قوات الدعم السريع تعلن موافقتها على مقترح للرباعية الدولية لهدنة إنسانية في السودان
أعلنت قوات الدعم السريع الخميس موافقتها على مقترح لهدنة إنسانية في السودان قدمته الرباعية الدولية التي تضم مصر والسعودية والإمارات والولايات المتحدة لإنهاء الحرب المستمرة في السودان منذ أكثر من عامين.
وقال المتحدث باسم الدعم السريع في بيان “تلبية لتطلعات ومصالح الشعب السوداني، تؤكد قوات الدعم السريع موافقتها على الدخول في الهدنة الإنسانية المطروحة من قبل دول الرباعية… وذلك لضمان معالجة الآثار الإنسانية الكارثية الناجمة عن الحرب وتعزيز حماية المدنيين”.
ينصّ الاقتراح الذي طرحه الوسطاء على طرفي الحرب في السودان على هدنة تمتد ثلاثة أشهر، بحسب ما أفاد مسؤول سعودي وكالة فرانس برس الخميس.
وقال المسؤول الذي طلب عدم كشف هويته إن المقترح “يتضمن هدنة إنسانية مدتها ثلاثة أشهر في عموم السودان”، مشيرا الى أن الوسطاء سيسعون خلال تلك الفترة لجمع الجيش وقوات الدعم السريع في مباحثات في مدينة جدة سعيا لاتفاق سلام دائم.
وأكد بيان الدعم السريع أنها تتطلع إلى “تطبيق الاتفاق والشروع مباشرة في مناقشة ترتيبات وقف العدائيات والمبادئ الأساسية الحاكمة للمسار السياسي في السودان بما يفضي إلى معالجة الأسباب الجذرية للحروب وإنهاء معاناة الشعوب السودانية”.
وكان الموفد الأميركي الخاص لإفريقيا مسعد بولس أعلن الأسبوع الجاري تقديم الرباعية الدولية مقترحا جديدا لهدنة إنسانية في السودان، في الوقت الذي تشتد فيه المعارك بين الجيش والدعم السريع في كردفان بوسط السودان عقب إحكام الأخيرة سيطرتها على إقليم دارفور.
ولم تُعلن بشكل رسمي أي تفاصيل عن المقترح الجديد لوقف إطلاق النار.
ودعت الولايات المتحدة الخميس طرفي النزاع في السودان الى تنفيذ الهدنة مشددة على الحاجة “الفورية” لإنقاذ المدنيين.
وقال متحدث باسم الخارجية الأميركية “نحض الطرفين على المضي قدما تجاوبا مع الجهود التي تقودها الولايات المتحدة من أجل هدنة إنسانية، في ضوء الحاجة الملحة الى احتواء العنف وإنهاء معاناة الشعب السوداني”.
– الجيش سيواصل القتال –
من جانبه أعلن مجلس الأمن والدفاع السوداني برئاسة قائد الجيش عبد الفتاح البرهان الثلاثاء أنه ناقش المقترح، غير أن وزير الدفاع حسن كبرون أكد بعد الاجتماع أن الجيش سيواصل القتال.
وقال كبرون في خطاب بثه التلفزيون الرسمي إن”التجهيزات لمعركة الشعب السوداني متواصلة”.
وفي وقت سابق الخميس توعد البرهان أثناء زيارة ميدانية بالثأر “للذين قتلوا ونُكل بهم في الفاشر والجنينة والجزيرة وكل المناطق التي هجم عليها المتمردون”.
وأكد البرهان “أننا ماضون في دحر هذا العدو وماضون في تأمين الدولة السودانية إلى أقصى حدودها”.
وكانت السلطات الموالية للجيش رفضت في أيلول/سبتمبر مقترحا آخر من الرباعية الدولية نص على استبعادها واستبعاد قوات الدعم السريع من عملية الانتقال السياسي بعد إنهاء النزاع.
ودعت الدول الأربع في حينها إلى هدنة إنسانية يتبعها وقف دائم لإطلاق النار وفترة انتقالية نحو حكم مدني تستمر تسعة أشهر.
من جانبها شددت الحكومة السودانية الموالية للجيش في بيان في أيلول/سبتمبر على أن أي عملية سياسية يجب أن “تحترم سيادة الدولة السودانية ومؤسساتها الشرعية” الخاضعة حاليا لسيطرة الجيش.
وأضافت أن “شعب السودان هو الوحيد الذي يحدد كيف يُحكم من خلال التوافق الوطني” تحت قيادة الحكومة الانتقالية.
