين العاملين في العراق.

سويس إنفو: إذا كانت الحكومات لا تهتَـم بالتقارير ولا تعبأ بالتوصيات ولا تولي أي اهتمام للنداءات المستمرة التي تطلقها المؤسسات الحقوقية الدولية… فما جدوى استمرار هذه المنظمات حتى اليوم؟

كمال العبيدي: السؤال جيِّـد، لكنني لا أظن أن الحكومات العربية لا تعبأ بالتقارير، ولا تولي اهتماما للنداءات المستمرّة التي تطلقها المؤسسات الحقوقية الدولية، مثلما ذكرت، فقد تمّ إطلاق سراح المئات من المساجين السياسيين والصحفيين العرب في السنوات الماضية، نتيجة نداءات وتحرُّكات قامت بها منظمات دولية كمنظمة العفو الدولية ومنظمات تدافع عن حرية الصحافة، مثل اللجنة الدولية لحماية الصحفيين.

وبوسعي أن أدلِّـل على صِـدق كلامي، فأعطيك أرقام هواتف للعديد من الصحفيين العرب الذين أمضوا سنوات طويلة في السجون ثم أطلق سراحهم أخيراً، بفضل جهود منظمات ومؤسسات حقوقية وصحافية دولية، وهناك على سبيل المثال الصحفي التونسي حمادي الجبالي، رئيس تحرير صحيفة الفجر التونسية، والذي أطلق سراحه في شهر فبراير من العام الماضي بعد أن أمضى 15 سنة في غياهب السجون، لتُـدرك أهمية الدور الذي تقوم به المنظمات الدولية الحقوقية، وكذا المنظمات الحقوقية العربية.

سويس إنفو: بعد سنوات من متابعة ملف الحريات الصحفية في العالم، ما هي أكثر الدول انتهاكاً للحريات الصحفية، وما هي أكثر دول العالم احتراماً للحريات الصحفية؟

كمال العبيدي: القارئ للتقرير الأخير، سيجد أن اللجنة نشرت قائمة بأكثر عشر دول استعمالاً وفرضاً للقيود على الصحافة، وسترى أن هذه الدول جاءت مرتَّـبة من الأسوأ للأقل على النحو التالي: كوريا الشمالية، ثم بورما، ثم تركمانستان، ثم غينيا الاستوائية، ثم الجماهيرية الليبية، ثم اريتريا، ثم كوبا، ثم أوزبكستان، ثم سوريا، وأخيراً بيلاروس.

وهناك- بطبيعة الحال- بلدان تبدو راسخة في العداء لحرية الصحافة، مثل كوريا الشمالية وليبيا وسوريا، في العالم العربي، ولكن هذا لا يعني أن حكومات عربية أخرى لا ترتكِـب انتهاكات خطيرة لحرية الصحافة، مثل المملكة العربية السعودية وسلطنة عمان وتونس.

كما أن هناك بلدان تبدو أكثر احتراماً لحرية الصحافة وأكثر وفاءًَ لالتزاماتها الدولية في مجال احترام حرية التعبير وحرية الصحافة، ومن بين هذه، ستجد بلداناً مثل أيسلندا والنرويج، وفي العام الماضي حدث تراجع واعتداءات على حرية الصحافة في كل الدول العربية، بما فيها الدول لتي حقّـقت في السنوات الماضية بعض الإصلاحات على قوانينها، وشاهدنا هامش حرية الصحافة فيها يتسع مثل المغرب.

ففي العام الماضي شاهدنا اعتداءات – في المغرب – لم تحدث حتى في الدول التي لم يحدث فيها أي تقدم، وهذا يبعث على الانشغال والقلق، لكن ما يبعث على الأمل أنه في كل البلدان العربية، هناك إفاقة وصَـحوة لم يسبق لها مثيل في عدد الصحفيين المستعدين للتضحية من أجل الدفاع عن حرية الصحافة.

سويس إنفو: وماذا فعلت اللجنة لدعم إعلاميين قُضوا وهم يؤدّون واجبهم، مثل عبد الحسين خزعل (قناة الحرة) ومازن دعنا (وكالة رويترز)، ولم تحصل أسرهم على التعويض المناسب بحجّـة أنهم لم يكونوا متعاقدين مع هاتين الجهتين؟!

كمال العبيدي: دون الدخول في التفاصيل، أودّ أن أوضِّـح أن اللجنة تتحرك في إطار صلاحياتها وفي حدود إمكاناتها، وهذه الصلاحيات تتلخص في الآتي:

1- كشف النقاب عما يتعرّض له الصحفيون من اعتداءات.

