مُستجدّات ورُؤى سويسريّة بعشر لغات

مرارة لبنانية في اجتماع الإتحاد البرلماني الدولي

رئيس المجلس النيابي اللبناني نبيه بري أثناء لقاء مع الصحافة في جنيف يوم 17 اكتوبر 2006 swissinfo.ch

أعرب لبنان عن مرارته أمام الجمعية السنوية للاتحاد البرلماني الدولي في جنيف بعد رفض اعتماد موضوع دعم لبنان في استقلاله وسيادته كنقطة عاجلة في الدورة واختيار التجربة النووية الكورية بدل ذلك.

في لقاء مع الصحافة على هامش الاجتماع تحدث رئيس البرلمان اللبناني نبيه بري عن مبادرته للتهدئة وعن تصوراته لمستقبل لبنان على ضوء التجاذبات السياسية الداخلية والضغوط الخارجية.

كان من المفروض أن يتطرق الإتحاد البرلماني الدولي في دورته 115 التي افتتحت في جنيف يوم الاثنين 16 أكتوبر، لموضوع “دور البرلمانات في دعم استقلال وسيادة لبنان والمساعدة في مسار إعادة الإعمار”. وهو المشروع الذي تقدم به الأردن باسم المجموعة العربية ضمن النقطة الطارئة التي دأب الإتحاد على التطرق لها في اجتماعاته السنوية.

لكن ضغوطا غربية أدت الى فوز الاقتراح الذي تقدم به اليابان من أجل إدراج موضوع التجربة النووية الكورية الشمالية بدلا عنه. ويذهب رئيس مجلس النواب اللبناني السيد نبيه بري إلى أن تعريف الأمر الطارئ في مفهوم ميثاق الإتحاد البرلماني الدولي الذي ينص على أنه “أمر وقع بين اجتماعين ولم يكن متوقعا”، ينطبق بالدرجة الأولى على الوضع اللبناني، فيما أن موضوع كوريا الشمالية “كان موضوع اجتماعات ومفاوضات منذ سنوات”.

كما وصف السيد نبيه بري ما سقط من قنابل على لبنان خلال الحرب الأخيرة بأنه يفوق دمار قنبلة نووية.

ويعتبر أن السبب في ترجيح كفة الموضوع الكوري الشمالي “هو حصول ضغوط سياسية من الولايات المتحدة الأمريكية رغم عدم وجودها في المؤتمر، خاصة على القارة الإفريقية والأمريكية اللاتينية”. وبما ان النتيجة كانت بفشل المشروع العربي بفارق 32 صوتا، اعتبر السيد بري أن ذلك هو “بمثابة انتصار مقابل الضغوط الأمريكية”.

وقد حصل الوفد اللبناني على وعد من رئيس الدورة الحالية للإتحاد البرلماني الدولي بأن يصدر بيانا رئاسيا يتبنى فيه المطالب اللبنانية.

مع الوحدة الوطنية

وبالعودة إلى الشأن اللبناني، يكثر الحديث هذه الأيام عن مطالب مجموعات لبنانية مختلفة تدعو لإقامة حكومة وحدة وطنية ومعارضة البعض الآخر لذلك. في لقاء مع الصحافة عبر السيد نبيه بري عن موقفه من ذلك بقوله “أنا مع الوحدة الوطنية”.

وعن الحديث الدائر حول نزع سلاح المقاومة مثلما تطالب بذلك بعض الأطراف الدولية واللبنانية، وعند مطالبته بتوضيح موقفه من ذلك ومن مستقبل سلاح حركة أمل التي يقودها، ذكر السيد نبيه بري بأنه “طالما أن إسرائيل تحتل شبرا واحدا من ارض لبنان، فإن المقاومة هي المقاومة والجيش هو الجيش ونحن كمقاومة في خدمة الجيش والشعب حتى نحرر كامل أرضنا وليس هناك اية مصلحة على الإطلاق لأي دمج لهذه القوات”.

وأضاف السيد بري “عندما ينتهي الاحتلال الإسرائيلي نحن حاضرون لكل حل يؤمن مصلحة الدولة ومصلحة الشرعية ويكون السلاح بيد الشرعية”.