– جلسة طارئة –
وأتى مقترح الهدنة الجديد بعد أيام من إعلان الدعم السريع السيطرة على الفاشر في شمال دارفور، آخر المعاقل الرئيسية للجيش في الإقليم.
وأفادت الأمم المتحدة بوقوع مجازر وعمليات اغتصاب ونهب ونزوح جماعي للسكان إبان سقوط المدينة في قبضة الدعم السريع.
ووصفت شهادات عديدة، مدعومة بمقاطع مصورة نشرتها قوات الدعم على مواقع التواصل الاجتماعي، فظائع في المدينة التي انقطعت عنها الاتصالات بالكامل.
وتشير صور بالأقمار الصناعية حللها مختبر البحوث الإنسانية في جامعة ييل بالولايات المتحدة إلى وقوع عمليات قتل جماعي وإعدامات ميدانية داخل الفاشر وأثناء محاولة المدنيين الخروج منها.
ورصدت تقارير المختبر مؤشرات لما قد يكون مقابر جماعية وأنشطة للتخلص من الجثث داخل الفاشر بعد السيطرة عليها.
ويعقد مجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة جلسة طارئة في 14 تشرين الثاني/نوفمبر لبحث “وضع حقوق الإنسان” في الفاشر السودانية.
وأفاد مجلس حقوق الإنسان في بيان الخميس بأن هذه الجلسة ستسمح بمراجعة “وضع حقوق الإنسان في الفاشر والمناطق المحيطة بها، في سياق الحرب المستمرة في السودان” بين الجيش وقوات الدعم السريع.
واعتبرت مديرة الحملات في مكتب السودان في المجلس النروجي للاجئين ماتيلد فو أن “طرفي الحرب ينتهكان بشكل منهجي المبادئ الأساسية للقانون الإنساني الدولي ويعرقلان المساعدات الإنسانية في بعض المدن مثل الفاشر وبعض مناطق كردفان”.
وأكدت فو “نحن نرى خطوط المعركة تتحرك ولا نرى أي بوادر لتخلي طرفي الحرب عن السلاح. ولم نرَ كذلك أي إشارة لاحترام الحياة”.
وامتدت المعارك من دارفور إلى منطقة كردفان المجاورة التي يتنازع الطرفان السيطرة على مواقع حيوية فيها.
ومن شأن توسع سيطرة قوات الدعم السريع في مناطق دارفور وكردفان تقسيم السودان فعليا إلى محور شرقي-غربي، فيما يحتفظ الجيش بسيطرته على شمال البلاد وشرقها.
وأعلنت المنظمة الدولية للهجرة الأسبوع الجاري فرار أكثر من 36 ألف مدني من بلدات وقرى في ولاية شمال كردفان فيما تحدّث سكان محليون عن تزايد كبير في انتشار قوات الدعم السريع والجيش.
وأسفر هجوم على تجمع عزاء في مدينة الأبيض عاصمة شمال كردفان الثلاثاء عن مقتل 40 شخصا على الأقل، بحسب مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية.
وحذرت شبكة أطباء السودان الثلاثاء من أن في مدينة بارا التي سيطرت عليها الدعم السريع نهاية الشهر الماضي “عشرات الجثث مكدّسة داخل المنازل بعد أن منعت الدعم السريع ذوي الضحايا من دفنهم ليبقى الموتى محاصرين في بيوتهم والأحياء محاطين بالرعب والجوع والعطش”.
وأفادت مساعدة الأمين العام للأمم المتحدة لشؤون إفريقيا مارثا بوبي الأسبوع الماضي عن “فظائع واسعة النطاق ارتكبتها قوات الدعم السريع في بارا في شمال كردفان”، مشيرة إلى “أعمال انتقامية ضد ما يُسمى +المتعاونين+ والتي غالبا ما تكون بدوافع عرقية”.
وأعلن التصنيف المرحلي المتكامل للأمن الغذائي الأسبوع الجاري انتشار المجاعة في كادوغلي بجنوب كردفان والفاشر في شمال دارفور، مع تدهور حاد للأمن الغذائي في 20 مدينة أخرى.
وأسفر النزاع الذي اندلع في السودان في نيسان/أبريل 2023، عن مقتل عشرات آلاف الأشخاص وأدى إلى نزوح حوالى 12 مليون شخص متسببا بأكبر أزمتي نزوح وجوع في العالم، بحسب الأمم المتحدة.
بور-لم/ب ق