2- الضغط على الحكومات والجهات المعنية من أجل فكّ القيود عن الصحفيين وتقديم المعتدي على الصحفيين للمحاكمة.

3- تكريم أكثر الصحفيين شجاعة ودِفاعاً عن حرية الصحافة، وقد كان الشهيد مازن دعنا من الصحفيين الذين كرّمتهم اللجنة ومنحتهم جائزتها السنوية قبل استشهاده.

4- كما تقدّم اللجنة مساعدات مالية لمعالجة الصحفيين الذين يتمّ الاعتداء عليهم وتتعرض حياتهم للخطر، فتُـقدم لهم بعض المساعدات.

5- كما تتحمّـل اللجنة تكاليف العمليات الجراحية التي تستحِـق الدعم للصحفيين الذين أصِـيبوا خلال مهامِّـهم الصحفية، وهكذا، فاللجنة تقدّم ما يُـمكنها أن تقدّمه دون تقصير. وللعلم، فإن اللجنة لا تتلقى دولاراً ولا جنيهاً ولا ديناراً واحداً من أي حكومة عربية أو غربية، مهما كانت، فكل الأموال التي تَـنفق منها اللجنة هي من الصحفيين ومن المؤسسات الصحفية ومن التبرّعات التي تجمعها اللجنة من الجهات غير الحكومية.

6- كما تساعد اللجنة الصحفيين المدافعين عن حرية الصحافة في الحصول على مِـنح دراسية في مختلف الجامعات، ومن بينها الجامعات التي تهتَـم بالدراسات الإعلامية، ككليات الإعلام بالولايات المتحدة وأوروبا.

7- كما تقدِّم اللجنة العديد من الجوائز لهؤلاء الصحفيين، وقد قدّمت في العام الماضي عدّة جوائز لصحفيين عرب، وكان آخر هؤلاء الذين فازوا بهذه الجوائز، الصحفية الشهيدة أطوار بهجت، كما حصل على جائزة عام 2006 الصحفي اليمني جمال عامر، رئيس تحرير مجلة الوسط، وحصل الصحفي المغربي أبوبكر جامعي، رئيس تحرير جورنال المجلة، وآخرين….

سويس إنفو: جاء في التقرير أن (درجة الإقبال على تصفح مواقع الإنترنت المعارضة تزداد كلما زادت القيود على حرية تدفق المعلومات وحرية الرأي والتعبير)، فما مدى صحة هذه العبارة؟ ولماذا؟

كمال العبيدي: هذه العبارة صحيحة، فالإقبال على تصفّـح مواقع الإنترنت المعارضة للحكومات تزداد كلّـما زادت القيود الحكومية المفروضة على حرية تدفّـق المعلومات وحرية الرأي والتعبير، وما لجُـوء الحكومات المستبدّة إلى بذل كل الوسائل للحدّ من هذا الإقبال واعتقال المدوّنين، إلا دليلاً على صحّـة هذه المقولة.

وقد جاء الحكم على المدوِّن المصري كريم عامر منذ أيام بالسجن أربع سنوات، ليؤكّـد أن ثمن هذا الإقبال أصبَـح باهظاً جداً، ويُـعتبر هذا الحكم – وهو الأول من نوعه كما تعلم في مصر – ضربة قاسية جديدة على مستوى حرية التعبير، لكنه لن يوقِـف مسيرة المتعطّـشين للحرية، سواء في مصر أو في أي بلد عربي أو إفريقي.

سويس إنفو: خلص التقرير السنوي للجنة الدولية لحماية الصحفيين إلى أن عام 2006 هو الأكثر مأساوية على الصحفيين في العالم.. فعلى أي أساس أطلقت هذه المقولة، وهذا الحكم؟

كمال العبيدي: هذه مقُـولة صحيحة، ومن يقرأ التقرير يُـدرك من الاستنتاج أن عام 2006 حقا هو الأكثر مأساوية، وقد جاء ذلك بعد الاطِّـلاع على نتائج بحوث ودراسات تُـجريها اللجنة في العادة، كما تقوم اللجنة برصد الانتهاكات التي يتعرّض لها الصحفيون في حوالي 120 دولة على مستوى العالم.