وبخصوص حكومة وحدة وطنية أوضح نبيه بري “بأنه لا يستطيع رفض حكومة وحدة وطنية لأنها تحصن لبنان وهي ضرورية جدا”، وأضاف “ما أخشاه هو سقوط هذه الحكومة قبل الاتفاق على حكومة جديدة حتى يكون هناك ملء للجو السياسي بدلا من أن يكون الفراغ”.

في انتظار “العيدية”

رغم رفض السيد نبيه بري الإفصاح عن تفاصيل التحركات الرامية إلى تهدئة ومصالحة داخلية وخارجية والتي قادته مؤخرا إلى المملكة العربية السعودية واكتفائه بالقول “إنها ستكون عيدية” (أي بعد انتهاء شهر رمضان)، فقد عبر عن الارتياح من ان الأمور “خاصة بعد زيارة السعودية بدأت تميل نحو الصحو”، مشيرا بالخصوص الى “تهدئة في وسائل الإعلام”.

وعن الإطار الذي يضع فيه المبادرة التي يقوم بها، اكتفى السيد بري بالقول “إنني أحاول إعادة لم الشمل واستعادة الحوار الذي كنا بدأناه قبل الحرب الإسرائيلية”.

وعن الانقسامات الطائفية في لبنان والتي بدأت تتعاظم في الآونة الأخيرة ما بين شيعة وسنة وبين مسلمين ومسيحيين أوضح السيد نبيه بري بأن “الشرخ دائما سياسي في لبنان، ولكن الناس تحتمي وراء الانقسام الطائفي خصوصا أولائك الذين لا يترددون لا على المسجد او الكنيسة”.

وبالنسبة للانقسامات السنية والشيعية شدد السيد نبيه بري على أنه “في لبنان لا توجد إلا طائفة مسلمة وطائفة مسيحية وكل طائفة بها العديد من المذاهب”. وبخصوص الذين يرغبون في تضخيم الانقسامات الشيعية والسنية، يرى رئيس البرلمان اللبناني – الذي ينتمي الى الطائفة الشيعية- أن ذلك “عبارة عن محاولة لتمزيق، ليس فقط لبنان بل المنطقة بأكملها، وهو ما تتم تجربته في العراق وتتم بشأنه محاولات في أكثر من بلد عربي”.

وانتهى السيد بري الى قناعة مفادها أن ما قام به من أجل التهدئة “جعل هذا الموضوع يصبح في المرتبة العاشرة من حيث الأولوية”.

حزب الله ام الرئاسيات؟

وعن الخلفية التي تغذي هذا الجدل بخصوص حزب الله، أوضح السيد نبيه بري بأن “حزب الله كبقية الأحزاب اللبنانية حريص على وحدة لبنان”. وبخصوص الاتهامات التي وجهت إلى الحزب بأنه قدم مصالح إيران وسوريا في هذه الحرب الأخيرة، أوضح السيد نبيه بري بقوله “بحكم إطلاعي، ومثلما أوضح ذلك السيد حسن نصر الله، علمت إيران وسوريا بالحرب مثلما علم الجميع عبر وسائل الإعلام”.

وعن سلاح الحزب والجدل الدائر بخصوص تجريده منه، ذكر السيد نبيه بري بأن “القرار 1701 ينص على عدم ظهور السلاح جنوبي الليطاني، لكنني في حديثي مع السيد حسن نصر الله شددت على ضرورة عدم ظهور سلاح في كامل لبنان باستثناء سلاح الجيش وقوات الأمن”.

وعن الطريقة التي ينوي حزب الله إخفاء سلاحه بها، أوضح السيد بري بأنه “يعرف كيف سيتم ذلك ولكنه لا يرغب في الإفصاح عنه ما دام هناك شبر من التراب اللبناني والمياه الإقليمية محتل”.

وفي معرض تفسيره للتشدد الذي يبديه البعض بخصوص ضرورة تجريد حزب الله من السلاح، أشار رئيس البرلمان اللبناني وزعيم حركة أمل إلى أن “الخلفية التي تغذي كل هذا الجدل هي الرئاسيات التي ستبدأ حملتها قريبا”.

وعما إذا كان ذلك يعبر عن رغبة في إعادة النظر في النظام القائم في لبنان من قبل البعض، اعتبر السيد نبيه بري “أن النظام الطائفي اللبناني قد لا يكون بالنظام المثالي، ولكنه نظام الضرورة اللبنانية”. ويرى السيد بري أنه إطار جيد للوحدة اللبنانية كما يدعي أن “كل اللبنانيين بدون استثناء يتمسكون به”.