سويس إنفو: إذا كانت المنظمة تسمى بـ (اللجنة الدولية لحماية الصحفيين)، وإذا كانت أولى مدلولات كلمة (الحماية) هي المحافظة على الروح من القتل أو الاغتيال، فماذا فعلت اللجنة لحماية الصحفيين العاملين بمواقع النزاعات، وخاصة العراق وفلسطين والصومال وأفغانستان؟

كمال العبيدي: معلوم أن الصحافة هي مِـهنة البحث عن المتاعب والمخاطر، وهذا قدرنا، ولكن لابد أن يأتي اليوم الذي تنتهي فيه هذه الأمور، وهذه المعوقات والمخاطر التي يتعرّض لها الصحفيون في العديد من الدول والبلدان، تسعى اللجنة إلى تذليلها، غير أنني أودّ أن أوضح أن مسؤولية حماية الصحفيين في مختلف أنحاء العالم، وخاصة في أماكن النزاعات والحروب مثل: العراق وفلسطين وأفغانستان، لا تقتصر على لجنة أو منظمة بعينها، ولكنها مسؤولية جماعية تقوم على أكتاف أطراف متعدّدة وعلى أكتاف كل المهتمين بالأمر.

سويس إنفو: ختاماً، ما هي أهم المعوقات التي تُـقابلها هذه المنظمات، وما هي بنظركم “روشتة” النجاح الواجب على هذه المنظمات الأخذ بها، لتقوم بدورها على الوجه الأكمل؟

كمال العبيدي: بالفعل، هناك معوِّقات خارجية تتمثل في استمرار الحرب على حرية الصحافة، والتي تشنّـها الحكومات وجماعات أخرى، ترى أنه من الخطر تحرير الصحافة من القيود المفروضة عليها، كما أن ما تقوم به بعض الدول الغربية في العراق وأفغانستان قد مَثَلَ – بلا شك – عَـقبة كبيرة في سبيل حماية الصحفيين، وهناك معوِّقات من نوع آخر مثل: عدم الالتزام بمبادئ الشفافية والمساءلة والتعاون لفك القيود.

أما عن روشتة العلاج، فلكي يكون عمل مثل هذه المنظمات فاعلاً وذو أثر، فلابد من زيادة الوعي بأهمية الدفاع عن حرية الصحافة، أنه كلما زاد عدد الصحفيين الموقنين بضرورة توفر حرية الصحافة، كلما كانت شريحة المدافعين عن حرية التعبير آخذة في الاتِّـساع والزيادة، كما أنه في بعض البلدان، يجب أن يكون هناك استعداد للتعاون بين الصحفيين والمؤسسات الصحفية والتعاون بين المنظمات الإقليمية والدولية العاملة في مجال حقوق الإنسان وحرية الصحافة، وهذا بلا شك من شأنه أن يجعل تحركات هذه المنظمات تُـؤتي أكلها.

أجرى الحوار من القاهرة همام سرحان (بتاريخ 23 فبراير 2007).

تظهر متابعة حال الحريات الصحفية في العالم العربي تفاوتا كبيرا في مساحة الحرية المتاحة للصحفيين والإعلام وحرية التعبير والرأي بشكل عام. فهناك الدول التي توجد فيها أنظمة إعلامية مفتوحة نسبيا، مثل مصر والمغرب ولبنان والأردن وفلسطين، بينما هناك دول ذات أنظمة إعلامية مغلقة نسبيا مثل ليبيا وسورية والسودان وتونس وسلطنة عمان..

وبين هاتين المجموعتين توجد دول عربية ذات أنظمة إعلامية بين مفتوحة وبين مغلقة مثل معظم دول الخليج واليمن وموريتانيا والجزائر. وهناك دول ذات أنظمة إعلامية ممزقة تعكس الحال السياسي في بلدها مثلما هو الحال في العراق وفي الصومال حيث وقعت الصحافة ووسائل الإعلام أسيرة لقوى طائفية وقبلية تفرض سيطرتها بالقوة…

عقدت “لجنة حماية الصحفيين” مؤتمرا صحفيا يوم الثلاثاء 14/2/2007، بمقر نقابة الصحفيين في القاهرة، أعلنت خلاله عن تقريرها السنوي الذي يرصد مئات الحالات من القمع استهدفت الصحافة على مدى عام 2005 وذلك في عشرات الدول.
وقد قدم التقرير الذي يحمل عنوان “اعتداءات على الصحافة” موجزا عن التهديدات والأخطار والعراقيل التي تعترض سبيل الصحفيين في شتى بقاع العالم عندما يدفعهم عملهم إلى ساحات الحروب أو في مواجهة أنظمة استبدادية وقوانين مقيدة لحرية الصحافة.
وقد أعدّ المعلومات الواردة فيه كل من: جويل كمبانا، المسئول عن قسم الشرق الأوسط وشمال إفريقيا، والباحث المشارك إيفان كراكاشيان، ومستشار البرنامج كمال العبيدي، والكاتبين المستقلين هاني صبرا وروندا روماني.
وجاء في التقرير الذي يقع في 312 صفحة أن هناك صحفيين في الشرق الأوسط “على قائمة المرشحين للاغتيال”. وتأسست لجنة حماية الصحفيين ومقرها نيويورك عام 1981 وتنشر تقارير سنوية عن الهجمات التي يتعرض لها الصحفيون في العالم.
تظهر متابعة حال الحريات الصحفية في العالم العربي تفاوتا كبيرا في مساحة الحرية المتاحة للصحفيين والإعلام وحرية التعبير والرأي بشكل عام. فهناك الدول التي توجد فيها أنظمة إعلامية مفتوحة نسبيا، مثل مصر والمغرب ولبنان والأردن وفلسطين، بينما هناك دول ذات أنظمة إعلامية مغلقة نسبيا مثل ليبيا وسورية والسودان وتونس وسلطنة عمان. وبين هاتين المجموعتين توجد دول عربية ذات أنظمة إعلامية بين مفتوحة وبين مغلقة مثل معظم دول الخليج واليمن وموريتانيا والجزائر. وهناك دول ذات أنظمة إعلامية ممزقة تعكس الحال السياسي في بلدها مثلما هو الحال في العراق وفي الصومال حيث وقعت الصحافة ووسائل الإعلام أسيرة لقوى طائفية وقبلية تفرض سيطرتها بالقوة.
وفي دول مثل مصر والسعودية فإن الصحافة استطاعت أن تنتزع نطاقا أوسع من الحرية عن ذي قبل. ففي مصر على سبيل المثال ازداد عدد الصحف المستقلة وزاد نطاق توزيعها حتى أن صحيفة “المصري اليوم” أصبحت تنافس صحفا مصرية عريقة مثل الأهرام والأخبار فيما يخص المصداقية وأرقام التوزيع. واستطاعت صحف مثل “الدستور” و”الأسبوع” و”صوت الأمة” و”الفجر” أن ترفع سقف حرية التعبير إلى نطاق غير مسبوق.
وخلال عامي 2005/ 2006 أسقطت الصحافة المصرية المستقلة الكثير من “المحرمات” وتخطت الكثير مما كان يعرف سابقا في الوسط الصحفي بـ “الخطوط الحمراء” وهي مؤسسة الرئاسة والمؤسسة الدينية والمؤسسة العسكرية والمؤسسة الأمنية. ومن الممكن القول بأنه لم تعد هناك خطوط حمراء تتوقف عندها الصحافة المستقلة في مصر. فالرئيس أصبح عرضة للانتقاد مثله في ذلك مثل رئيس الحكومة والوزراء والنواب وغيرهم من المس ؤولين العموميين.
كما أن الانتقادات الموجهة إلى مؤسسات الدولة الأخرى وعلى رأسها المؤسسة الأمنية تشهد بأن حرية التعبير في مصر تسير في الاتجاه الصحيح بفضل قوة الدفع النضالية والتضحيات التي تقدمها الجماعة الصحفية المؤمنة بمبادئ حرية الرأي والتعبير.

صحفي تونسي، مقيم في الولايات المتحدة الأمريكية.
يعمل مستشاراً للجنة الدولية لحماية الصحفيين في الشرق الأوسط وشمال إفريقيا.
مستشار الشبكة الدولية لتبادل المعلومات حول حرية التعبير، ومقرها تورونتو في كندا.
عمل – في السابق – مديراً للفرع التونسي لمنظمة العفو الدولية.
عمل كمنسق لبرنامج التربية لى حقوق الإنسان في شمال إفريقيا والشرق الأوسط بمنظمة العفو الدولية.
خرج من تونس عام 1996 نتيجة الاعتداءات على حرية الصحافة.
وعندما أيقن أنه من شبه المستحيل ممارسة العمل الصحفي بحرية الأهرام، وبعد سلسلة من المضايقات، كالمنع من السفر وسحب جوز السفر وغيرها من المضايقات المعروفة في معظم البلدان العربية. واستقر به المقام في الولايات المتحدة.