المؤامرة ليست فقط ضد لبنان

وعن سؤال يتعلق بالضغوط الممارسة على المستوى السياسي ووجود رغبة لدى البعض في تطوير مهمة قوات حفظ السلام (اليونيفيل) والمخاوف من خطر تحويلها لاحقا الى “قوة احتلال”، أوضح السيد نبيه بري بأن “المؤامرة ليست فقط ضد لبنان، بل تهدف لخلق شرخ في كل قطر عربي”، مستشهدا بما يحدث في العراق وفلسطين ولبنان.

كما عبر السيد نبيه بري عن اعتقاده بأن “رجال السياسة في أوروبا والعقل الأوروبي أكبر من الضغط الأمريكي والصهيوني الذي يريد فعلا جعل اليونيفيل فريقا بدل ان تكون مراقبا”، مذكرا بالتاريخ الطويل الذي جمع اللبنانيين بقوات حفظ السلام الأممية منذ عقود.

ويرى السيد بري أن القرار الأممي 1701 – الذي كان أحد المشاركين في صنعه – “لا يمكن الإدعاء بأنه في مصلحة لبنان كلية، ولكنه ليس كله ضدنا”. وبما أن الحكومة اللبنانية وافقت عليه بما في ذلك حزب الله وحركة أمل فإن الكل “لا يرغب في أن يحصل أي اختلال في التطبيق”.

وفي رسالة موجهة لألمانيا، أوضح رئيس البرلمان اللبناني نبيه بري “أنا افهم جيدا بأن ألمانيا لديها عقدة تجاه اليهود مما حصل في الحرب العالمية الثانية، ولكن ما حدث وقع من طرف الألمان وليس اللبنانيين او العرب، لذلك يجب الا تحل عقدها على حسابنا”.

سويس إنفو – محمد شريف – جنيف

الإتحاد البرلماني الدولي هو المحفل الدولي للمجالس النيابية في العالم.

تأسس في عام 1889 ويعتبر من أقدم المنظمات المتعددة الأطراف ويوجد مقره في جنيف.

يضم الاتحاد حاليا 149 برلمانا إضافة الى سبع جميعات اقليمية منتسبة كأعضاء.

للاتحاد مكتب فرعي في نيويورك لدى مقر الأمم المتحدة.

عقد دورته رقم 115 في قصر المؤتمرات بجنيف ما بين 16 و 18 أكتوبر 2006.

النقاط المدرجة على جدول أعماله (بالاضافة الى انتخاب رئيس الدورة ونوابه) فهي:

– موضوع النقاش الطارئ: وقد تم اختيار مناقشة الانفجار الكوري الشمالي بدل الاقتراح العربي الرامي الى دعم سيادة واستقلال وإعادة إعمار لبنان.

– تعاون البرلمانات مع منظمة الأمم المتحدة في مجال حفظ السلام العالمي، وبالاخص في إطار محاربة الإرهاب والأمن في مجال الطاقة على المستوى العالمي.

– دور البرلمانات في إطار الجهود الرامية الى تحقيق أهداف الألفية في مجال التنمية وبالاخص مشكل الديون والقضاء على الفقر والرشوة.

– موضوع الأشخاص المفقودين في العالم.

وتعقد عادة على هامش الدورة السنوية عدة اجتماعات للجان برلمانية مختلفة مثل لجنة النساء البرلمانيات، واللجنة المعنية بمشكل الشرق الأوسط، ولجنة حرية التعبير وغيرها.

متوافق مع معايير الصحافة الموثوقة

المزيد: SWI swissinfo.ch تحصل على الاعتماد من طرف "مبادرة الثقة في الصحافة"

يمكنك العثور على نظرة عامة على المناقشات الجارية مع صحفيينا هنا . ارجو أن تنضم الينا!

إذا كنت ترغب في بدء محادثة حول موضوع أثير في هذه المقالة أو تريد الإبلاغ عن أخطاء واقعية ، راسلنا عبر البريد الإلكتروني على arabic@swissinfo.ch.

SWI swissinfo.ch - إحدى الوحدات التابعة لهيئة الاذاعة والتلفزيون السويسرية

SWI swissinfo.ch - إحدى الوحدات التابعة لهيئة الاذاعة والتلفزيون السويسرية