1- أطوار بهجت: هي إحدى أشهر المراسلين الصحفيين الحربيين في العالم العربي، وكانت تعمل مراسلة صحفية لقناة العربية، وقد قتلت في العراق في فبراير الماضي، وقتل معها المصور المستقل خالد محمود الفالحي، والمهندس عدنان خير الله. وقد وجدت جثتها التي مزقها الرصاص قرب سامراء بعد يوم واحد من إعلان المحطة الإخبارية عن فقدان الاتصال بالفريق الذي تعمل ضمنه. كانت أطوار بهجت التي تبلغ من العمر ثلاثين عاما قد انضمت حديثا إلى قناة العربية بعد أن عملت مراسلة صحفية لقناة الجزيرة منذ عام 2003، وكانت قد عملت سابقا في التلفزيون العراقي أثناء عهد صدام حسين. وكانت معروفه بأنها صحفية شديدة البأس تعمل في الشوارع وتعرف جيدا المصاعب التي يواجهها الصحفيون العراقيون.

2- هسوس أباد كولورادو: مصور فوتغرافي مستقل، شهد بعض أشد المصادمات العنيفة في الحرب الأهلية في كولومبيا، والتقط صورا مؤثرة عن الإساءات لحقوق الإنسان التي ارتكبها جميع أطراف النزاع. وبصفته صحفيا يعمل في الأقاليم النائية، يعرف هسوس أباد كولورادو العداء الذي يواجهه زملاؤه الصحفيون في المناطق التي تنتشر بها النزاعات خارج العاصمة، حيث يواجه الصحفيون بصفة اعتيادية تهديدات بالانتقام من قبل عناصر حرب العصابات والقوات شبه العسكرية والسلطات المحلية.

3- جمال عامر: هو محرر صحفي شجاع في صحيفة “الوسط” التي تعد من الصحف اليمنية الأكثر استقلالا، وقد أدت تغطيته الصحفية عن الفساد، والتطرف الديني، والقضايا السياسية الحساسة إلى استثارة عدد من التهديدات والاعتداءات المخيفة. في أغسطس 2005، قام أربعة رجال يُـعتقد أنهم من عملاء أجهزة الأمن باحتجازه لمدة ست ساعات. وقام المعتدون بضربه واتهامه بأنه يتلقى الأموال من حكومتي الولايات المتحدة والكويت، وحذوره من التشهير “بالمسؤولين”، وقد قام الرجال الأربعة بنقل جمال عامر على متن سيارة بعد أن وضعوا عصابة على عينيه، ومضوا به إلى قمة أحد الجبال، وهددوه هناك بأنهم سيطلقون عليه الرصاص.

4- مادي سيساي: صحفي مستقل مخضرم من غامبيا، عانى من اعتداءات وتم سجنه بسبب عمله. كما أنه من أبرز النشطاء في مجال حرية الصحافة، وعمل رئيسا لاتحاد الصحفيين في غامبيا الذي تصدر الجهود لمكافحة ظاهرة الإفلات من العقاب على الاعتداءات التي ترتكب ضد الصحافة، تقلد منصب المدير العام لصحيفة “ذي أنديبندنت” [المستقل]، وهي صحيفة خاصة شهيرة ظلت تعاني من مضايقات رسمية متكررة، كما تعرضت لحادثتي تخريب لم يكشف عن مرتكبيهما. في شهر مارس الماضي، قامت قوات الأمن بإغلاق مكاتب صحيفة “ذا أنديبندنت” واحتجزت الموظفين بعد أن قامت الصحيفة بنشر مقالات ناقدة عن محاولة انقلابية مفترضة. وقد قامت وكالة الاستخبارات الوطنية باحتجاز مادي سيساي والمحرر موسى سيديخان لمدة ثلاثة أسابيع دون توجيه اتهامات لهما.

متوافق مع معايير الصحافة الموثوقة

المزيد: SWI swissinfo.ch تحصل على الاعتماد من طرف "مبادرة الثقة في الصحافة"

يمكنك العثور على نظرة عامة على المناقشات الجارية مع صحفيينا هنا . ارجو أن تنضم الينا!

إذا كنت ترغب في بدء محادثة حول موضوع أثير في هذه المقالة أو تريد الإبلاغ عن أخطاء واقعية ، راسلنا عبر البريد الإلكتروني على arabic@swissinfo.ch.

SWI swissinfo.ch - إحدى الوحدات التابعة لهيئة الاذاعة والتلفزيون السويسرية

SWI swissinfo.ch - إحدى الوحدات التابعة لهيئة الاذاعة والتلفزيون السويسرية